تأملات : أرتريا على درب السودان.. جمال عنقره
6-Jul-2006
المركز
صحيفة الوطن السودانية : 5/7/2006م
جمعتنا الأيام القليلة الماضية والاستاذ سيد احمد خليفه مع بعض الاخوة الارتريين الافاضل يقيم بعضهم في السودان وبعض منهم إستقر به المقام في اوربا.وقد كانت فرصة لاجترار الذكريات وتداول الكلام حول أيام خلت ، وبالطبع لم يكن حظي في الذكريات مثل حظ «ابو السيد» الخبير في القرن الافريقي والذي غطى أخبار كل حروبه وصراعاته وتحالفاته وإنتصاراته.
وعندما جلست مع الاخوة الارتريين الثائرين المعارضين للحكومة القائمة الآن بقيادة الرئيس الارتري أسياس أفورقي ، سألتهم عن الافاق المستقبلية لعلاقات الفصائل الارترية الحاكمة والمعارضة ، فعلمت منهم انه يجري الاعداد لمؤتمر جامعة لاهل ارتريا الحاكمين والمعارضين معاً لبحث الآفاق المستقبلية لهذه الدولة التي تعاني كثيراً من الحروب والصراعات مثلما نعاني في السودان ، وعلمت منهم انهم لا يستثنون أحداً من الدعوة لهذا المؤتمر ، ورغم إعتقادهم بان الجبهة الشعبية الحاكمة لن ترضى عن هذا المؤتمر ولن تشارك فيه ويستبعدون ذلك تماماً إلا انهم سيكونون أسعد الناس لو شاركت ، بل قال أحدهم إن الحكومة الارترية لو قبلت المشاركة في مؤتمر المصالحة الوطنية الارترية فانهم سوف يختارون السيد أسياس أفورقي لرئاسة المؤتمر.راقت لي الفكرة وبحمد الله وصلنا في نهاية الحوار ان كلمة «إستحالة» يجب ألا ترد في التعبير عن موقف الحركة الشعبية من المشاركة في المؤتمر ، وضربت لهم مثال بموقف القوى السياسية في السودان خلال عهد الانقاذ الحالي ، فبعدما كان شعار المشير البشير رئيس الجمهورية « أخذناها بالبندقية ومن أرادها فليحمل البندقية» وكان شعار مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع المعارض « سلم تسلم» أصبح الرجلان الآن من أكبر دعاة الحوار والتعايش والتداول السلمي للسلطة ، بل كان لهما دور محوري في تغيير تفاعلات الحراك السياسي في بلادنا.والحوار الذي كان مستحيلاً في السودان أصبح الآن واقعاً معاشاً، بل كل القوى السياسية التي كانت تقاتل في الخارج عادت الى أرض الوطن وشاركت في الحياة السياسية السليمة ولم يبق إلا النذر اليسير ، وهو في طريقه للعودة إن شاء الله تعالى.ولقد إتفق معي الاخوة الارتريون على امكانية تطبيق النموذج السوداني في ارتريا ويرون ان السودان هو الأقدر على دفع الفصائل الارترية الى طاولة الحوار من أجل التراضي والتعايش ، ذلك لان السودان يشكل قاسماً مشتركاً مع كل الفصائل الارترية مع بعض التحفظات القليلة التي يمكن أن تزول ، وسوف أتحدث عنها تفصيلاً في أعداد قادمة بإذن الله تعالى.