القرن الافريقي والعرب .. وشائج ممتدة*
3-Apr-2010
المركز
شهدت منطقة القرن الإفريقي الاسبوع الماضي تطورات هامة تمثلت في المقترح التي تم تداوله في جامعة الدول العربية والخاص بإنشاء رابطة للجوارالعربي تشمل إريتريا وإثيوبيا بجانب تركيا وإيران وتشاد وغيرها من الدول المجاورة .
تكمن أهمية المقترح في انفتاح الجامعة العربية تجاه منطقة القرن الإفريقي التي تشكل إريتريا وإثيوبيا دولتين محوريتين فيها نسبة للوشائج التي تجمع البلدين بالعالم العربي .فإثيوبيا تمثل دولة ذات كثافة سكانية عالية ولديها حدود مشتركة مع عدد من الدول العربية ، كما أنها تمثل دولة المقر بالنسبة للإتحاد الإفريقي ، وتعد إحدى الدول ذات الأهمية السياسية في افريقيا ،فضلاً على أن المسلمين يشكلون غالبية سكانها ، وتعتبر اثيوبيا أيضاً دولة محورية في تجمع صنعاء للتعاون الذي يضم إلى جانبها كل من السودان واليمن والصومال ، فيما تقدمت جيبوتي رسمياً بطلب الإنضمام إلى هذا التجمع الأسبوع الماضي . كل هذه العوامل تدل على الأهمية القصوى لهذه الدولة بما يجعل انضمامها لدول الجوار العربي ينعكس بشكل إيجابي على الجامعة العربية . أما فبخصوص إريتريا فإنها تمثل امتداداً طبيعياً للعالم العربي جغرافياً وسكانياً وتاريخياً ، وكان لوقفة العرب الصلبة مع حق الشعب الإريتري في نيل استقلاله دوراً كبيراً في صموده لثلاثة عقود من النضال حتى توج باستقلال مستحق. وكان من المفترض أن تنال إريتريا عضوية الجامعة العربية بعد استقلالها ، إلا أن توجهات حزب الجبهه الشعبية بقيادة اسياس أفورقي المعادية للعرب حالت دون ذلك ، حيث تم رصد عشرات التصريحات المسيئة للدول العربية وللجامعة العربية من قبل افورقي ومساعديه بعد الإستقلال ، كما قامت إريتريا بالتحرش والإعتداء على عدد من الدول العربية من بينها السودان واليمن وجيبوتي ، كما أن علاقتها المتنامية مع إسرائيل وإيران والتي تمظهرت في السباق بين الدولتين بإنشاء القواعد العسكرية قبالة ميناء عصب بما يشكل خطراً على العالم العربي .كل هذه التصرفات غير المسئولة تسببت في ابتعاد إريتريا عن العالم العربي وإن كانت قد حاولت مؤخراً استعطاف العرب بقرار العقوبات رقم 1907 الصادر ضدها من مجلس الأمن بتاريخ 23 ديسمبر الماضي وقبله حالة اللاحرب واللاسلم التي تشهدها حدودها مع اثيوبيا فضلاً عن الضائقة الإقتصادية التي تشهدها إريتريا والمتمثلة في انعدام السلع الأساسية ، كل هذه العوامل جعلت افورقي ضيفاً دائماً على الدول العربية مثل قطر وليبيا والإمارات والسودان يستجدي المعونات والمواقف المساندة لبلاده بعد أن لفظته الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي وقلبت له ظهر المجن .الموقف الحالي لأفورقي يعد موقفاً تكتيكياً ينبع من حالة العزلة التي يعيشها أفورقي ، ويسعى من خلالها لكسر هذا الطوق ، وقد قام قبيل انعقال قمة سرت الأخيرة بإرسال مبعوثية إلى معظم الدل العربية استباقاً لعدم إصدار الجامعة العربية موقف مساند للقرار 1907 ، ويبدو أن أفورقي استطاع استمالة عدد من الدول العربية من بينها السودان الذي اعلن تحفظه على مشروع قرار يساند قرار العقوبات الصادر ضد إريتريا من مجلس الأمن مما جعل الخرطوم تتعرض لهجوم من عدد من الدول المؤيدة للقرار حسب ما أوردت قناة الجزيرة .الخلافات العربية في هذا الشأن حالت دون التوصل إلى قرار يساند جيبوتي في خلافها الحدودي مع إريتريا مما جعل الأخيرة تصاب بخيبة أمل من الجامعة ، حيث كانت تتوقع مساندة لموقفها خاصة وأنها كانت قد أعلنت مقاطعتها لقمة سرت نتيجة لموقف طرابلس من قرار العقوبات ضد إرتريا إلا أنها عدلت عن قرارها بعد توضيحات من القيادة الليبية .خلاصة القول إن موقف الحكومة الإريترية الحالي هو موقف تكتيكي نتج عن الأوضاع المزية التي تعيشها بسبب العزلة المستحكمة والوضع الإقتصادي المتردي مما جعلها تهرول للعرب ، ولا اتوقع أن تنطلي هذه الألاعيب على الدول العربية ، وهذا يتضح من خلال موقف اليمن الذي عبر عنه السفير اليمني بأديس أبابا ( درهم نعمان ) الاسبوع الماضي حيث وصف القرار 1907 بالملائم ودعا المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على اسمرا لموقفا المهيج للصراع في القرن الافريقي . * نشرت كافتتاحية في صفحة نافذة على القرن الافريقي بصحيفة الوطن السودانية -2/4/2010م