تقارير

أربعة أسرار بين مصر وأثيوبيا والسودان : الدبلوماسية المصرية تهاجر إلي الجنوب والشرق

27-Apr-2005

الأهرام العربي

‏ تحقيق ـ سوزي الجنيدي: الأهرام العربي – 23 أبريل 2005م
منذ عهد الفراعنة والملوك رمسيس وأمنحتب اتجهت مصر جنوبا وشرقا نحو إفريقيا وآسيا لتعزيز علاقاتها التجارية والسياسية في العالم القديم الذي تعد مصر همزة الوصل فيه جغرافيا وثقافيا‏.‏ هذا البعد المهم لم يتم التركيز عليه في السنوات الماضية بعد أن فضلت مصر الاهتمام بالبعد الأمريكي والأوروبي بشكل أكبر‏,‏ أصبح مبدأ تقوية العلاقات المصرية الإفريقية والآسيوية علي رأس الأجندة الدبلوماسية المصرية‏.‏

ويحاول أحمد أبو الغيط وزير الخارجية العودة بالعلاقات إلي زمن الستينيات‏,‏ فمنذ توليه منصبه منذ أشهر قليلة قام بثلاث جولات في أنحاء القارة الإفريقية كانت أولها في نهاية أغسطس الماضي حيث زار زامبيا وجنوب إفريقيا وكينيا والثانية في أوائل ديسمبر زار فيها تنزانيا وأوغندا وأثيوبيا والثالثة في يناير زار فيها نيجيريا وغانا وعلمت أن هناك جولة رابعة يجري الإعداد لها حاليا تتضمن أريتريا وجيبوتي‏.‏ويعد الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا والذي يتبع وزارة الخارجية أحد روافد هذا التعاون‏,‏ وقد أنشيء الصندوق عام‏1981‏ وتمت الموافقة علي مضاعفة موارده خلال السنوات القليلة القادمة‏,‏ وقد أرسل الصندوق منذ إنشائه حوالي‏6473‏ خبيرا مصريا إلي العديد من الدول الإفريقية في مجالات الطب والهندسة وغيرها كما قدم مئات المنح التدريبية حوال‏846‏ منحة وكذلك المساعدات الإنسانية والإغاثة واتفاقيات التعاون‏.‏أبو الغيط ركز علي أن التوجه المصري لإفريقيا لا ينبع فقط من اهتمام مصر الدائم بدول حوض النيل أو بمسألة إمكانية حصول مصر علي مقعد إفريقي دائم في حالة توسعة مجلس الأمن بل ينبع من فهم لأهمية البعد الإفريقي في السياسة والمصالح المصرية وأهمية خلق شبكة من المصالح المشتركة‏.‏ويوضح أحمد أبو الغيط وزير الخارجية لـ الأهرام العربي أن مصر ستشارك في مؤتمر إفريقيا ـ آسيا الذي يعقد يومي‏22‏ و‏23‏ إبريل في جاكرتا بأندونيسيا وكذلك في مؤتمر عدم الانحياز الذي يعقد بمناسبة مرور‏50‏ عاما علي باندونج يوم الأحد القادم‏.‏وأضاف أن مصر ستقترح عقد اجتماع وزاري إفريقي آسيوي في القاهرة عام‏2007‏ لإحياء وتجديد المشاركة الإفريقية الآسيوية‏,‏ كما أن هناك طرحا مصريا لربط البورصات بين القارتين وستشارك الاتحادات التجارية المصرية في هذه الاجتماعات‏.‏الاتجاه المصري جنوبا صاحبه الاتجاه شرقا إلي القارة الآسيوية بشكل أكثر كثافة سواء مع الدول الكبري البازغة مصل الصين والهند أم مع دول آسيا الوسطي وهناك زيارة قادمة لأحمد أبو الغيط إلي الهند في النصف الثاني من هذا العام لعقد اللجنة المصرية الهندية‏.‏ وزيارة أخري إلي الصين‏.‏وقد عادت الموضوعات التي تم بحثها علي هامش قمة النيباد لتطغي في أهميتها علي القمة ذاتها‏,‏ مثل الدور المصري في حل الخلافات الإثيوبية‏-‏ الإريترية والمشاكل بين السودان وإثيوبيا وتخفيف حدة الانتقادات حول حصص مياه النيل وموضوع توسعة مجلس الأمن والمنافسة التي تزداد اشتعالا الآن بين عدة دول إفريقية حول تمثيل القارة في المقعدين الدائمين في حالة توسعة المجلس‏,‏ وكلها موضوعات تم بحثها بين رؤساء وقادة الدول الإفريقية التي شاركت في قمة النيباد يوم الثلاثاء الماضي‏.‏الخلاف بين إثيوبيا وإريتريا والدور المصري لتهدئته كان أحد الموضوعات التي بذلت فيها الدبلوماسية جهودا ملحوظة‏,‏ والمعروف أن الولايات المتحدة كانت في الماضي تدعم الإمبرطور هيلاسيلاس بسبب الحرب الباردة وتمده بالسلاح ليحارب به ضد الإريتريين الساعين للانفصال‏,‏ إلا أن الاستفتاء عام‏1993‏ أدي للاستقلال ثم جاء قرار إريتريا بتدشين عملة محلية عام‏1997‏ ليعيد التوتر والحرب حتي يوليو‏2000,‏ عندما اضطر البلدان لقبول مبادرة منظمة الوحدة الإفريقية بانسحاب إريتريا لمسافة‏25‏ كيلومترا علي الحدود ووضع قوات للأمم المتحدة وتخطيط الحدود بين البلدين‏,‏ إلا أن التوتر ظل مكتوما بين البلدين خاصة مع رفض إثيوبيا ترسيم الحدود‏.‏وعلمت الأهرام العربي أن الخلاف الإثيوبي‏-‏ الإريتري كان أحد الموضوعات التي تم بحثها في لقاء الرئيس حسني مبارك مع مليس زيناوي‏,‏ رئيس الوزراء الإثيوبي‏,‏ وقد وعد زيناوي بالنظر في بدء تنفيذ اتفاقية الجزائر بترسيم الحدود بعد الانتخابات الإثيوبية التي تتم خلال الأسابيع القادمة حتي لا يخسر شعبيته بسبب تسليم إثيوبيا لجزء من أراضيها لإريتريا‏.‏وصرح أحمد أبوالغيط ردا علي سؤال الأهرام العربي حول قيام مصر بدور وساطة في الخلافات بين إريتريا وإثيوبيا‏,‏ أن هناك بالفعل رغبة مصرية في تحقيق الاستقرار والسلام في القرن الإفريقي‏,‏ وفي العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا وستعمل مصر علي تحقيق ذلك‏.‏الخلافات كذلك بين إثيوبيا والسودان كانت أحد الموضوعات علي جدول أعمال القمة الثلاثية التي عقدت بين رئيسي مصر والسودان‏,‏ ورئيس وزراء إثيوبيا علي هامش قمة النيباد‏,‏ وكانت السودان قد اتهمت إثيوبيا بدعم المتمردين الجنوبيين‏,‏ بينما اتهمت أديس أبابا الخرطوم بدعم الموقف الإريتري‏,‏ لكن مصر نجحت في حل بعض تلك المشاكل في القمة الثلاثية التي عقدت‏.‏مياه النيل التي تمثل شريانا للحياة لمصر كانت محل خلاف في العامين الماضيين بسبب اتهام بعض دول حوض النيل التسع لمصر باستغلال حصة كبيرة من مياه النيل والمطالبة بإعادة النظر في اتفاقية توزيع المياه التي تم توقيعها في أوائل القرن الماضي‏,‏ إلا أن مصر تدخلت بهدوء لمحاولة إقناع تلك الدول بالتفاهم حول إقامة مشاريع مشتركة لتخفيض الفاقد من المياه عند الهضبة الإفريقية وزيادة الاستثمارات المتبادلة‏.‏وكانت إثيوبيا من أكثر الدول انتقادا لمصر خاصة في الشهرين الماضيين عندما وصف زيناوي مصر بأنها تفكر في التدخل عسكريا في أماكن مصبات نهر النيل في إثيوبيا‏,‏ إلا أنه عاد وتراجع عن تلك التصريحات التي أدلي بها لإذاعة الـ‏BBC.‏ومجددا قامت الدبلوماسية المصرية باتصالات سرية مكثفة مع المسئولين الإثيوبيين‏,‏ حيث تم الاتفاق علي التهدئة والتعاون الاقتصادي واستيراد مصر لكميات كبيرة من اللحوم الإثيوبية‏,‏ وتوقيع اتفاقيتين في مجال الصحة البيطرية والتعاون الاقتصادي‏.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى