خبزُ وورد بقلم / امال علي
9-Mar-2015
عدوليس ـ ملبورن ـ ( خاص)
في تظاهرهن من أجل ظروف عمل وأجور أفضل، حملت نساء نيويورك قبل قرن من الزمن، خبزاً يابساً وورداً رمز لمسيرتهن الاحتجاجية في الثامن من مارس ١٩٠٨. وُثق هذا التاريخ لاحقاً للاحتفاء بالمرأه وإنجازاتها ونضالها من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات على صعيد تحررها من القيود والمفاهيم الاجتماعيه والاقتصادية وتحقيق مكتسبات أكبر في تاريخ مسيرتها النضالية كالحق في التصويت والانتخاب والترشح وكذا مشاركتها في صنع القرارات ورسم السياسات من خلال تصدرها مناصباً ومواقعاً تمكنها من ذلك. بالرغم من ما حققته النساء في الغرب؛ خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أن يوم المرأهُ العالمي مازال يعتبر يوماً رمزيا
للتذكير بالفوارق وعدم المساواة في مستويات متعدده مثل عدم المساواة في الأجور والمناصب العليا سواء في القطاع الخاص أو الحكومي كذلك إجازة الوضع المحدودة وغير مدفوعة الأجر في بعض البلدان. إذا كان هذا هو حال المرأهُ واستمرار نضالها في دول رائدة في مجال الاعتراف بحقوق المرأة فما هو حال النساء في الطرف الآخر من العالم وخاصة في شرقنا الأفريقي والأوسطي؟ المرأة في تلك المساحة الجغرافية مازالت، بنسبٍ متفاوتة، تناضل وتسعى من أجل تثبيت حقوقها الأساسية ومحاربة المفاهيم الاجتماعية التي تقيدها وتحد من فرصها في أن تصبح فعالة ومؤثرة في رسم السياسات والقرارات التي تضمن حقوقها كاملة. أما المرأهُ الإريترية، وهي محور اهتمامنا الأساسي، فلها في النضال كرتان. كرة انخراطها المباشر في مرحلة النضال التحرري كأولوية وجودية فرضتها متطلبات الشعب الإريتري لتحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية هذا الشرط الذي تطلب الكثير من التضحيات الجسدية والمادية من الجميع ومن المرأه الإريترية بشكل خاص. هنا يعلق التاريخ الإريتري وسام شرف باهي على عطاء وتضحيات الرائدات في العمل الوطني. لكن في ذات الوقت كانت المرحلة قد دفعت بالمتطلبات الحقوقية للمرأه جانباً بحكم الأولويات. كان للمرأه المناضلة من معاناة نصيب في خضم العمل الثوري وفي واقع التهميش والإقصاء؛ حيث لم يتم العمل على تمكينها وأتاحة الفرص الحقيقية لها لتلعب أدواراً ريادية تضع بصماتها على العملية الثوريه برمتها، وتنعكس لاحقاً بشكل طبيعي على فترة مابعد التحرير. لقد اقتصر دور المرأة، رغم التضحيات الجسام والمشقات النضالية التي عانت منها سواسية الى جانب شريكها الرجل، اقتصر هذا الدور على الشكليات وبما يلائم سياسات صانعي القرار حينها. أما الكرة الثانية في نضال المرأه الإريترية، فتكمن في معاناتها تحت ظل نظام حكم تعسفي شامل، ينتهك الحقوق الانسانيه كافة ونضالها ضد هذا النظام. تثقل كاهل النساء الإريتريات من الجيل الأول من المناضلات مرارات الإحباط وضياع حلم العيش والنماء على المستويين الخاص والعام واللحاق بمثيلاتها في العالم. تصيب سياسة نظام الديكتاتورية الجيل الثاني من النساء الإريتريات بلعنة ضياع شبابهن بين شقاء معسكرات التدريب والعمل الإجباري وبين عذاب التعرض لممارسات لاإنسانية من انتهاكات جنسية ونفسية وسجن تعسفي أو التعرض للموت في محاولتهن الهروب من ظلم النظام الى ظلمات الطرقات وتجار البشر . بالعودة إلى تظاهرة الخبز اليابس والورد، فإن نضالات المرأهُ من أجل تحقيق ظروف حياتية أفضل إنما تتمثل في تحقيقها مكتسبات مادية واقتصادية. برأي، النضال من أجل تغيير المفاهيم والعادات وفك القيود عن المرأهُ لابد أن يكور مدخله الأساسي مشاركة النساء في وضع وصياغة القرار السياسي بمجمله لضمان تأمين مداخل حقيقية لتمكين النساء وتحريرهن وتفعيلهن كشريك أساسي في الوطن . في الثامن من مارس هو تذكرة لنا نحن النساء قبل الرجال للوقوف على واقع حالنا والعمل على خلق قنوات تواجد فعال بمشاركة الرجل الشريك الواعي والداعم لأهمية دور المرأه وحقوقها.