القرن الافريقي والحريق الامريكي ..الطريق الى مقديشو .. بقلم : كرار هيابو
20-Dec-2006
المركز
أفادت الاخبار مؤخرا ان ارتريا بعثت مبعوثا خاصا الى جمهورية ايران الاسلامية ، هو السيد عبده هيجي، بغرض تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين،وكشفت بعض التقارير بان هدف التطبيع ياتي في اطار التوجه الارتري المناوئ لسياسات الادارة الامريكية في منطقة القرن الافريقي ،
فيما نفت ارتريا ذلك واعتبرتها علاقات دبلوماسية ترعى مصالح البلدين. ومهما يكن من امر التطبيع الدبلوماسي وتبادل السفراء ، فان مثل هذه الخطوة ، وفي هذه الظروف بالغة التعقيد والتي يشهدها القرن الافريقي ، فانها تعني الكثير ليس فقط بالنسبة للبلدين المعنيين فحسب ، بل لكل الاطراف المعنية بالاوضاع المضطربة في الاقليم ، وما اكثرها من اطراف ، بعضها يتحرك في العلن ، وبعضها في الخفاء ، والبعض الاخر مابين العلن والخفاء. واذا محور الصراع في الفرن الافريقي هو الصومال واوضاعه المأساوية ، فان هناك اكثر من بؤر وصراعات وجدت مرتعا لها في الصومال ، وبالطبع ليس آولها النزاع الاثيوبي الارتري ! الذي انتقل الى الصومال كما تشير كثير من التقارير ، ولئن تأخر دخول جمهورية ايران الاسلامية الى الحلبة المفتوحة ، فان الواقع يعكس وجودها مبكرا ، سواء كان ذلك من خلال بعض دول الاقليم او عبر قنوات اخرى وهو ما كان ينظر اليه في اطار التواجد من خلال الهمز واللمز ، ولطالما ظل باب الصومال مفتوحا على مصراعيه فانه لا بأس من ممارسة لعبة تصفية الحسابات بين اطراف النزاع في المنطقة ككل ، أي منطقة الشرق الاوسط والقرن الافريقي .فالتواجد الامريكي في قلب الصراع ا ، ودعمه اللامحدود من خلال معاونيه الاقليميين ، لطرف ضد آخر ، يكفي بالضرورة لتأجيج الصراع ، وتوسيع الهوة ، وفتح الساحة أمام القوى المحلية والدولية ، وهو ما نشهده اليوم في الصومال بالعين المجردة. ان علاقات ايران بدول المنطقة ليست جديدة أو وليدة الصدفة ، فقد سبق لايران ان تواجدت هنا قبل استقلال ارتريا ، وقبل مجيء الانقاذ بأعوام ثم عادت بعودة الانقاذ ، بل وامتدت علاقاتها الى بعض دول الجوار الافريقي للسودان، اذن ايران لم تكن غائبة عن المنطقة ، وان خفت صوتها نتيجة للاصلاحات التي لزمت الانقاذ . وايران اذ هي تصارع امريكا ! في المحافل الدولية بسبب رفض الأولى التكنولوجيا الإيرانية ، وتواجهه على الآرض في الشرق الآوسط لبنان مثلا ، فان تطبيع العلاقات مع ارتريا ، وإن كان أمرا غير مستغرب ، خاصة وان لايران أياد بيضاء في دعم نضال ارتريا ، الا انه من حيث التوقيت يمكن اعتباره خطوة من خطوات الحشد العسكري الذي تجاوز مراحل التعبئة والإعداد ، فمن جهة ان امريكا تسرع الخطى لتنفيذ مشروع إرسال قوات أممية الى الصومال ، وهو ما ترفضه قوات المحاكم الإسلامية ، وترفضه في إطار صراع المصالح بعض دول الجوار ، ربما كان آخرها السودان حينما أعلن ذلك البشير نفسه واضعا حدا للشكوك الآثيوبية حول مصداقية موقف السودان ، وفي الجانب الآخر فان بعض دول الجوار الصومال التي راهنت عليها أمريكا ، قد أمسكت عن المشاركة بقواتها نائية فيما يبدو بنفسها عن التورط في ساحة مفتوحة ، وكانت يوغندا قد أعلنت موقفا مشابها لهذا النأى.الآن وقد بدت الساحة الصومالية مفتوحة على هذا النحو ، وفي الوقت ذاته أضحت غير مريحة للتحرك الأمن بالنسبة لأمريكا ، فانه بالنسبة للدوائر المحلية والاقليمية تعد أكثر موات من حيث المكان والزمان. ودخول ايران على خط المواجهة ، مباشر أو غير مباشر، يعد متنفسا لكثير من البلدان المعنية! بهذا الصراع لما لإيران من ثقل يفوق نظيراتها في الإقليم ، ويسعد دخول ايران المنطقة تلكم الدول التي تورطت ، بحسب التصنيف الآمريكي، بتمرير رزمات من العتاد المتهالك الى الصومال .ولئن كان لآرتريا اسبابها في التطبيع مع ايران خاصة في هذه المرحلة التي تشهد انتقال كلا من ارتريا واثيوبيا بصراعهما الى الصومال ، فان السودان قد وجدها فرصة لإعلان رفضه إرسال قوات آممية الى الصومال ، وربما جاء اعلان الرفض ترحيبا بمقدم ايران ودخولها المشهد المتأزم في منطقة القرن الأفريقي.إن مجمل التطورات ليست لصالح أمريكا ، وهو بالطبع ما يعني خسران بعض الذين راهنوا على الدور الآمريكي ، وعولوا عليه كثيرا ، كما انه بالتأكيد لن يعود بالخير الوفير على المحاكم الإسلامية ذات الإمتداد الخليجي أو ما يعرف بالمدارس السلفية الوهابية التي مافتئ مشايخها يصدرون الفتاوى بعدم جواز دعم الشيعة في كل مكان ، والمحاكم الإسلامية الصومالية معنية بهذه الفتاوى أكثر من غيرها. ويبقى في الآخير ان الحريق الآمريكي الذي يشتعل في العراق وأفغانستان وفي غير مكان ، سيشتعل في الصومال وبعبارة أخرى في إقليم القرن الآفريقي.!ض