تقارير

أزمة المهاجرين في كاليه الفرنسية. ماثيو تايلور، ألكسندرا توبينغ جون دوموكوس، ومنى محمود

6-Aug-2015

عدوليس ـ الحياة اللندنية

النسخة: الورقية – دولي الأربعاء، ٥ أغسطس/ آب ٢٠١٥ (٠١:٠ – بتوقيت غرينتش)وقف عدد من حفار القبور يدردشون بصوت خافت وهم ينتظرون على مقربة من حفرة حفرت أخيراً، في مقبرة بكاليه الفرنسية. وصل مسؤولان فرنسيان، فانقطع سيل الكلام. وبعد لحظات، حُمل كفن صغير أخرج من سيارة قريبة، وسجي في الأرض. سمير خديجة هو طفل ولد ميتاً حين وقعت والدته، وهي اريترية في العشرينات من العمر كانت حاملاً في الأسبوع الثاني والعشرين، من شاحنة، إذ كانت تسعى إلى عبور القناة الفرنسية إلى بريطانيا. ودفن هذا الطفل قبل أسبوعين، وهو واحد من ضحايا الأزمة الإنسانية، في منطقة المرفأ الفرنسي. وتفاقمت الأزمة إثر إضراب العاملين في العبارات. وبدأ الإضراب قبل 6 أسابيع. وكاليه تشبه أكثر فأكثر قلعة

مسورة: مئات الأمتار من بوابات مرتفعة مكللة بأسلاك شائكة ترفع على طول الطريق السريع.وإلى شمال المرفأ، برزت عشوائية هائلة الحجم يعيش فيها أكثر من 3 آلاف شخص. ومع الوقت، يبدو أن السكن في هذه العشوائية لن يعود موقتاً وقد يضع سكانها الرحال فيها.«الوضع يسوء، فالمهاجرون يضطرون إلى البحث عن طرق خطرة لبلوغ بريطانيا»، تقول سيسيل بوسي، متطوعة في فريق طبي يعمل مع المهاجرين في كاليه. وأججت صور حرق الحواجز وصور مئات يحاولون الركوب في مؤخر الشاحنات وتيرة النقاش السياسي على ضفتي القناة الفاصلة بين بريطانيا وفرنسا حول أزمة المهاجرين. وتحرت «غارديان» العام الماضي عن عدد المهاجرين القتلى في عملية عبور القناة، وخلصت إلى أنهم 15 شخصاً. وفي الأشهر الستة الأخيرة، قضى 6 أشخاص.جلس تيدي المهاجر الاريتري على كومة ركام، وعلى مرأى منه مجموعة من الشباب يلوذون بالفرار بعد أن لمحوا الشرطة الفرنسية التي تحرس الطريق السريع في جوار المخيم. وهو اضطر إلى مغادرة بلده إثر قتل النظام الاريتري والده قبل عامين، ونجا من العيش في الصحراء الكبرى، وأمضى «عاماً رهيباً» في السجون الليبية. «أعتقد أن صديقتي لا تزال مسجونة هناك».وباهاد ابن السادسة عشرة ترك منزله في اريتريا قبل عام. ويقول إن النظام أردى والديه. وهو يروي كيف سقط ما بين 10 أشخاص و40 شخصاً من شاحنة المعبر – المهرب في الصحراء الكبرى نتيجة التعب والإرهاق.وأبصرت النور الغابة الجديدة (نيو جنغل) في مطلع العام، وهي أكبر مخيمات المهاجرين في أوروبا الغربية. وهي حلقة من حلقات أزمة كبيرة نجمت عن عبور 185 ألف شخص المتوسط إلى جنوب أوروبا منذ كانون الثاني (يناير) الأخير. والشطر الغالب من المهاجرين سيطلب اللجوء في دول أوروبية. وتتصدر لائحة هذه الدول ألمانيا والسويد. وبعض من اللاجئين ينتهي بهم الأمر في «جانغل» كاليه وهم يغامرون بحياتهم للوصول إلى بريطانيا. ومن يبقى منهم في المخيم أكثر من أيام قليلة يكون في أدنى السلم الاجتماعي للمهاجرين وأكثرهم فقراً. فمن يسعون إلى العبور إلى بريطانيا يملكون مبالغ أكبر من المال، وشبكة معارفهم الاجتماعية واسعة، لا يقصدون مرفأ كاليه. ويدفعون بين ألف و4 آلاف جنيه استرليني (700 إلى 2800 يورو) للعصابات فيعبرون إلى بريطانيا على متن شاحنات وقطارات.وليس عبور المهاجرين في كاليه طارئاً. ففي الأعوام الخمسة عشر الماضية، لطالما استقبلت هذه المنطقة مخيم مهاجرين. ومنذ 2002، كانت «حياة» مثل هذه الغابة (جانغل) تسير على منحى واحد: تنبت (تظهر)، ثم تستقبل بضع مئات من المهاجرين لأشهر قليلة قبل أن تجرفها السلطات. ولكن الغابة الجديدة الواقعة في جوار الطريق السريع الذي يفضي إلى المرفأ، مختلفة الحال. فهي أكبر من المخيمات السابقة وأكثر تنظيماً. وثمة مؤشرات إلى طابع مخيم كاليه الجديد الدائم. وعلى سبيل المثل، وصل عادل من السودان قبل ستة أشهر. وهو ميكانيكي سابق قصد بريطانيا ومنها رُحِّل إلى ايطاليا قبل أن يأتي إلى كاليه ليعبر من جديد إلى بريطانيا حيث «الناس اللطفاء». وفتح عادل محل تصليح الدراجات الهوائية إثر ملاحظته أن المهاجرين يستعملونها في تجوالهم. «الناس تشتري الدراجة لبلوغ الشاحنة أو القطار. وإذا حالفها الحظ ترحل وتترك وراءها الدراجة. فأذهب وأجلبها وأبيعها من جديد»، يقول عادل. وثمة عشرات المتاجر في المخيم تبيع كل شيء من وصلات الشعر إلى مشروبات الطاقة، وعدد من المقاهي وخيمة احتفال مزودة بجهاز راديو عالي الصوت يبث أغاني أثيوبية ويستقبل الرواد كما لو أنه ملهى ليلي. وشُيد في المخيم عدد من دور العبادة (مسجدان وكنيسة)، ومدرسة. وعلى رغم علامات ازدهار الحياة الاجتماعية في المخيم، نشبت نزاعات بين جماعات متنافسة قبل أشهر، واحترق عدد كبير من الخيم. وظروف العيش المدقعة هناك كانت وراء ظهور مشكلات صحية. ويبدو أن السلطات الفرنسية تدعم المخيم دعماً مستتراً. ففي الأسابيع الأخيرة، حسنت إنارة شوارع المخيم، وشيدت سلسلة من المراحيض، ونقطة توزيع مياه (حاووز مياه). ويؤوي مستشفى سابق للأطفال 100 امرأة وطفل، ويسمح لهن ولهم بالاستحمام ويوزع وجبة ساخنة يومياً. ويقول مسؤولون أمنيون في مجمع نفق «يوروتونيل» أنهم يعثرون في 24 ساعة على ألف مهاجر في مؤخر الشاحنات.* عن «غارديان» البريطانية، 27/7/2015، إعداد منال نحاس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى