تقارير

عجز كلي ولا زالت تبتسم .. قصة اريترية في سيناء

22-May-2014

عدوليس

كتب حمدي العزازي هذا الوجه البريء الطفولى من اريتريا ( مرهويت ) ذات العشرين عام ، ساقها حظها السيئ إلى نهاية مأساوية ، وأصبح قدرها أن تعيش باقي عمرها مشلولة على سرير .قررت ( مرهويت ) الرحيل من اريتريا إلى أي مكان في الدنيا ، هرب زوجها من الخدمة العسكرية ، التي لا يعلم متى سوف تنتهي ، هرب للبحث عن حياة أفضل ، هرب للبحث عن الحرية ، يريد مثل أي إنسان ، أن يعيش حياة كريمة ، لا استبداد ولا ظلم ، ولا قهر . هرب الزوج ومعه زوجته وهم حديثي الزواج، قرروا معا الرحيل، وهم لا يعلمون أين النهاية، فقط الهروب والرحيل، إلى أين ؟ لا يعلما .الكل يمر على نفس محطات الابتزاز و التعذيب من عصابات قبائل ( الرشايدة ) إلى عصابات الإجرام في سيناء ، تعرض الزوج والزوجة إلى نفس القصص ، حتى أصبح تعذيب الشعب الاريتيرى من هذه المافيا شيء عادى ، الكل يسمع عن عصابات الإجرام والقتل في كل مكان في الدنيا ، ولكن ما يحدث للاريتريين والسودانيين من عصابات الاتجار بالبشر ، يتعدى أي قصص خيالية سمعها بشر.

دفع الزوج والزوجة كل ما لديهم من ذهب وأموال وارض وبيت، حتى تدفع قيمة الفدية كاملة مقابل المساعدة في عبورهم إلى إسرائيل، الحلم الذي يراود الجميع، يريدون الوصول إلى الجنة الموعودة ، بلد الزبد والعسل ، وهذا ليس بصحيح ، بل بلد الجحيم أيضا ، والأحداث الكثيرة التي مر بها هؤلاء الاريتريين في إسرائيل تكشف الوجه الحقيقي لهذه الدولة العنصرية ، حيث تصنف اليهود درجات ، من هو من أصل أوروبي شرقي أو اوروبى غربي ، آو يهودي أفريقي ، فما بالك بتصنيف الأسود والأبيض من هم ليسوا من اليهود . بعد أن قام الزوج بدفع الفدية المطلوبة من عصابات الاتجار بالبشر ، قامت هذه المافيا بحمل مجموعة من هؤلاء الرجال والنساء وأمرتهم بعبور السلك الشائك المؤدى إلى الحدود مع إسرائيل بسرعة شديدة ومن يتراجع منهم سوف يطلق علية النار . وصل الزوج والزوجة ومعهم مجموعة من الشباب والبنات بعد منتصف الليل إلى منطقي قريبة من الحدود، و أشار لهم السائق بعبور الشبك بسرعة ، نجح البعض في العبور من الثلاث خطوط من السلك الشائك على الحدود وتعثر البعض منهم ، وقامت القوات الاسرائلية على الحدود بإطلاق النار على المتسللين إلى جهة إسرائيل ، وقتلت ثلاث من الشباب الرجال وأصابت ( مرهويت ) بطلق ناري في الظهر مما تسبب في أصابتها بشلل كامل . عبر الزوج إلى إسرائيل وقبض علية من الجيش الاسرائيلى ، وقامت قوات الجيش المصرى بنقل جثث الثلاث رجال إلى مشرحة المستشفى العريش ، ونقلت أيضا مرهويت إلى مستشفى العريش لتلقى العلاج وكنت في ذلك الوقت أقوم بإعطائها الهاتف حتى تتصل على زوجها في إسرائيل ليطمئن عليها وكنت احضر لها خاتم وأضعه في أصبعها حسب طلبها وكانت تحب تضحك معي في كل زيارة لها . بقيت هذه الفتاه على هذا السرير لمدة ثلاث شهور كاملة لا تتحرك وكانت تحضر معي امرأة رائعة تعمل في إحدى الكنائس في العريش ( راهبة ) تسمى ( ميمي ) وكانت تقوم مع أمرآة أخرى من عائلتي بالتناوب على إدخالها الحمام ، أو الاستحمام وتصفيف شعرها وتنظيفها .مثل هذه الحالات المرضية تتعرض إلى مشاكل في جلد الظهر وتظهر تقيحات ربما تؤدة إلى رائحة كريهة ، و اضطررنا إلى شراء نوع من الفرش الطبي يعمل بجهاز تسخين الفرش من تحت المريض ، و لا يؤدى إلى حدوث تقرحات في الجلد ، وهذا الفرش ينتفخ مثل البالون وتخرج منه حرارة تمتص تقرحات الجلد عند ظهورها على الجلد الظهر . بعد فترة من الزمن ن كانت العناية الإلهية في انتظار ( مرهويت ) حيث تم الموافقة على نقلها إلى المستشفى القبطي في القاهرة لإجراء جراحة في العمود الفقري ، وتمت العملية بنسبة نجاح 70% ، وها هي ( مرهويت تتحرك ببطى ونسأل الله ونصلى من أجل شفاءها التام . ولا أعلم بعد ذلك إلى أين اتجهت؟لقد أحببت هذه الفتاه من كل قلبي وكلما ضحكت في وجهي عندما تراني ادخل عليها الغرفة ، كنت اضحك و أبكى في نفس الوقت ، كل هذه العلاقة الجميلة لعدة شهور كانت بالإشارة أو باللغة الاريترية التي لا أفهما جيدا ولكننا بكل صدق نفهم بعض بلغة الإنسانية التي لا يعرفها الكثير منا . صلوا إلى مرهويت إلى تشفى وتستطيع أن تمشى ، و أقول لها و أنا لا أعلم أين هي الآن ؟ أنى أفتقدك كثيرا يا مرهويت .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى