حوار مع السيد أحمد محمد ناصر – مسئول العلاقات الخارجية للتحالف الديمقراطي
27-Oct-2005
التحالف
أجرى إعلام التحالف الديمقراطي الإرتري مع الأخ أحمد محمد ناصر مسئول العلاقات الخارجية للتحالف الديمقراطي الإرتري حوارا شاملا حول العديد من القضايا والتطورات السياسية الإرترية على صعيد المعارضة والنظام ، وحول عودة التوتر الحدودي بين إرتريا وأثيوبيا وقراءاته له ، ونتائج الاجتماع الدوري الثاني للقيادة المركزية للتحالف الديمقراطي الإرتري ، وحول جولة وفد التحالف لأوربا ،
بالإضافة إلى مسألة اللاجئين كإفراز للواقع السياسي الراهن في إرتريا ، والأولوية التي يوليها التحالف لهذه القضية…………………….. وإلى مضابط الحوار : ـ عاد شبح الحرب الحدودية بين إرتريا وأثيوبيا مرة أخرى عقب عدد من الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإرترية وأدت إلى عرقلة عمل قوات حفظ السلام الدولية ، ما هي أبعاد الإجراءات الإرترية في نظرك ، ومدى إمكانية إندلاع الحرب ؟ في تقديري أن النظام لا يملك شروط المبادأة بالحرب ، ولكن من عادة الانظمة الدكتاتورية أنها تغامر وفقا لنزاوتها وبعيدا عن منطق الأشياء والأعراف السائدة في مواجهة مثل هذه القضايا . فالنظام الإرتري يعرف بالتأكيد قبل غيره أنه غير مؤهل لاستعادة الأراضي الإرترية بالقوة . وإنما يهدف النظام في أحسن الأحوال من وراء إثارة التوتر هذا تحريك الجمود الدولي حول مسألة الخلاف الحدودي بين البلدين من جانب ، ومن جانب آخر لتجيش الشعب بحجة الدفاع عن السيادة الوطنية ليحول دون استنهاضه في مواجهة النهج الدكتاتوري . أوربما يتوهم بأن الحكومة الاثيوبية تعاني من الضعف أمام تنامي قوة المعارضة الأثيوبية . وعلى أية حال أود أن أنبه إلى أن اشعال الحرب في الوقت الحاضر على الرغم من عدم توفر شروط خوضها من الجانب الإرتري ، ليس له غاية أو تفسير آخر سوى تخريب واستهداف يمس استقلال إرتريا وسيادتها الوطنية ، كما يعرض استقرار المنطقة لخطر محدق . وأن قرار ترسيم الحدود لا يمكن لأي من الطرفين تطبيقه من خلال استخدام القوة العسكرية أو التلويح بها ، وأن الطرف الوحيدة المنوط به هذا الإجراء هو مجلس الأمن باعتباره الجهة الضامنة لتنفيذ القرار . وإنطلاقا من هذا المنظور أناشد مجلس الأمن والمجتمع الدولي لممارسة كافة الضغوط اللازمة من أجل تفادي وقوع الحرب بين البلدين من جديد . كما أدعو الحكومة الأثيوبية للتحلي بضبط النفس وعدم الإنجرار وراء استفزازات النظام الإرتري ، وذلك من أجل مصلحة الشعبين الشقيقين والمنطقة عموما . وصل في زيارة مفاجئة للسودان في العاشر من أكتوبر 2005 م وفد النظام الإرتري ، ويحمل حسب تصريحاته مبادرة لتحسين العلاقات بين البلدين ، وفي ذات السياق أكد وزير خارجية السودان الدكتور لام أكول بأن علاقات السودان مع أسمرا في تحسن مضطرد ، ألا ترى على ضوء هذه التصريحات وعلى ضوء تجاوز السودان معظم معضلاته السياسية من مصلحته وقف التعامل مع المعارضة الإرترية وفتح صفحة جديدة في علاقاته مع النظام الإرتري حسب ما جاء في البيان الختامي الذي صدر عقب اختتام المحادثات بين الجانبين ؟ مشكلة النظام الإرتري لا تكمن في تدهورعلاقاته مع دول الجوار بقدرما تكمن في علاقاته بشعبه ، وبالتالي هي انعكاس للأوضاع الداخلية يحاول النظام اسقاطها في علاقاته مع الدول المجاورة . إن عقلية المؤامرة والمغامرة التي انتهجها النظام مع شعبه أوصلته إلى علاقات متردية على الصعيد الإقليمي والدولي ، ومحاولة إرسال الوفود إلى الخارج وإعمار العلاقات مع الآخرين لا تسعفه بأن تكون بديلا لعلاقاته بشعبه . ومن المنطق بأن النظام الذي فشل في تطبيع علاقاته بشعبه غير كفؤ في تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي والدولي . لذا كان حري بالنظام الإرتري أن يبادر لحل أزمته الداخلية كنظام وأزمة الشعب الإرتري ، فمستوى التدهور الذي بلغته الأزمة الداخلية لا تسعفه من الإلتفاف عليها عن طريق محاولة تحسين العلاقات مع دول الجوار . وفي تقديرى فإن العوامل التي تقف وراء زيارة وفد النظام للسودان تتمثل في : ـ •محاولة الخروج من حالة الضعف التي يعاني منها بسبب العزلة الداخلية والإقليمية والدولية. •إنكشاف طبيعته الدكتاتورية لدى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التي اتهمته بانتهاك حقوق الإنسان في أكثر من مناسبة . •الطلب من المعارضة السودانية وقد وصلت إلى السلطة دفع فاتورة استحقاقاتها نحوه نظير دعمه السابق لها ، ومن ثم التضييق على المعارضة الإرترية. •شعور النظام الإرتري بخطر التحولات الديمقراطية التي تشهدها الساحتين السودانية والأثيوبية. •انحصار الاعتبارات الجيوسياسية لإرتريا فيما يسمي بعملية مكافحة الإرهاب . •تنامي دور قوى المعارضة الإرترية . هذه العوامل مجتمعة أشعرت النظام بخطورة أوضاعه ، ولمحاولة الخروج منها التجأ إلى تهدئة الوضع مع السودان في ذات الوقت الذي يثير فيه التوتر مع أثيوبيا بغية إلهاء الشعب الإرتري الذي يعاني من تدهور إقتصادي مريع نحو مسألة الحرب مع أثيوبيا بحجة الدفاع عن السيادة الوطنية لدفعه بعيدا عن شواغله واهتماماته الحياتية الضاغطة التي بدورها تنعكس على بقاء النظام واستقراره . فيما يتعلق بالسودان بصرف النظر عن التصريحات التي تصدرمن هنا أو هناك ليست لدينا خشية من أن ينقلب موقفه ضد المعارضة الإرترية رأسا على عقب لصالح النظام ، وذلك أولا لأن حكومة الإنقاذ في السودان جربت العلاقة مع النظام الإرتري وعلى حساب المعارضة الإرترية غير أن النظام الإرتري كافأها بافتعال المشاكل وتأزيم العلاقة ، وبالتالي ومن خلال تجربة عملية وفهم ناضج لطبيعة النظام الإرتري انحازت الإنقاذ إلى خيار الشعب الإرتري في الديمقراطية والسلام والاستقرار ، وثانيا المعارضة السودانية التي يعلق عليها الآمال النظام الدكتاتوري في إرتريا لتكون جسر التواصل بينه وبين حكومة الوحدوة الوطنية في السودان كانت تناضل هي الأخرى من أجل إرساء الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان ، وهي ذات المبادئ والأهداف التي تناضل في سبيلها تحقيقها المعارضة الإرترية في بلادها . في تصريح نصب إليك مؤخرا قلت : أن زيارة الوفد الإرتري للسودان هي فرصة مواتية للنظام لفك عزلته الإقلييمة والدولية ، كيف تكون هذه الزيارة فرصة لفك عزلة النظام؟ لم أقل ” أن زيارة الوفد الإرتري إلى السودان فرصة مواتية لفك عزلة النظام الإقليمية والدولية ” ، بل كلما قلته في هذا الصدد هو أن زيارة وفد النظام تأتي في سياق محاولاته لفك العزلة الإقليمية والدولية التي من صنعه ، وإنما الجهات التي نقلت التصريح لم تدقق فيه مما أحدث لبسا فيه. قمت بجولة إلى عدد من الدول الأوربية بعد الاجتماع التأسيسي للتحالف الديمقراطي الإرتري ، ما هي نتائج تلك الجولة ؟ عقب اختتام الاجتماع التأسيسي للتحالف الديمقراطي الإرتري ، اجتمع المكتب التنفيذي وقام بوضع خطة عمل لإنفاذ البرنامج المرحلي الذي أقرته القيادة المركزية للتحالف ، وفي هذا السياق تم تكليفى للقيام بجولة إلى دول أوربا ، وكانت للمهمة بعدين ، البعد الأول إجراء اتصالات بالدول الأوربية والمنظمات الإنسانية وشرح الأوضاع المأساوية التي تمر بها بلادنا في ظل النظام الدكتاتوري وأوضاع اللاجئين ومن جهة ، ومن جهة أخرى توضيح أهداف التحالف الديمقراطي الإرتري لتلك الجهات، أما البعد الثاني فكان يتمثل في عقد لقاءات جماهيرية موسعة بغية شرح ما تم إنجازه على صعيد التحالف الديمقراطي الإترري ، والعمل على إعادة الهياكل التنظيمية لفروع التحالف في تلك البلدان . وعلى ضوء ذلك ترأست وفد التحالف لكل من ألمانيا ، فرنسا ، هولندا ، انجلترا والسويد ، حيث أجرى الوفد عددا من اتصالات مع المسئولين في وزارات الخارجية ، كما قام الوفد بزيارة مقر البرلمان الأوربي في استراسبورغ بفرنسا ، حيث سلم هذه الدول مذكرات وميثاق التحالف الديمقراطي الإرتري . مجمل هذه اللقاءات كانت تهدف إلى بلورة الوضع المتردي القائم في إرتريا ، وشرح أهداف المعارضة الإرترية ممثلا في التحالف الديمقراطي الإرتري بالإضافة إلى شرح معاناة اللاجئين الإرتريين . وقد لمس الوفد جدية تعاطي تلك الجهات مع ما طرحه ، كما أن تلك الجهات أجمعت على سوء الأوضاع الإنسانية في إرتريا والتأكيد على أن الشعب الإرتري يواجه مخاطر حقيقية نتيجة سياسات النظام الدكتاتوري . وإزاء ذلك أري من الأهمية بمكان ضرورة مضاعفة الجهود والإرتقاء بأدائنا حتى ندفع تلك الدول إلى تبني موقف داعمة لنضالنا الديمقراطي . كذلك أجرى الوفد لقاءات مع منظمات معنية بقضايا التنمية واللاجئين حيث أبدت استعدادها لدراسة أوضاع ومطالب اللاجئين الإرتريين . أنهت القيادة المركزية للتحالف الديمقراطي الإرتري اجتماعها الدوري الثاني ، ما هي أهم القضايا التي تناولها الاجتماع ، وأهم القرارات التي خرج بها ؟ الاجتماع التأسيسي للتحالف الديمقراطي الإرتري في مارس الماضي وقف على تجربة التحالف الوطني الإرتري السابق وعمل على تلافي القصور سواء في الميثاق أو النظام الأساسي أو إقامة الهياكل القيادية ، وإجمالا أستطيع القول أن التحالف الديمقراطي الإرتري استطاع إلى حد ما تجاوز القصور في التجربة السابقة وخاصة على صعيد البنية التنظيمية والهياكل القيادية ، وبعد ذلك وضع خطط عمل مرحلية على مختلف الأصعدة لستة أشهر التالية . وبالتالي فإن الاجتماع الدوري الثاني للقيادة المركزية للتحالف الديمقراطي وقف على جملة ما أنجز من البرنامج المرحلي خلال الستة أشهر الماضية ، وعلى ضوء ذلك اتخذ المواقف التي تعمل على تعزيز الإنجازات وتلافي السلبيات في المرحلة القادمة. كذلك اتخذت القيادة المركزية عددا من القرارات من أهمها معالجة الإشكالات داخل تنظيمات التحالف بالحوار الديمقراطي ، واستخدام كافة الوسائل النضالية في مواجهة النظام الدكتاتوري ، والتنسيق فيما بين التنظيمات التي لديها أجنحة عسكرية ، والسعي لخلق أرضية تنقل هذه الأجنحة في المستقبل إلى جيش وطني ، وإعادة التأكيد على مبدأ الحوار مع النظام . وحول النزاع الحدودي بين إرتريا وأثيوبيا أكدت القيادة المركزية على عدم عدالة قرار التحكيم ، ولكنها أقرت في نفس الوقت بإلزاميته للطرفين ، ومن ثم دعتهما لحل المشكلات التي تعترض تطبيقه عبر الحوار ، وبخصوص اللاجئين ونظرا لتزايد أعدادهم ومعاناتهم أكد التحالف سعيه من أجل تخفيف معاناتهم والدفاع عن حقوقهم والتعاون معهم وفق إمكانياته ، وبخصوص قوات الدفاع الإرترية أمن التحالف على أنها ستكون جزءا من الجيش الوطني ، وفيما يتعلق بعلاقاتنا مع الشعوب والحكومات الإقليمة دعى الاجتماع مواصلة الجهود التي بدأها التحالف في هذا الإطار بغية تدعيم الاستقرار وتطوير التعاون والمصالح المشتركة في المنطقة على قاعدة احترام القرار السياسي المستقل لكل طرف . لماذا اتخذ التحالف قرارا بتعليق عضوية بعض تنظيماته الأعضاء ؟ قبل كل شيئ أود أن أؤكد أننا في التحالف الديمقراطي الإرتري لا نستصغر دور أي طرف بغض النظر كان شخصا أو تنظيما ، ولكن التعامل مع أي طرف سياسي يجب أن ينطلق من الأسس التي أرتضيناها جميعا في النظام الأساسي فيما يتعلق بمعايير اكتساب العضوية في التحالف . وانطلاقا من معايير العضوية هذه ، فإن التنظيمات التي أعلنت الوحدة فيما بينها عبر مؤتمر مشهود ، وجدنا وعلى الرغم من إعلان الوحدة الاندماجية وقيام تنظيم واحد ، إلا أنها تعيش خلافات وغياب التفعيل لمؤسسات التنظيم الجديد ، فأصبح التحالف أمام خيارين إما الإعتراف بحزب المؤتمر الإرتري على علاته ، أو العودة إلى ما قبل إعلان الوحدة وقبول أطرافه بوضعيتها التي كانت عليها قبل المؤتمر ،، وبعد نقاش مستفيض رأي الاجتماع عدم جدوى القبول بأحد الخيارين ، ولذا رأى من الأصوب تبني خيار ثالث وهو تعليق عضوية حزب المؤتمر الإرتري إلى حين حل أوضاعه الداخلية. أقر الاجتماع الدوري الثاني للقيادة المركزية للتحالف إتباع كافة الوسائل لإسقاط النظام الدكتاتوري بما فيها الوسائل العسكرية ، هل الهدف من القرار إكساب المشروعية للعمليات العسكرية التي تقوم بها التنظيمات ، أم للتحالف نية في إقامة جناح عسكري ؟ من الناحية المبدئية يؤمن الكل على اتباع كافة الوسائل المتاحة في مواجهة النظام الدكتاتوري بشرط توفر الشروط اللازمة لذلك حتى تساهم بصورة ناجعة في تقصير أمد النظام . ولكن التباين قد يبدو في تقدير الموقف . فمنذ الاستقلال دعت المعارضة الإرترية النظام إلى الحوار لحل الأزمة السياسية الإرترية ، إلا أن النظام لم يعر أدنى اهتمام لتلك الدعوات ، وكرد فعل لهذا الصدود من قبل النظام قررت بعض التنظبيمات إلى إنشاء أجنحة عسكرية فضلا أن بعضها كانت لها أجنحة عسكرية باعتبارها امتداد لفصائل الثورة الإرترية المسلحة ، وارتأت تلك التنظيمات مقارعة النظام بأسلوب القوة لقناعتها بأنه هو الأسلوب الوحيد الذي يفهمه النظام الدكتاتوري الرافض لمنطق الحوار . ولكن بالرغم من وجود عدد من الأجنحة العسكرية التابعة للتنظيمات إلا أنها لم تفلح في تسديد ضربات عسكرية موجعة للنظام طوال العشر سنوات الماضية ، وهذا بالطبع له أسباب موضوعية وذاتية ، ولتجاوز ذلك كان تنظيمنا يطرح تصورات واضحة ومحددة حول هذه المسألة تنطلق من إيماننا الراسخ بإمكانية التعددية السياسية ووحدة القوة العسكرية ، وذلك لتجنب المخاطر التي يمكن أن تسفر عنها مثل هذه الأوضاع في واقعنا الإرتري . وفي الاجتماع الأخير للتحالف الديمقراطي الإرتري تم تداول هذه القضية باستفاضة وخلص الاجتماع إلى ضرورة إبعاد اللبس والغموض عن صيغة القرار السابق حول هذه المسألة إذ تعرض للتأويلات والتفسيرات المتباينة والتي أدت في محصلتها النهائية إلى تعميق الخلافات بين تنظيمات المعارضة من ناحية ، ومن ناحية أخرى صبغ القرار على أساس ” اتباع كافة الوسائل النضالية لإسقاط النظام الدكتاتوري ” مع السعي لإجراء حوار جاد ومسئول بين تنظيمات التحالف لبناء الجيش الوطني من الأجنحة العسكرية على أن تخضع هذه المؤسسة لاستراتيجية موحدة . ألا يعد إقرار التحالف الديمقراطي الإرتري مبدأ الحوار مع النظام تهافتا ومرونة زائدة وغير مبررة إزاء نظام يرفض الاعتراف بالمعارضة ناهيك قبول الحوار معها ؟ يعتبر الحوار الوسيلة المثلي التي يمكن من خلالها لطرفين أو لأطراف تجاوز الخلافات والأزمات السياسية بصورة مرضية وصولا بها إلى نتائج تكتسب الديمومة والإستقرار ، وبالتالي فإن قناعة التحالف بمبدأ الحوار لا يخضع لرغبة أو اعتراف النظام من عدمه ، بل هو قرار أصيل ينبع من إرادة التحالف وإدراكه لمسئولياته تجاه شعبه وبلاده ، وهذا مبدأ لا يخضع للمساومة والمراوغة . إذا وبصرف النظر عن اعتراف النظام بنا أو بالحوار ، وبغض النظر عن قوة النظام وضعفه ، فإننا لا نتردد في كل الظروف في الجلوس مع النظام لحل الأزمة السياسية عبر الحوار وبهدف الوصول إلى اتفاق سياسي تتحدد آلياته ومراحله بغية تسليم السلطة للشعب . صحيح أننا نملك تجربة طويلة مع هذا النظام وفكره السياسي الذي جوهره التسلط والإستبداد وعدم التسامح مع الرأي الآخر. لكن وفي الوقت نفسه نشعر بمسئولياتنا تجاه قضايا شعبنا وبلادنا المتمثلة في الديمقراطية وسيادة القانون وصيانة حقوق الإنسان وقيام سلطة تنبثق من إرادته الحرة ، ترسي أسس العدل والمساوة والتنمية المتوازنة بين مكونات شعبنا الاجتماعية وأقاليمه الجغرافية. نقول ذلك ونحن ندرك بأن خلافاتنا ليست مع الأفراد بقدر ما هي مع سياسات النظام ونهجه في إدارة البلاد . كما أن الحوار لا يعني بالضرورة تبرئة ساحة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم في حق هذا الشعب وعلى حساب المتضررين ، بل يتم معالجة ذلك في سياق المؤسسات العدلية التي تقوم في ظل النظام الديمقراطي والتي تأخذ كل مجرم بجريرته . تشهد الأوضاع في إرتريا منذ فترة انهيارا تاما في مختلف مناحي الحياة ، ويعيش النظام عزلة إقليمية ودولية ، غير أنه لم يتأثر بعد بتلك الأوضاع ، ما سر ذلك في نظرك ؟ هناك عدد من العوامل أسهمت في هذا الواقع ، العامل الأول أن الثورة الإرترية عبأت الجماهير الإرترية خلال مرحلة التحرير على كيفية انتزاع الاستقلال الوطني ، ومن ثم عندما تحقق الاستقلال تم تضخيمه كحدث تاريخي هام بصورة حجب معه ما بعده ، وبالتالى تصوير الاستقلال بهذه الصورة شكل أحد المعضلات التي واجهها الشعب الإرتري عندما التفت إلى بناء الدولة الإرترية ونظامها السياسي عقب الاستقلال ، بل والأسوأ من ذلك ساد إنطلاقا من ذلك شعور لدى قطاع عريض من الإرتريين بأن الحديث ضد النظام موجه ضد استقلال إرتريا أو أنه بحث عن السلطة ، ولكن بالطبع انكشف الأمر الآن أمام هؤلاء بسبب ممارسات النظام الدكتاتوري وسياساته . العامل الآخر ألة الدعاية الإعلامية الغربية التي أبرزت بعض قادة الأنظمة في أفريقيا وأسياس أفورقي ونظامه واحدا منها كأنها ” المنقذ ” لأفريقيا ، وتم تسويق تلك الانظمة على أنها النموذج الذي يجب أن يحتظى في إرساء أسس السلام والتنمية والنهضة على الصعيد الإفريقي. العامل الثالث ، سيطرة أسياس وسدنته عبر جهاز أمن قمعي يأتمر بأمر أسياس وحده فيما أبعدت العناصر التاريخية التي أسهمت في بناء الجبهة الشعبية . العامل الرابع والأخير ضعف المعارضة الإرترية ، هذه العوامل سواء كانت مجتمعة أو منفردة أعطت المجال لاستمرار النظام رغم ضعفه. قضية اللاجئين الإرتريين صارت من القضايا المطروحة بقوة وفي تفاقم مستمر في ظل تزايد أعدادهم بسبب سياسات النظام الدكتاتوري من جهة ، ومن جهة أخري بسبب تخلي المفوضية السامية عن معظمهم عقب ما أسمته الفحص القانوني ، أين يقع هذا الملف من أجندة التحالف في الوقت الراهن ؟ قضية اللاجئين هي ضمن الملفات ذات الأولوية لدى التحالف ، ومعروف أنها قضية شائكة وذات أبعاد سياسية واجتماعية ، فاللاجئون ينقسمون إلى قسمين ، قدامى عاشوا في السودان لعقود وهم الذين لجأوا إبان الاحتلال الأجنبي لإرتريا ، ويتعرضون اليوم إلى إهمال من مؤسسات الأمم المتحدة بحجة انتفاء الأسباب التي دفعتهم للجوء بعد الاستقلال ، وذلك على الرغم من إدراكها للمخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها إن هم عادوا إلى إرتريا في ظل النظام الدكتاتوري ، ومن ثم ابتكرت ما أطلق عليه الفحص القانوني عندما قررت إعادة النظر في وضعيتهم القانونية كلاجئين وبهذه الطريقة تخلصت أو بالأحرى تنصلت عن مسئولياتها تجاه قطاع واسع من اللاجئين في السودان .. ولكن نأمل أن تصدق التصريحات التي سمعناها مؤخرا عن بعض المسئولين في المفوضية السامية للاجئين والتي تشير إلى أنها ستعيد النظر في قرارها القاضي برفع الدعم والحماية عن اللاجئين الإرترين في السودان والذي سبق أن اتخذته وفقا لعملية الفحص القانوني الذي أشرنا إليه آنفا . وقسم آخر من اللاجئين هم أعداد الشباب الزاحف نحو دول الجوار بعشرات الآلاف هربا من قمع النظام الدكتاتوري في الوقت الحاضر ، وهم الذين كنا نعول عليهم في المساهمة في بناء إرتريا المستقبل نظرا لما يتمتعون به من طاقات مادية وتحصيل علمي . والتحالف الديمقراطي الإرتري إدراكا منه لأبعاد هذه المشكلة تحرك لدى الدول المجاورة والبلدان الأوربية والمنظمات ذات الصلة بقضايا اللاجئين لطرح قضيتهم من ناحية لإعادة الوضعية القانونية للاجئين الإرتريين في السودان ، وتوفير الشروط التي تؤمن الحقوق القانونية والإنسانية للاجئين الجدد من الشباب من ناحية أخرى . وفي هذا الصدد لم نواجه صعوبة لدى الجهات التي التقينا بها في تفهم هذه المشكلة . ولكن بحكم أن دعم التحالف لقضية اللاجئين ينحصر في الأساس في المسئولية السياسية ، فإنه ـ أي التحالف ـ يحث اللاجئين على إقامة كيان مدني يضطلع بقضياهم من كافة مكوناتهم الإجتماعية ودون تدخل من قبل القوى السياسية حتى يتسني لهم عرض قضاياهم أمام الجهات والمنظمات الدولية المعنية بقضايا اللاجئين وحقوق الإنسان بصورة ملائمة . التحالف الديمقراطي الإرتري – مكتب الإعلام