مقالات

إريتريا ..فوبيا الصحافة الحرة:عبد الله محمود*

18-Dec-2010

المركز

( ماهي حجم الحريات الصحفية المتاحة ؟-نحن لدينا طريقتنا الخاصة للأمور ولانريد أن نقع في شباك ما يسمي بالإعلام الحر ولن نقع في الشرك المسمي بالأعلام الحر أبدا *عدد الصحف المملوكة للدولة والمعارضة -ليس لدينا معارضة وإنما هناك عملاء ولا توجد معارضة >br>*كلمة عملاء أليس فيها قسوة علي توصيف من يعارضونكم في الحكم ؟ -هناك فرق كبير بين العمالة والمعارضة يجب أن نفرق بينهما ولن نسمح لأي مأجورين أو مرتزقة العمل إنابة عن آخرين نحن كما قلنا لدينا طريقتنا ونحن مسرورون بها وسنستمر فى العمل بها.)

هذه بعض الإفادات التي أدلى بها وزير الإعلام الإريتري علي عبده لوكالة السودان للأنباء (سونا) الرسمية أثناء مشاركته في إجتماعات إتحاد الإذاعات العربية ( الأسبو ) الذي انعقد بالخرطوم .. ولا يخفى على كل ذي عينين أن هذه الإفادات تفتقر إلى الحصافة واللباقة ولا تليق برجل دولة يتسنم مثل هذه المواقع الدستورية الرفيعة وتجسد الحالة المزرية التي تعيشها إريتريا والدرك السحيق الذي هوت إليه .
لقد ظل الوزير يردد ( لدينا طريقتنا الخاصة ) دونما وعي أو دراية ظناً منه أن هذه الإجابة تشكل رداً حاسماً وقاطعاً على الأسئلة المطروحة ولم يدري أنه أصاب كبد الحقيقة ، فهذا الإجابة تنسحب على مجمل أداء لحكومته التي تتسم بعدم الإتساق مع المعهود في الدول المماثلة مثل عدم وجود دستور أو قانون أو برلمان أو إجتماعات دورية لمجلس الوزراء فهي دولة تحكم وفق ( الطريقة الخاصة ) .
وتشكل قضية الصحافة الحرة الهاجس الأكبر لحكومة أفورقي فما أن تُذكر قضية الحريات الصحفية إلا ويتحسس قيادات النظام الحاكم مسدساتهم وتنتفخ أوداجهم فها هو أفورقي في حوار أجرته معه صحيفة الوطن القطرية يقول بملء فمه ( مافيش صحافة حرة في العالم .. ومن يقول لي أن هنالك صحافة حرة أقول له أنت حر في وجهة نظرك .. في تصورك .. نحن فوق كل هذه القوالب.وصفات ومواصفات ما يسمى بالديمقراطية، والصحافة الحرة.. والرأي الحر.. والرأي الآخر ).
ولم أجد تفسيراً لبراكين الغضب التي تتفجر في جوف قيادات الحكومة الإريترية عندما تتناهى إلى أسماعهم عبارة (الصحافة الحرة ).. وكأني بهم يسترجعون تجربة الصحافة الحرة في إريتريا القصيرة العمر والتي أنتجت صحفاً مثل ( ظقيناي، مقالح ،سيتيت ، كستي ديبانا،زمن،أدماس) التي استمرت لسنوات لاتجاوز أصابع اليد الواحدة وما لبثت الحكومة أن انقضت عليها وأنشبت فيها أظافرها ومخالبها نسبة للدور المتعاظم الذي لعبته في كشف سوءاتها وعوراتها و تنوير الشعب الإريتري وتزويده بالحقائق وأسهامها الملحوظ في تشكيل رأي عام فاعل وأحداثها حراكاً شعبياً كبيراً تجاه مجمل القضايا من خلال مطالبتها بتطبيق الدستور والمؤسسية الشيئ الذي دعا الحكومة للبحث عن مبررات للإنقضاض عليها فحدث ذلك بالتزامن مع إعتقال مجموعة ال(15) عام 2001م حيث تم إعتقال مالكي ورؤساء تحرير الصحف الثمانية وهي وتم إغلاقها ومصادرة ممتلكاتها تم توزيع الإتهامات المعبأة سلفاً مثل الخيانة والتجسس وغيرها .
الإفادت التي يدلي بها أفورقي في شأن الصحافة الحرة والتي يرددها وزارءها ومساعدوه دونما وعي أو دراية تأتي رغم أنف المرسوم رقم 90 لعام 1996 الخاص بالصحافة والمطبوعات والذي يكفل حرية الصحافة كما جاء في الفقرة (أ) من مادته الأولى ، ورغماً عن ذلك فإن إريتريا هي الدولة الوحيدة في افريقيا التي ترفض السماح بصدور الصحف المستقلة .
وحسب تقرير مركز سويرا لحقوق لإنسان فإن المجلس الوطني الإريتري في آخر اجتماع له في فبرايرعامم شكل 2002 لجنة لمراجعة مرسوم الصحافة والمطبوعات وتقييم تجربة الصحافة الخاصة في البلاد. وقال وزير الإعلام حينها أن حكومته ستسمح بصدور الصحف المستقلة بعد أن تنجز هذه اللجنة مهمتها إلا أنه وبعد مرور أكثر من ثمانية أعوام على تشكيلها لم يصدر عن اللجنة أي تقرير منشور كما لا تزال الصحف الخاصة مغلقة .
وكما أوردنا أعلاه فإن تجربة الصحافة الحرة في إريتريا رغم قصر عمرها إلا أنها جعلت الحكومة الإريترية تعاني من فوبيا دائمة تجاهها مما جعلها تكتفي بنافذة صحفية واحدة وهي صحيفة إريتريا الحديثة التي تتم ترجمتها من التجرينة إلى العربية والتجري وهي أشبه بالنشرة الحزبية منها إلى الصحيفة ، وتتمظهر الفوبيا في تعامل الحكومة مع الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام الحكومية من حيث حملات الإعتقال التي تشنها عليهم بين الفينة والأخرى دونما مبرر بالإضافة إلى مراقبتهم والإطلاع على حساباتهم في البريد الإلكتروني وغيرها من وسائل المتابعة اللصيقة مما جعل إريتريا تتذيل دول العالم في الحريات الصحفية للعام الرابع على التوالي حسب تقرير مراسلون بلاحدود وتعتبر الدول الثالثة في العالم في اعتقال الصحفيين حسب تقرير لجنة حماية الصحافيين .
وخير توصيف للحالة الإريترية العبارة التي تضمنها تقرير مراسلون بلا حدود للعام 2007م في الشأن الإريتري والتي تقول ( أن إريتريا سجن مشرع الأبواب والنوافذ يحرسه حزب وحيد يرى في كل مطالبة ديمقراطية إنتهاكاً للأمن القومي ).
* نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي-صحيفة الوطن السودانية-الجمعه17ديسمبر2010م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى