أخبار

تقرير عن المهرجان السياسي-الثقافي في ستوكهولم

27-Nov-2006

ecms

استكهولم :/ زين العابدين شوكاي :المشرف على السمنار
عقد في ستوكهولم المهرجان السياسي – الثقافي الذي أقامته الرابطة الإرترية للوفاق – السويد، بالتعاون مع المعهد السويدي الصومالي، وبمشاركة فاعلة من أبناء جاليات دول القرن الأفريقي ودول الجوار وهي إثيوبيا وجيبوتي والسودان،

، وذلك في الفترة الواقعة من 17 وحتى 19 نوفمبر 2006، تحت شعار “السلام والوفاق في القرن الأفريقي – مساهمتك سوف تحدث التغيير”. بدأ المهرجان مساء يوم الجمعة 17/11/2006، بأمسية ثقافية ألقى فيها رئيس الرابطة الإرترية للوفاق/ ياسين جعفر محمد كلمة الرابطة، كما ألقى رئيس المعهد السويدي الصومالي/ عبد الرزاق آدم كلمة المعهد، وتناولت الكلمتان أهمية العمل المشترك وأهمية البدء بالعمل الثقافي لما للثقافة من أهمية في ربط شعوب القرن الأفريقي ببعضها. وقدمت في هذه الأمسية الرقصات والأغاني التي تمثل فنون المنطقة، حيث بدأ الإخوة من جيبوتي بتقديم رقصات فلكلورية عفرية على أنغام الموسيقى، وهم يرتدون أزياء قومية تراثية. تلى ذلك مساهمة الإخوة السودانيين الذين تطرب أغانيهم عادة كل شعوب القرن الأفريقي، متمثلة في مجموعة من الأغنيات قدمها الأخ/ معاوية عبد القادر، يرافقه على العزف الأخ/ حامد أحمد محمود، وكان أداؤهما لتلك الأغنيات رائعاً حرك في الحاضرين مشاعر واضحة عبر البعض عنها “بالتبشير”، خاصة أغنية “الحب عذاب في كسلا”، التي حركت الإرتريين على وجه الخصوص بحكم ارتباطهم الخاص بتلك المدينة الرائعة. أما المساهمة الإثيوبية والتي قدمها الفنان الإثيوبي الشاب/ هينوك أسبي، كانت بحق ذات طابع خاص بكل المقاييس. فبعد أن قدم الفنان أغنية إثيوبية باللغة الأمحرية للفنان الإثيوبي المعروف والقدير/ طلاهن جسّسي، وأخرى تراثية تتحدث عن الحب، قال إنه أضاف إليها من كلماته، قدم أغنيته الثالثة عن مؤذن الرسول والصحابي الجليل/ بلال بن رباح، التي تقول بعض كلماتها التي أخذتها عنه سريعاً: ” السلام عليكم، بلال الحبشة، أيها الزاهد الورع الرقيق…… أعطنا من مددك ، وادعنا إلى مائدتك التي تجمع الأبناء والأجداد ……. الخ الكلمات”. المدهش في ظاهرة هينوك أنه ينتمي إلى تيار مسيحي توحيدي قديم يقول إنه كان دين النجاشي الذي وعى وأدرك رسالة المسلمين الأوائل الذين التجؤوا إليه فاستقبلهم وحماهم وأكرم وفادتهم، ويقول أيضاً إن بلالاً، رضي الله عنه، بحكم أنه أتى من بيئة النجاشي التوحيدية تلقى رسالة الإسلام بسهولة، فأسلم وصمد في إسلامه رغم ما تعرض له من تعذيب للارتداد عنه، إلاّ أنه ظل يردد “أحد، أحد ……”، كما هو متناقل ومأثور عن سير المسلمين الأوائل في صدر الإسلام. والإخوة الصوماليون الذين أطربنا أحد شبابهم بالصوت الشجي الذي لا تخطئه أذن المستمع المتذوق من القرن الأفريقي، كانت إسهاماته بحق جميلة، أماّ كلمات إحدى الأغنيات التي تغنى بها، كما أخبرنا أحد الإخوة من المعهد الصومالي السويدي الذين ساهموا في تنظيم المشاركة الصومالية، كانت تتحدث عن الحب، عن قصة غرام لشاب صومالي لجأ أثناء الحرب إلى إثيوبيا ليفتن بفتاة إثيوبية، إلاّ أن العامل الديني والثقافي يحول دون الزواج منها. أخيراً، مشاركتنا نحن الإرتريين كانت رائعة دون أدنى شك، لأن الذي وقف على المسرح كان فناّناً عظيماً وقديراً تغنى لما يزيد عن أربعة عقود بأغنيات كنا نرددها عندما كان الكثيرون مناّ أطفالاً، وما زلنا نرددها ونطرب لها حتى الآن، ألا وهو فناّن الأجيال/ عثمان عبد الرحيم. قدم عثمان في البداية أغنية خليل فرح ” عزة في هواك” بكلمات من تأليفه باللغة التقرينية، طرب لها الحضور بقوة، ثم أغنية ” حمامات السلام ” التي كان سابقاً عثمان قد حملها رسائله من الغربة لتحيي شعبنا ومقاتلينا في الداخل قبل التحرير، إلا أنه حملها هذه المرة رسالة هامة إلى شعوب القرن، وهي رسالة الحب والوفاق والسلام بين هذه الشعوب التي لا مفر لها ولا مخرج إلا أن تعيش في إخاء وسلام. كما أطرب الفنان عثمان عبد الرحيم الحضور بأغنية ” أنا أفريقي حُر” للفنان السوداني الكبير / محمد وردي. وكان أداء الأخوين/ عبد الرحيم حاج علي وياسين أحمد في تقديم الفقرات الفنية في الأمسية الثقافية رائعاً بشهادة الحضور الذين أشادوا بأداء الأخوين اللذين ظلاّ يبعثان على الحضور روح الحماس والتفاعل مع الفقرات الفنية التي قدمت في تلك الأمسية ومع الفناّنين الذين أحيوا الأمسية باقتدار. وفي اليوم الثاني للمهرجان، أي في 18/11/2006، بدأت فعاليات المهرجان السياسي بكلمات ألقيت فيه إيذاناً بافتتاح المهرجان. وكانت الكلمة الأولى للسيدة/شاشتن لوندغرين عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السويدي، من حزب الوسط. كما ألقى السيد/ يوئيل آلبرج، كلمة باسم أكاديمية ” فولكه برنادوت” التي قدمت الدعم المادي الأساسي لإقامة هذا المهرجان إلى كل من الرابطة الإرترية للوفاق والمعهد السويدي الصومالي. تلى ذلك المحاضرة الأولى في هذا المنتدى التي ألقاها الأستاذ/ ياسين محمد عبد الله ، مدير مركز سويرا لحقوق الإنسان بعنوان : ” حقوق الإنسان في القرن الأفريقي – إرتريا نموذجاً “، تناول فيها كل أشكال الانتهاكات التي يمكن أن تخطر على بال المستمعين، وكانت المعلومات جديدة على معظم الحاضرين، سواء كان ذلك في حجم الانتهاكات أو نوعها. ورغم استعراض الأستاذ / ياسين لسوء الأوضاع في القرن الأفريقي عموماً فيما يخص الانتهاكات التي ترتكب في حقوق الناس بشتى الأشكال ولأسباب متباينة، إلا أنه أكد أن إرتريا هي الأسوأ على الإطلاق بين تلك الدول، لما فيها من انتهاكات جسيمة قل مثيلها في المنطقة والعالم أجمع. واشتملت المحاضرة على محاور رئيسية تميزت بتغطية الكثير من الحقوق المدنية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي طالتها انتهاكات جسيمة من قبل النظام السياسي القائم في إرتريا وأجهزته القمعية من قوات الأمن والجيش. تركزت محاضرة الأستاذ / ياسين على التقرير السنوي الشامل الذي كان مركز سويرا قد قام بتقديمه لعام 2005، والذي يعتبر أول تقرير شامل يقدمه مركز إرتري عن أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا، بحكم أنه يغطي مساحة واسعة من تلك الانتهاكات. أما المحاضرة الثانية قام بتقديمها الدكتور / محمد حبيب من جامعة أديس أبابا، التي عرف فيها الكونفيدرالية والأسس التي تقوم عليها، والفرق بينها وبين الفيدرالية كنظام سياسي داخلي، وإمكانية قيام نظام كونفيدرالي بين أنظمة متماثلة أم أنظمة متباينة وغيرها من المفاهيم والمصطلحات. ثم تحدث عن أهمية العمل في المستقبل لجعل أمكانية نظام كونفيدرالي بين دول منطقة القرن الأفريقي التي يجمعها التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة. وقال الدكتور/ حبيب إن شعوب القرن الأفريقي لم تختر أن تكون دولاً متجاورة، بل هذا هو الواقع، كما أنها لم تختر أن تكون شعوبها شعوب شقيقة لبعضها البعض، لأن الأشقاء لا يختارون بعضهم بعضاً، لكنها تستطيع أن تختار أن تكون متعاونة ويسود الوفاق والوئام والصداقة بينها، وهذا ما قصرت فيه هذه الشعوب حتى هذه اللحظة، لكن الأمور فيما بينها تسير نحو الأفضل، وما تجمّعنا هذا اليوم إلا واحداً من هذه التعبيرات عن الأخوة والصداقة والمصير المشترك بين شعوبنا. والمحاضر الثالث كان الدكتور / بابكر عبيد، الذي تحدث عن عملية السلام في السودان من منظور تاريخي وآخر مرحلي، كانت فيه التجربة السودانية متميزة في نظره، لم تبدأ مع بداية النـزاعات المسلحة في جنوبه، بل سبقت استقلال السودان نفسه. وعندما استقل السودان وأصبح يحكم من قبل أبنائه، لم تتمكن السلطات المتعاقبة فيه من حل معضلة أن يكون السودان بلداً موحداً تتعايش فيه كل مكوناته بسلام ووئام. وتطرق بهذا الشأن بشيء من التفصيل اتفاقيات السلام التي وقعت بين الحكومات والحركات المناهضة لها في الجنوب مرات عديدة، وحذر من ألاّ يكون نصيب الاتفاقيات الحالية أيضاً مثل سابقاتها إذا لم يتم معالجة إشكاليات السودان المتعدد الأقوام والأعراق بصورة ترضي الجميع، وتضع حلولاً جذرية للمشكلات التي ظل السودان يعاني منها. الدكتور / محمد كادّعمي ألقى المحاضرة الرابعة، عن تجربة جيبوتي في التعايش السلمي، وفشل هذه التجربة منذ استقلاله، رغم أن جيبوتي بلد صغير، ويتكون أساسا من قوميتي العفر والعيسى ( الصومالية) وقليل من الجالية اليمنية، إلا أن الانتهاكات التي ترتكب فيه، كما قال الدكتور/ كادعمي، كبيرة وخطيرة. وأنه هو شخصيًّا تعرض للسجن في بلاده لمدة ثلاث سنوات. كما استعرض تنقل السلطة في جيبوتي داخل أسرة واحدة، وأن الاننتخابات التي جرت لا تعدو كونها صورية. كما أن الرئيس والدولة يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في البلاد، وأنه لا يوجد هناك في البلاد من يستطيع استثمار أمواله في القطاع الوحيد المتاح في الدولة، وهو قطاع الخدمات، دون أن تشاركه الدولة في ذلك. وأخيراً البروفسور / عبد الرحمن إبراهيم إبيِّ، تحدث عن غياب السلام والاستقرار في الصومال، بسبب غياب قيادات ذات كفاءة تدير شؤونه بحكمة واقتدار. واستعرض أنواعاً مختلفة من أنواع القيادة، الأمر الذي ظل يشغل الإنسانية لزمن طويل، مقارناً بين الأشكال المتباينة للقيادة. كما تحدث عن تجربة الحكومة الانتقالية المؤقتة في الصومال، واعتبرها تجربة في ضبط الأمن والاستقرار، إلى أن جاء اتحاد المحاكم الإسلامية ليسيطر على الوضع بصورة لم يسبق للصومال أن شهد لها مثيل، بحيث أصبح المواطن الصومالي آمناً في شوارع مقديشو والمدن الأخرى التي تسيطر فيها المحاكم الإسلامية، وهذا في حد ذاته يكفي – في نظره – لإعطاء المحاكم مشروعية الاستمرار والمشاركة في السلطة، إن لم تسيطر عليها بالكامل. وأضاف أن اتحاد المحاكم الإسلامية يكفيه شرفًا أنه قضى في جزء كبير من البلاد على ظاهرة أمراء الحرب. وفي اليوم الثالث للمهرجان، أي في 19/11/2006، كان ذلك اليوم مخصصاً لورش العمل التي أشرف على الأولى منها الأستاذ / عبد الرحمن سيِّد ، الذي أدار باقتدار الندوة العامة ( Panel discussion) التي حضرها سائر المحاضرين، وتمكن الجمهور من طرح أسئلة عليهم، بحكم أن برنامج يوم الندوات كان مزدحماً للغاية. أما ورشة العمل الأخرى فقد أشرف عليها رئيس المعهد السويدي الصومالي / عبد الرزاق آدم. كما خصص السيمنار وقتاً كافياً للحضور للتقدم بتوصياته للنشاطات المقبلة ولكيفية العمل معاً في السويد بين منظمات المجتمع المدني من دول القرن الأفريقي العاملة في السويد. أشاد الحضور بمستوى الأداء والتنظيم الذي ميز هذا المهرجان، بل اعتبره البعض خطوة متميزة نوعياًّ لم تشهد ستوكهولم مثيلاً لها، مماّ دفع البعض بتشديد توصياته لتكرار مثل هذا النشاط الهام والمتميز، وذلك لتوطيد وتمتين أواصر الأخوة والصداقة بين شعوب القرن الأفريقي، ولزيادة معارفنا بما يربط هذه الشعوب من علاقات أزلية ومصالحة مشتركة. مرفـق مع هذا التقرير جزء من المحاضرات التي ألقيت في السيمنار، بالنسبة للمشاركة الإرترية التي قدمها الأستاذ / ياسين محمد عبد الله مقدمة باللغتين العربية والإنجليزية، وباللغة الإنجليزية فقط بالنسبة للمشاركات الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى