مقالات

جبهة التضامن الاريتري لماذا بقلم/ حسن أسد

21-May-2009

الموقع

اأثار اعلان جبهة التضامن الاريتري ردود أفعال متباينة، في الاوساط الاريترية بين من اعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح ومن نظر اليه كظاهرة استقطاب تهدد وحدة التحالف الديمقراطي الاريتري وتدشن مرحلة تنذر بالاصطفاف الطائفي في الساحة الاريترية التي تعاني اصلا من حالة تشظي وتشرذمات سياسية واجتماعية تفرزها في المقام الاول سياسات النظام الدكتاتوري الاقصائية، ويعززها من جانب أخر تجنب قوى المعارضة الاريترية

المنضوية في التحالف الديمقراطي الاريتري طرح القضايا الخلافية على بساط البحث بصورة شفافة، واختيارها الهروب الى الامام بدلا من ذلك. وعلى اختلاف وجهات النظر بين قوى المعارضة حول حراك التطورات في خضم النضال من اجل التغيير الديمقراطي واقامة دولة العدالة والسلام الاجتماعي، هناك اتفاق بين اطراف هذه القوى على ان فشل الدولة الاريترية في تحقيق العدالة والامتثال لمنطق الاستحقاقات المشروعة لمكونات الشعب الاريتري بصورة عادلة، وتبنيها منهج توظيف التناقضات الثانوية لبناء دولة نخبوية متسلطة وقاهرة لشعبها هو العامل الاساسي في تقويض ما ارساه النضال التحرري من اسس الوحدة الوطنية. ومن الواضح ان معادلة الدولة النخبوية التي تأسست على العزف على اوتار التناقضات الثانوية ، والقفز فوق حقائق التنوع بكل ابعاده الثقافية والدينية والاثنية قد انتهى بها المطاف الى الاصطدام بمصالح واستحقاقات كل مكونات الشعب، وكذلك الاصطدام بدعوات الاصلاح التي انطلقت من رحم النظام نتيجة الاستشعار بالخطر المحدق بمصير الوطن. ويعيد النهج الذي أختطه النظام الدكتاتوري في اسمرا الى الاذهان صور المشهد الذي كان سائدا ابان مرحلة حق تقرير المصير والتي قادت الى صيغة الاتحاد الفدرالي المشئوم وفق ارادة نخب فوقية وظفت ازمة الثقة بين مكونات شعبنا لخدمة مصالها الضيقة فحسب. ولكي نجنب بلادنا عواقب تكرار السناريوهات السياسية الخطرة التي حكمت تأريخ الحركة الوطنية منذ مرحلة تقرير المصير وافضت الى الازمة السياسة الراهنة في اريتريا، سيما وان ما ألت اليه الاوضاع بعد ثمانية عشر عاما من استقلال اريتريا أكدت بأن نظرية الهروب الى الامام انما هي ادامة لانتاج الازمة الوطنية بمعدلات متفاقمة، الامر الذي يحتم على القوى الوطنية اعادة قراءة تأريخ الفكر السياسي الاريتري واستنباط العبر من منعطفاته المختلفة بتصحيح المواقف السلبية وتفعيل المواقف والجوانب المشرق في صفحات هذا التأريخ. وهذا يستوجب تسمية الاستحقاقات المشروعة بمسمياتها الحقيقية وتلافي تسطيحها تحت عناوين فضفاضة من قبيل التحول الديمقراطي ودولة المؤسسات القانونية لان التحول الديمقراطي ودولة المؤسسات انما هي وسائل لتحقيق غايات ومطالب سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية ودينية واضحة لاينبغي البحث عن استقرار اريتريا خارج اطارها أو بمنطق الانقلاب عليها باصطناع مبادئ وقيم لاتمت بصلة الى مكونات الشعب. على النخب السياسية الاريترية من تنظيمات وقيادات أجتماعية ودينية ان تراجع بتعمق مسيرة الكفاح الاريتري من أجل الاستقلال وتستكشف مواطن الخلل التي انتجت الحكم الدكتاتوري ورسخت فلسفة الهيمنة الثقافية والاقصاء السياسي وتوهم الاستقرار في مثل هكذا مناخ. وفي تقديري ان الخلل الاساسي يكمن في حصر أفاق النضال الوطني في شعار مبتور ألا وهو تحرير البلاد من الاحتلال الاجنبي دون ان تتبلور في اطاره استحقاقات المواطنة بين المكونات المتعددة،وتتشخص طبيعة واسباب التناقضات الداخلية وتتحدد سبل معالجتها الامر الذي جعل مسيرة النضال أشبه بسباق ماراثوني تتنافس فيه القوى السياسية وامتداداتها الاجتماعية لتحقيق هدف تحرير الارض ومن ثم الاستئثار بكل المكتسبات بممارسة اقصاء الاخر وفرض الهيمنة الشاملة.وفي اعتقادي ايضا ان الجدل الدائر حول توصيف النظام بمصطلحات متعددة من قبيل الدكتاتوري والطائفي او الاثني هو جدل عقيم ينحرف بالحوار بين القوى السياسية والاجتماعية باتجاه تعميق الازمة بدلا من بحث طرق معالجتها، وهو ألية من اليات الهروب الى الامام وابقاء معطيات التصادم قائمة حتى بعد سقوط النظام، بل هو ألية من أليات صناعة الفرص الضائعة واطالة عمر النظام. ان النظام القائم في اريتريا وبغض النظر عن ما ينطبق عليه من جملة التوصيفات المثارة ليس نبتا شيطانيا معزولا عن حقائق التأريخ والجغرافيا الاريترية بل هو نتاج فشل القوى السياسية والاجتماعية ونخبها في فهم هذه الحقائق وتوصيف ما ترتب عليها من معضلات وتحديات في ساحتنا التوصيف الصحيح. واذا ما سارت القوى والنخب السياسية المعارضة على ذات نهج الهروب وحصر الافق السياسي في شعار أخر مبتور وهو اسقاط النظام الدكتاتوري أو ما شاء له الناس من توصيف، فان النتيجة هي أعادة انتاج الازمة ليس الا.لقد أكدت جبهة التضامن في بيانها التأسيسي على التمسك بالتحالف الديمقراطي الاريتري والعمل على تعزيز دوره في معركة التحول الديمقراطي من خلال مزيد من التأطير والتنظيم لصفوف الجماهير الاريترية. ولعل أهم ما أثار الشكوك حول نوايا جبهة التضامن هو مخاطبتها للقضايا المسكوت عنها. ونحن نعتقد بان أهم ما يبرر ميلاد هذه الجبهة هو مخاطبة تلك القضايا والقاء الحجر على المياه الراكدة وحمل القوى السياسية على مغادرة الشعار الآحادي( اسقاط النظام) والعمل على بلورة مقاصد التحول الديمقراطي وكيفية معالجة الازمة السياسية المتوارثة منذ أكثر من نصف قرن من خلال هذه المخاطبة هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى جاء تأسيس هذه الجبهة كاستجابة مستحقة لجماهير تنظيمات الجبهة بصفة خاصة وقطاعات واسعة من شرائح شعبنا بصفة عامة والتي ظلت تتطلع الى وضوح الرؤيا وتوحيد الطاقات. ليس من اهداف الجبهة الاستقطاب من أجل مواجهة اية جهة سوى النظام الاستبدادي القمعي، انها تسعى لاستقطاب الطاقات المجمدة بفعل الاحباط من واقع الخلافات والانشقاقات، وتعمل من اجل توسيع مساحة التواصل مع مختلف قطاعات الشعب وخلق تفاعل بناء بين القوى السياسية والجماهير وتأمين المشاركة الفعلية لهذه الجماهير في صناعة القرار الوطني ، وتسعى لادارة حوار يضع النقاط فوق الحروف بغية التوصل الى صيغة تعايش تلبى استحقاقات كل مكونات شعبنا الاريتري وتحرك عجلة النهوض بالوطن في ظل الاستقرار والتعايش السلمي بين هذه المكونات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى