مقالات

ارتريا بين فرنسا و اديس معسكرات للبؤس .. ولاجئين اجسادهم قطع غيار : محمد قناد

7-Jan-2014

عدوليس

ظهرت في الاونة الاخيرة دولة اثيوبيا بمثابة الطبيب المعالج لامراض القرن الافريقي متجهة بسياستها الي ما يشبه القفز فوق المسلمات وخلق منعطفات جديدة في شكل النمط الافريقي الديمقراطي، وهو ما يصعب علي المتابع العادي فهمه، ذلك نتيجة تمركزه الفكري علي خلفية الدولة الاثيوبية المعارضة للديقراطية وحرية الشعوب سابقاً،

وما عرف عنها من استعمار شعوب اخرى لاشباع احلام الامبراطورية الحبشية التي تكسرت امواجها برحلة التحرير الارترية، لكن اثيوبيا اليوم عائدة بثوب جديد ولغة اخرى ظاهرها المصلحة والاستقرار، وتلعب علي اساس ذلك دور كبير في القرن الافريقي وتمسك بالملفات الساخنة، ذلك بأمر وضوء اخضر من القطب الامريكي لترتيب منطقة القرن الافريقي وهو ما ظهر في ملف الصومال وشمال وجنوب السودان .
هذا الدور لم يتناسى الواقع الاثيوبي الذي يعرقل الدولة الاثيوبية من اتهامات توجه لها من قبل بعض المنظمات الحقوقية والانسانية للدولة الاثيوبية بهضم حقوق بعض المكونات العرقية والثقافية داخل الدولة الاثيوبية، كما توجد اتهامات للدولة الاثيوبية برصد وتتبع حركة بعض اتباع الديانات السماوية اثناء تواجدهم بدور العبادة، وهذا لم يمنع من تقدم اثيوبيا و وضع نفسها كدولة معالجة لقضايا الجوار رغم ما فيها من قضايا تحرجها امام الرأي العالمي الانساني .
وبين هذة القضايا توجد القضية الارترية التي أولتها الحكومة الاثيوبية اهتمامها بعد اتفاق صنعا، الذي أوكل مهمة دعم التغير في ارتريا للدولة الاثيوبية لاسباب كثيرة تشترك السودان مع اثيوبيا فيها، ولكن لانشغال السودان بمشاكله الداخلية وما يفرضه عسكر اسمرا عليها تركت هذا الملف للدولة الاثيوبية غير مكترثة بنتائجة، وطبيعي ان يكون موقف السودان هكذا لان السودان الغارق في بحور الحرب الاهلية والانفصالات له سابق خبرة مع المعارضة الارترية التي لا تشجع ان تكون رهان حقيقي يعتمد عليه لازاحة عسكر اسمرا المزعج لها بملف شرق السودان، ومنذ ذلك اليوم تعمل المعارضة الارترية منطلقة من الاراضي الاثيوبية لتغير النظام الشمولي.
والمتأمل للوضع يجد داخل الساحة الارترية الان باثيوبيا او المناطق الاخرى، اشكال و الوان متعددة من نظريات سياسية فشل ما جُرب منها ويتدافع ما لم يجرب نحو ان يُجرب متوهم النجاح ويوسم ما تم تجريبه للذي لم يُجرب بانه ايضاً سيفشل لا محال، وبين هذا الصراع المعارض المعارض يتجمع الحرس القديم في ضواحي باريس كي يتشكل وفق الظروف المساعدة لعملية التغير، التي تفرضها رحلة الشعوب في بحثها عن المدينة الفاضلة يوماً اثر يوم، وبالطبع لن تتاخر رحلة الشعب الارتري اكثر من ذلك لان الداخل والخارج اوشكا علي التلاقي من اجل ثورة حقوقية انسانية تعيد ادمية الانسان الارتري التي فُقدت.
وفي غمرة انشغال المعارضة بخلافاتها الداخلية عن الشعب برزت امام المتابع والمواطن الارتري مجموعة جديدة لا يعرف حتى الان اين كانت هذة الوجوه كل تلك السنين والفترة السابقة، سماها الشارع الارتري بـ(مجموعة فرنسا) وهي مجموعة كانت تنتمي في السابق لذات الحزب الذي يحكم بالحديد والنار في اسمرا، وللامانة هي من المجموعات القادرة علي احداث تغير داخلي لما لها من سابق تجربه واحتمال تواصل داخلي يرجح كفتها علي المعارضة الارترية الاخرى، ومصداق ان المجموعات الداخلية اكثر تاثيراً نجد مجموعة احداث 21 يناير التي اكدت ان من هو بالداخل اكثر تاثيراً من الخارج، لكن هذة المجموعة لم تحدد موقفها حتى الان مما حدث من طائفية داخل البيت الارتري من قبل النظام ضد المسلمين، ولم تقدم اي رؤية لمعالجة الوضع الطائفي الذي احدثه اسياس، ففي ارتريا فصيل وطني اصيل وشريك مناصف ينتمي لاحدى الطائفتين اللتان تشكل ارتريا قد حدث له من هضم الحقوق ما يجعله غريب في وطنه فقط لانه يدين بدين ليس عليه ديكتاتور اسمرا.
ومجموعة فرنسا هذة لا نعلم حقيقة كيف سيتعامل معها الشارع الارتري، والشارع الارتري بدأ ينقسم في رؤيته التوصيفة لهذة المجموعة بين من يرى فيها الأمل ومن يقول بانها حراس المعبد ، لكن هذا الشارع بالطبع ليس في موضع الحكم الان علي مجموعة فرنسا التي لم توضح حتى اللحظة وجهتها وخطابها، ولان حكم الشعوب يأتي حين تثور الارض او بصناديق الاختراع فياحكم المخادع حين لا يضع صوتاً واحداً له داخل الصندوق او بمحاكم الثورات، فالان يتضح للمتابع ان حبائل الخدعة اكتملت بنيان شبكتها التي ستفرق وعي المتابع والشعب حين تتهم اطراف المعارضة بعضها البعض فيتيه المتابع ويتساءل من ذا الذي يحمل الحق وهذا ما يحدث الان من توهان لجل واكثر القراءات للوضع الراهن الذي ظهرت فيه مجموعة باريس.
والمتابع الارتري لحال المعارضة الارترية التي يأمل فيها بان تكون ذات قدر كبير وخطاب جرئ صارخ بالحق الموؤد من عصبة اسمرا يجد نفسه مضطرا ان يصف المعارضة قبل ان يصف عصبة اسمرا الواضحة التي تمتهن التهجير والقتل والتجهيل عمدا وتنتظر من يركل ما تبقى من ماء وجهها إن وجد، والشعب حين يصف المعارضة الارترية ليس لانها مشاركة في الجرم لكنها اقل بكثير من ان تضع نفسها موضع من يعارض صانع الجرم ومعلوم ان ديكتاتور الهقدف يمتاز بالجراءة التي تفتقدها المعارضة في عملها وهذا ما يريد المواطن ان يلمسه في المعارضة الارترية بأن تتحمل شيئاً من العبء التاريخي في واقعه الماثل،
واليوم يتساءل المواطن الارتري المتابع لكل هذة النظريات والتي تحمل اسماء احزاب ومنظمات حقوقية وانسانية، ما هو طريق النجاة الذي يضمن التغير السلس ليتغير واقع التهجير المعاش حيث لا مكان او بقعة بالعالم لا يوجد بها لاجئ ارتري، وفي ظل ذلك برزت امام هذا المواطن والمتابع مجموعات كثيرة اعتاد علي اكثرها ولم يتفاجأ بجديدها القديم وقديمها الجديد حلقة دائرية كرقصة حبشية وفلم قديم لا يمل السادة المعارضيين من انتاجه عند كل مؤسم سينمائي.
فمن اعتاد الشعب عليهم كاحزاب ومنظمات في العمل المعارض عرف تشرزمهم وقلة حيلتهم واستحالة اعتبارهم و وضعهم في موضع الرهان وقيادة التغير، او ان يكونوا جذوة الثورة القادمة لخلع الظلم الجاثم في صدر الشعب والوطن، فيجد الارتري نفسه في كل منبر يحمل خطأب يأس ونبرة انكسار لما وصل له الحال الارتري من نزيف مستمر للوطن، لا يجد طبيباً يوقفه او يعالجه لكنه وعلي مر تاريخه الحديث يجد من يتاجر به كاذباً مدعياً حماية الحقوق او صادقاً يريد الافضل لوطنه.
فالان يتوه المتابع والمواطن الارتري بين اديس وفرنسا يجذبه كل واحد بدغدغة مشاعر الوطنية وانه صاحب الشرعية في تمثيل الشعب والتحدث باسمه وبين هذا وذاك تستمر المعسكرات في رسم المعاناة التي ستخلدها الاجيال وتحكي كل فتاة عند المساء كيف تم اغتصابها من قبل عصابات البشر وطفل يبكي لانه فقد عضواً من جسدة سيستعمل كقطع غيار، وفي الطرف الاخر تنسج المعارضة المؤامرات ضد بعضها البعض وتخون نفسها ويستمر المشهد ولا احد يعلم متى يسدل الستار عن اضخم مسرحية مأساوية في العالم تحمل عنوان الهاربون الي الجحيم …..
محمد قناد
mohamedqnad@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى