مقالات

المناضل الجسور إدريس أباعري بقلم/ محمد نور أحمد

11-Apr-2018

عدوليس ـ ملبورن

الكثيرون لايعرفون إسم والد المناضل المغيب إدريس أباعري فك الله أسره وأسر رفاقه ، لأنه أشتهر بإدريس أباعري الإسم الذي يوقع به في كتاباته وينادى بع بين رفاقه ويقدم به في الندوات التي يشترك فيها.وأباعري مفردة من لغة الساهو وتعني أسرة أو عائلة.

ولد إدريس أباعري في إقليم سمهر ولكن هنالك من يقول أنه من مواليد مدينة ” قندع” المتاخمة لأقليم سمهر ، وغير معروف لدي تاريخ ميلاده، لكن بالتأكيد ان ذلك مدون في وثائقه الخاصة التي لم أطلع عليها، ولم أفكر في ذلك.
وإدريس أباعري متزوج وله أبنه إسمها بلقيس وكانت بين السابعة والثامنة من العمر عندما تم إعتقاله أو تغيبه في عام 2001م وهو نفس العام الذي تم فيه إعتقال مجموعة الـ ( 15) وكذلك الصحفيين وأغلقت فيه الصحف وتم تعليق الدستور.
إلتحق إدريس أباعري بجبهة التحرير الإريترية في فترة القيادة العامة من بداية سبعينات القرن الماضي، وعند إنقسام قوات التحرير الشعبية عن الجبهة إنحاز إليها . وعند إنقسام قوات التحرير الشعبية بدورها إلى جناحي اللجنة الإدارية والبعثة الخارجية إنحاز للأولى والتي تطورت لتحمل مُسمى الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا.
عند إلتحاقة بالميدان كان يتقن القراءة والكتابة باللغة العربية ومن خلال قرآءته المتواصلة وسع دائرة معارفه وكون ثقافة عامة واسعة . أجاد لغة التجرنية وكان من خيرة المترجمين من وإلى اللغتين ، كما كان من المبرزين في دروات اللغة الإنجليزية التي نالها ببريطانيا بعد التحرير وذلك ضمن إحدى الكوراسات التي كانت تنظمهالاحكومة الجبهة الشعبية لكوادرها.اصيب أباعري بالإعاقة بإصابة مباشرة في الظهر عندما إنزلق في منحدر حجري وهو مقاتل بالميدان فنتج عن ذلك صعوبة كبيرة في الحركة، فكان يتكأ على عصى إلا انه وبقوة إدراته إستطاع تعلم قيادة السيارة والتي كانت وسيلته للتنقل.
عمل في فترة الكفاح المسلح جنديا مقاتلا ثم تدرج في جهاز أمن الثورة ثم تم تسميته مندوبا للتنظيم في مدينة بورتسودان ، وبعد التحرير عين مسؤولا عن الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية، ثم مديرا لمكتب العمل.
أهتم إدريس بالكتابة والتدوين وكتب عدد من المقالات باللغتين العربية والتجرنية في صحيفة ” إريتريا الحديثة” ، كما ألف كتابا عن الإسلام السياسي في إريتريا،وكان له سبق السبق بإصدار أول مجموعة قصصية بعد التحرير.
كان إدريس من أصحاب الرأي القائل بعدم وجود لغة رسمية وفقا لقرار اللجنة الإدارية لقوات التحرير الشعبية في إجتماعها بمنطقة ” شمال بحري ” في أغسطس 1975م على إعتبار ان اللغات الإريترية متساوية ، وإتخاذ لغة رسمية يحول دون تطور بقية اللغات وان يتم التعليم في المرحلة الإبتدائية بما سمى باللغة الأم وهو المنهاج التعليمي الذي تتبعه الآن حكومة اسياس افورقي الآن وقد طبق عمليا عندما تولى عثمان صالح وزير الخارجية الحالي مقاليد وزارة التعليم العام في عام 1995م خلفا للوزير المغيب براخي قبر سلاسي الذي رفض تنفيذ المشروع لأن الشعب الإريتري لن يقبل به فتمت أقالته من الوزارة، وهو الآن مغيب قسرا ضمن عدد كبير من الوزراء، ولا يُعرف ان كانوا على قيد الحياة.
إدريس أباعري فك الله أسره كان من المدافعين عن هذا الرأي والمنهج ، وكان من المتمسكين باللغة التجري ولكن عندما عين مديرا لمكتب العمل صدم بالطريقة التي يتم التعامل بها مع خريجي الجامعات العربية. فقد رفضت مؤسسة الدولة إستيعابهم لأنهم لا يتقنون التجرنية. وحدث ان جاء لمكتبه ذات يوم أحد خريجي كلية الهندسو الكهربائية من جامعة ليبية وقد كان قد رفض طلبه الذي تقدم به لهيئة الطاقة الكهربائية بأسمرا ، فأخذه أباعري بسيارته إلى ذات المؤسسة ووجه لمديرها سؤال : من الذي قال ان التجرنية هي لغة البلاد الرسمية ، ثم ان الهندسة مهنة فنية ولا تحتاج لممارستها لغة معينة لذا طلب منه رسميا قبول الطلب، وهذا ما حدث دون أي جدل.كانت تلك بداية مرحلة جديدة من توجهه السياسي، فقد تمسك بعدها برسمية باللغتين العربية والتجرنية ، وكان من أوائل من بادروا بإعلان هذا الموقف من قيادات وكوادر الجبهة الشعبية ودافع عن موقفه هذا في مختلف المناسبات ذات الصلة بهذا الموضوع ، وعندما تكونت مجموعة الـ ( 15) كان من أوائل الذين دعموها في طلبها بتفعيل الدستور الذي تمت إجازته من قبل المجلس الوطني ( البرلمان) في العام 1997م وكان من المنادين بفكرة لجنة لإستفسار مجموعة الـ ( 15) عن موقفهم من اللغتين في البلاد ووضعت مذكرة بهذا الخصوص وقام بترجمتها إلى التجرنية وتم تسليمها للوزير حينها المغيب الآن صالح كيكيا والذي عرضها بدوره على المجموعة فوافقت عليها وكان ذلك شرط اللجنة لدعم مجموعة الـ( 15 ) الإصلاحية.
ان من أهم التي نادى بها أباعري منفردا أو ضمن مجموعته كان إقامة نظام ديمقراطي وإستخدام وتعزيز اللغتين العربية والتجرنية وهذا ما يرفضة اسياس افورقي وزمرته، لذلك كله يدفع إدريس اباعري اليوم ثمنا باهظا من عمره وصحته المعتلة أصلا ، ولم تشفع له إعاقته التي لا تسمح له حتى قضاء حاجته إلا على مرحاض مزود بمقعد وهو ما لا يتوفر قطعا في معتقلات اسياس افورقي.إدريس أباعري كمناضل وطني من أجل الإستقلال وكمثقف ديمقراطي يستحق وقفة إجلال وتحية ملؤها الإحترام والتقدير، وان يوضع إسمه ضمن قائمة أبطال الثورة والشخصيات الوطنية الكبيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المحرر الإسم الكامل هو إدريس سعيد أباعري .. صدرت مجموعة قصصية باللغة العربية بعنوان ” عظام من خزف” من القاهرة ، وقدم لها القاص السوداني عادل القصاص وكانت أول مجموعة قصصية تصدر بعد التحرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى