حوارات

القاص الاريتري جمال عثمان همد لـ “الوطن”: القصة القصيرة تقنص الأحلام الكبيرة

29-Aug-2016

عدوليس ـ نقلا عن الوطن القطرية

استطاع القاص الاريتري جمال عثمان همد أن يخترق بموهبته الكبيرة كل الجدارات في الخرطوم في فترة نهايات تسعينات القرن الماضي وحتى هجرته الأخيرة قبل سنوات.. وجمال بروحه السمحة أغنى المكتبة السودانية بنصوص لها نكهة اريتريا وجمال كسلا.. كما أنه تميز بالانفتاح على مختلف القطاعات السودانية ورغم ما أصابه من أزمات متعلقة بنشاطه السياسي إلا ان جمال القاص كان دائماً ما يبرز ساطعاً وناصعاً ومحباً للسودان واريتريا.. ومن أرض هجرته الجديدة بعد غياب سنوات التقيت به وكان هذا الحوار لـ “الوطن”..الخرطوم – ملبورن – عامر محمد – تصوير – احمد زروق – استراليا

× موقع الأدب الاريتري العربي في مساحة أرضه وخارجها؟- الأدب الإريتري المكتوب بالعربية أو التجرنية يواجه تحديات كبيرة ومعضلات قاسية . يكابد الأدباء في بلادي في التعامل مع هذه الشروط القاسية التي فُرضت عليهم ، ففي الداخل حيث النير ثقيلا جدا .. ووسائل النشر منعدمة تماما لاصحافة ولا دوريات ولا أطر نقابية، بل والبعض منهم مُغيب ولا يٌعرف مصيره كالقاص إدريس سعيد أبعري والشاعر والكاتب محمد عبد الحليم حمودة والمسرحي فسهاي يوهنس ( جوشوا ) … داخل الوطن حيث تنعدم الحياة الحرة يصعب عليهم حتى تسريب ونشر نتاجهم في الخارج ، وما ينتج هناك حتما سيكون مدهشا.× أصوات اريترية لا زالت تصدح بالسرد والقصة؟- نستطيع ان نشير إلى أصوات مهمة عبدالرحيم شنقب وخالد محمد طه وسلمون ترقي في القصة القصيرة واحمد عمر شيخ في الشعر .. بينما دُفع عدد كبير من الأدباء إلى خارج الحدود. في الخارج ومع قسوة الغربة والإغتراب هنالك إنتاج أستقبله النقاد بحفاوة في الرواية أبوبكر كهال وحجي جابر والإريترسوداني حامد الناظر وعبدالقادر حكيم ومحمد مدني ومحمود أبوبكر وعبدالوهاب حامد وهناك الغالي صالح وعبدالجليل عبي..الا ان إنكسار الأمل .. وتبخره .. الحرب وكوارثها .. اللجوء في العهد الوطني .. تجارة الأعضاء والإتجار بالبشر هي ثيمات يشتغل عليها الأدب الإريتري في الخارج والداخل وهذا مما يجعله يدور في قضايا انسانية حتمت على كتابه عدم تجاوزها, وقد ينظر اليها البعض على انها تقليدية إلا ان كل كاتب له طريقته الخاصة في عرض ما يراه سردياً يناسب المرحلة..× المثقف الناشط تأخذه القضايا الكبرى فينسى الابداع؟ -دون التدقيق كثيرا في تعريفات المثقف أو الناشط ، دعني هنا أكثف لك تجربتي حول الكتابة الأدبية وما أسمية بالعمل العام (النشاط السياسي.. المدني .. الإعلامي) أو مجملا الإشتغال بالنضال الإريتري الذي يطمح للتغيير والحكم الرشيد في نسخته فيما يُسمى بالعهد الوطني . النشاط السياسي يمكن توصيفه بانه يومي وسريع الإيقاع وتفاعلي مع الناس، لذا فانه يستهلك الوقت والجهد الذهني والطاقة اليومية للإنسان .. التعامل مع الإنكسارات العامة تتلف قدرات المرء، رهق يومي لكنه ممتع لتوافر سمة النبل ومع ذلك فإنه يبعدك يوما إثر آخر عن الإشتغال بالأدب والكتابة الأدبية.× الاعلام يلعب دوراً كبيراً في النهضة والتنمية في ظل الانفجار الاعلامي الكبير كيف هو التواصل اعلامياً مع المجتمع الاريتري؟ -مع تعدد وسائل الإعلام وتعدد إمكان الوصول للشعب الإريتري في الداخل المُغلق والخارج المفتوح ، يواجه الإعلام الإريتري وهنا أتكلم عن (المستقل) منه تحديات كبيرة ومتعددة، من هذه التحديات وأهمها حالة الإنغلاق، مع وجود رقابات متعددة بعضها ذاتي وبعضها موضوعي، بالمجمل يمكن القول ان الإعلام الإريتري لا زال في خطواته الأولى وقطعا التطور الهائل سوف يضخ فيه الكثير من الدماء والقوة. × القصة القصيرة أخلت مقعدها لصالح الرواية وهذا عصر السرعة لماذا هذا التبادل خصوصاً ان القصة قبض للحظة صغيرة لا تعود أبداً؟ -كما أشرت القصة القصيرة هي قبض للحظة وتوظيف هذا القبض .. والعصر عصر سرعة فكيف تغادر القصة القصيرة مقعدها؟ والسؤال سيظل مفتوحا خاصة إذا أخذنا في الإعتبار الموجات الجديدة من كتابة القصة ـ اقصد القصة القصيرة جدا والتي ظهرت في أمريكا في بداية التسعينيات من القرن الماضي ثم إنتشرت على كل جسد العالم. × هل كانت مفاجأة اخلاء القصة مقعدها في الرواية؟-اعود وأقول ان الومضة تعتمد على عنصر المفاجأة والتركيز، وزعزعة القناعات المسبقة والصدمات المتلاحقة، وهذه من سمات العالم المعاصر وليس هنالك سبب منطقي واحد لهذه المغادره سوى ما يروجه النقاد ويستجيب له الناشر ، بجانب الجوائز التي تخصص فقط للرواية عربيا. أشير هنا إلى ان التكثيف الشديد وإرهاق القاريء الذي لجأ إليه كتاب القصة القصيرة ربما ساهما في عدم التواصل مع القاريء.× من تقصد بالقاريء؟- اقصد قاريء العالم العربي والذي هو بالأساس اقل سكان الكرة الأرضية علاقة بالكتاب زمن السرعة الذي نعيش هو زمن التواصل السريع عبر وسائل التواصل الإجتماعي، و تدفق المعلومات عبر وسائل الإعلام المختلفة التي تلاحقنا تستخدم تقنيات القصة القصيرة واساليبها.× لكن القاريء العربي يحب قراءة القصة القصيرة؟-لأن القصة أزدهرت مع الصحافة لذا فهي موجوده ولم تغادر وكثرة الإنتاج العربي من الرواية لا تصنع روائيين جيدين بالضرورة ولا روايات جيدة. بالعموم يمكن توصيف الحاله زيادة لما سبق ان الشعر والقصة القصيرة في العالم العربي يعيشان في مأزق وهذا المأزق ساهم فيه بقدر ما المشتغلين بهما من الأدباء. وأختم بالقول من من القراء من لا يستمتع بيوسف إدريس وأنطوان شيخكوف وزهاء الطاهر والغيطاني .. وكل إنتاج شمال إفريقيا..× القصة القصيرة وجدت رواجاً في فترة التسعينيات سودانياً واريترياً وعربياً.. هل كانت الأحلام صغيرة؟- ومن قال ان الأحلام الكبيرة لا تعبر عنها القصة القصيرة؟ الآمال لم تكن صغيرة يوما، وإذا تضاءل تضاءلت الحياة وهذا عكس ديدن الصيرورة والتطور البشري. × وأنت هناك كيف تقرأ الخرطوم.. الأصدقاء.. المنتديات؟ -للخرطوم سحرها الخاص بالرغم من العنت والرهق اليومي. مدينة تتلف الإنسان ومع ذلك لا تملك إلا ان تحبها. هذا الحب ينطلق من معاناة الكتاب والمبدعين الذي يحاولون ان يصنعوا حياة تليق بالناس وبالمدينة وبتاريخها رغم العنت اليومي ومكابدة الحياة اذ لا تفرغ للكاتب لذلك يسعى في الأرض مثله مثل غيره وبالتالي يخصم ذلك من زمنه وأحياناً من ابداعه وان أرى ان الخرطوم مع تغييب المنتديات إلا انها لا تزال تحتفي بالكتابة..× حجي جابر روائي اريتري استطاع الوصول الى شرائح عديدة في الوطن العربي كيف تقرأ تجربته؟- حجي جابر روائي كبير لفت النظر مع مواطنه أبوبكر كهال إلى موضوعات الإتجار بالبشر والمعضلات الكبرى التي تواجه الشعب الإريتري في عهد الدولة الوطنية. إستطاع حجي جابر ان يفجر قنبلة في وجه العالم ويفضح تواطؤه . × البعاد والهجرة من الخروج الاريتري الى الأرض الأقرب وجدانياً السودان الى فكر الخروج الاسترالي.. هل كتب على جمال الترحال؟- ليس بعد لأن الترحال ليست حالة فردية بدنية فقط بل حالة نفسية عامة لها إنعكاساتها الجمة على مجمل حياة الفرد والجماعة. والخروج لأستراليا لم يكن خياري الشخصي ، ولكن دُفعت له دفعا.. احاول ان ألملم حالة الشتات المتعدد ربما ان ذلك تستغرق بعض الوقت . قطعا ما هو متاح هنا كثير خاصة وانا أعيش في مدينة تتميز بتعدد سكانها من الشعوب والأقوام والإثنيات ، كما ان عنصر المفاجأة غير المحسوب قد قل كثيرا مع توافر عامل الإستقرار والسكينة الإيجابية والفاعلة. والجيل الذي أنتمي إليه استطيع القول انه طور مقدرات إستثنائة لمواجهة ذلك، إلا ان على أمثالي تمثل ضغط جديد وكما قلت اسئلة تضاف لأسئلة أخرى. وجودي في أستراليا وفر لي حالة أمن دائمة أفضل من أي مكان آخر ، وإشتغالي بالإعلام له ضريبته الكبيرة خاصة عندما يكون الوضع إريتريا.× يقول هيجل عن عصره أنه عصر النثر.. هل السرد الروائي والشعري الحالي يعبر عن الانسان في راهنه؟- السرد والشعر في عصرنا متاح له إستخدام كل منتجات العصر من وسائل إتصال وتواصل وفنون أنتجها الإنسان وخاصة الفنون البصرية والسمعية . السرد الروائي والشعري يجاهد ان يلاحق بالمتغيرات المتسارعة ، وقطعا إستطاع ان يعتبر وفقا لكل تطور إجتماعي ثقافي سياسي لكل بلد. وربما يُفلح النقاد أكثر في الإجابة على السؤال.http://www.al-watan.com/news-details/id/23005

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى