مقالات

أزمة التحالف رؤية بزاوية منفرجة: عبد الرازق كرار

23-May-2007

ecms

أما وقد مضى على المؤتمر الثاني للتحالف أكثر من ثلاثة أشهر وهي فترة كافية للوقوف على تفاصيل ماجرى والنتائج المترتبة على ذلك ،

والخروج أيضا من حالة ( الـ ـ مع أو الضد ) التي أصبحت سيفاً مشهراً على كل من تفوه بكلمة أو اختطت يمينه مقال أو خاطرة ، نعاود الكتابة مرة أخرى بعد التسعين يوماً ، وكل أمنياتنا أن تقرأ الكلمات في سياقها اللغوي والدلالي وليس وفق ما يشتهى كل قارئ، ونحاول هذه المرة أن نقف على منهجية التحليل التي حاولت أن تفسر ماجرى في المؤتمر ، وما تبع ذلك من خطوات على مستوى التنظير أو الواقع ولعله من المناسب أن نقف على بعض المقولات أو الافتراضات التي تكررت كثيراً إما لتوصيف أسباب الخلاف أو لوصف الذين تناولوا تلك الأحداث .العاطفة والموضوع : كثيرون من الذين كتبوا معلقين على تناول من يختلفون معهم في التوصيف أو التحليل لتفاصيل أزمة التحالف كان اتهامهم هو التناول العاطفي ، ولعلهم يقصدون أن تحليلاتكم لأسباب الخلاف لا تستند إلى حقائق الواقع ولكن تقفز إلى الأمنيات التي لا يمكن أن تصمد دون بنى حقيقية تقوم عليها ، وبذلك يخلصون إلى أن ماحدث في مؤتمر التحالف كان لابد أن يحدث لأنه الأمر الطبيعي الذي تسنده كل العوامل الموضوعية ، وبذلك يجردون الآخرين من كل موضوعية وتقفز ظلال التعبير إلى أكثر من ذلك ، أي إلى ممارسة نوع من الأبوية على الآخرين وتصغير تناولهم خاصة عندما يردف الكاتب عبارته عن التناول العاطفي بقلة التجربة والخبرة من خلال القول عن الكاتب أنه يدفعه عنفوان الشباب وهو الذي يستدعي بالتأكيد قلة التجربة . وقبل الخوض في تفاصيل تلك الاتهامات من أي من المنظورين العاطفي أو الموضوعي يجب أن نؤكد أن المنهج العاطفي هو ضمن مناهج التحليل المعمول بها علمياً دع عنك في العلوم الإنسانية التي تحتمل هامش خطأ كبير ولكن حتى في العلوم التطبيقية التي يضيق فيها هامش الخطأ مثل الطب بفرعية العضوي والنفسي ، ولكن دون التوغل في هذا الموضوع نود أن نشير أن كل فكرة تحمل بداخلها بعدين هما البعد العاطفي والموضوعي وهي مثل كل كائن حي يحمل هرمونات ذكورية وأنثوية فإذا تغلبت الذكورية أصبح ذكراً أو العكس ، دون أن تلغى الأغلبية خصائص الأقلية إذ تعتبر الأقلية ضمن مكونات الشخصية ، وبالتالي فإن كل فكرة لم تستصحب البعدين هي في الأصل فكرة ناقصة لأنها يفترض أن تخاطب الإنسان الذي هو ذو بعدين مادي محسوس وروحي غير محسوس ، ومن هنا فإن فكرة الحرية مثلاً هي فكرة تحمل البعدين ، ففي حين يغلب عليها البعد الموضوعي الذي يبحث في المساحة التي ستتيحها هذه الحرية في الرفاه الإنساني ، فإن الشخص الذي بذل روحه من أجلها هي عنده فكرة ذات بعد عاطفي أكثر منها مادي أو موضوعي ، وكذلك فكرة الوطن والتضحية من أجله ، فلو حاولت أن تناقش فكرة الوطن من منطلق موضوعي فقط ستجد انه لا يستحق التضحية من اجله شهادة أو اعتقالاً أو تشرداً مثلاً إذا كان بإمكانك العيش في مكان آخر لأن العمر في الأصل محدود ، ومن هنا فإن الذين يصفون الآخرين بالعاطفيين بقصد الحط من تناولهم أو تحقير أفكارهم يجب أن يدركوا أن ذلك غير صحيح ، ومع الولوج في الموضوع إذا كان القصد بالعاطفي هو أن العوامل الموضوعية في مؤتمر التحالف كلها كانت ستوصل إلى ذات النتيجة نحاول في هذه المساحة أن نناقش ذلك من خلال الأطروحات التي قدموها كتفسير لما حدث من خلال المزاوجة بين العاطفي والموضوعي ولعل ابرز المقولات هنا هي :الصراع بين المسلمين والمسيحيين : والقصد وفق ما فهمته هو أن التاريخ الإرتري عرف انقساماً حاداً في فترات ماضية مثل ما حدث في فترة تقرير المصير حيث ذهبت الغالبية المسيحية باتجاه الانضمام إلى إثيوبيا من خلال حزب ( الإندنيت ) بينما ذهبت الغالبية المسلمة إلى المطالبة بالاستقلال من خلال حزب ( الرابطة الإسلامية ) وحدث ذات الانقسام حينما خرجت الجبهة الشعبية من رحم الجبهة معترضة على الممارسات التي تمارسها باتجاه المسيحيين ، ومن هنا فإن التاريخ يكرر نفسه لذا فإن الذي حدث هو انقسام بين مسلمين ومسيحيين تسنده خلفيات التاريخ وحقائق الواقع والذين يقولون بغير ذلك هم عاطفيون يبحثون عن وهم ، وهي وحدة الشعب الإرتري وقواه السياسية ولا يوجد تعبير غير العاطفيين لوصف تلك الأوهام لذا عليهم أن يكونوا موضوعيين لقبول ذلك الانقسام .هذا هو التبرير ولعلنا نحاول أن نناقشه من خلال المنهج الموضوعي ما استطعنا إلى ذلك سبيل لعل رواد هذا المنهج يقبلون منا ذلك ، هذا لو أنهم لا يحتفظون بأدواته سراً وبالتالي لا يستطيع الآخرون إعمال هذه الأدوات لتشريح الحقائق واستخلاص النتائج ، وإبتداءاً حتى لا نتجاوز الواقع نسلم لهم أن هنالك ثنائية مسلمة ومسيحية في إرتريا وبينها صراع متجذر قد يبرز بإشكال مختلفة في مواقع زمانية ومكانية مختلفة ولكن توصيف أزمة التحالف الأخيرة بأنها صراع مسيحيين مسلمين هو توصيف تغلب عليه السطحية ذلك أن الكتلتين على أرض الواقع لا يوجد فيهما من يمثل المسيحيين أو المسلمين بشكل لا تتداخل فيه الفواصل ، ولكن حتى نكون أكثر موضوعية لعلهم يقصدون أن أحدى الكتلتين هي ذات مرجعية إسلامية وإن صناع القرار فيها هم المسلمون وفق مرجعياتهم ، وكذلك بالنسبة للكتلة للأخرى فهي كتلة ذات مرجعية مسيحية أو أن القيادة النافذة فيها هي من المسيحيين وفق مرجعياتهم ، وهذه الفرضية تحمل خطأين أحدهما تكتيكي والآخر إستراتيجي ، فالخطأ التكتيكي هو أن هذا التوصيف إذا كان صحيحاً سيعمل على تحييد جزء كبير من الطاقات التي تدفع عجلة النضال ، فمثلاً في الكتلة المتهمة بأنها ذات مرجعية إسلامية هنالك عدد كبير من المسيحيين دون الخوض في تفاصيل الأسماء أو المواقع ، وإذا كان الأمر كذلك فإنهم بالتأكيد لا يستطيعون أن يعملوا ضد كتلة تمثلهم وإذا لم يجدوا الجرأة الكافية للانتقال إلى المربع الآخر فسيكونون في موقف سلبي خارج حلبة عجلة النضال ، بالمثل فإن الكتلة الأخرى بها عدد كبير من المسلمين وبالتالي نحن ندفعهم إلى خارج ميدان المعركة ، وهنا فإننا نحصر المعركة ضد النظام على قلة لن تستطيع أن تفعل شيئاً قياساً على أن الجميع متحدين لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً وبالتالي من باب أولى أن لا تفعل القلة المشتتة شيئاً يذكر ، وبذا نكون تكتيكاً قد ضاعفنا عمر النظام الذي يلعب بالتأكيد على تناقضات المعارضة وعدم جديتها ، وهذا الخطأ التكتيكي يستصحب معه أيضاً عدم ترتيب الأولويات حيث ستنتقل الأولوية من ضد النظام إلى محاولة حسم الحقوق بين الكتلتين في الخارج حتى يصلوا إلى الحكم وهم قد تقاسموا كل شيء وأضحت الحقوق محفوظة ، وهذا افتراض اقرب إلى الوهم مثله مثل الذين يقتسمون طيور على ظهر شجرة لا يملكون وسائل صيدها ، وهذا عامل يضاعف من عمر النظام دون شك .أما الخطأ الإستراتيجي في هذا التوصيف أن معركة التحالف التي أدت إلى تقسيم التحالف إلى كتلتين لم تأتي حول الحقوق أو المواثيق الضابطة لها في المستقبل ولكنها جاءت على موقع قيادي على أهميته ولكنه يؤكد إن هذا التوصيف لم يكن صحيحاً إذ لا يمكن أن تقول أن هذا مسلم يمثل المسلمين وذلك لا يمثلهم ومن خلال تفحص مجريات الحلول التي قدمت يتضح أن المعركة لم تكن تأخذ هذا البعد . لذا فإن مجريات المعركة على الميدان لا يمكن أن توحي بذلك ، ومع الاعتراف حول وجود مشكلة تعايش بين ثنائية المجتمع الإرتري يصبح خطأ إستراتيجياً محاولة حلها من خلال معركة لم تستصحب أدواتها أو وسائلها ، ونعني بذلك ممثليها وقضاياها فلا التنظيمات المتصارعة تمثل تلك الأبعاد ولا القضايا التي طرحت واختلف حولها هي قضايا التعايش بين الثنائية لذا فإن تناول هذه القضية على أهميته يحتاج إلى جو مختلف مما كان في مؤتمر التحالف ومن هنا فإن الإشارة في المؤتمر إلى ضرورة الحوار المسلم المسيحي تكون مؤشراً جيداً لتناول هذه القضية من منطلقات وثوابت هي تساوى الحقوق وقيمة المواطنة والحريات ووحدة الأرض والشعب وبالتالي حتمية التعايش. المرتفعات والمنخفضات : وهذا التوصيف الجغرافي هو في أصله تغطية للتوصيف الطائفي ، ولنكون أكثر دقة فإن المقصود هو صراع الكبسة وبركا وهو صراع يستصحب البعد الديني من جهة ، كما يستصحب البعد التاريخي من خلال ما حدث في فترة تقرير المصير ثم تقسيم المناطق الذي عملت به الجبهة في بداياتها قبل المؤتمر الأول وما تسبب فيه هذا التقسيم من مشكلات أخذت طابع جغرافي في ظاهرها طائفي وقبلي ومصلحي في داخلها وهو موضوع يحتاج إلى أكثر من تفصيل واستصحب معه بالتأكيد في نهاية المطاف صراع الجبهة والجبهة الشعبية بحكم مرجعيات الجبهتين والقيادات اليسارية التي كانت تتحاشى عامل الدين في توصيف وتحليل المشكلات ولم يكن أمامها إلا التوصيف الجغرافي ، وهو توصيف لا يصمد أمام التحليل الموضوعي لأزمة التحالف الأخيرة لذا فإنه لا يحتاج إلى كثير تفصيل مع الاعتراف بالتباين الكبير في مستويات التنمية بين الأقاليم الإرترية أو المرتفعات والمنخفضات وهو تباين يعود إلى مسببات كثيرة منها الإستعمارات المتعاقبة والمركزية القابضة ، والثورة الإرترية التي خاضت معظم حروبها من أجل التحرير من المنخفضات وبالتالي كانت هي أرض المعركة انتهاء بممارسات النظام الدكتاتوري الحالي ذو البعدين الطائفي والمركزي ، ومع الاعتراف بهذه التحدي فإن تجاوزه بالتأكيد يتم من خلال سياسية ( التمييز الإيجابي ) وليس من خلال خوض معركة داخل التحالف تؤدى إلى استمرار النظام الذي لا يزال يعمل على توسيع الهوة بين تلك البيئات الجغرافية .الرابح والخاسر ( wın and lose ) : وهذه النظرية تفترض أن النقاشات التي دارت في مؤتمر التحالف ، خاصة حول الميثاق وفقرتي الشريعة والقوميات تمخض عنها كاسب وخاسر ، وبالتالي فإن الخاسر في فقرات الميثاق يجب أن يتم تعويضه من خلال القيادة ، وذلك حتى لا يعطى مؤتمر التحالف صورة سالبة من خلال كاسبين بالجملة وخاسرين بالجملة ، وهذا يفسر تمسك أحد الإطراف بالقيادة طالما قدم تنازلات مهمة في أدبيات المؤتمر ، كما يفترض من الطرف الآخر تقديم تنازلات فيما يتعلق بالقيادة طالما حقق مكاسب من خلال تنازلات الآخرين فيما سبق من فعاليات المؤتمر ، وهذا الافتراض تعترضه معضلتان إحداهما نظرية والأخرى واقعية ، فالنظرية ، أنه لا توجد في الوقت الحاضر نظرية الرابح والخاسر ، فبعد سيادة النظرية الواقعية عقب الحرب العالمية الأولى كنظرية ناظمة للعلاقات الدولية تجسد العلاقات بين الرابح والخاسر تمخضت نظرية توازن القوى عقب الحرب العالمية الثانية واستمرت إلى أن ظهرت الحاجة إلى نظريات الوظيفية والوظيفية الجديدة والتكامل وهي النظريات التي تفترض حاجة الجميع للجميع كل من زاويته وبالتالي فإن العلاقات تنظمها الحاجات المتبادلة ومن ثم فإن خسارة طرف سيؤدي حتماً إلى خسارة الآخرين وبالتالي فإنه من الضروري إن يربح الكل ولو بدرجات متفاوتة ، ومن هنا فإن خسارة طرف من قوى المعارضة الإرترية الضعيفة أصلاً هو مدخلاً لخسارة الجميع ، لذا فإن القول بأن هنالك خاسر وكاسب هو توصيف ستكون محصلته النهائية وخيمة على الجميع ، فلا يمكن أن نطلب من قوى وهى تحس بالهزيمة من قبل الذين معها في ذات الصعيد عملاً إيجابياً ولن يكون مهمتها غير تصيد الفرص لتحويل خسارتها إلى ربح ، وهذه الأجواء بالتأكيد لا يمكن أن تخدم مسيرة نضال يفترض أن تزيل نظام متجبر مثل النظام في إرتريا .أما الخطأ التوصيفي فهو إن الحديث عن قوة خاسرة في مؤتمر التحالف وقوة أخرى رابحة هو نوع من المزايدة السياسية التي لا يسندها واقع ، فكل الذي حدث إنه تم صياغة القاسم المشترك بين برامج التنظيمات وفق طريقة تستصحب رضا الجميع من خلال الوقوف على المشتركات كأرضية للعمل المشترك ، وتم ذلك دون إلقاء برامج التنظيمات ، ومن هنا فإن الحديث عن رابح وخاسر أمر يستبطن التنازل عن قضايا تتعلق ببرامج التنظيمات وليس التحالف وهو توصيف غير دقيق إن لم نقل إنه توصيف خاطئ طالما كان الحد الأدنى من الميثاق المشترك يضمن للتنظيم العمل والدعوة وفق برنامج التنظيم على أن يكون الحكم في ذلك هو الجماهير والأصوات التي يتحصل عليها البرنامج . أزمة نفوس وليس أزمة نصوص : إن رفض كل تلك الأطروحات لتبرير الخلاف لا يعني بأنه بشكل من الإشكال قد خلى منها كلها ، ولكن يمكن أن يكون فيه ملمح من الكل ، ولكن الحقيقة الفجة التي غلبت على هذا الخلاف هي أزمة ثقة عميقة بين قيادات الصف الأول التي تصدت لمهمة العمل في التحالف عبر مستوياته الإدارية المتعددة ، وهذه الأزمة ليست بالتأكيد نتيجة تباين في البرامج التنظيمية والرؤى السياسية بين هذه التنظيمات ، وهنالك بحث سيرى النور قريباً يبحث في البرامج السياسية والمواثيق السياسية للتنظيمات الإرترية ـ التشابه والاختلاف ، حيث كانت النتائج الأولية تقاطع هذه البرامج في ما يزيد على 80% من الفقرات وهو بحث سوف يضع هذه القيادات وهذه التنظيمات في محك حقيقي إن كتب له أن يرى النور ، وبالتالي يمكننا أن نلخص الأزمة في ( أزمة نفوس أكثر منها أزمة نصوص ) وهذه الأزمة هي نتيجة تراكمية لأحداث التاريخ وعقدة الأتراب أو الأنداد كما يطلق عليها ، حيث يعرف معظم أفراد الجيل الذي يقود المعارضة بعضه في ظروف غير هذه الظروف وبالتالي لا يستطيع تجاوز تلك الصورة للماضي في تعاطيه مع الحاضر ، هذا غير ضعف التجربة لمعظم القيادات في مجالات غير مجالات النضال ، إذ يحتاج التفاوض إلى قواعد يعمل بها وقد أصبح علماً منفصلاً تقام له الأكاديميات والدورات ، ولو أن كل قيادات العالم السياسية تغرق في مثل هذه المشكلة البسيطة التي مرّ بها التحالف لكان حال العالم غير هذا الحال ، ونستطيع أن نضيف إلى ذلك معرفة هذه القيادات بقواعدها التي لا تستطيع أن تردعها إذا ما ناقضت نفسها أو عملت ضد الأهداف المعلنة من قبلها ، ومع أن الأزمة في أسبابها المباشرة والمعروفة هي بسيطة وسهلة التجاوز ولكن استصحاب كل إحن التاريخ ومرارات النفوس لتبريرها عمق منها بحيث أصبح من الصعب تجاوزها دون أن تترك جراحاً غائرة ، ويبدو أن القول في تقييم تجربة التحالف للثماني سنوات الماضية ـ بأن من إنجازاته أنه قد عمل على تجاوز مرارات الماضي هو استنتاج متعجل ، إذ الحقيقة الماثلة انه قد عمل على حبسها أو تجميدها ، وهاهي قد خرجت إلى العلن بأبشع مما يتوقع الجيل الجديد الذي لاتعرف القلة المهتمة منه بالسياسة فيما يختلف هؤلاء ، مع أن الغالب منه تبحث في اهتمامات أخرى وبالتأكيد لا يأتي الوطن في أولها نتيجة غياب معني الوطن ببعديه العاطفي والموضوعي في أذهانهم .آفاق المستقبل : أحد الكتاب لخص جلسة دردشة في مقاهي السعودية وكانت المحصلة بعد تقييم وضع المعارضة أن دعت الجلسة الله سبحانه وتعالي أن يهدي اسياس افورقي للإسلام ، ويبدو أن هذا أعتبر رأياً منهزماً من جيل الثورة الذي يحتكر النضال وكذلك يحتكر الحقيقة وفق ما يعتقد ، ولكن أقول أن شباب السعودية كانوا طموحين أكثر من اللازم فنحن ندعو الله أن يهدي اسياس إلى قليل من قيم الديمقراطية ، فيطلق سراح السجناء ويتيح هامش من الحريات للآخرين ثم يزور الانتخابات ويحكم إلى أن يملّ هو الحكم ، في ظل حريات نسبية ووضع اقتصادي حر ومريح ، ودون اعتقالات غير قانونية ، وحتى لا نتهم بالانهزامية أو اليأس وما أسرع إطلاق الاتهامات ، فإن دعواتنا مأخوذة من برامج كافة التنظيمات التي تتحدث عن إنها لا تحارب اسياس كشخص ولكن كسلوك وهي بالتالي مستعدة للتفاوض معه إذا أتاح ما تحدثنا عنه ، وإذا كانت قد تحدثت عن الديمقراطية فلا أعتقد أن هنالك تنظيم يطمح في مثل الديمقراطية البريطانية لأنه إبتداءاً لا يمارسها داخله ولكن يمكن القياس على ديمقراطيات مثل ما هو متاح في عدد من دول أفريقيا ، والذين يريدون من اسياس أن يتراجع هم يطلبون منه نقداً ذاتياً ، ولم يتجرأ حتى الآن قيادي في المعارضة ليمارس نقداً ذاتياً وكل الفارق بينه وبين اسياس أن اسياس يدير سلطة وبالتالي لمواقفه تأثيرات مباشرة على دائرة أوسع مما هي متاحة لقادة المعارضة .منطلقين من ذلك رغم كثير من الظروف الدولية والإقليمية المشجعة على التغيير إلا أن الأفق شبه مسدود حتى لوحدث التغيير في مثل هذه الظروف ، وبالتالي فإن الحل رغم انه معقد جداً ولكنه يبدأ من ممارسة نقد ذاتي داخل التنظيمات والقيادات ، ومن بعد ذلك توضع كل الاتهامات التي لم تثار أثناء الجلسات الرسمية لمؤتمر التحالف وبدأت تطل بعض انفضاضه في ظاهرة نفاقية لم تعرفها التجارب السياسية المشابهة ـ إذ كان المؤتمر يشير إلى أن الجميع بخير وأنهم متجاوزين للصغائر ومتسامين على الضغائن ـ ولكن اتضحت الحقيقة في أقل من شهر واحد عندما أصبح الآخر هو الشيطان في تنويرات الكتل والتنظيمات وهو ذات الآخر الذي كان في المؤتمر عندما كان كل شيء قبل موضوع القيادة ـ تمام التمام ـ ولكن هل يمكن أن نهمس في أذن القيادات كمدخل للحل بأن مسئوليتهم هي بدرجة أولى تغيير النظام وإقامة نظام انتقالي ومن ثم طرح برامجهم على الشعب لذا عليهم أن لا يقلقوا كثيراً حول تفاصيل برامجهم ولكن عليهم أن يقلقوا حول وسائلهم للتغيير وهي الأجندة الوحيدة التي تستحق منهم العصف الذهني إذ لايزال النظام لا يشعر بوجود المعارضة بقدر شعوره بالمعارضة العالمية الممثلة في المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان وحريات الصحافة وهي المعارضة الوحيدة التي تقلق النظام ، فمتى تتوصل إلى المعارضة إلى وسيلة لا تؤلم النظام فذلك ما لا تستطيعه ولكن فقط تجعل النظام يشعر بوجودها وذلك اضعف الإيمان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى