مقالات

لماذا تحرم الغالبية المسلمة في إريتريا من إقامة المساجد والمراكز الإسلامية ..(بقلم: محمد عثمان علي خير)

10-May-2006

المركز

*كاتب وصحفي إريتري*
لاشك أن المشروع الطائفي المأفون في إريتريا قائم منذ إعلان تأسيسه عام 1976م بقيادة “أفورقي” وتحت ما يسمى زوراً “بالجبهة الشعبية” عمل على إلغاء دور الإسلام والمسلمين في إريتريا، وكافة المعالم الإسلامية في هذا البلد الذي بني فيه المسجد الثاني بعد بناء مسجد “المدينة المنورة” في بداية الدعوة,

كما أبرزت ذلك مجلة “العربي” في الكويت وقدمت صورة ذلك المسجد للقارئ العربي والمسلم في عام 1998م, وكل من يدخل إريتريا في هذه الأيام سيذهل من محاولات التغيير الجارية، في التركيبة السكانية وفي حركة المعمار وفي معالم المدن والقرى, من أجل أن يعكس النظام للزائر الأجنبي بأن هذا البلد الغالبية فيه للمسيحية والمسيحيين, وهذا كله قائم على باطل وتعرفه المنظمات الكنسية في أوروبا، والتي يقدم لها تقارير ومعلومات كاذبة عن التركيبة السكانية ونسبة المسيحيين في إريتريا, وهم يدركون أن (المافيا الطائفية) التي تحركه يهدفون إلى الحصول على إمكانيات مادية وتبني لمشروعهم الطائفي من الحكومات الرسمية في أوروبا, وهذا ما تم رفضه والرد عليه بتجميد معظم المساعدات المادية من النظام الطائفي, منذ عام 1996م بصرف النظر عن المنظمات الكنسية في أوروبا, التي تورطت في هذا المشروع ولكنها أدركت الآن بأنها تحفر قبر المسيحية والمسيحيين في إريتريا والقرن الأفريقي, بهذه المحاولات التي ستواجه بعنف وحرب طائفية طاحنة من الغالبية الإسلامية في إريتريا وفي القرن الإفريقي بشكل عام, وأنهم يعرفون أن حماقة “أفورقي” ستدفع بالبلاد والشعب الإريتري إلى الاقتتال الأهلي المحلي, سيكون الضحية فيها السكان الأمنيين من (المسلمين والمسيحيين) الذين لا يهمهم مثل هذه التوصيفات الدينية والثقافية, بقدر ما يهمهم أن يعيشوا في أمن وسلام في وطن, يضم كل الطوائف في ظل التسامح الذي توارثه شعبنا منذ عقود قديمة, وقبل أن يبرز البطّال “أفورقي” الذي تحول إلى “بطل” في نظر الذين يعانون من قصور في الرؤية وغياب النظرة البعيدة, التي ستكون آثارها مدمرة على العنصر المسيحي, الذي يتعامل مع هذا المشروع الطائفي البغيض, هل تعلم يا أخي ما يحدث الآن في إريتريا؟.. تقوم ما يسمى “بجمعية الآثار” بتدمير المعالم والآثار الإسلامية في إريتريا, والتي حافظ عليها المستعمر الإثيوبي ولم يقم بتدميرها, كما يفعل الآن طواغيت النظام في “أسمرا”, والمعروف أن إريتريا تعتبر مركز أثري هام في منطقة القرن الإفريقي, وإننا يهمنا في هذه المقالة أن نركز على المعوقات التي يضعها النظام في بناء المساجد والمراكز الإسلامية ومنع تأسيس الجمعيات الخيرية في إريتريا, والمساجد تعتبر أهم ركيزة للمسلمين للتعبير عن عقيدتهم الإسلامية وإقامة صلواتهم وتعبدهم وتلقي العلوم وتحفيظ القرآن الكريم, وتجمع أبناء المسلمين فيها, وأن إعاقة بناء هذه المساجد يعتبر حرباً معلنة على الإسلام والمسلمين في إريتريا وتوجب إعلان الجهاد, ويمكننا أن نقدم بعض الملامح في هذا الشأن:1.لقد بدأت محاولات الجمعيات الإسلامية من السعودية والخليج العربي, للقيام بترميم المساجد والمعاهد الدينية في إريتريا منذ عام 1994م, وقدم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز”رحمه الله” 5 ملايين دولار لكي يقوم مكتب “هيئة الإغاثة الإسلامية” في أسمرا بهذه المهمة, إلا أن “بارونات المفوضية الإريترية” وضعوا كافة العراقيل في توظيف هذه المبالغ لصالح المساجد, وأخذ الأمر أكثر من عامين بين مكتب “هيئة الإغاثة الإسلامية في أسمرا” والمفوضية, حتى تدخلت سفارة “خادم الحرمين” في أسمرا وتمكنت من توظيف هذه المبالغ في ترميم المساجد, بالرغم من التلاعب الذي قامت به المفوضية في هذا الشأن, وتقدمت دولة الإمارات والكويت, والكثير من المحسنين بمشاريع لبناء المساجد والمعاهد ومراكز التأهيل, في كثير من مناطق المسلمين في إريتريا, حيث أنهم أدركوا مخاطر كثافة المنظمات الكنسية في إريتريا وجهودها لطمس دور الإسلام في هذا البلد, إلا أن الحكومة رفضت اتجاه بناء المساجد بحجة أن إريتريا في حاجة إلى تنمية ومن يريد أن يساعدها في هذا المجال فإنهم سيقبلون منه المساعدات, أما الطرف المسيحي من خلال المنظمات الكنسية يقوم ببناء الكنائس وترميمها والأموال تتدفق عليه من كل جهة, حتى أنهم بنو الكنائس في مناطق لا يوجد فيها “مسيحيين” وسوف نشير إلى ذلك, وعندما قبلت “هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية” وغيرها من المنظمات على الدخول في مشاريع التنمية عقد اجتماع في “أسمرا” عام 1995م بحضور هيئات أوروبية وتحت إشراف ما يسمى “بمفوضية الإغاثة الإريترية” تقدمت هذه الهيئات الإسلامية بتحديد مناطق في إريتريا لعودة اللاجئين من السودان, حتى يقوموا بتأهيل هذه المناطق وبناء المساكن والمدارس فيها, وطلبوا من المفوضية أن تقدر لهم المبلغ المطلوب لمثل هذا المشروع, فقدرت المفوضية مبلغ تعجيزي 280 مليون دولار ويسلم للمفوضية, فانسحبت الهيئات الأوروبية قبل الهيئات الإسلامية من هذا الاجتماع, لشعورهم أنهم يتفاوضون مع عصابات لا يمتون بصلة إلى معانات الشعب الإريتري, وانتهت علاقة هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية منذ ذلك التاريخ، وتم التنكيل بالموظفين الإريتريين اللذين كانوا يعملون فيها، مثل الأخ (علي محمد موسي وفؤاد) واعتقالهم منذ عام 1995م وحتى هذه اللحظة لا يعرف مكان تواجدهم. 2.إن الحكومة الإريترية دخلت في مواجهة كبرى منذ عام 1994م مع مسجد “الخلفاء الراشدين” في أسمرا, باعتباره أقدم مسجد قام في إريتريا وفي العاصمة “أسمرا” عام 1900م, وهو من المعالم المميزة في العاصمة وفيه مرافق متعددة, كما أن له أوقاف داخل إريتريا وخارجها قدرت بثلاثة ملايين نقفة, كما أنه كان يشرف على مدرسة الجالية العربية، ويقدم مساعدات للطلاب, وكان القساوسة الذين يشرفون على الكنيسة الكبرى ،التي تقوم على مساحة كبيرة يسعون منذ عهد الإمبراطور إلى هدم هذا المسجد من منطلقاتهم الطائفية المعروفة لدينا، للقضاء على التعددية الدينية في إريتريا, وقامت الحكومة بإجراءات متعددة، منها إحداث تغيير شامل في إدارة المسجد وتحويل اسم مدرسة الجالية العربية إلى مدرسة “أمل” وإخضاعها لبرنامج وزارة التعليم, ووضع إدارة المسجد تحت إدارة مفتي الديار الضعيف الذي يمكنه أن يوقع على كل قرارات الحكومة, وجاءت الضربة من الحكومة بمصادرة مداخيل الأوقاف التابعة للمسجد وهي ثلاثة ملايين نقفة في العام, مما سبب معانات لإدارة المسجد والإمام والمرافق التابعة له في الجانب المادي, ولازال المسجد يقف كالطود العظيم.3.هناك مأساة مسجد “كرن” التي أدارته الحكومة منذ عام 1996م بعقلية الانتقام من شعب هذه المدينة المسلم, حيث أنه كانت هناك أرض في منطقة “كرن – فورتو” بمساحة كبيرة حددت منذ عام 1969م لكي يقام فيها مسجد, وكانت حكومة الإمبراطور “هيلي سيلاسي” ملتزمة ببناء هذا المسجد أسوة ببناء مسجد “أوغردات ومصوع”, وعندما طالب وجهاء “كرن” ببناء المسجد بهذه المنطقة رفضت الحكومة واعتبرتها أحد المرافق الخاصة بها, وبعد جهد منحوا أرضاً للمسجد في موقع آخر وبمساحة أقل, في الوقت أنه منحوا أرض بمساحة 60 ألف متر لبناء كنيسة في “كرن لعلاي” والشعب في كرن مستغرب على مثل هذه المساحة التي تهدر في كنيسة لا يستفيد منها المسيحي شيئاً سوى زيارته لها في كل يوم “أحد”, ولكن هكذا يريدون أن يفرضوا وجودهم الطائفي بمثل هذه المعالم التي لا تدل أصلاً على وجودهم في المناطق الإسلامية 90% شعب “كرن” من المسلمين, وبذلت جهود مقدرة من الوجهاء والمشايخ وأهل العلم بإجراء اتصالات بالمحسنين في السعودية والخليج, وتقاطر المحسنون إلى إريتريا من أجل بناء هذا المسجد بكل مرافقه, إلا أن الحكومة وقفت لهم بالمرصاد, وفي عام 2004م قدم “محسن” من الكويت إلى “كرن” وزار المساحة والتزم ببناء المسجد, وقامت لجنة أرض المسجد بتقديمه للبلدية, والذين ردوا عليهم بأن هذا الأمر يتطلب إلى موافقة جهة عليا في “أسمرا” فعليكم أن تحملوا “المحسن” إلى هناك, وعندما التقى بالمسئولين بالمفوضية ودار الإفتاء, طلبوا منه تسليم المبلغ الخاص بالمسجد لهم فرفض “المحسن” هذا الإجراء لأنه يعلم أن هذا المسجد لن يرى النور إذا تدخلت فيه هذه الجهات المرتبطة “بالمشروع الطائفي”, وقال لهم أنه يمكن أن يوقع عقداً رسمياً مع شركات محلية إريترية ويسلمهم المبلغ, إلا أنهم رفضوا وعاد الرجل إلى الكويت وهو يحمل معانات المسلمين في إريتريا, وقبل ذلك زار إريتريا عام 1998م الشيخ “يوسف الحجي” رئيس الجمعية الإسلامية العالمية الكويتية، الذي قام ببناء معهد “كرن الكبير” في عهد الاستعمار, واعتقد أنه في عهد التحرير سيجد القلب المفتوح الذي يتفاعل مع رغبات شعب إريتريا، وتم استقباله من “أفورقي” وقدم “الشيخ الحجي” خدمات جمعيته وأبدى استعداده لبناء مسجد “كرن” بل وتعشم الشيخ في كرم “أفورقي” وطلب منه الموافقة على بناء جامعة في “كرن”, وشرطه الوحيد أن يكون هناك قسم للغة العربية في الجامعة أو تعتمد اللغة العربية بجانب اللغة الإنجليزية في هذه الجامعة, فانتفض المهووس “أفورقي” وقال لماذا تريد أن تبني بالتحديد الجامعة في “كرن” أليست هناك أقاليم أخرى في إريتريا, وكأنه يريد أن يقول له لماذا لا تبنيها لنا في إقليم “حماسين”, فانتهى اللقاء بفشل ذريع ولم يعد “الشيخ الحجي” إلى يومنا هذا إلى إريتريا, أما معانات “جمعية أفريقيا” بقيادة الدكتور “محمد سميط” وهذه الجمعية لها نشاطات إنسانية ومؤسسات ومشاريع وبناء جامعات ومدارس ومراكز تأهيل في غرب أفريقيا, وحصلت على شهادات دولية بحسن سلوكها وارتباطها بالنهوض بالإنسان ومساعدته, وزار هذا الدكتور “أسمرا” عام 1999م والتقى بالمسئولين هناك وأبدى استعداده للمساهمة في مشاريع التنمية في تقديم الإغاثات وغيرها, إلا أن نظام جمعيته قائم على الإشراف المباشر على هذه المشاريع مع التزامه الكامل بتقديم التقارير الدورية للجهات المختصة في إريتريا, إلا أن تلك الجهات المعادية لمصالح الشعب الإريتري والتي نصبت نفسها لإلحاق أكبر الأضرار به في فترة حكمها المقبور إن شاء الله, وقد صرح الدكتور “سميط” بعد عودته من إريتريا, أنه (( لا يمكن أن يسلم الإغاثات والمساعدات المادية لحكومة توزع هذه الإغاثات للجيش الإريتري الذي يقوم باعتداءاته على الدول المجاورة )) وفشلت كل الجهود التي حاولت الجمعيات والمنظمات الخيرية العربية, لمساعدة الشعب الإريتري في الداخل, إلا أنهم لا زالوا يحاولون في هذا الاتجاه, والحمد لله قد نجحت محاولة “المحسن” القطري الذي تبنى بناء مسجد “كرن” بكل مرافقه من خلال السفارة القطرية في “أسمرا” واعتمد مليون ريال لهذا المشروع, وقامت السفارة القطرية بتوقيع عقد رسمي مع شركة “سقن” وأغلق الباب أمام تدخلات الحكومة الإريترية, التي لا تريد أن تكشف عن وجهها القبيح أمام الحكومة القطرية التي تقدم لها المساعدات المتواصلة, وقد بدأت الشركة بمهمة البناء منذ أكثر من 6 أشهر, ونأمل أن تنتهي معانات أهل “كرن” ببناء هذا الصرح الإسلامي الكبير كما نهنئ أهل “سنعفي”بافتتاح مسجد “خادم الحرمين الشريفين” خلال العام الماضي . إن مأساة إريتريا تكمن في بناء الكنائس في قلب المدن الحيوية الإسلامية, في الوقت أنه ليست هناك ضرورات توجب بناء هذه الكنائس بحكم أن الكثافة السكانية للمسيحيين الإريتريين تكمن في المرتفعات الإريترية, وإذا كان هناك تواجد لهم في المناطق الإسلامية بسبب التحولات التي أحدثها النظام الطائفي فإنها لا تستدعي غزو المناطق الإسلامية بهذه الطريقة التي تعبر عن نوايا خبيثة, فمثلاً بناء كنيسة في مدينة “هيكوتا” التي لم يكن فيها أي تواجد للمسيحيين قبل الاستقلال, ولكن تم تهجير عشرات الآلاف منهم في هذه المنطقة, والذي دفع النظام إلى اقتطاع مساحة كبرى تشكل ربع المدينة وتم بناء الكنيسة بطريقة ملفتة للأنظار, وحتى تعبر عن معلم مسيحي في هذه المدينة الإسلامية الصرفة, وهذا هو نفس أسلوب حاكم “ساحل العاج” الذي عزل مناطق الجنوب الإسلامية بغالبيتها السكانية الحاسمة, واهتم ببناء الكنائس فيها ووزع الفقر والمعاناة على هذا القسم من البلاد, وبنى أكبر كنيسة في العالم تضاهي الفاتيكان, من أجل الحصول على أموال الكنائس والمنظمات ويحظى برعاية الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي, إلا أن أهل الجنوب قلبوا المائدة في وجهه وفصلوا الجنوب الغني عن الشمال, ووضعوا الغرب والكنائس الداعمة للمشروع الطائفي في ساحل العاج في موقف محرج, مما أدى إلى إعادة النظر في كل تلك المظالم, ووصل الأمر بالنظام الطائفي إلى التدخل بشكل مباشر في مدينة “حكاظ” بمساحتها المحدودة, واقتطع منها 50 ألف متر لبناء كنيسة تغير معالم المدينة, مما عرقل جهود التنمية في هذا الموقف وكذلك تم اقتطاع 25 ألف متر في مدينة “مقلو بادوب” وهناك الكثير من هذه الممارسات في المدن الإسلامية, وكل هذا يصب في دفع الصراع إلى المواجهة الطائفية داخل إريتريا, ونحن نحمل كل هذه الجرائم السياسية والتعدي عل حقوق المسلمين ليس للنظام فحسب, وإنما لمن يحاولون من المسيحيين في “التحالف الوطني الديمقراطي” بألا نطلق على “أفورقي” وجماعته بالمشروع الطائفي, ونكتفي بالقول كما قال أمين التحالف “حسين خليفة” بأنه نظام قمعي ديكتاتوري, وهم يريدون بذلك أن ينتزعوا من التحالف وغيره من المعارضة الوطنية, الاعتراف بالمؤسسات الطائفية التي أقامها نظام “أفورقي” والقبول بتدمير الثوابت الوطنية في إريتريا, ونحن نقول وبصورة جلية أن الطرف المسيحي في التحالف الوطني, إذا لم يوقع على وثيقة رسمية يعترف فيها بأن نظام “أفورقي” طائفي وغير وطني, وأن كل من شايعوه من المسيحيين, ولازالوا على هذا النهج يجب إدانتهم وإبعادهم من أي عمل وطني, لن نقبل مرة أخرى تلك الشعارات الزائفة والحركات البهلوانية التي تستعرض بها بعض القيادات المسيحية لانتزاع أكبر مكاسب في المعارضة, والتحالف مرة أخرى مع نظام التيقراي في إثيوبيا. ونحن ندعو وبكل صراحة, قبل أن تنفجر الحرب الطائفية في إريتريا, إلى عقد مؤتمر مصالحة بين (المسلمين والمسيحيين) قبل فوات الأوان, ويمكن أن تحدد صيغة هذا المؤتمر من خلال مشاركة كافة منظمات الحقوق المدنية والمفكرين والمثقفين والشخصيات الوطنية بجانب الفصائل الملتزمة بحقوق المسلمين في إريتريا والحريصة على التعايش الوطني, وبنفس المستوى من الطرف المسيحي, ويؤكد هذا المؤتمر على الثوابت الوطنية, التي تحفظ حقوق الطرفين بكل جوانبها الدينية والثقافية والقومية واحترام الخصوصيات لكل طرف, وتعتبر هذه الوثيقة ملزمة لكل طرف يكون على رأس الحكم, وفي ظل مثل هذا الاعتراف المتبادل يمكن “اعتماد الديمقراطية والتعددية” ونقبل ببروز كل الأحزاب والتيارات وليس هناك أي مانع أن يكون هناك الحزب المسيحي الإريتري, والحزب الإسلامي الإريتري..الخ لكن في ظل الالتزام الدقيق بهذه الوثيقة ومن يخرج عنها يعتبر انتخابه لاغياً حتى لو حصل على 90% من الأصوات في الانتخابات العامة.إن الأوضاع داخل إريتريا تقلقنا أمام حالة الاحتقان التي تعم كل المدن والأقاليم الإسلامية, بسبب الانتهاك الصريح لحقوقهم المشروعة وحرمانهم من التعبير عن شعائرهم الدينية في بناء المساجد, ومنع دخول مصاحف القرآن الكريم إلى داخل إريتريا والتي تبرعت بها عدة جمعيات خيرية, لتوزيعها في المساجد والمعاهد لتمكين المسلم الإريتري من قراءة الكتاب الحكيم, بل ووصل الأمر إلى مصادرة أي كتاب عربي في المطارات, في عالم أصبحت فيه القراءة والإطلاع مفتوحة أمام كل الشعوب. أخيراً… نحن ننصح “أفورقي” ومشروعه الطائفي أن يتراجعوا من هذا الطريق الذي راح ضحيته “سلوبدان ميلوسفيتش” الذي اعتقد في لحظة جنونية أنه يمكن أن يلغي شعب “البوسنة والهرسك” بتلك الآلة الحربية التي امتلكها والتفوق الذي كان لصالحه مرحلياً, ولكن كل ذلك تحطم أمام صمود شعب “البوسنة” الذين قاتلوا بالحجارة والعصا في بداية المقاومة, وتسبب هذا المعتوه في إلحاق اللعنة بقومية “الصرب” وتخلى عنهم الغرب بل وعمل على تدمير هذه الفئة التي أساءت إلى الإنسانية, أما صاحبك “تايلر” الذي كانت مهمته في البداية تدمير المسلمين ومؤسساتهم ونجاحهم في إدارة الاقتصاد في ليبيريا بدعم من نظام “ساحل العاج” الطائفي, فدفعت الكنائس هذا المجرم لتشكيل الجبهة الوطنية, وقد التقيت مرة بعدد من إخواننا المسلمين في “ليبيريا”, واطلعت على مدى التعايش الذي كانوا يتمتعون به في ظل حكم المسيحي “صمويل دو” الذي حكم ليبيريا من عام (1980-1990م) والكنائس لعبت دوراً في تدمير هذا التعايش بسبب دعمها للحركات المتمردة, وبفضل التعاون النيجيري في تلك المرحلة أصبح المسلمون في ليبيريا قوة لا يستهان بها في الوقت الحالي, أما “تايلر” وجرائمه الحربية فقد تخلوا عنه من حرضوه على القيام بمثل هذه المهمات القذرة, وتحول إلى “مجرم حرب” وهو الآن معروض على محكمة العدل, وقبل أن يحدث كل هذا أنصحك يا “أفورقي” أن ترحم الأجيال الصاعدة من المسيحيين, وألا تكون سبباً لضياعهم في حرب طائفية سيكون الخاسر الأول فيها الشعب الإريتري, ولا تراهن على الغرب وإثيوبيا حيث أن المصالح والمعادلات قد تداخلت وأصبح الغرب يقدم ضحاياه الذين ورطهم في هذه المشاريع, وأظن أنك تعيش هذه المأساة في الأيام الأخيرة. ولا نعتقد أن أمريكا وأوروبا هم الذين يمنعونك من بناء المساجد والمراكز الإسلامية, في الوقت أن أمريكا استقبلت المسلمون في بلادها منذ القرن التاسع عشر وساهمت في بناء المساجد والمعاهد والجامعات الإسلامية, هناك أكثر من 450 مسجد وعشرات الجامعات, هناك الجامعة الإسلامية في “شيكاغو” التي تلعب دوراً بارزاً في مجال التربية والتعليم لصالح الأقليات المسلمة في أمريكا, كما أن هناك معهد الدراسات الإسلامية في “ميتشيغن” وأن المساجد تحولت إلى معالم في أمريكا, أما في بريطانيا فالحديث يطول في بناء أكبر المساجد خاصة في “لندن” والمجال مفتوح لبناء المساجد في هذه البلدان الأوروبية, وللعلم بأنه بسبب عدم إقبال الأوروبيين على الكنائس خاصة في “بريطانيا وألمانيا” فإن الكنائس أصبحت تباع هناك وتحولت إلى مساجد, وكل ما نخشاه أن تهدر كل هذه الأموال والطاقات التي يبذلها المشروع الطائفي في إريتريا في بناء الكنائس ولا تجد من يقبل عليها, خاصة التي تم تشييدها في مناطق المسلمين, وسوف تتحول إلى مساجد وهذه هي النتيجة الطبيعية لمثل هذه التجاوزات على الحقائق الماثلة في واقع إريتريا الحاضر والمستقبل, وكل ما نرجوه هو أن تحاول القوى الإسلامية أن تبني تكتلاً إسلامياً واحداً وتستعد لمعاركها المعقدة والمتشابكة, مع هذا المشروع الطائفي الذي نجح مرحلياً في استخدام ثروات وطاقات الأقاليم الإسلامية, في تركيز أحلامه الطائفية المرفوضة من غالبية الشعب الإريتري.‏08‏/05‏/2006مali_kheer@yahoo.comali_Kheer@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى