أخبار

هل يلدغ السودان من جحر أفورقي مرتين ؟

3-Jul-2006

المركز

تقرير : المركز الارتري للخدمات الإعلامية
تواترت الأنباء من مصادر صحفية أن الحكومة السودانية منعت عدداً من فصائل المعارضة الإرترية من عقد مؤتمراتها ،التي كان من المقرر عقدها في الخرطوم خلال يوليو الجاري ، وذكرت المصادر أن كل من جبهة التحرير الإرترية – المجلس الثوري- وثلاث تنظيمات متحالفة

تحت مسمى جبهة الإنقاذ الوطني وهي جبهة التحرير الإرترية – المؤتمر الوطني ، الحركة الشعبية الإرترية ، الجبهة الديمقراطية الثورية ) كانت قد أكملت ترتيباتها لعقد مؤتمراتها حيث كانت تنظيمات جبهة الإنقاذ تتأهب لعقد مؤتمر توحيدي يفضي إلى تنظيم واحد بينما كان المجلس الثوري يتأهب لعقد مؤتمره السادس . وربطت المصادر قرار المنع بالزيارة التي قام بها الرئيس الإرتري إسياس أفورقي إلى الخرطوم خلال الشهر المنصرم وقيام مفاوضات الشرق بوساطة وضيافة إرترية حيث أسفرت الجولة الأولى عن توقيع إعلان مبادئ بين الطرفين وستنعقد الجولة الثانية في السابع عشر من يوليو الجاري .من جانبه قال المتحدث الرسمي لجبهة التحرير الإرترية – المجلس الثوري إن المؤتمر العام لتنظيمه سينعقد في وقته المحدد – يوليو الجاري – مع تغيير مكان الانعقاد وعزا ذلك لظروف وتطورات سياسية خارجة عن إرادة التنظيم بناءاً على خطة طوارئ بديلة كانت قد أعدت تحسباً مثل هذه التطورات .دور مزدوجبالمقابل تقوم الحكومة الإرترية بدور مزدوج ، فهي في أثناء وساطتها في مفاوضات شرق السودان بين الحكومة السودانية وجبهة الشرق تقوم باستضافة إجتماع تأسيسي في أسمرا بتاريخ 30 يونيو الماضي لتحالف بين ثلاث فصائل سياسية وعسكرية من دارفور رافضة للتوقيع على اتفاق أبوجا ، الذي تم بين الحكومة وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركوي مناوي في الخامس من مايو الماضي ، تحت مسمى( جبهة الخلاص الوطني ) التي تضم ( حركة / جيش تحرير السودان بقيادة خميس عبدالله أبكر ، حركة العدل والمساواة بقيادة د. خليل إبراهيم، التحالف الفيدرالي الديمقراطي بقيادة شريف حرير ومحمد ابراهيم دريج ) واعتبر البيان التأسيسي جبهة الخلاص( وعاءاً تنظيمياً لتنسيق كافة الجهود السياسية والإعلامية والدبلوماسية والعسكرية لضمان حماية حقوق أهلنا ومواطنينا في دارفور والسودان عامة ) .موقف مستغربووصف المراقبون الموقف الإرتري الجديد بالمستغرب فهي تقوم من جانب بدور الوسيط المحايد ومن الجهة الأخرى تقوم برعاية تحالف معارض جديد يسعى لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية بالوسائل السياسية والعسكرية ويتعهد بلم شمل الأطراف المناهضة لاتفاق أبوجا ، وتقوم إرتريا بالسماح لهم بذلك بل وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق أهدافهم ، ومن هنا يتضح أن إرتريا ليست طرفاً محايداً في الصراع السوداني – السوداني ولهذا لايمكن أن تكون أمينةً على تحقيق السلام في السودان ، فهي لا تريد سوداناً مستقراً وإنما تريد السودان أسيراً لمشكلاته الداخلية .فهكذا دولة غير مؤهلة للعب دور الوساطة في الشأن السوداني .تساؤلات مشروعةوتتساءل أوساط المعارضة الإرترية ألم يكن بإمكان الحكومة السودانية معاملة إرتريا بالمثل والسماح بانعقاد هذه المؤتمرات ؟ مع العلم أن أهمية هذه المؤتمرات تنبع من كونها ستعمل على بلورة رؤى فصائل المعارضة للتعامل مع التطورات الراهن والتواضع على برنامج عمل لمواجهة المستجدات بالإضافة إلى قيامها بالتجديد في هياكلها القيادية .فهاهي الحكومة السودانية تسرع بالتضييق على الوجود الإرترية المعارض بمنعه من عقد مؤتمراته بعد أن بدأ المشاركون فيها يتوافدون إلى السودان ، بالرغم من أن المعارضة الإرترية آثرت خيار الحل السياسي على العسكري و بح صوتها وهي تنادي بتسوية سياسية تفضي إلى إتفاق مصالحة وطنية بينها وبين حكومتها .المعارضة الإرترية والحل السياسي فقد دعا السيد أحمد محمد ناصر أمين العلاقات الدولية بالتحاف الديمقراطي الإرتري المعارض الحكومة السودانية لدور مماثل لحل المشكل الإرتري , وأبدى استعداده للجلوس في مائدة مستديرة لحل مشكلة بلاده دون أي شروط مسبقة سوى اعتراف النظام الإرتري بالمعارضة والإقرار بوجودها وقال (إذا كان النظام مستعدا لحل الأزمات ويعترف بوجودنا يمكننا أن نجلس في مائدة مستديرة مع الوسطاء لحل المشاكل جذريا وصولا لتسليم السلطة للجماهير الإريترية .وأضاف نحن نريد حلولا سلمية لأزماتنا عبر حوار إريتري / إريتري ولدينا الكثير من الآليات التي يمكن من خلالها أن نجعل النظام يرضخ لمطالبنا ، فبالرغم من أن النظام أعلن بعد شهر من وصوله للسلطة وفي 20يونيو1991م أنه لن يسمح لأي قوى أن تطرح وجهة نظر مغايرة لرؤيته ومن يفعل ذلك يقدم للمحاكمة ، مع ذلك كله نرى أن حل المشاكل يجب أن يتم عبر التفاوض وكل بياناتنا ونداءاتنا كانت تدعو للحل السلمي ، ولم نيأس ونريد الجلوس جميعا لطي صفحات الماضي وفتح صفحات جديدة لبناء أمة ودولة حديثة على أساس صياغة برنامج وطني ومستقبلي.رئيس المكتب التنفيذي للتحالف المعارض السيد حسين خليفه رداً على تصريحات السكرتير العام للجبهة الشعبية ( الحزب الحاكم في إرتريا ) الأمين محمد سعيد التي قال فيها ( إنها لاتمتلك رؤية وبرنامج وكذلك تفتقر للقاعدة الجماهيرية .. الخ ) اعتبر أن هذه التصريحات تتضمن إعتراف ضمني بالمعارضة معرباً عن أمله أن لا تكون زلة لسان أو أثر عابر لثقافة القبول بالآخر التي تسود المنطقة في ظل توجه دولها جميعا– بإستثناء بلادنا – نحو حل معضلاتها الداخلية وبناء الإستقرار الداخلي كأساس لازم لإستقرار المنطقة ونمائها في كافة المجالات ، وتحدى النظام الإرتري أن يبدي رغبته في الحلول السلمية للأوضاع القائمة في بلادنا مناشداً كافة القوى المحبة للسلام والعدالة والديمقراطية أن تساند شعبنا في مسعاه لنيل حقوقه المشروعة في سيادة دولة الدستور والقانون وبناء السلام الداخلي والإستقرار الإقليمي للتفرغ للتنمية والإزدهار .غير مؤهلة للوساطةويرى معارضون إرتريون أن أسمرا ليست مؤهلة للوساطة في الشأن السوداني باعتبار أن فاقد الشئ لا يعطيه متطابقة في ذلك مع رؤى بعض المسئولين السودانيين .وكان الدكتور قطبي المهدي المستشار السياسي السابق للرئيس السوداني قد أبدى استغرابه لقبول السودان للوساطة الإرترية وأملها في التوصل إلى حل للمشكلة الشرق عن طريق التفاهم مع النظام الإريتري مبيناً أن الأخير يتركز تفكيره على ( ضرورة خضوع نظام الخرطوم لإملاءاته عن طريق التفاهم مع المجموعات المعارضة التي يستخدمها ككرت ضغط على الحكومة السودانية ) وأضاف إن هذه الممارسات لاتخدم مصلحة الشعب الإرتري ولا تحقق أهداف النظام واتهمه ( لكنه يقبض الثمن من جهات أجنبية لها مصلحة في قلقلة الأوضاع في السودان وإنهاك الحكومة السودانية واستنزافها بافتعال مثل هذه التوترات)) .كما ذكر الخبير الاستراتيجي الضليع والمندوب السابق للسودان لدى رئاسة الاتحاد الإفريقي باديس ابابا والسفيرلدى اثيوبيا والذي يعمل حاليا مديرا لمركز دراسات الشرق الاوسط وافريقيا ، اللواء عثمان السيد في حوار أجرته معه اسبوعية ايلاف الخرطومية ( أنه بدل التتبع الإستخباري لنشاط المعارضة الإرترية كان الأجدى أن تقوم الحكومة الإرترية بحوار مع المعارضين الارتريين على نفس النسق الذي تتبناه بالنسبة للمعارضين السودانيين في ارتريا ، حيث لا يمكن بأية حال من الأحوال إن تطرح اسمرا نفسها مقرا للمفاوضات بين الحكومة والمعارضة بشرق السودان ، وتنسى أو تتناسى أن هنالك معارضين ارتريين في السودان يقارب عددهم المليون مواطن ارتري ، وغالبيتهم إن لم يكن جميعهم من معارضي الحزب الحاكم في ارتريا .الخيارات الثلاثوشهدت العلاقات بين إرتريا والحكومة السودانية تطوراً متسارعاً عقب استقلال إرتريا في عام 1991م أسفرت عن منع الحكومة السودانية للنشاط الإرتري المعارض وأعطت قيادات المعارضة الإرترية ثلاث خيارات إما الدخول إلى إرتريا ، أو البقاء في السودان كلاجئين ، أو الإبعاد من السودان ، وتزامنت هذه الخيارات مع رفض أفورقي لأي نشاط سياسي عدا حزبه بعد شهر من الإستقلال ، ثم قامت الحكومة السودانية بإجراءات تصفية للوجود الإرتري المعارض . إلا أن أفورقي ما لبث أن قلّب ظهر المِجن على الحكومة السودانية عام 1994م وقام بإعلان العداء عليها واستهداف القرى والمدن الحدودية كما قام بتسليم السفارة السودانية في أسمرا للمعارضة في خطوة تتنافى مع العرف الدبلوماسي ثم تطورت حالة القطيعة إلى أن أدت بأسمرا لتوفير الغطاء اللازم لإحتلال همشكوريب والهجوم على كسلا ، وتلجأ أسمرا الآن للتطبيع مع السودان لحاجة ضاغطة تتمثل في إنعدام المواد الأساسية مثل الوقود والدقيق والهروب المتواصل لجنودها وشعبها بل وقياداتها العسكرية والمدنية إلى دول الجوار بالإضافة لحصار سياسي نتيجة خطابها المتحدّي للمجتمع الدولي في قضايا حقوق الإنسان و الحريّات الدينية و الديموقراطية بالإضافة إلى استمرار أزمتها مع أديس أبابا ، كل هذه الأزمات دفعت إريتريا للتطبيع مع السودان مقابل تسوية قضية شرق السودان ، ولكن تقوم الحكومة الإرترية بتهيئة كارت سياسي بديل يتمثل في جبهة الخلاص الوطني ، فهل يعامل السودان أسمرا بالمثل ويسمح بانعقاد مؤتمرات تنظيمات المعارضة الإرترية أم يكرر ذلك الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي قام به في 1991م فيلدغ من جحر أفورقي مرتين ؟ .تم نشره في صحيفة ( إيلاف ) السودانية بتاريخ 3/7/2006م كخدمة خاصة من المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى