مقالات

النظام الإرتري والهدف من تخريب العلاقات مع السودان : بقلم / محمد عثمان علي خير

13-Sep-2005

المركز

درج النظام الإرتري منذ عام 1994م، علي وضع سياسة ثابتة وغير قابلة للتغير في تخريب العلاقات مع السودان، بالرغم من محاولة إبراز حرصه علي العلاقات الطبيعية مع السودان في المجال الإعلامي، وعندما يتطلب الأمر ذلك،

وحسب مستجدات علاقاته مع المخططات الأمريكية الصهيونية في القرن الإفريقي، والتي تعاني من الجمود هذه الأيام بعد إن استغني الأمريكان من خدماته في القرن الإفريقي، نحن نعلم وضمن حقائق مرصودة من بمخاطر مغامرات النظام في إرتريا بعلاقاته بالسودان، وما يترتب علي ذلك من تداعيات ستؤثر سلبا علي علاقات الشعبيين الشقيين في إرتريا والسودان، وتخريب العلاقة مع السودان يأتي في ظل التهديدات الإثيوبية بغزو إرتريا للمرة الثالثة، مهما كانت خسائر إثيوبيا في هذه المواجهة المقبلة، منتهكة بذلك القانون الدولي ورافضة لقرارات محكمة العدل في ترسيم الحدود والانسحاب من الأراضي الإرترية المحتلة، ودعونا نتساءل مرة أخري ؟ لماذا هذا التخريب المقصود في علاقات الشعب الإرتري مع الشعب السوداني الشقيق، وهل إرتريا الدولة الفتيه الحديثة الاستقلال، بحاجة للاستفادة من السودان وخبراته الاقتصادية والفنية وتبادل المصالح المشتركة معها، وما هو البديل لهذه العلاقة، التي يعززها الموقع الجغرافي والجذور التاريخية والاجتماعية والمصير المشترك مع الشعب السودان الشقيق، وفي مقابل هذا التخريب المقصود مع السودان استطاع نظام (زيناوي) أن يؤسس علاقات متينة مع السودان في الجوانب الاقتصادية وحرية التجارة بين البلدين والحركة المفتوحة بين للشعبيين، وإقامة مشاريع تنموية ضخمة تعود بالفوائد المشتركة علي البلدين، وتغري إثيوبيا السودان بخدمات وصلت إلي درجة إن إثيوبيا ستقدم الكهرباء للسودان، وأهداف نظام (زيناوي) واضحة في هذا المجال وهو مضاعفة عزلة إرتريا، وإلحاق الأضرار البالغة بالعلاقات الاقتصادية بين السودان وإرتريا، إلي جانب تعزيز مطالبها غير المشروعة في إرتريا من خلال كسب ود الخرطوم وضمان سكوتها علي التجاوزات الإثيوبية ضد الشعب الإرتري ودولته المستقلة، ولكن نعود فنقول إن نظام (أفورقي) هو الذي فتح كل هذه المشاريع لصالح إثيوبيا في السودان، وبلا تردد نقول أن الشعب الإرتري هو الخاسر الأول في تأزم العلاقات مع السودان والهدف من تخريب العلاقة مع السودان هو فرض مزيد من العزلة علي الشعب الإرتري الذي يعاني من أزمات اقتصادية خطيرة وصلت إلي درجة أن دخل الفرد الإرتري، لا يتجاوز (20) دولار في العام، إن لم يكن أقل من ذلك إلي جانب خسارة الاقتصاد الإرتري، أكثر من (100) مليون دولار سنويا، بسبب تجميد العلاقات التجارية وتدفق البضائع السودانية إلي إرتريا، والتي كانت تساهم في تخفيف معاناته الشعب الإرتري، وتفتح المجال أمام الحركة التجارية الواسعة بين البلدين، في ظل ظروف إرتريا المحاصرة إقليميا ودوليا، بسبب سوء علاقاتها مع دول الجوار، وانعكاسات الحرب مع إثيوبيا علي القوى الدولية المنحازة لإثيوبيا، التي وقفت وتقف إلي جانب الغزو الإثيوبي لإرتريا في تجاوز صريح للقانون الدولي، الذي يمنع مثل هذه التجاوزات الخطيرة، التي يجسدها نظام (التجراي) في إثيوبيا، إلي جانب أن أثار الحرب المدمرة التي خاضتها إثيوبيا مع شعبنا عام 2000 قد دمرت الاقتصاد الإرتري، عامة وأوصلته إلي حافة الانهيار، بالرغم من محاولات النظام البائسة، لترميم هذا الوضع ببعض المظاهر الاقتصادية المؤقتة وغير المرتبطة بخطة اقتصادية محددة، وان الكثير من أبناء شعبنا لا يعلم مدي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الإرتري، والدمار الذي لحق بمؤسسات ومشاريع تجارية خاصة بالشعب، فقدت إرتريا (3) مليار دولار في كل المجالات، وليس هناك مجال في هذه العجالة أن نقدم شواهد بالأرقام علي الخسائر التي تكبدتها إرتريا، وفوق كل هذا ما ترتب علي هذه الحرب من معانات إنسانية لازالت أثارها يعاني منها الشعب الإرتري برمته، ولكن فرض عليه تعتيما إعلاميا موجها لإخفاء هذه المعانات، من الغزو الإثيوبي المدمر خاصة علي الأقاليم الغربية في (بركة – والقاش)، والذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد الإرتري، حيث إن إرتريا تعتمد 70% علي الموارد الزراعية والمائية، والمعادن المختلفة علي هذه الإقليم، وهو اكبر إقليم في إرتريا مساحة وسكانا وبحكم محاذاته للسودان وتداخل الحدود معه في شرق السودان، فإن الحركة التجارية كانت حيوية ومنظورة وتنطلق من التبادل التجاري، وبكفاءة عالية بين الطرفين، ومن ناحية أخري فإن الحرب الإثيوبية نجم عنها موجات من اللجوء والهجرة ونزوح جماعي إلي السودان، بل وشاهدنا مغامرات أبناء إرتريا للخروج من إرتريا، وبكل الوسائل الخطيرة، تشهد موانئي (اليمن – والسعودية – والبندقية في إيطاليا) مأساة شباب إرتريا، بسبب محاولتهم للهروب من جحيم نظام (أفورقي)، بدفع مبالغ وصلت إلي ألف دولار للفرد الواحد، وقد غرق الكثير من أبناء إرتريا في هذه البحار، وتناولته وسائل الإعلام العالمية، دون الإشارة إلي المآسي الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الصبور، وأمام كل هذه الأوضاع هل نحن في حاجة إلي علاقة ايجابية مع السودان أم إلي شراء عداوة السودان؟ والذي ليس له إي مصلحة في معاداة الشعب الإرتري، وقدم أدلة قوية في حرصه علي العلاقة مع الشعب الإرتري، قبل الاستقلال وبعده في كل الجوانب تأصيلا للمصالح المشتركة وتعميقا للمصير الواحد في كل المجالات، بل وان مواجهة المخطط الإثيوبي الآن، الذي يستهدف الكيان الإرتري برمته، كان يفترض من النظام الإرتري، أن يحشد كل إمكانياته السياسية، ويحرص علي العلاقة الحسنة مع السودان، للوقوف أمام مخاطر الغزو الإثيوبي القادم، ولكننا نتعامل في إرتريا مع نظام قرر أن يضحي بالمصالح العليا للشعب الإرتري، ليوقع البلاد في كارثة كبرى، ثم يلجأ (أفورقي) الي بلاد أوروبية وأفريقية لهم فيها حسابات ومشاريع، ويعلم صاحبنا في (اسمرا) أن موقف السودان يظل هو القوى عندما يستخدم الأوراق الصحيحة ضد نظامه المهتري، ويكفي أن نشير إلي دور السودان في إسقاط نظام (منجستو) من عام 1986 – 1991م، عندما تطلع إلي التدخل في الشؤون الداخلية السودانية والتلويح بالحرب ضد السودان، ومعاقبته بسبب مساعدته ودعمه للثورة الإرترية، والحركات القومية الإثيوبية مثل (التجراي -والآرموا)، حشدت حكومة (البشير) علاقاتها العربية والإفريقية بل والدولية لإسقاط نظام منجستو، ووظفت المناخ الإقليمي الدولي آنذاك في إسقاط النظام الشيوعي في إثيوبيا، وفتحت المجال واسعا أمام تحرير إرتريا واستقلالها عام 1993م، ( ونفس هذا المناخ الإقليمي والدولي متاح للسودان الآن) أكثر من أي وقت مضى لإسقاط نظام إرتريا، ولن يكلفه ذلك شيء في الوقت الحاضر ، ولماذا لا تريد أن تقدم علي هذه الخطوة التي ستكون في مصلحة الشعبيين في السودان وإرتريا، ولكن بعكس ذلك تبنت حكومة الخرطوم نظام (أفورقي) قبل التحرير وبعد التحرير، ولم تضع في حساباتها أن (أفورقي) سيتحول إلي مشروع طائفي، ووجه ءاخر للأنظمة الطاغية في إثيوبيا، ومعوُل هدم للعلاقات التاريخية بين الشعبين في إرتريا والسودان، ونظام الإنقاذ قطع علاقاته مع الفصائل المعارضة لنظام (أفورقي) عام 1993م، وطلب منهم الدخول في العملية السياسية داخل إرتريا، وحرم المعارضة الإرترية حتى عام 1997م من أي دور فعال ضد نظام (أفورقي)، بالرغم إن النظام في إرتريا ضحى بعلاقاته بالسودان منذ عام 1994م، وارتبط بالمشروع الأمريكي الصهيوني في محاربة المشروع الحضاري الإسلامي في السودان، وقام بترتيب مسرحية مفضوحة في قطع علاقاته مع السودان في عام 94م، تحت زعم إن النظام في السودان يقوم بدعم حركة الجهاد الإسلامي في إرتريا، والتي كانت متواجدة داخل الأراضي الإرترية منذ عام 1986م، وقبل مجيء ثورة الإنقاذ في الحكم 1990م، مع رفض النظام في السودان التعامل مع الحركات المسلحة ضد النظام في إرتريا، إلا أن (أفورقي) تبني الحركة الجنوبية المسلحة والمعارضة الشمالية، لكي يوجد المبرر والمدخل في علاقاته مع الحركة الشعبية في جنوب السودان، بتلك المسرحية الهزيلة، وقدم السفارة السودانية للمعارضة السودانية في (اسمرا)، في خطوة عبرت عن الإفلاس السياسي للنظام وحماقته، وتعارضه مع القوانين الدولية في هذا الشأن. إن محاولة تخريب علاقات الشعب الإرتري بالشعب السوداني الشقيق، من خلال تلك المعارك الوهمية التي يثيرها النظام، عبر تأسيس ودعم منظمات مسلحة في الشرق والغرب، لإلحاق الأضرار بالاقتصاد السوداني وتهديد وحدته، ستكون نتائجها وخيمة علي نظام (أفورقي)، الذي يقف علي رجل واحدة، بعد أن فقد شرعيته وانفض عنه معظم أركان ودوائر نظامه الطائفي في إرتريا. إن الشعب الإرتري في الداخل والخارج وكافة المثقفين الإرتريين، والمنظمات الجماهيرية، مطالبة بالوقوف صفا واحدا للدفاع عن علاقة الشعب الإرتري بالسودان، وإيقاف هذه المهزلة التي يسيء بها نظام (أفورقي) إلي الشعب الإرتري، ومصالحه الحيوية في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إن خيار الشعب الإرتري والسوداني عبر مراحل تاريخية مختلفة يتجسد في ترسيخ علاقات الشعبيين، وعبر تعميق الفهم المشترك للنهوض بالبلدين، ومن يختار طريق ءاخر فهو عدو للشعبين، ولا بد من إسقاطه لإنقاذ مستقبل العلاقات الأزلية بين السودان إرتريا . كاتب وصحفي إرتري نقلاً عن صحيفة الحياة السودانية 7/9/2005م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى