مقالات

كلمة إرتريا : كوندليزا رايس في إثيوبيا ..ما الجديد ؟!!!*

8-Dec-2007

ecms

دون شك تعتبر زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لإثيوبيا زيارة ذات أهمية كبيرة في توقيتها ومغزاها ، إذ تأتي هذه الزيارة ضمن الاهتمام الذي بدأت توليه الإدارة الأمريكية وهي في أواخر أيامها بالقارة الأفريقية ،

إذ أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جورج بوش سيزور أفريقيا في بداية العام القادم ، وهو آخر أعوامه في الرئاسة سواء فاز الجمهوريون أو خسروا ، وهم الذين يسعون لتحويل خسارتهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى فوز من خلال نجاحات في السياسات الخارجية ، ويأتي في ذات السياق مؤتمر ( أنابولس ) للصراع في الشرق الأوسط ، والزيارات المتكررة لوزير الدفاع وقياداته العسكرية إلى كل من أفغانستان والعراق .وإن كانت زيارة رايس للمنطقة تأتي في السياق الذي ذكرنا لكن توقيتها يكتسب أهميته من الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة ،فالوضع في الصومال أشبه بالرمال المتحركة ، رئيس وزراء جديد ، واستقالات من الوزارة بالجملة ، ورئيس في مستشفيات لندن ، ومعارضة تتخذ من اسمرا محطة رئيسة لها وتستولي على أكثر من نصف البلد عدا المدن الرئيسية ، وقوات إثيوبية مرفوضة من المجتمع الصومالي نتيجة تراكمات عقدية وتاريخية قديمة ، وقوات حفظ السلام المتوقعة لم تأت رغم مرور حوالي العام على ذلك ، من جهة أخرى فإن العلاقات بين إثيوبيا وإرتريا تكاد تكون على شفير الحرب ، خاصة وأن اللجنة المعنية بترسيم الحدود قد حلت نفسها بعد أن فشلت في ترسيم الحدود على الأرض ، نتيجة لرفض إثيوبيا للترسيم وفق القرار إلا بعد حوار بين البلدين لمعالجة بعض المشكلات الناجمة عن الترسيم وفق ما تدعي إثيوبيا ، كما بلغت العلاقات بين إرتريا وأمريكا رحلة متأخرة من التردي وهو ما جعل القائم بالإعمال الأمريكي في الخرطوم يصفها بأسوأ علاقة لبلاده بدولة أفريقية .وفي السودان بدأت خلافات الشريكين الموقعين على اتفاقية السلام السودانية ( المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ) تصل مرحلة الاستعانة بالوسطاء بعد أن وصفها النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية ورئيس الحركة الشعبية بأنها تسير مثل الرجل الثمل ، وهذه الاتفاقية تعتبر واحدة من إنجازات الإدارة الجمهورية الحالية ، وبالتالي لا يسعدها كثيراً أن ترى أهم إنجازاتها في أفريقيا تتهاوى .أيضاً الوضع الهش في منطقة البحيرات كان ضمن أجندة الوزيرة لهذا كانت الدعوات قد شملت رؤساء الكنغو وأوغندا ورواندا وبورندي .كل هذه القضايا العالقة دفعت بكوندليزا رايس للحضور إلى إثيوبيا وقد جاء اعترافها في فاتحة الجلسات بأنها لا تملك عصا سحرية لحلحلة كل هذه المشكلات ولكنها ستدفع باتجاه الحلول التي كانت قد بدأتها في السابق ، ومن هنا جاءت وصيتها لرئيس الوزراء الصومالي بتوسيع حكومته والسعي إلى تولي الملف الأمني لبلده إذ لا يمكن أن تظل القوات الإثيوبية إلى الأبد ، كما حثت رؤساء منطقة البحيرات لدعم قوات حفظ السلام المقترحة من خلال توفير الجنود خاصة وأن يوغندا تملك كتيبة في الصومال .السودان الذي كانت تتوقع أن تجلس مع طرفي الاتفاقية لم يستجب وفضل حلحلة مشكلات الاتفاقية من خلال الآليات التي طرحتها الاتفاقية ذاتها وبالتالي لم تستطع الوزيرة إنجاز شيء في هذا المجال .موضوع الحدود والعلاقة مع إثيوبيا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة ودولة إرتريا من جهة أخرى كان أهم أجندة هذه الزيارة ولكن هو مالم تفصح عنه المؤتمرات الصحفية ، خاصة وأن هنالك حديث عن مبادرة تسوية لهذه الأزمة من خلال الضغط على الطرفيين للوصول إلى حلول ، خاصة وأن أمريكا لا تصنف الرئيس الإرتري بالعدو المبدئي مثل أحمدي نجاد وشافيز ، وتعتبر مواقفه أقرب حتى من رئيس كوريا الشمالية وبالتالي تعتقد أنها يمكن أن تصل معه إلى اتفاق باستخدام سياسة العصا والجزرة ـ خاصة وأنه معروف عنه تقديم تنازلات كبيرة إذا أحس أن الأمور لا تسير لصالحه كما حدث في اتفاقية الجزائر عام 2000م ، وهو الذي ظل باستمرار وعناد كبيرين يرفض مبادرات تحفظ الحق الإرتري بأفضل مما ورد في اتفاقية الجزائر التي جعلت من ربع مساحة إرتريا محمية دولية ـ ولكن ما يحول دون ذلك هو أولوياتها العالمية من جهة وتعقيدات الوضع في الصومال والعلاقات مع إثيوبيا .في ظل العلاقة الإرترية المتوترة مع أمريكا كان الكثيرون يراهنون على لقاء قد يتم مع المعارضة الإرترية خاصة وأن تواجدها في العاصمة الإثيوبية كبيرا في هذه الفترة ، وذلك فإن الإدارة الجمهورية معروف عنها عدم اكتراثها بالأعراف الدبلوماسية فقد التقت على أعلى مستوياتها معارضين سوريين وإيرانيين ، لكن يبدو أن لأمريكا خياراتها الأخرى ، كما لم ترتق المعارضة الإرترية إلى هذا المستوى لتصبح واقعا يصعب تجاوزه وبالتالي لم يخطر على بالها حتى أن تطرح نفسها في خضم هذه الأحداث ، وهى بالتالي لا يسأل عنها لو غابت ولا تستشار لو حضرت .* نشرت كافتتاحية لصفحة ارتريا في صحيفة الوطن عدد الجمعة 7ديسمبر2007م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى