مقالات

فكان…المؤتمر ! :دبساي

17-Aug-2011

المركز

إذا ما قيست الأمور بخطورة التهديد الذي تحتويه، فالمحاذير التى يواجهها الوطن ليس سهلة كما يتصوره البعض منا!، لها جذور حافلة بالشواهد نتجت عنه حالة من عدم القدرة على التمييز بين الأمور! الأجواء على الصعيد الإرتري حبلى بالكثير من القضايا الساخنة والمفاجآت، فعلى صعيد المعارضة وعدم التوافق الذي تتعرض له، في إنشاء منهجية مقنعة كلها معطيات تشير الي عدد من الاحتمالات الغير مبشرة بالخير، والمتعلقة بمستقبل الشعب الإرتري.

في إعتقادي لم تعد الأزمة الأخيرة قابلة للإنصات لصوت التوافق كما يتوقعه البعض، ولم يعد يدرج هذا الصراع بعد اليوم إلى فهم ” صراع من أجل مزيد من الانفتاح على كل المستويات أو اختلاف في نوعية وسيلة التغيير” لأن معظم مشاريع المعارضة أصبحت مرهونة بقرار قد لايعني المعارضة أكثر مما يعني الأحلاف الإستراتيجية في المنطقة.وفي هذه الأجواء التي تتشابك فيها هذه المخاطر والتحديات وتتسع فيه جدلية القضايا ومعايير الحظوظ التي تستهدف الوطن وسيادته والمطروحة من عواصم مجاورة، باتت تَطرح على المعارضة الإرترية أكثر من أي وقت مضى بكل فعالياتها السياسية والمجتمعية مسؤولية التصدي لمواجهة سلبيات الوضع بكل صوره لدرء الأخطار المحتملة وقبل فوات الآوان!. للقيام بمثل هذه الجرأة ستحتاج المعارضة إلى إعادة النظر في هيكليتها وتنظيم منهجية مؤسساتها للخروج من عباءة المماطلة لتنسجم مواقفها مع المعطيات الخارجية التي تمر بها المنطقة.إستباق الفهم الإستراتيجي وملحقاته الذي امتلكه الحزب في الآونة الأخيرة، تمثل ذلك في السلوك والممارسة وما نتج عن ذلك للوصول للمؤتمر!! فكان المؤتمر. حزب الشعب، بعد مرحلة السنة والنصف! وفيها تم شبه ضبط المعيار الناظم لتفاصيل الفكر الذي تتكون منه المدرستين جبهة التحرير الإرترية التي هزمت بمؤامرات داخلية وإقليمية، والبعض، من مدرسة الجبهة الشعبية التي أسست كردت فعل، ومن ثم إنتصرت كثورة وأخفقت كدولة! هذا التلاقح بين المدرستين تم فيه التطرق للنصوص الخلافية حتى وصل أصحاب التجربتين إلى مؤتمرهم التوحيدي وأعلنوا حزبهم. يَلحظ المرء، ما تحقق في هذا الشأن لم يتم في أيام معدودة ولم يتحقق بشكل عفوي وتلقائي، بل مره بإرادة سياسية قوية وما يرافق ذلك من تدابير تصحيحية وتعبوية، تؤهل مختلف مكوناتهم للإنخراط في المرتقب الإرتري الجديد. أما بالنسبة لمسببات الخلاف وحالة المد والجزر المرافقة له، شبه تجاوزها المؤتمرون، من خلال تقديم كل طرف التنازل في حدود المعقول للطرف الآخر، من أجل تحقيق مبدأ تقريب وجهات النظر العملية بين المدرستين، وهذا ما تستخلصه في النقاش معهم.نعم، المشروع لم يكن هلامي! بحيث تذروهو عواصف خلاف مرتقبة، بل جاء لتطبيق إستراتيجية البديل، بعد أن مر عبر مرحلة تكتيكية عاصفة وصلت في بعد الأحيان إلى الإنشطار. وفي تجاذب الحديث مع كوادر المدرستين، تحث بأنهم تقريباً قد تجاوزوا مرحلة التقييم التي تستند على قاعدة الواقع الملموس وتحليله من وجهة نظر انتقادية، وشبه تمكنوا من تحديد أهدافهم، وحددوا مهامهم. سألت أحد التنفيذيين فأجاب قائلاً: بات من المحتم ان تعيد المعارضة الإرترية بفصائلها وأحزابها وقواها، مراجعة مهامها ووسائل نضالها للتغيير للمرحلة التالية، لأن المرحلة بكل سلبياتها وتعقيداتها إن لم يقرأها المرء بطريقة جدية قبل وأثناء التعامل معها، سنجد انفسنا اسرى الجمل الثورية الرنانة الفارغة التي لا توصلنا الا لطريق المغامرة العاجزة عن تحقيق اي انتصار لقضية الشعب، وذلك يعتبر ضرباً من الانتحار السياسي.بالرغم من أن الحزب من التلاقح … للتأسيس، لم تتجاوز الفترة الميكانيكية التي قضاها أكثر من السنة والنصف، إلى أن كل الدلائل تشير بأن الحزب يتمتع تقريباً سياسياًً واجتماعياً بشخصية اعتبارية، ومقتضيات المرحلة حتماً يدركها! فعند تجاذب أطراف الحديث مع مختلف الشرائح التي شاركة في المؤتمر تتضح للمتلقي والمراقب رؤيا ممكن أن تُحصر في عدت نقاط: 1/ يقوم الحزب على وحدة فهم سياسي واجتماعي هيئوا أفكارهم بموجبها للإسهام بجدية في متطلبات المرحلة والتى تتمثل في الدولة الإرترية المرتقبة، كحزب شبه ليبرالي ميال لليسار الوسط، بغض النظر عن التجربة الماركسية وآثارها المتأصلة لدى البعض من عضويته. 2/ نتوقع بأن الحزب في المرحلة المقبلة سينقل العمل المعارض للتواصل مع الداخل، بتأطير سياسي عبر إثارة الرأي العام التائه في الداخل – والمهجر، من خلال إجهاض الثقافة السياسية السائدة، وخلق ثقافة سياسية واجتماعية جديدة وبمنهجية أكثر فاعلية من سابقتها، تسهم في تحقيق الاندماج بين مختلف المكونات الإرترية المتعددة، من خلال التوفيق بين المصالحة الحزبية الذاتية الطامحة لتصبح البديل، والوطنية التي أقلها أتصور بأنهم سيسعون لتنفيذها، بخلق تدابير تصحيحية وتعبوية تؤهل مختلف مكونات المجتمع لتكون جزء من مؤسسات الدولة المرتقبة.3/ نعم في منتصف الطريق وقبل عدة أشهر مضت، بدأ الحزب وهو في أواخر مرحلة طور التأسيس يعاني من حصار سياسي من معظم قوى المعارضة السياسية الإرترية، من هنا يتجلى للناظر دون أن يبذل أي مجهود، بأن الصراع وسجاله المؤثر في داخل مؤسسات الحزب قد طوية صفحاته في هذا المؤتمر! ولم يعد هناك أي أثر لتيار فكري يعترض في مشروعية القرارات التي اتخذتها القيادة وسبقة المؤتمر! حيث لم تناقش في التقاريرالتي قدمتها القيادة السابقة للمؤتمر، أياً من القرارات الجريئة التي تم إتخاذها، بل المؤتمر ملك هذه القرارات شرعية مطلقة، هكذا تتضح الأمور بأن الحزب يمارس عمل مؤسساتي شفاف لم نعتاد عليه، وتحسب للحزب نقلة نوعية وارتقاء بالنصوص السياسية لعمل المعرضة الإرترية لتكون رقم. هذا النسق وهذه الهرمونية التى تخطو نحو التجانس سياسياً واجتماعياً، حتماً ستساعد الحزب ومؤسساته، وبالذات القيادات والقواعد الشبابية المؤطرة، لصياغة مستقبل في أسس البناء لمشاريع التغيير التي يسعى لها الكل! نعم للحزب رؤية إصلاحية لا تتوقف عند النص ” المعارضة الإرترية ” وإن كانت تنطلق منها، لكنها تنتج حالة سياسية جديدة أكثر نضجاً، وحالة اجتماعية وشعبية أكثر وعياً وحرصاً على المبادئ التي كان من المفترض أن تقوم عليها الدولة الإرترية، والتي كان بموجبها تراعى الإنسان الإرتري وتحفظ حقه في حياة مكفولة بالديمقراطية والعدالة والمساواة، وهذا هو التوافق الوطني بكل المعايير.أظن من السابق لأوانه الحديث عن الفكر الذي سيعتنقه وسيمارسه حزب الشعب في المستقبل القريب، نعم هناك خارطة طريق في جعبة القيادة بدأت تلوح بها! ويأتي من ضمن تداريس هذه الخارطة على سبيل المثال، المواقف التي اتخذها الحزب من ملتقى ومؤتمر أديس، وبكل جرءة شرح موقف الحزب من الدور الذي تقوم به في الشأن الإرتري ما ما إثيوبيا ” الدولة الراعية “!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى