في وداع المغفور له بإذن الله محمد نور الحسن حسنو بقام / حمد محمد سعيد كل
1-Jul-2019
عدوليس ـ ملبورن
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيءٍ قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا وهو العزيز الغفور) صدق الله العظيم تباغتنا المنايا ، تزلزلنا تنزع منا كل يوم قريبًا أو صديقًا يصعب تصديق رحيله في لجة الحزن والألم، إنها اللحظة الفارقة بين الحضور والغياب ، بين الوجود والعدم، إنه الفراق طعمه كالحنظل لكنه قضاء الله وقدره، فراق للحاق بالرفيق الأعلى في الفردوس الأعلى.
ودعت مدينة اغردات في ٢٠١٩/٦/٧م أحد أبنائها البررة ، ودعت حبيبها الذي لم يفارقها اصلًا حتى في قمة مآسيها، ربما كان يسافر سفرات سريعة ليعود إليها.
المغفور له محمد نور الحسن حسنو هو الخامس والأصغر من أبناء الحسن حسنو من الذكور. أتذكر أنه كان يسبقنا بثلاثة فصول دراسية ، ثم بعد ذلك بدأ يعمل مع أخيه محمد الحسن حسنو. اصيب آل حسنو بنكبة في العام ١٩٦٢م في حادثة (كمسارياتو) أغردات الشهيرة أي مباني المحافظة حيث اغتيل الوزير عمر حسنو الذي مات برصاص ذلك الجندي المرعوب من صوت انفجار القنابل التي ألقيت والجندي هو حارس حاكم عام اريتريا الذي كان في المنصة، وقد أصاب رصاص ذلك الجندي المفجوع وجوه اغرداتية لا تعوض بالإضافة إلى الوزير عمر حسنو قتل كل من الشيخ ابراهيم باشاى والشيخ صالح ابن سيدنا مصطفى ود حسن واناس آخرون.
النكبة الثانية لآل حسنو جاءت باعتقال السيد محمد الحسن حسنو بتهمة باطلة ومعه المغفور له عبدالرحيم محمد موسى ثم اعدما ظلما فيما بعد في اغردات العام ١٩٦٦م.
كان الشهيد محمد الحسن حسنو رجل أعمال ناجح وكان نشاطه في المجال الاجتماعي في مدينته اغردات. لم تهز آل حسنو تلك النكبات ، حيث ورث المغفور له محمد نور مكان أخيه بجدارة ومارس العمل التجاري الراقي في ذلك الزمن من الإستثمار محطات للوقود إلى شراء الأراضي ولاحقًا فندق(بنسيون) في اسمرا وآخر في اغردات وأعمال أخرى كان ناجحًا فيها.
كان المغفور له محمد نور اغرداتيًا بكل معاني الكلمة بالرغم من حالة الحرب والحصار التي كان يفرضها العدو الأثيوبي وكذا النظام الحالي كإفتعاله الأزمات الاقتصادية والسياسية وهو شاهد على الاعتقالات والسجون والإرهاب الذي كان يتعرض له أبناء المدينة ، لم يبارح معشوقته اغردات، والجدير بالذكر هنا أن النظام أوقف مده بالمواد البترولية لمحطة الوقود التي كان يملكها واعتقد كان له محطتين وليس واحدة بالإضافة إلى مضايقات تجارية اخرى، لم يحاول نقل عمله التجاري إلى أي بلد مجاور كما فعل غيره من التجار. صمد في (شلاليت) اغردات ، كان متواضعًا بشوشًا لم يترفع يوما على أبناء مدينته ، وهي عادة اتسم بها كل آل حسنو. أتذكر هنا للتاريخ أن المغفور له الشهيد محمد الحسن حسنو كان شجاعًا ثابتًا في مواجهة الموت ، وقد هتف وحبل المشنقة في رقبته قائلًا ( تحيا ارتريا يحيا الشعب الاريتري عاشت جبهة التحرير الاريترية) ثم نطق ختامًا بالشهادة.
رحم الله محمد الحسن حسنو وزميله عبد الرحيم محمد موسى إنهما حقًا شهيدين.
كنت أُمَنّي النفس بزوال الحال والعودة إلى تلك المدينة التي اعشقها والجلوس بجانب أخي المغفور له محمد نور الحسن حسنو وأسأله عن أمور كثيرة، عن أغردات وأحوالها، لكن المنايا فرقتنا.
انتقل الراحل محمد نور سعيدًا إلى الرفيق الأعلى فقد وري ثرى اغردات التي أحبها وأحبته بجوار والده وعمه عمر حسنو وشقيقه محمد الحسن ومع اهله الموتى من سكان اغردات مدينته.
رحم الله الاخ محمد نور الحسن حسنو رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والصالحين والشهداء.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لندن 25 يونيو 2019