مقالات

تلك صورتها .. ولا إنتحار للعشاق !!*‘ بقلم / جمال همـــــد

8-Mar-2015

عدوليس ـ ملبورن ـ ( خاص)

تمر الأمم كل الأمم بأزمات حادة وحالات من انسداد الأفق ، حتى يخال للمرء أنها النهاية ، ولاسبيل للخروج من الأزمة .تتميز هذه الفترات التي ينقطع فيها التاريخ ويتراجع ، بتزايد الفطريات .. وتسود الرجرجة .وما يسمى بالدارجية ( الاونطجية والزلنحطية ) فهم يحكمون ،ويتصدرون المنابر والقاعات ويتحدثون في كل شيء ، وينسحب الاسوياء لانخفاض اصواتهم وهجين رأيهم كما يتبدى ضمن الصورة البائسة .

في هذه الفترة البائسة يفتقد دور المثقف والاكاديمي ورجل الدين الحكيم والواجهات الإجتماعية ويفتقد صوت المرأة ودورها .والحديث هنا سوف ينحصر عن المرأة ، المرأة الشجرة .. عماد الأسرة .والسؤال المركزي الذي يلح على الأذهان أين المرأة الإريترية ؟؟ أين اتحادات النساء الباسلات .. أين مقاعدهن بين الصفوف ؟ لماذا هذا الإنسحاب ؟؟الأحوال التي سادت الأربعينيات مرورا بالخمسينات والستينات عند بدايات التكوين للخارطة السياسية الإريترية التي كانت تتناوشها أطماع الدول البعيدة والجارة القريبة ، هب السكان ضد كل تلك الأطماع وهبت المرأة الإريترية في المدن والبوادي وقدمت الغالي والنفيس . وفي عهد الثورة كانت حضن الثورة الدافيء وحاملة الأسرار ومطببة الجرحى والناطقة الرسمية بإسم الثورة بإناشيدها . وتكونت الخلايا بجهد النساء ولم ينظمها الرجل ويؤطرها التنظيم السياسي إلا فيما بعد .تقول المناضلة نسريت كرار في حوار قديم خصت به الزميل صالح جزائري فك الله أسره :” … بعد مشاورات ومواجهات عديدة استطعنا تكوين أول خلية نسائية من خلايا الجبهة والتي كانت كلها خلايا للرجال فقط وكان ذلك في مدينة كسلا السودانية وبتاريخ الثامن من يونيو 1963م وضمت هذه الخلية ألأسماء التالية :-1/ جمع موسى بابور 2/ ستل حامد 3/ فاطمة محموداى 4/خديجة نور تكروراى 5/ حذوا بخيت 6/ عيشة عثمان 7/ نسريت كرار ” .إنتهى كلام نسريت عن تكوين أول خلية في السودان . وكانت خلايا أخرى وأشكال نضالية مختلفة تعتمل وتتبلور في كل أنحاء إريتريا .اين نحن من هذه الفعل النسوي المبكر الذي رافق الثورة متجاوزا كل إشكالات تلك الحقبة ؟ولأن الإنقسام فرض علينا فرضا سوف نتحدث عن صورتين .. صورتها داخل الوطن وأخرى تلك التي تتشكل في المنافي .في الداخل يقع على المرأة حملا ثقيلا لا تستطيع حمله سوى الصابرات المناضلات من حرائر اريتريا ، إبتداء من مواجهة سياسات (الإتحاد الوطني للمرأة الإريترية ) الذراع الأمني والإستخباري النسوى للعصبة وإنتهاء بمواجهة تصاريف الحياة اليومية فحسب تقرير صدر منذ سنوات ان 48% من الأسر تعولها المرأة في إرتيريا ، حيث يختفي الرجال سجنا وهروبا وتجنيدا أو إختفاءا قسريا تعكسه إعلانات محاكم الأحوال الشخصية في الصحيفة الوحيدة في البلاد .الإتحاد النسائي الوحيد في الداخل اصبحت مهمتة أمنية إستخبارية .. يمارس الضغوط والإبتزاز على النساء ، توكل إليه مهمة تشغيل المرأة في النظافة العامة وجمع المال بدلا من الدفاع عنها في مواجهة القوانين الجائرة .ويتزايد العنف ضد المرأة من العنف الجسدي للعنف السياسي والأمني والعسكري في معسكرات التجنيد الإجباري ، و تزايد معدل الوفيات وسط الحوامل واثناء الولادات نتيجة غياب الرعاية الصحة . ومعتقلات وحاويات تديرها الأجهزة الأمنية المتعددة في اماكن سرية تأكل أجساد خيرة مناضلات الثورة الإريترية عامة والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا على وجه الخصوص ، كما تضم هذه المعتقلات صحفيات ومعلمات وموظفات مدنيات وربات بيوت ، مواطنات صالحات يدفعن ثمن رفضهن لسياسات الأمر الواقع القراقوشية ويتمسكن بحقوق المواطن .اما في المنافي والشتات فوحدها تكابد وحشة الإحتجازات في سيناء ووحوش مخافر الشرطة في السودان ، وحدها تقف في إنتظار الآتي في معسكرات اللجوء ، وحدها تكابد لترعى اسرتها .وفي عصر تناسل التنظيمات تفتقدُ المرأة ! ، فقد غادرت حواء لاتلوى على شيء ، وفقدنا حتى القلة التي صمدت طويلا في بعض التنظيمات ، وكل محاولات الحشد التي تمت خلال السنوات الماضية لأسباب ليس من بينها خدمة قضايا المرأة .وهنا لابد لي إلا ان اشيد بعدد من المبادرات النسوية التي تكابد لإسماع صوتها ورسم صورتها واخص المناضلات الحقوقيات والمدنيات ، الكاتبات الأديبات والصحفيات ، كما اشيد بكل المبادرة التي تسعى في أكثر من مكان لتأسيس إطارات وأوعية تعبر عن المرأة .فبعد نضال قاسي وطويل خاضته بجانب الرجل تجد نفسها اليوم في مهب الريح مع مجموع الشعب الاريتري ، تكابد لكي تستر نفسها ولا تستخدم ثدييها لتأكل .فهل ذهبت الشعارات الثورية كالهباء المنثور ؟ لا بل سيذهب الذين يسبحون ضد التيار ويبقى الشعار .فلا قنوط .. النضالات المتناثرة هنا وهناك سوف تؤدي لتراكم نوعي وسوف تقوم من الكبوة .على الناشطات النسويات العمل معا من أجل خلق أطر نقابية مدنية بعيدا عن التنظيمات والأحزاب السياسية تكرس جهدها للنضال من أجل قضايا المرأة وتدوين تاريخها المجيد .الثامن من مارس سيطل يوما مهما بالنسبة لكافة الارتريين والإريتريات لنخلد فيها ذكرى النساء الباسلات والمناضلات الجسورات والأمهات الآئي حمين الثورة وأنجبن الابطال . نتوجه بالتحية والتقدير لكل نساء إريتريا والفجر آت إنشاء الله .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ•تصرف مقصود لعنوان مجموعة شعرية لدرويش “تلك صورتها وهذا إنتحار العاشق”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى