ورحل رفيق عوّاتى (كدانى إزاز ) ! كتبه : عبدالفتّاح ودّ الخليفة –المملكة المتحدة
1-Feb-2021
عدوليس
توفى يوم الخميس الماضى الموافق 28 يناير المناضل (كدانى إزاز ) عن عمر تجاوز الثمانين فى مديته كرن وفى حيّه العريق (كرن لعلاى ) يكاد الكثير منّا وأنا منهم لا نعرف أدوار هذا العملاق التأريخيّة لأنّه كان يعمل فى سرّية مطبقة لا يعرف عنه أحدا شيئا حتّى المقرّبون ، لأنّ وضعه كان حسّاسا بحكم عمله فى الشرطة فى حقبة الإدارة الإنجليزية ثم الحكومة الفدرالية ثم حكومة الإستعمار الإثيوبى .
المناضل / كيدانى إزاز قربان كان مناضلا من داخل أرضه ومدينة صباه وطفولته (كرن ) له الكثير مما من مواقف فى حركة تحرير إرتريا منذبداياتها ثمّ إرهاصات تأسيس جبهة التحرير الإرترية فى عام 1960 .
ولد المناضل العم (كدانى إزاز ) فى منطقة (بقّو ) غرب كرن فى بديات عام (1 )1930 يقول كدانى إزاز قربان فى مقابلة أجراها معه التلفزيون الإرترى عام 1994 نقل منها جزء كبير كاتب كتاب (عواتى 1915-1962 ) المناضل (هيلى سلاسى ولدو ) : أنه إنتسب للشرطة الإرترية الـ (فلد فورس ) وهى القوة الميداينة لمحاربة الـ (شفتا ) عام 1950 قسم المخابرات ، وكان لحظّ الثورة الطيّب مدينة (تسنى ) كان يعرف عواتى لأنّ (عواتى ) كان له أقارب فى (بقو ) وكان الإثنين يسألون عن بعض ويرسلون التحايا إلى بعضهم عبر الأشخاص وفى آخر المطاف أصبح الرجل ينسق مع عواتى دون أن يتقابلوا ، وكان عواتى يكتب الرّسائل إلى كلّ من يعتقد أنّه قد يتجاوب مع الثورة ومنهم المناضل / العم كدانى إزاز، وفى بداية عام 1961 جاءه إتصال فى مقر الشرطة فى تسنى وكان الإتصال من مدينة كسلا السودانية ، طُلب منه القدوم إلى كسلا ليلا وعندما وصل إلى مكان الإتفاق أخذه الرّفاق المناضل الشهيد / عمر حامد إزاز ، والمناضل الشهيد / محمدّ إدريس حاج ، والمناضل الشهيد / طاهر سالم وإقترحوا عليه مساعدة الثورة بالمعلومات عن تحركات الجيش وتسليحه ، والثورة سوف تعلن قريبا وافق المناضل وإلتزم بجبهة التحرير الإرترية، لأنّ القواد الثلاث يعرفهم لأنّ علاقته بالشهيد عمر إزاز كانت وطيدة لأنه كان يلتقيه كلما أتى إلى إرتريا ، ولأنهم أيضا اقارب لأنّ الشهيد القائد عمر إزاز متزوج بنت خالة للمناضل / كدانى إزاز ، وتسارع الأحداث لم يمهل عواتى ولا زميله فى الكفاح (كدانى ) ففى 17 أغسطس 1961 تحرك (عواتى ) نحو الكفاح المسلح ،إنضمت إليه المجموعة التى كانت جاهزة حواليه منهم :1- شنقراى عمار = كان يحمل قطعة سلاح أبو خمسة ، 2- صالح قرجاى كان يحمل بندقية أبو ستة ، 3- هُمّد دوحين 4- كان عواتى قد أرسل إلى عواتى محمد فايد يقول له ألحق بنا ، ثم ارسل رسالة للشرطة يخبرهم فيها أنه خرج لأنه لا يستطيع أن ينتظرهم جالسا، ومن يريده فليتبعه ،وفى ضواحى (هيكوتا ) دخل منطقة (كرمداد ) فى مزرعة كان فيها 85 عاملا ، سبب هطول أمطار غزيرة فى ذالك اليوم وملاّك المزرعة كانوا أعضاء البرلمان منهم عثمان عبدالرخمن شفراى ومحمد سعيد حسنو عرفه أحد العمال وطلب منه المبيت فرفض .ثم ظهر بعد أيام معدودة (2 ) فى (بلقاى) (3) بالقرب من هيكوتا ، وهنا جاء أحد المواطنون إلى (تسنى ) ليخبر الشرطة قابله أحد المتعاونين مع الثورة وهو عضو مخابرات فى الشرطة وهو بالصدفة كان المناضل (كدانى إزاز قربان ) جاء المخبر هذا ليخبر الرائد والعقيد لاحقا (قرى كدان تسفاى ) (4) والعقيد بعد سماع الخبر أصدر لتوه الأوامر لقوة من الشرطة للتحرّك إتّجاه (بلقاى ) للقبض على (عواتى ) و المناضل / كداى إزاز يستمع إلى الحديث والأوامر ، بحكم أنّه رجل مخابرات ولا خوف منه تحرك المناضل / كدانى بسرعة دون أن يلفت الأنظار إلى السوق للبحث عن شخص مأمون يخبر (عواتى ) بتحرك الشرطة نحوه ، وكان المواطن الأبىّ سليمان أكد هو من إختاره (كدانى ) و تحمّس المواطن (سليمان أكد ) وأبدى الإستعداد لإنقاذ عواتى ، و فى نفس اليوم يقول : المناضل كدانى : فكّرت بسرعة فى تعطيل خطّ التلفون بين تسنى وهيكوتا ، وبسرعة إشترى (كدانى ) والمناضل سليمان أكد مقصّا وذهبوا إلى خياط ترزى ليجمع لهم القماش ليجعل منه وسيلة لتسلق عمود التلفون وقطع سلوكها ، ثم قاموا وأستأجروا درّاجتين ، وأثناء تحرك (سليمان أكد ) فى السوق رجع (كدانى ) إلى معسكر الشرطة ليتابع الأمر من هناك ، وكما توقع وجد السائق الذى حمل العسكر إلى مكان عواتى وإسمه (قبراى ) يقول المناضل / كدانى وجدت السّائق فى المكتب قلت له سائلا : مرحبا (قبراى ) هلى عدْت ؟ قال : قبراى نعم عدت لقد أنزلتهم فى القنطرة ( كبرى ألبو ) ليهجموا فى الصباح على (بلقاى ) ويقبضوا على (عواتى ) غدا فى الصباح سوف يقبضوا عليه ويأتوا به إلى هنا (عجبا )
ويواصل المناضل / كدانى ليقول (كبرى- القنطرة ) هى فى (ألبو ) شرق من تسنى بمسافة 22 كلم ومن الكبرى إلى (بلقاى ) هى مسافة 3 كلم فقط ، وسليمان أكد والمناضل / (كدانى ) قطعوا سلوك التلفون الساعة 11 ليلا وعادوا إلى تسنى ، الرائد (قرى كدان تسفاى ) من الصّباح الباكر إنتظر فى مكتبه ليسمع الخبر المفرح بالنسبة له ، وكلما يتصل الموظّفون بهيكوتا الهواتف لا ترن، وعندما لم يجد الخبر حاول الإتصال بنفسه لا أحد يرد من (هيكوتا ) وبعد عدة محاولات حاول الإتصال بأسمرا ووجد الخط يعمل من أسمرا ، فشك أن هناك تخريب حصل على الخطوط بين (هيكوتا وتسنى )
أما المناضل كدانى إزاز وجد بعد بحث مضنى فى منتصف عن من يبلغ (عواتى ) بخبر الهجوم و كان هذا جمالا يعمل فى البرشوت يأمنه ويثق فيه ، فسلك الجمال طريقا مختصرا ووصل إلى (عواتى) قبل أن تصله الشرطة فإنسحب عواتى من بلقاى بسلام ، هذه هى إحدى قصص نضال المناضل /كدانى إزاز قربان، وذكر الكاتب المؤرّخ الباش مهندس / سليمان فايد (5) الأتى : “أنّ إثيوبيا كانت تهادن القائد (عواتى ) فى العلن ولكن فى السّر كان لها نية مهاجمته فى السّر وفى يوم التحرك لإعتقاله فى العشرين من أغسطس إلاّ أن أحد عناصر الحركة الوطنية الإرترية الشّاويش (كدانى هداد ) وكان حينها مسؤول مركز شرطة (قلوج ) عندما جاءته الإشارة من الرئاسة فى تسنى بأنّ قوة كبيرة بقيادة النقيب حينها (عبدالقادر محمد على ) سوف تتحرّك نحو (قرست ) لإعتقال (حامد إدريس عواتى ) إتصل على الفور بشيخ الخط على جناح السرعة ليخبر عواتى بالخطة فخرج عواتى فى يوم 20 أغسطس 1961 من القرية “
عاش المناضل (كدانى إزاز ) كلّ عمره فى وسط العدوّ فى إرتريا دون أن يكتشف أمره ، إلى أن تحرّرت إرتريا ولم يزل يغادر وطنه حتّى إختاره الله يوم الخميس الماضى إلى جانبه فالمجد للمناضل الأب (كدانى إزاز) فى العليين بما قدّم لشعبه وأرضه ووطنه أعزّى أسرة المناضل كدانى فى كرن والخارج وأبناء أخيه المناضل الجبهجى العم (تيدروس إزاز قربان ) وعلى رأسهم (رمضان وفاطمة وعامر وأحمد ) .
هامش :
1- قدرنا عمره بزملاؤه وزملاء شقيقه (تيدروس- إدريس إزاز ) والمناضل / حشال عثمان والشهيد عمر حامد إزاز.
2-( كتاب عواتى 1915- 1962 لكاتبه (هيلى سلاسى ولدو والصفحات 256- 260)
3- بلقاى قرية تبعد عن هيكوتة بما قارب شمالا 15 كلم .