أريتريا بين مفاوضات الشرق وجبهة التعويض القومي : عبدالملك النعيم
3-Jul-2006
المركز
صحيفة الوطن السودانية :2/7/2006م
إن كان تقرير الخبراء الغربيين في مجلس الأمن قد أشار في وقت سابق إلى ان اريتريا وليبيا وتشاد متورطات في دعمها لحركات التمرد بدارفور وقد ثبت جلياً بالنسبة لتشاد التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع السودان واتهمته بالاعتداء عليها وذهبت أبعد من ذلك عندما أعلنت عزمها عن تقديم شكوى لمجلس الأمن ضد السودان وألبت عدداً من الدول الافريقية والغربية لإبعاد رئاسة الاتحاد الافريقي عن السودان..
إن كان تقرير الخبراء قد ثبت بالنسبة لتشاد فإنه ـ على الأقل ـ من الناحية العملية لم تثبت بالنسبة للجارتين الأخريين ليبيا واريتريا لذلك لم ترفض حكومة السودان للجماهيرية ان تستضيف القمة الخماسية التي عقدت بطرابلس في الربع الاول من هذا العام بغرض إعادة العلاقات بين السودان وتشاد وفشلت القمة بسبب تباطؤ الجانب التشادي في انفاذ ما عليه من إلتزامات واصبحت الجماهيرية قبلة لمتمردي دارفور يتحركون منها لاي موقع للتفاوض مع الحكومة وها هي اخبار هذه الايام تشير إلى دعوة القائد الاممي معمر القذافي للفصائل المتمردة في دارفور والتي لم توقع على اتفاقية ابوجا لعقد لقاء بغرض اقناعهم بالانضمام إلى ركب اتفاق ابوجا وما اظنها ستنجح لأن قرائن الاحوال تقول ذلك ولان سقف مطالب هذه الحركات اعلى من ان توافق عليه الحكومة السودانية واكثر تعقيداً من ان تلتزم به الجماهيرية.. اما بالنسبة للجارة اريتريا ورغم ما كان بينها وبين السودان من خصام وتوتر في العلاقات بسبب ايواء الاخيرة لجميع انواع المعارضة العسكرية منها والمدنية وجعل العاصمة اسمرا هي نقطة انطلاقة كل اعداء حكومة السودان رغم كل ذلك فقد ابدت الحكومة مرونة كبيرة لاعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها ايام كانت حكومة السودان اولى الدول التي دعمت وساندت تحرير اريتريا.. ونتج عن تطبيع العلاقات بين البلدين ان قبلت الحكومة السودانية ان تكون اريتريا وسيطاً لمفاوضاتها مع جبهة الشرق والتي انتهت جولتها الاولى بتوقيع اعلان المبادئ على ان تستأنف الجولة لاحقاً..ذكرت هذه الوقائع لان العاصمة الاريترية اسمرا والتي تمثل الآن الوسيط بين جبهة الشرق وحكومة السودان هي نفس العاصمة التي استضافت ومنذ فترة ليست بالقصيرة المجموعات المعارضة لاتفاق ابوجا مع حركة تحرير السودان بقيادة مناوي وخرجت هذه المجموعات المعارضة بما اسمته «جبهة التعويض القومي» والتي تضم العدل والمساواة وتحالف السودان الفيدرالي الديمقراطي الذي يقوده دريج والتي خرجت ببيان من اسمرا اعلنوا فيه معارضتهم لاتفاق ابوجا وعزمهم على تجميع كل من يعارض هذا الاتفاق ويسعى للاطاحة بحكومة الوحدة الوطنية بل اعطوا انفسهم الحق كجبهة للتحدث ليس فقط باسم دارفور وانما بجميع اهل السودان فلا ادري من اين حصلوا على هذا التفويض للتحدث باهل السودان جميعاً وهم لايمثلون حتى اهل دارفور الذين ينتمون اليهم اقليمياً وعرقياً..ان تعلن عدة جهات معارضتها لحكومة الوحدة الوطنية هذا امر عادي وطبيعي وان تقوم عدة جبهات باسم دارفور هذ ايضاً عادي لان مصلحة دارفور واهلها تاتي في ذيل اهتمامات كل هذه الحركات مهما ادعت من حرص على سلام دارفور لان واقع الحال يؤكد ذلك خاصة ان دريج يعتبر من الذين عاشوا بالخارج اكثر من الزمن الذي قضاه بدارفور ولكن ما ليس عادياً هو ان تستضيف اسمرا في وقت واحد مفاوضات لاحلال السلام بشرق السودان وتحاول ان تلعب دور الوسيط المحايد في هذه القضية في الوقت الذي تهيئ كل الظروف الملائمة لمعارضي دارفور وتسمح لهم باعلان ميلاد جبهتهم الجديدة من عاصمتها..اي تناقض هذا؟ واي دور ايجابي يمكن ان تلعبه اريتريا بشأن سلام السودان؟ وما هو راي الحكومة في هذا التناقض؟ وهل بعد هذا تكون اريتريا طرفاً محايداً واميناً على مصالحنا؟ ولابد ان نكرر ما قلناه سابقاً اذا كانت اريتريا حريصة على انجاح وساطتها لابد ان تكون محايدة في ما يحدث في السودان ولكن ما نراه فهو غير ذلك.. اوقفوا الوساطة الاريترية في كل ما يخص سلام السودان.