مقالات

سؤال من أحمد علي.. وسؤال بالدبابات : هاشم كرار

4-Feb-2013

hglv;.

التذكير الأول كان قبل سنتين، في أسمرا، خلال حوار مع رجل إريتريا القوي: اسياسي أفورقي.قبل أن نطير- الأستاذ أحمد علي وأنا- إلى أسمرا- عبر صنعاء- نصحنا من أراد المناصحة، ألا نسأل الرئيس أفورقي، عن مصير «مجموعة الخمستاشر» وهى المجموعة التي لا تزال منذ العام 1997 في الظلام، وما من أحد يجرؤ على السؤال عن مصيرهم!

تهمة «مجموعة الخمستاشر» غليظة: الخيانة: خيانة الثورة، ومحاولة الانقلاب عليها، فيما كان الإثيوبيون يحشدون قواتهم، لإسقاط نظام أفورقي، انطلاقا من أزمة حدودية، احتلوا فيها أرضا إريترية.جرى الحوار، هادئا بين أحمد علي، وأفورقي، وفجأة رمى «أبو علي» بالسؤال، غير عابئ- على الإطلاق- بنصيحة من نصح!-سعادة الرئيس، الآن، نسألك عن مصير «مجموعة الخمستاشر»؟ذلك هو أحمد علي الذي أعرفه، والذي يعرفه غيري من زملائي في الوطن.. بل هذا هو أحمد علي، الذي يعرفه حتى الرؤساء، وكبار السياسيين بأسئلته الساخنة، والمفاجئة، والمربكة!نظرتُ إليه: إلى أحمد علي. كان يتلذذ من الداخل بشكل غريب، وعيناه الاثنتان، تتصفحان رد الفعل، في أي خلجة من خلجات أفورقي..حولتُ عيني إلى الرئيس الإريتري. صدمه السؤال. كان أثر الصدمة قد تبدّى في ملامح وجهه، الذي اربدّ وتعكر كثيرا.. حوّمت العينين إلى وجه أحمد علي: كان وجها مفعما بالارتياح، والتلذذ.. ومتحفزا في الوقت ذاته، لأية مفاجأة من الطرف الآخر!-لقد نسيناهم!تلك كانت إجابة الرئيس أفورقي، بعد أن حاول ما استطاع، أن يزيح سريعا، غضبا اعتمل في كيانه كله، وفضحته نبرة صوته، والنظرة في عينيه، ومحاولته- بينه وبين نفسه- في أن لا يبدو متفاجئا بالسؤال.. السؤال الذي أربد الملامح!نظرتّ إلى أحمد علي. كانت لا تزال نظرتي في نُص المسافة إلى وجهه، حين داهم أذني الوسطى سؤال منه، جاء على عجل، وداهم بالطبع، أذن أفورقي الوسطى والداخلية، معا:ونحن جئنا- يا سيادة الرئيس- لنذكرك بهم!السؤال كان قنبلة أخرى. هذا ما أحسسته، والكاميرا التليفزيونية التي كانت تتحرك، من جهة إلى أخرى، توقفت فجأة. نظرت إلى المصور. تخيلته يُنقط عرقا، فيما كان وزير الإعلام يؤشر بيديه، في عصبية، لأحمد علي، ويهم أن يهتف في عصبية: كفى.. كفى.. لقد انتهى اللقاء!امتص الرئيس أفورقي، الصدمة الثانية، لكن شيئا منها بقي «مكانك سر» في نبرات صوته، وهو يتحدث عن خيانة «المجموعة» في ظرف وطني، لا يقبل القسمة على اثنين: إما أن تكون مع الوطن، أو تكون خائنا!-2-كان ذلك تذكيرا من من صحفي لرجل إريتيريا القوي، قبل سنتين، أو أكثر قليلا.. تذكير بالفم.. ومن يومذاك، إلى يوم الاثنين الماضي، لم يجرؤ أحد في إريتريا أن يذكر، والذكرى كما تنفع المؤمنين، تنفع الرؤساء، بعضهم على الأقل!التذكير بالفم، تبدّده الأذن. ذاكرة الأذن دائما ما يصيبها التلف، خاصة آذان الرؤساء..هذا ما قلته- بيني وبين نفسي- وأنا أتابع- مثل غيري- ما حدث في أسمرا يوم الاثنين.. وما حدث هو تذكير ثان للرئيس أفورقي، لكنه تذكير في هذه المرة، بالدبابات، والخوذات، والملامح الخشنة!ما حدث معروف من ألسنة «الميديا»: حاصر ضباط وجنود وزارة الإعلام، والتليفزيون، بخمس دبابات، مطالبين بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وتطبيق دستور 1997 الذي بصم على التعددية، وتم تعليقه وإريتريا تدخل في حرب الوجود، مع إثيوبيا 1998– 2000.التقارير الشحيحة، تتحدث أن الحصار قد تم رفعه، وأن «كل شيء هادئ» في أسمرا وفقا لبيان رسمي من يمان غيبريسميكيل مدير مكتب الرئيس أفورقي.التقارير تتحدث، أن المتمردين الذي يقودهم الكولونيل صالح عثمان، أحد قادة القوات في عصب، وأحد أبطال إنقاذ هذه المدينة من أن تقع في قبضة الإثيوبيين، لا يريدون الانقلاب على رجل الثورة الأول اسياسي أفورقي، وإنما يريدون فقط تذكيره بالدستور، والسجناء، والانتخابات التي كان قد وعد بها، من أجل إرساء نظام تعددي، ديمقراطي.التقارير تتحدث: لا أحد يعرف مصير الضباط والجنود المتمردين، ولا إلى أين ذهبوا!-3 –هل من مدكر؟ذلك هو السؤال، الذي نقول به من هنا، وعيننا على أسمرا.. وعيننا على رجل إريتريا القوي.. الرجل البسيط، الفاهم.. الذي أهدى إريتريا- مع ثوارها- أجمل ما كانت تحلم به، ومن أجله تقاتل: استقلالها المجيد!-4-هل من مدكر؟نسأل الآن، حتى لا يجيء إلى أفورقي من يجرؤ من الصحفيين على سؤاله- ذات يوم- عن مصير «مجموعة الكولونيل صالح عثمان» بعد أن تكون مجموعة الخمستاشر التي سأل عنها أحمد علي، قد اختفت من مسرح الحياة، تماما، بحكم منطق الحياة والموت!الشرق القطرية3 / 2 2013م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى