مقالات

هكذا عودنا الشعب السوداني ومثقفوه ..! : الأستاذ محمدنور أحمد

16-Jun-2008

المركز

قد يتساءل المرأ عما وراء الندوة التي أقامها مكتب المؤتمر الشعبي للصداقة العالمية في الخرطوم بتاريخ 11/06/2008م والتي أدارها السيد عبدالله زكريا رئيس منظمة اللجان الثورية السودانية ، هل كان هدفها توطيد العلاقة السودانية مع نظام أسمرا- وهو ما يبرر حضور السفير الإرتري الذي لا تتوفر له من مقومات السفير إلاّ الإسم-

وهل ليبيا وراء هذه الندوة بحكم العلاقة الوطيدة التي تربط القذافي بأسياس وكلاهما يرى نفسه في الآخر..؟ فإذا كان الهدف توطيد العلاقة ، فكيف تم إختيار أصحاب الأوراق من أمثال السفير محجوب الباشا والأستاذ محمد المرتضى والدكتورة إكرام محمد صالح الذين إختلف ما جاء في أوراقهم إختلافا قاطعا مع قرار السلطات السودانية بإيقاف نشاط المعارضة وإغلاق مقاراتها التي قال عنها بتبجح حاكم ولاية كسلا أن مفاتيحها في جيبه في وقت تتمتع فيه المعارضة السودانية سواء من رفض منها التوقيع على اتفاق أبوجا أو الشرق بحرية الحركة وبعلم الحكومة السودانية كما ذكر وزير الإعلام الإرتري على عبده ..!؟ أم جاءت تلك الأوراق عكس التوقعات ..؟ أم أن الهدف من هذه الندوة لم يكن توطيد العلاقة عكس ما جاء في موقع ” عدوليس ” وأريد بها التحرش بالسلطات السودانية لأمر في نفس القذافي..؟ أياً كان هدف الندوة ، فإن الأوراق عارضت قرار السلطات السودانية بوقف نشاط المعارضة الإرترية وإغلاق مكاتبها ، وجاءت منسجمة مع ما عوّدنا عليه الشعب السوداني ومثقفوه ، منذ بداية الحركة الوطنية الإرترية من أجل الإستقلال حينما دان المثقفون السودانيون تسليم حكومة عبود العسكرية لحكومة الإمبراطور هيلي سلاسي عملا بإتفاقية تبادل المجرمين بين البلدين بعض الناشطين السياسيين الإرتريين ، كما شجبت الحدث وقتها كل من صحيفة ” الأيام ” ومجلة ” صوت المرأة” التي كان يصدرها الإتحاد العام لنساء السودان ، وتكونت في الحال جمعية الصداقة السودانية الإرترية من بعض المثقفين ومحامين سودانيين للدفاع عن الناشطين السياسيين الإرتريين . ثم جاءت ثورة أكتوبر في عام 1964م وهي تحمل رياح الديمقراطية والحرية فألغت حكومة أكتوبر تلك الإتفاقية المعيبة ، وتحولت جمعية الصداقة السودانية الإرترية إلى هيئة الدفاع عن الشعب الإرتري برئاسة المحامي الكبير مرغني النصري – أمد الله في عمره – وذلك عقب إجتماع المعهد الفني الذي جمع بين هيئات ونقابات وأحزاب وسيرت هيئة الدفاع عن الشعب الإرتري موكبها المهيب الذي إنتظم الشارع السوداني في الخرطوم حيث قصد إلى وزارة الإعلام وهناك أعلن وزير إعلام حكومة أكتوبر تأييده المطلق لثورة الشعب الإرتري فكان رد فعل وزير خارجية إثيوبيا السريع عندما قال مهددا ” إن من كان بيته من زجاج عليه ألاّ يرمي بيوت الناس بالحجارة ” . ولم يثن ذلك التهديد حكومة ثورة اكتوبرمن تقديم أول تسهيل للثورة الإرترية بإستقبال أسلحة سورية هدية للثورة الإرترية ، كما لم يتوقف دعم المثقين السودانيين للثورة الإرترية وقد عبرت عنه بإستمرار مقالاتهم في الصحف السودانية من أمقال الرأي العام والأيام والسودان الجديد والتلغراف والميثاق والميدان وغيرها ،ولا تسمح هذه العجالة بذكر القائمة الطويلة لهؤلاء المثقفين. وحري هنا الوقوف في حدث هام وقع في نهاية أغسطس من عام 1967م وأثناء إنعقاد مؤتمر القمة العربي عقب حرب حزيران 1967م- مؤاتمر لاءات الخرطوم كما يطلق عليه – والحدث هو تلك التظاهرة العارمة التي إنطلقت شرارتها من جامعة الخرطوم إستنكارا لقرار وزير الداخلية بإلقاء القبض على كافة الناشطين الإرتريين في مدينتي كسلا وبورتسودان وكان بينهم مقاتلين قدموا إما للعلاج أو لقضاء إستراحة محارب ، وتوجهت التظاهرة إلى مبنى وزارة الداخلية وكان قريبا من فندق ” الغراند هوتيل ” الذي كان ينتظم فيه مؤتمر القمة ، وكانت عملية الإعتقالات تلك تمهيدا للتسليم إلى إثيوبيا عملاً بإتفاقية تبادل المجرمين التي أعادت العمل بها حكومة الأحزاب التي أعقبت حكومة أكتوبر. أجبرت تلك التظاهرة وزير الداخلية وقتها لإلغاء قرار الإعتقالات في بيان من إذاعة أم درمان على الهواء مباشرة ، والقصة طويلة عن موقف الشعب السوداني الشقيق ومثقفيه في مؤازرة الشعب الإرتري سواء في فترة النضال من أجل الإستقلال أو في نضاله الحالي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بغض النظر عن مواقف حكوماته المتذبذبة كما بيّنّا في مثالي حكومة عبود العسكرية وحكومة إئتلاف حزب الأمة – جناح السيد الهادي- والإتحاد الديمقراطي في عام 1967م . لهذا لا نستغرب الموقف الشجاع لأصحاب الأوراق الثلاثة التي عارضت قرار إيقاف نشاط المعارضة الإرترية التي تناضل من أجل الديمقراطية والسلام والإستقرارفي إرتريا ضد نظام أوقف الحياة في البلاد وحوّلها إلى بلد للأشباح وحوّل السجون فيها إلى قبور .أما عن انسحاب سفير الديكتاتور من الندوة عند بدء المداخلات لكي لا يسمع كلام لا يرضي رئيسه ، فذلك يتفق مع طبيعة النظام الديكتاتوري ذو الرأي الواحد والحاكم الواحد ، فهو القانون ، وهو الدولة ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى