حوارات

د. محمد نصر الدين الخبير المصري في الشؤون الافريقية : الاريتــريون حـكـومـة وشعــبا مدينون للســودان

1-Jul-2008

المركز

‎حاورته في القاهرة: اسماء الحسينيأثار الخلاف الأخير بين اريتريا وجيبوتى والذى أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى تساؤلاتٍ عديدة حول أسبابه وتداعياته ،بل وحول مواقف اريتريا التى حملتها الأطراف الإقليمية والدولية المسئولية عن التصعيد الأخير .

وفى الحوار التالي يحذر الدكتور محمد نصر الدين الخبير فى الشئون الأفريقية ونائب رئيس الجمعية الأفريقية بالقاهرة ،وهو دبلوماسى مصرى سابق مثل بلاده فى العديد من الدول الأفريقية من مغبة التصعيد الأخير الذى يرى أن أسبابه الحقيقية غير معروفة حتى الآن ،ويقول إن اريتريا تسعى دائما للعب دور سياسى أكبر من قدراتها وإمكاناتها السياسية ،ويعرب عن خشيته من أن هذه المنطقة الجيو استراتيجية المهمة فى العالم أصبحت محلا لتقاطع المصالح الدولية وأيضا لتقاطع النفوذ الإسرائيلى والإيرانى ،وهو أمر يتصاعد الآن بشكل كبير ممايعرضها لمخاطر كبيرة يجب العمل لتداركها لأن نتائجها ستكون وخيمة على شعوب المنطقة . سألته أولا حول التصعيد الأخير بين أريتريا وجيبوتى …هل كان بسبب النزاع على منطقة رأس دميرة الحدودية ؟ * الخطير فى الأمر أن النزاع أسبابه غير معروفة حتى الآن ،والحكومة الجيبوتية لاتقول سبب الهجوم وأريتريا تنفى الهجوم ،وهو موقف غريب للغاية لأنه عادة فى مثل هذه الخلافات أو النزاعات يكون معروف السبب ،نعم هى شريط حدودى لايزيد عن 17 كيلو مترا ،لكنه بالطبع فى منطقة حيوية تؤدى إلى مضيق باب المندب ،لكنه فى رأيى ليس سبب تجدد النزاع بين الدولتين . إذن ماهو السبب الحقيقى لدى اريتريا للنزاع مع جيبوتى ؟ * قد يكون السبب هو الضيق الأريترى من الوجود الفرنسى الأمريكى عبر قاعدتين عسكريتين لكل منهما فى جيبوتى فى آن واحد ،لكن هل يصل الضيق إلى حد القيام بعملية عسكرية تسقط عشرات القتلى والجرحى ،هل هذا ماأثار حفيظة الأريتريين …الأمر غير واضح حتى الآن ،والأمر يحتاج لمعرفة الأسباب والدوافع الحقيقية لأسمرة . هل هناك مخاوف من تطور النزاع الحالى فى هذه المنطقة الحيوية الملتهبة ؟ * هذه المنطقة بين البلدين منطقة مفتوحة شأنها شأن باقى المناطق الحدودية فى أفريقيا تتحرك فيها القبائل والناس ويحدث التصاهر والتزاوج ،والقبيلة الوحيدة تمتد فى بضعة دول ،ولكن هناك مخاوف من أن يتطور النزاع الحالى إلى حرب شاملة ،والقوات الفرنسية الموجودة فى جيبوتى وفقا للاتفاقيات يجب أن تتحرك للدفاع عن الدولة التى تقيم فيها قاعدة عسكرية ضد أى اعتداء خارجى ،وهذا الأمر ليس سرا بل هو معروف تماما . وكيف يمكن حل الموقف للحيلولة دون ذلك ؟ * الموقف يحتاج إلى تدخل دول المنطقة والمنظمات الاقليمية الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى وغيرها إضافة إلى الأمم المتحدة وإلا فقد تتطور الأمور سريعا إلى الأسوأ لماذ لاريتريا مشكلات متكررة مع دول جوارها ؟ * الأمر متعلق بأمرين ،الأول هو البحث عن دور حيث تسعى أريتريا للعب دور أكبر من حجمها وإمكاناتها ،والثانى متعلق بأريتريا كدولة ذات طبيعة خاصة نالت استقلالها بعد حرب 35 عاما ،وفى حركتها للإستقلال كان لأريتريا عتاب على الدول العربية بأنها لم تساعدها وأنها نالت إستقلالها بسواعد أبنائها ،رغم أن المجاهدين الأريتريين كانوا يقيمون فى مصر والسعودية وحصلوا من الدول العربية على دعم معنوى وحق اللجوء السياسى ،لكن أريتريا من فرط شعورها بأنها وحيدة فى القتال ضد الإمبراطورية الأثيوبية أصبحت متوجسة تشعر بالشك ضد كل ماهو غير أريترى ،وعلى سبيل المثال ترفض أريتريا قبول مساعدات دولية وتخشى من التواجد الدولى على أرضها . وهل كان الموقف الأريترى من السودان مشابها لما يحدث اليوم ؟ * الأريتريون حكومة وشعبا مدينون للسودان الذى استضاف الألوف المؤلفة منهم على مدى عشرات السنين ،والسودان حقيقة فعل ذلك مع كل دول جواره ،وفى جميع الظروف لم يكن يرفض السودان استقبال القادمين من دول الجوار أيا كان توجه الحكومة التى تحكمه عسكرية أم مدنية ،إسلامية أم غير ذلك . ولماذا كانت المشكلات بين البلدين لفترة طويلة ؟ * لا أدرى كيف يمكن للأريتريين أن ينسوا للسودانيين مواقفهم وأياديهم البيضاء لعشرات السنوات ،لكن السودان فى رأيى مطلوب تفتيته ،وأنا لست من المندفعين فى تأييد نظرية المؤامرة لكن مايتم العمل من اجله حاليا هو تفتيت السودان وكل دول المنطقة لصالح أن تكون اسرائيل الدولة والقوة الأعظم فى المنطقة . لكن أريتريا هى التى ساهمت بعد ذلك فى التوصل لاتفاق سلام بشرق السودان بين الحكومة السودانية ومعارضى الشرق ؟ * هناك أطراف كثيرة فى شرق السودان لم تشارك فى هذا الإتفاق مثلما لم تشارك كل أطراف دارفور فى إتفاق أبوجا ،وهذه تعد مشكلة ،وسيظل الاتفاق مهددا بأن ينهار فى حال ساءت العلاقات بين السودان وأريتريا ،ومعروف أن المعارضة التى كانت تقيم فى دولة تدعمها ستظل كارتا فى يد هذه الدولة قد تلجأ لاستخدامه حين الحاجة ،وهو ما يلجأ الدولة الأخرى لتبنى معارضى الأولى . وهل من أمل فى إنهاء الصراع الأريترى الأثيوبى الذى هو المشكلة الأكبر ؟ * العداء بين الدولتين تاريخى ،وسيستمر هذا العداء وليس من أمل لإنهائه فى المستقبل القريب ،ولم يتم حل هذا الصراع بين الدولتين رغم أنه فى فترة من الفترات حكمت قبيلة التيجراى فى الدولتين ،لكن الصراع أكبر من ذلك ،ومتعلق بالوصول إلى الشواطىء والثروات ،وكذلك بالعوامل الخارجية ،ودولنا مفعول بها ،فالأيدى الخارجية هى التى تتحكم فى دول العالم الثالث وافريقيا وتلعب بدولها كالدمى . أشرت فى حديثك إلى دور إسرائيلى ؟ * نعم هناك دور اسرائيلى ،والرئيس الأريترى أسياس أفورقى حينما مرض قبل عشر سنوات ذهب للعلاج فى اسرائيل ،واسرائيل لاتلعب ،وأهدافها واضحة ومعروفة ،وعلاقاتها الإقتصادية قوية فى المنطقة ،لدرجة أن الصين لاتخشى فى المنطقة إلا من منافسة اسرائيل .لكن اسرائيل علاقاتها قوية أيضا باثيوبيا وغيرها من دول القارة ؟ * نعم علاقات اسرائيل قوية بأثيوبيا ،فهى تتعامل كقوة كبرى خطوطها مفتوحة مع الجميع ومع النظام الأريترى . وهل تحولت الصومال إلى ساحة حرب بين أثيوبيا التى تدعم الحكومة الصومالية وأريتريا التى تدعم المعارضة ؟ الصومال لم تعد دولة بعد سقوط نظام الرئيس سياد برى ،وليس لها الآن أية معالم الدولة وهو وضع فريد من نوعه حيث لاتسيطر الحكومة سوى على حى من أحياء العاصمة ،وبالتالى أصبحت الصومال مفتوحة لكل من يريد، تجار المخدرات وتجار السلاح ولتجنيد المرتزقة والقراصنة ،وبالتالى يمكن أن تصبح الصومال ساحة لأية معارك جانبية .وهل انتهت مشكلات أريتريا مع اليمن ؟ * انتهت مشاكلهما الثنائية ،لكن اليمن لاتملك إزاء منطقتها الحيوية هذه إلا القيام بدور فاعل تجاه المشكلات القائمة حاليا . هل يعرقل تبنى أريتريا لبعض أجنحة المعارضة للحل السلمى فى الصومال الآن ؟ * قدرة اريتريا على تبنى معارضة والإنفاق عليها ضعيفة ،ذلك لأن إمكاناتها ضعيفة مقارنة بعدوتها اللدودة أثيوبيا التى تحتل الصومال ،وقد دعمت أريتريا المعارضة السودانية التى كانت تتخذ من أسمرة مقرا لكنه كان دعما ضعيفا ،حيث إمكانات أريتريا العسكرية والمادية محدودة ،وبالتالى فإن دعمها للمعارضة الصومالية لايعول عليه كثيرا،أقصى ماتستطيعه أريتريا هو إستضافتهم وإتاحة وسائل الإعلام لهم . وهل ينعكس الوضع الداخلى المتأزم فى أريتريا؟ * الرئيس الأريترى أسياس أفورقى ليس من أنصار الحوار مع المعارضة ،والجبهة الشعبية الحاكمة صحيح أنها قادت التحرر الوطنى ولكن ليس لديها القدرة على إدارة الحوار مع معارضيها ،وأقصى مايفعله أفورقى أن يستقطب أحد معارضيه ، لكن أن يشارك معارضيه فى السلطة فهذا أمر مستبعد تماما،والمخيف فى الأمر هو تنامى العلاقة بين النظام الحاكم فى أريتريا مع اسرائيل ،وتنامى المعارضة الأريترية الإسلامية وحدوث تقارب بينها وبين إيران ،وهذا سيكون أمر ذو مخاطر على المنطقة التى ستكون ساحة صراع بين اسرائيل وإيران . علاقات خارجية سيئة وأوضاع داخلية متأزمة …من أين إذن يستمد النظام الأريترى قوته ؟ علاقات النظام الأريترى سيئة فعلا بدول جواره لكن سيطرته المحكمة على الوضع الداخلى يمكن أن يكون شيئا جيدا يحسب للنظام فى ظل ضعف المعارضة الأريترية التى لاتفعل شيئا ،وصغر مساحة أريتريا عامل إيجابى يجعل سيطرة النظام الأريتري أقوى عكس السودان الدولة المترامية الأطراف . وهل يستمر ذلك فى ظل الحصار الدولى ومواقف الدول الكبرى من أسمرة ؟ لاأعتقد أن هناك حصارا دوليا ،ولاأعتقد أن النظام الأريترى علاقاته سيئة بالولايات المتحدة أو بأية قوى كبرى أخرى ،لكنه لوظل مستمرا فى سياسته تجاه جيبوتى فستناصبه فرنسا العداء.المصدر: صحيفة الصحافة السودانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى