لنحذر من “الدولة العميقة”* في إرتريا المستقبل
5-Sep-2013
عدوليس
بقلم: زين العابدين محمد علي “شوكاي” -عندما انجلى للقاصي والداني في العالم أجمع حجم المأساة التي جرت في مصر، أصبحت أفكربصورة تلقائية في مستقبل إرتريا بعد حدوث تغيير محتمل للنظام السياسي في البلاد مع بقاء مؤسسة الدولة الطائفية البغيضة التي أنشأها إسياس وزمرته بكامل مؤسساتها المبنية على رؤية طائفية– قومية– إقليمية. كنت في مصر عندما حدث التغيير الأخير في البلاد، والذي أسميه أنا شخصيًّا انقلابًا عسكريًّا بامتياز،
ولو حاول أي شخص أن يُحسِّن الوجه القبيح لما حدث، فممارسات السلطة القائمة اليومية تفضحها، ولكن الذي لم أكن أتوقعه هو هذا السقوط المريع لقطاع واسع من الشباب، والسياسيين، والمثقفين، بهذا الشكل الذي غاب فيه العقل، وتحكَّم فيه “التفكير الرغبي” أو الانتهازية، أو قلة التجربة الديمقراطية وغيرها من الأسباب التي لا تبرر على الإطلاق هذا التراجع الواضح والمخيف الذي حدث عن أهداف ثورة 25 يناير العظيمة.
عندما انجلى للقاصي والداني في العالم أجمع حجم المأساة التي جرت في مصر، أصبحت أفكربصورة تلقائية في مستقبل إرتريا بعد حدوث تغيير محتمل للنظام السياسي في البلاد مع بقاء مؤسسة الدولة الطائفية البغيضة التي أنشأها إسياس وزمرته بكامل مؤسساتها المبنية على رؤية طائفية– قومية– إقليمية.
كنت في مصر عندما حدث التغيير الأخير في البلاد، والذي أسميه أنا شخصيًّا انقلابًا عسكريًّا بامتياز، ولو حاول أي شخص أن يُحسِّن الوجه القبيح لما حدث، فممارسات السلطة القائمة اليومية تفضحها، ولكن الذي لم أكن أتوقعه هو هذا السقوط المريع لقطاع واسع من الشباب، والسياسيين، والمثقفين، بهذا الشكل الذي غاب فيه العقل، وتحكَّم فيه “التفكير الرغبي” أو الانتهازية، أو قلة التجربة الديمقراطية وغيرها من الأسباب التي لا تبرر على الإطلاق هذا التراجع الواضح والمخيف الذي حدث عن أهداف ثورة 25 يناير العظيمة.
بدأت أبحث عن تفسير منطقي لواقع “سريالي- غرائبي” تجسد أمامي وأمام كل المشاهدين والمتابعين لفصول المأساة/التراجيديا المصرية يومًا بعد آخر. وفي بحثي عن التفسير المنطقي لما حدث، وجدت أن التعليل الذي يقول إن الدولة العميقة ممثلة في المؤسسة العسكرية هي التي انقلبت على الدولة الظاهرة بمؤسساتها من رئاسة، وبرلمان، ودستور، فالدولة العميقة مجسدة في الجيش تعاضده الشرطة، والأمن، والفلول/البلطجية كان يترصد أية فرصة للانقضاض على السلطة الظاهرة ممثلة في رأس هرم السلطة الدكتور محمد مرسي، لكني لم أكن أتوقع على الإطلاق أن يرافق ذلك وبكل كثافة وزخم وقوة تزييف إعلامي للحقائق، وملاحقات وقتل وسجن بصورة شيطانية، وسقوط مخيف للكثيرين من قوى الثورة المصرية في تأييد هذا العمل الإجرامي الواضح، والذين لن يرحمهم التاريخ إطلاقًا لمواقفهم السيئة التي تبنوها إما نكاية بالإخوان ظنًّا منهم أنهم سيجدون مكانًا لهم في دولة العسكر، وهذا ما أسميته بالتفكير الرغبي آنفًا، أو أنهم انتهازيون ويدركون أنهم لن يصلوا إلى السلطةعلى الإطلاق إلا عبر التحالف مع العسكر، وليس عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة. والفئة الثالثة من مؤيدي العملية الانقلابية هم الذين يختلفون مع الإخوان، وعانوا ربما من خيبة أمل من الطريقة التي تعامل بها الإخوان معهم أو أداروا من خلالها الشأن العام للدولةفي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر السياسي، وبالتالي ونسبة لقصر تجربتهم الديمقراطية وقصر نفسهم السياسي رأوا في انقلاب السيسي وسيلة للانتقام من خصومهم السياسيين/الإخوان.
أغادر المشهد المصري لأني لن أضيف إلى معلوماتكم ومتابعاتكم المستمرة لهذا الموضوع الشيء الكثير، حتى لو أنني شاهدت فصول المأساة عن قرب، وكنت في يوم ما، وعن طريق الصدفة، في “ميدان النهضة” لا أحمل أية وثائق ومعي أهلي، وهم أيضًا لا يحملون أية وثائق، وأشهد للإخوة الذين كانوا في حراسة مداخل الميدان، والإخوان كحركة، بأنهم عاملونا باحترام وتقدير وبقدر عال من الثقة في النفس وفي الآخر لا تتوفر إلاّ لمن كان له ثقة وإيمان بالله وبالقضية العادلة التي اجتمع من أجلها.
أعود مرة أخرى لمبررات مخاوفي في إرتريا المستقبل بالإشارة والعودة إلى ما حدث ويحدث في مصر اليوم. كلنا مدركون تمامًا بأن أيام حكم إسياس كلاعب أساسي في مؤسسة الدولة الطائفية الفاشلة قد أصبحت معدودة، وأن الرجل سوف يرحل إما برصاصة عدو أو صديق، لا يهم، أو بمرض مفاجئ أصبحت كل المؤشرات والدلائل تؤكد على أنه أصبح يرافقه مثل ظله في العامين الماضيين. فالسؤال هو: ماذا سيحدث فيما لو أراح الله العباد والبلاد من إسياس بهذه الطريقة أو تلك؟
السيناريوهات المطروحة عديدة بالطبع، وأقلها تشاؤمًا يتوقع حالة فوضى وانتقامات في دولة ظلت لأكثر من عقدين تحكم بالحديد والنار، وتاريخها القمعي يعود إلى مرحلة أبعد من نشأة الدولة الإرترية الحالية. أما أكثر السيناريوهات تشاؤمًا يذهب إلى أبعد من هذا بكثير ويرى أن مستقبلاً مخيفًا ينتظر الدولة الإرترية الحالية، مثل “البلقنة” و”الصوملة” وغيرها من المصطلحات التي توصف بها حالات التناحر الداخلي المدمرة، والتي لا تقف عادة عند حدود أو محرمات، بل تقوم بانتهاك وهدر كل ما من شأنه أن يضعنا في مصاف البشر الملتزمين بحدود القيم الإنسانية النبيلة، ويبعدنا عن كل ما هو حيواني، وشرس، ومتخلف.
تعملالدولة البوليسية القمعية التي يحكمها العسكر عادة على مستويين، الأول هو أن تعمل على إضعاف المجتمع المدني، ومؤسسات الدولة التي يخشى العسكر من إقلاق العاملين فيها لراحتهم، والأمر الآخر هو إحكام العسكر سيطرتهم المادية والمعنوية على المفاصل الحيوية من مؤسسات المجتمع، وعلى رأسها الجيش، والشرطة، والأمن. هذا ما حدث في مصر الناصرية (بحدة أقل) وفي عهد السادات (أيضًا بحدة أقل وبالارتهان للخارج) وفي فترة مبارك، الذي عمق الولاء له ولعائلته وجعله مقياسًا للصلاح وللبقاء في السلطة ومؤسساتها من عدمه. تاريخ مصر الحديث مرتبط إلى حد كبير بتاريخ المؤسسة العسكرية التي أنشأها محمد عليباشا في القرن التاسع عشر، وجعل من الجيش أهم مؤسسة انصهرت في داخله مكونات المجتمع المصري، وهذا ما حدث في تركيا الكمالية، وفي عدد كبير من دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وكان عنصر الدعم الخارجي لهذه المؤسسة على رأس أسباب تقويتها وتطويعها وتطويع البلاد وشعبها من خلالها متى ما أقتضى الأمر ذلك.
ما يحز في النفس اليوم هو أن مصر أصبحت مرتهنة بيد العسكر، وأن المؤسسة العسكرية القوية والعريقة في مصر أصبحت مرهونة على الأقل ماديًا بالقوى الخارجية. ونرى ظاهرة جعل الدول رهينة بيد المؤسسة العسكرية قد أصبح أمرًا واقعًا في عدد من دول الجوار بدرجات متفاوتة من القسوة والخطورة مثل السودان، وإثيوبيا. ما شهدناه منذ استقلال إرتريا من عسكرة الدولة وعسكرة المجتمع ممزوج بنفس طائفي-قومي، بمعنى أن الدولة العميقة في إرتريا هي بيد مجموعة طائفة وقومية واحدة، هذا الأمر يعتبر نذير شؤم في المستقبل السياسي للبلاد. لذا من المهم للغاية الانتباه لهذا الخطر الآن، وقبل حدوث أي تغيير سياسي مفاجئ في إرتريا. ما أقصده في هذا المقال كما يتضح من عنوانه هو أن بناء دولة ديمقراطية–تعددية، أساسها العدل والقانون في إرتريا المستقبل يتطلب منّا الانتباه منذ بداية التغيير الديمقراطي إلى تفكيك الدولة الطائفية وأجهزتها القمعية من أمن، وجيش، وشرطة وبناء جيش وطني، وشرطة وطنية يقومان على خدمة الشعب والأرض الإرترية، ويسهران على حماية مصالح الوطن والمواطنين، وبناء جهاز أمن وطني يخضع القائمون عليه للمحاسبة والمساءلة إذا أخطأوا في تعاملاتهم مع الداخل والخارج.
المقصود من كل هذا الحديث، والمبرر الرئيس لكتابة هذه المقالة، هو القلق الذي يساورني من تكوُّن نواة صلبة للدولة العميقة في إرتريا الديكتاتورية قوامها الجيش والأمن، وتتصلب هذه النواة العسكرية-الأمنية ذات الصبغة الطائفية-القومية أكثر فأكثر كلما طال أمد الديكتاتورية، وسيصبح تفكيكها في المستقبل السياسي للبلاد عسيرًا إن لم يكن مستحيلاً. أنا مقر تمامًا أن قوى التغيير في إرتريا ضعيفة، وقلوب المنتمين إليها فعلاً وأحيانًا زورًا تجدها شتى، بل تصل بي الشكوك أحيانًا، وهذه الشكوك لها مبررات ومؤشرات في الواقع الراهن للمعارضة، بأن جزءًا من قوى المعارضة ترى في الإنجازات الطائفية-القومية التي حققها لهم إسياس مكسبًا يجب الحفاظ عليه، والنواة الصلبة للدولة العميقة التي نحذر منها الآن سوف تجد حليفًا لها في هذه القوى، في حال حدوث انفراج وتغيير سياسي في البلاد، كما وجد السيسي في القوى الليبرالية، واليسارية،
والقومية الناصرية حليفًا له في مصر، ويبررون ما قام به من انقلاب على الشرعية، بل وصل الحد ببعضهم إلى ترشيحه للرئاسة في تواطؤ واضح بإعادة السلطة السياسية إلى العسكر، بعد أن أتيحت للمصريين فرصة تاريخية كبيرة لأول مرة بعد ثورة 25يناير أن يحكمهم رئيس مدني متمثلاً في الرئيس محمد مرسي، مهما اختلفوا معه.
*الدولة العميقة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الدولة العميقة (تركية: derindevlet) يُدَّعى أنها مجموعة من التحالفات النافذة والمناهضة للديمقراطية داخل النظام السياسي التركي، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل أجهزة المخابرات (المحلية والأجنبية)، والقوات المسلحة التركية والأمن والقضاء والمافيا. فكرة الدولة العميقة مشابهة لفكرة ”دولة داخل الدولة“.للمراقب الأجنبي، فإن الاعتقاد التركي بالدولة العميقة هو ظاهرة اجتماعية مثيرة للاهتمام، ويبدو أنها مبنية على تجميعة من الحقائق ونظريات مؤامرة. فالعديد من الأتراك، بما فيهم سياسيون منتخبون، قد صرحوا بإيمانهم بأن ”الدولة العميقة“ موجودة.
مفهوم الدولة العميقة
(نقلا عن الصحيفة الإلكترونية “التجديد” – www.attajdid.info (
1. ميلاد الدولة العميقة
أول استعمال لمصطلح ( الدولة العميقة ) كان بتركيا خلال القرن الماضي.وهو مجموعة من التحالفات المنظمة بين أفراد نافذين ومؤسسات في الدولة العلمانية الأتاتركية للحيلولة دون العودة إلى الإسلام.وقد حمل هذا الحزب السري اسم:( أرجنا كون).وهي بمثابة دولة باطنية تمتلك نفوذاً قوياً على صناعة القرار السياسي العام في تركيا بعد إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية سنة 1924.وكان عمودها الفقري هو المؤسسة العسكرية ذات النفوذ العلني الرسمي والقانوني والباطني غير الشرعي.
………………..والهدف الطرد النهائي لفكرة الإسلام والإسلاميين من التواجد بأي مقدار في كيان الدولة التركية.وبما أن الفكرة الإسلامية قد تأتي عبر الطريق الديمقراطي، فالدولة العميقة في تركيا معادية في العمق لفكرة الدولة الديمقراطية.
وبعد الحرب العالمية الثانية ونشوب الحرب الباردة بين المعسكريْن الرأسمالي و الاشتراكي استأنفت الدولة العميقة رحلتها إلى القارة الأمريكية.فدفاعاً عن المصالح القومية الأمريكية والمصالح الرأسمالية في العالم ضد هجمات المد الشيوعي العالمية،أعطى الرئيس الأمريكي ترومان أمره بإنشاء الوكالة المركزية للمخابرات ومكتب التحقيقات الفيدرالي في أربعينات القرن الماضي.كان هذا الحدث في تقديري الميلاد الرسمي للدولة العميقة في الولايات المتحدة………………….
2. أعداء الدولة العميقة في التاريخ المعاصر
………….. بعد رحيل كيان الدولة العميقة للولايات المتحدة أصبح العدو اللدود لها هو فكرة الشيوعية.وبعد استقرار الدولة العميقة في دول أمريكا اللاتينية و العالم الثالث بمعسكريْه الرأسمالي والاشتراكي أصبحت فكرة الديمقراطية السياسية عدو الدولة العميقة اللدود.وبعد سقوط العالم الشيوعي في تسعينات القرن الماضي أصبح الإسلام والفكرة الإسلامية هي العدو اللدود للدولة العميقة والظاهرة عند الغزاة والطغاة معاً………………….
3. وظيفة و قوة وأساليب الدولة العميقة
فالدولة العميقة ليست لوبيات أو جماعات ضغط، لأن جماعة الضغط بإمكانها الاشتغال في النور ووفق القانون وتمارس ضغطها على صانع القرار بالطرق الشرعية.أما الدولة العميقة فهي قوة منظمة، قد تكون مهيكلة وغير مهيكلة، تمتلك القدرة على صناعة القرار السياسي السيادي أو التأثير فيه بقوة من خلال نفوذها في الدولة والمجتمع.لكن بدون حضور مباشر في اتخاذ القرار.فهي تحالف قوى غير مرئية بين شخصيات ومؤسسات ومنظمات نافذة في الدولة والمجتمع،تشترك في مصالح حيوية بالغة الأهمية حضارية أو قومية أو سياسية أو اقتصادية أوعرقية أو مذهبية أو هي كلها……………………..