أخبار

ورقة:مآلات الوضع الإرتري في ظل التطورات الراهنة : عبدالرزق كرار

1-Jul-2008

المركز

نظم موقع عونا الإلكتروني محاضرة بمقر الجالية الإرترية في مدينة ميلبورن الأسترالية يوم السبت 28 يونيو تحت عنوان ( مآلات الوضع الإرتري في ظل الأوضاع الراهنة )بحضور جمع من الإرتريين والسودانيين وتحدث فيها الزميل الأستاذ عبدالرزق كرار وتعميماً للفائدة يقوم عدوليس بنشر الورقة نقلاً عن موقع عونا فإلى الورقة:

مدخل : التنبؤ بمستقبل الوضع الإرتري خاصة السياسي منه ، هو أشبه بقراءة الإبراج ، أو الفنجان ، وذلك ليس تقليلا من علم وآليات التنبؤ وقراءة المستقبل ، ولكن نسبة لغياب مقومات تلكالقراءة والأسس التي تبني عليها ، إذ تعتمد في غالبها على المعلومات المفصلة والسياسة المتبعة والزمن ، وهكذا يستطيع المرء أن يدرك ان مآلات الوضع في المسقبل المنظور يمكن ان تكون على هذا النحو ، مع مراعاة نسبة بسيطة من الإنحراف في الإحداثيات لمقابلة التغييرات التي تطرأ ، ولعل نظرية تحليل النظم التي بدأ العمل بها حتى في العلوم الإنسانية تعتمد على تلك المقومات ، وهي تفترض إذا كانت المدخلات سليمة والآليات المستخدمة في التحليل فإن المخرجات تكاد تكون معروفة ، لكن في وضعنا الإرتري يصعب التكهن بمالآت المستقبل ، وذلك ليس على مستوى الدولة فقط بل على مستوى المعارضة كذلك ، ومن ثم قطاعات الشعب المختلفة ، وإذا كان أمر الدولة والحكومة معروف فإن المعارضة كثيرا ما ينتج عنها مواقف لا تستطيع أن تجد لها تفسيرا علميا أو موضوعيا ، ولعل مؤتمر التحالف في فبراير 2007م ، واحد من أبرز الأمثلة على ذلك ، لأنه بعد الإتفاق على كافة الأوراق المطروحة وعقد مؤتمر صحفي يؤكد نجاح المؤتمر تحدث الإنتكاسة الغير متوقعة حول الإختلاف علىمن يقود التحالف ، والمفارقة هي ان ذات التحالف بغالب مكوناته يأتي بعد عام ليتفق على القيادة ولا تعرف جينها لماذا ، إختلفوا أولا وأتفقوا أخيرا دون وجود معطيات جوهرية بين المرحلتين ، أمر آخر أن المعارضة قلما تناقش برنامج عمل مفصل تستطيع أن تحاسبها عليها بين مؤتمراتها ومن هنا يصعب تحديد مدى تقدمها أو ثباتها في مكانها بل وتراجعها في بعض الأحيان .إذا كان ذلك فيما يتعلق بالمعارضة المؤطرة في تنظيمات أو في جبهة متحدة ، فإن حال قطاعات كبيرة من شعبها لاتجد لتصرفاتها ما يبررها عقلانيا ، إذا تجد المرء يجتهد في تهريب ابنه الى خارج الوطن ، أو يقوم هو بالهروب من الوطن ، أو يرفض العودة اليه ، ولكن في ذات الوقت يدعم النظام الذي هرب منه لا يتواني في الدفاع عنه ، يعيش في بلد يتمتع فيه بالحرية والديمقراطية ويرفض إنتقال تلك الحريات الى بلاده ، أو يستكثرها على شعبه بحجج مختلفة أسوأها هو أن الزمن غير مناسب لتظبيق الديمقراطية في إرتريا .كل تلك العوامل وغيرها تجعل قراءة المستقبل امر في غاية الصعوبة ولكن هذا لا يمنع المحاولة والإجتهاد وفي هذا الإطار تاتي هذه المحاولة وليس المحاضرة .أهم أحداث الساحة :تشهد ساحتنا الإرترية في هذا المرحلة بعض الأحداث المهمة من المهم التوقف عندها ومحاولة تحليلها علها تساعدنا في فهم المستقبل وسوف نتناولها وفق الترتيب الزمني :-مؤتمر التحالف مايو 2008م :-إنعقد مؤتمر التحالف في الفترة من 5ـ 12 مايو الماضي بعد تأجيل عن موعده المحدد وهو نهاية مارس ، ودون الخوض في التفاصيل المعروفة للجميع نحاول أن نناقش بعد النقاط المهمة ولعل ابرزها : · منظمات المجتمع المدني :-مشاركة منظمات المجتمع التي بلغت (25) منظمة إضافة الى شخصين يمثلان الدين الإسلامي والمسيحي ، وعلى أهمية هذه المشاركة وتأثيرها على مجريات المؤتمر لكن السؤال هل توجد منظمات بهذا العدد ، وماهو مدى فاعلية هذه المنظمات على ارض الواقع ، وهل خضع إختيار هذه المنظمات للمزاج السياسي والمحاصصة ، أم تم وفق آليه علمية تستقصي عن هذه المنظمات ، هذه واحدة من الأسئلة المهمة التي يجب أن نضعها في البال ، وهل مشاركة المنظمات هو حق أم مكأفاة ، وهل تحكمه معايير محددة يمكن للمنظمة أن تحاول إسيفائها حتى تشارك في المستقبل ، وهل مشاركة المنظمات في المؤتمرات هو تشريع لازم أم قرار طارئ يتخذ حينا ويتغافل عنه أحيانا ، هذه واحدة من القضايا التي يجب البحث فيها ولا يجب تركها للمزاج الزماني ، وهذا مالم يحدث حتى الآن ، ولا أظن أنه سيحدث في ظل الآولويات التي تعمل بها التنظيمات السياسية من جهة والمنظمات المدنية من جهة اخرى .· إتفاق الحد الأدني :- لعل من القضايا التي يجب أن يتواضع عليها الجميع هو تعريف إتفاق الحد الأدني الذي يسمح بالعمل لجهات مختلفة في إطار واحد دون أن يلقى ذلك المكونات لهذا الإطار ، واذا حدث ذلك فإن العمل في إطار مظلة واحدة يعتبر أكثر من متوفر ومتاح بين كافة فصائل المعارضة ولكن عدم تعريف ذلك المصطلح واحدة من القضايا التي تجرنا الى مآلات لا يمكن أن نجد لها تفسيرا منطقيا في غالب الأحيان .· تقييم التاريخ :-لعل واحدة من أعقد القضايا التي تواجه علماء الإجتماع والعلوم الإنسانية هو موقع التاريخ في الحاضر والمستقبل ، وهل التاريخ يعيد نفسه ، ولماذا تتكرر الحوادث ، ولكن فلنترك ذلك جانبا ونتحدث عن وضعنا الإرتري حيث الملاحظ هو طغيان تأثير الحوادث التاريخية على مجرياته ، ودون الخوض في التفاصيل يجب ان يترك التاريخ كما هو حتى يتم تقييمه من قبل الباحثين ، وأن نحاول أن نجعل منه مادة إيجابية تساعد على فهم الواقع وتعطينا الدافع للأمام ، ولكن ليس عوامل تأثر في تقييمنا للأخريين ، او تخطيط مسار الأحداث الراهنة وفق التقييمات التاريخية .القيادة :تعتبر القيادة واحدة مشكلاتنا في إرتريا التي تحتاج منا الى عصف ذهني ودراسة متعمقة ، إذ كانت واحدة من نقاط ضعفنا الوطني على إمتداد تاريخنا السياسي والنضالي ، ولعل تجربة التحالف واحدة من النماذج التي توضح تلك الحقيقة الفجة ، مؤتمر 2002م ، مؤتمر 2007م ، مؤتمر 2008م ، وكذلك تجارب الكثير من التنظيمات التي أدى فيها التنافس الغير شريف على موضوع القيادة الى إنشقاق أفقي ورأسي وهي نماذج تاريخية معلومة للجميع .موقف الحكومة السودانية الأخير :دون الخوض في طبيعة العلاقات التي تحكم السلوك الرسمي أو الشعبي السوداني بالقضية الإرترية نحاول في هذه المساحة أن نضع القرار الأخير القاضي بتصفية وجود المعارضة الرسمي في سياقه الموضوعي وهنا لابد أن نؤكد على الحقائق التالية :أ/ أن علاقة المعارضة الإرترية بالحكومة السودانية كانت تتناسب عكسيا مع العلاقات بين النظامين السوداني والإرتري ، وقد كانت أسوا مراحل العلاقة بين النظامين أفضل مراحل إنتعاش العمل المعارض الإرتري لذا لابد من إدراك هذا العامل الناظم للعلاقة عندما نتحدث عن تقدمها أو تراجعها .ب/ إن العلاقة في أحسن حالاتها لم تتجاوز المربع الأمني وضباط الإرتباط ، وكانت بندا لدى الأمن الخارجي ولم تكن في وزارة الخارجية ، وبالتالي لم يتاح تناول القضية و ابعادها من منطلق سياسي ، ولعل ذلك يعود الى العامل الذي تحدثنا عنه في الفقرة (أ ) لذا لم يستطع قادة المعارضة من مقابلة مسئوليين سياسين سودانيين الا بترتيب من الأمن السوداني في إطار برنامج محدد يراد من خلاله إرسال رسالة محددة ، وهنا لا نعني عدم وجود إرتباط بالسياسي والأمني ولكن نعني أن رسالة المعارضة لدى صانع القرار السياسي لم تكن بذات الوضوح لدى الجانب الأمني . ج/ العاملين (أ) و(ب) إنعكسا على شكل العلاقة بين الطريين إذ لم يحاول السودان تبني المعارضة بشكل رسمى ولم يحاول تسويقها حتى عربيا ، بل رفض محاولة الإعتراف بها رسميا عندما طلبت منه بعض الدول ذلك حتى تستطيع دعمها .د/ منذ فترة مبكرة فرضت السلطات السودانية حظرا على ممارسة أى نشاط عسكري ينطلق من الأراضي السودانية ، وحصرت النشاط في التدريب فقط من خلال إيجاد معسكرات في العمق السوداني . كما لم تزود السلطات السودانية في يوم من الأيام المعارضة بأسلحة ومعدات يمكن أن تدير بها المعارضة معركة مع النظام ، وأقتصر السلاح على الأسلحة الخفيفة ، وبعض الأسلحة المتوسطة ( دوشكا ـ هاونات ) بغرض التدريب فقط .هـ | إغلاق المقرات لم يكن قرارا مفاجئا إذا بدأت السلطات السودانية منذ عام 2006م بحظر النشاط السياسي المعلن مثل المؤتمرات والندوات الجماهيرية ، ثم إغلاق إذاعة الشرق ، وما تبع ذلك من خطوات مثل إيقاف الدعم إنتهاءا الى القرار الأخير .و | القرار أتخذ على أعلى المستويات في الحكومة السودانية ( مجلس الأمن القومي ) وهو جهة سياسية يشكل الأمن إحدى أذرعه ولكن ليس القوة النافذة فيه ، ومع ذلك فإن تنفيذ القرار ترك لجهاز الأمن الذي نفذ القرار باقل مستوى من الأضرار ، وقام بدفع كافة متأخرات الإيجارات للمقرات التي كان ملتزم بدفع تكاليفها ، ولم يستخدم أى لغة عنيفة في تنفيذ القرار ، كما أنه على علم بكافة المقرات التي لم يكن يدفع إيجاراتها وتستخدمها التنظيمات في السكن وإدارة النشاط وحسب المعلومات لم يطالب التنظيمات بإغلاق تلك المقرات ، كما سمح للواجهات الطلابية ( الإتحاد العام للطلاب الإرتريين ) بإقامة أنشطة جماهيرية بعد القرار .ز / المعلومات الشائعة حول أسباب أغلاق المقرات لا تعدو أن تكون تخمينة حيث إتخذ القرار على أعلى المستويات ولم يتسرب مبررات ودوافع القرار ، ولكن هنالك سببان تتدوالهم المجالس كلاهما يستند الى أحداث العاشر من مايو ( الهجوم من قبل حركة العدل والمساواة على مدينة أم درمان ) أحدهما أن القرار جاء كمبادرة إظهار حسن نوايا تجاه إرتريا بعد أن ظهر من خلال المعلومات تورط إرتريا في المحاولة وقد قرر المجلس مواجهة إرتريا فيما يتعلق بمعسكرات حركات دارفور ، ولكن هذا يأتي بعد سد الذرائع ، والمبرر الأخر هو أن إرتريا قدمت معلومات قيمة للحكومة السودانية حول الهجوم ومن ثم فإن القرار أتخذ كرد جميل على ذلك ، ولكن من قراءتي الشخصية ارجح المبرر الأول وهو ما ذهب اليه والى كسلا حيث أعتبر القرار كبادرة حسن نية من قبل الحكومة السودانية ، كما ان الحكومة السودانية لو قدمت معلومات لفضلت أن يكون رد الجميل يختلف عن قرار الحكومة السودانية ممثلا في دعم إقتصادي ، إذ لا تزال المعارضة لا تشكل هم كبير للحكومة الإرترية ، بل عمليا الحكومة الإرترية تفضل بقاء المعارضة في السودان الذي تعرفه وتعرف ما يقدمه على أن تذهب المعارضة بكلياتها الى إثيوبيا )………….( تسريبات كثيرة عن رغبة الحكومة الإرترية للحوار مع التنظيمات الإسلامية ، وبعض التنظيمات التي لا تنظلق من إثيوبيا .ح / من الملاحظات المهمة أن هذا القرار استقطب إهتماما إعلاميا مقدرا في الصحافة السودانية والعربية وبعض الوكالات الدولية ، ولكن ما يعنينا هنا أن المعارضة إستطاعت أن تخترق مجالات حيوية في الإعلام السوداني المكتوب ، لذا فإن معظم الكتابات التي تناولت الموضوع لم يقتصر تناولها على الخبر بل تجاوز ذلك الى التحليل إظهار التعاطف مع المعارضة الإرترية ، وإبراز عدم التقدير السليم في إتخاذ القرار من قبل الحكومة السودانية .على كل قرار الحكومة السودانية لن يكون له تأثير كبير ما عدا في القضايا المالية ، إذ اقتصر الدعم السوداني على الدعم المادي فقط وكان آخر إهتمامها بالمعارضة الإرترية في المؤتمر التأسيسي للتحالف الديمقراطي في عام 2005 م في الخرطوم ، وبعدها تم تغيير كافة الطاقم الذي يعرف عن المعارضة الإرترية تدريجيا حتى جاء في الملف من لا يميز التنظيمات عن بعضها البعض دع عنك من يعرف قياداتها . كما إقتصر دور السودان في حلف صنعاء في تقديم الدعم المادي وترك ترتيب الدعم السياسي وتنظيم الصرف المادي للحكومة الإثيوبية .جبهة جديدة في الحدود مع جيبوتي :بدأت الأزمة الحدودية بين إرتريا وجيبوتي حينما أعلنت جيبوتي أن قوات إرترية إخترقت الحدود الجيبوتية وتمركزت في منطقة ( رأس الدميرة ) في السادس عشر من إبريل الماضي ، وبدأت بمخاطبة الرأى العام الجيبوتي والعالمي لحث إرتريا على سحب جنودها ، وأعلمت بكل تلك التفاصيل كل من المنظمات الدولية والإقليمية ، بينما أعتبرت إرتريا أن المشكلة لا تعدو أن تكون مؤامرة أمريكية تستهدف إرتريا وأن كل هذه الإدعاءات هي زوبعة مفتعلة لن تنجر الى مجاراتها ، وإستمر الموقف الإرتري على ذات الوتيرة حتى تطورت القضية الى معركة شرسة في العاشر من يونيو بلغت فيها الخسائر البشرية الجيبوتية (11) قتيل و(115) جريح ، وقد حملت السلطات الجيبوتية إرتريا مسئولية بداية المعركة ، ولم تلعن السلطات الإرترية أى خسائر كما لم تعترف بالمشكلة أو المعركة من الأساس ، ولكن في ذات الوقت عرض التلفزيون الجيبوتي صور جنود إرتريين هاربين تجاوزت العشرين شخصا ، ولكن السلطات الجيبوتية أعلنت رسميا أن عدد الجنود الإرتريين لديها تجاوز الـ (100) جندي .إستطاعت السلطات الجيبوتية أن تدير المعركة الإعلامية والدبلوماسية بكفاءة عالية ، واستطاعت أن تستقطب التعاطف الدولي والإقليمي ، بينما لا تزال السلطات الإرترية ترفض مجرد الإعتراف بالمشكلة ، وتحاول أن تحمل الولايات المتحدة مسئولية المشكلة ، وفي اللحظة التي تجاوبت فيها جيبوتي مع كافة الوساطات والنداءات ( بعثة تقصى الحقائق الأفريقية ) ( الإتحاد الأروبي ) ( الرئيس اليمني ) إدارت إرتريا ظهرها لكافة تلك الوساطات الدولية ، ومعلوم أن بداية حل كل مشكلة يبدأ من الإعتراف بها إبتداءا .كان ذلك عرض وصفي للمشكلة المعروفة للجميع ، ولكن بمحاولة الغوص في خفاياها ستتضح بعض المعالم التي تساعدنا لاحقا في وضع بعض المؤشرات التي تعيننا على قراءة معالم المستقبل وإبرز تلك الملاحظات هي :أ/ معلوم أن هذه ليست أول مرة تدخل فيها القوات الإرترية الى منطقة رأس دوميرة ، فعادة كانت القوات الإرترية تتوغل الى هذه المنطقة فلماذا جاء الإعتراض الجيبوتي هذه المرة بهذه الدرجة من القوة والتخطيط ، وهل نستطيع أن نقول أن المسألة برمتها فخا وقعت فيه الحكومة الإرترية .ب / كيف إستطاعت الحكومة الجيبوتية إدارة المعركة بهذا الشكل المحكم إعلاميا ودبلوماسيا ، وكذلك عسكريا مع العلم أن الجيش الجيبوتي لا يتجاوز الـ (10,000 ) جندي ، وكيف إستطاعت أن تجد كل هذا الدعم من قبل المجتمع الدولي ، وهل هذا يدعم الفرضية التي تحدثنا عنها نظرية الفخ الذي وقعت فيه الحكومة الإرترية .ج / إنكار إرتريا لوجود مشكلة في الأصل ، كيف نجد له تبرير منطقي ، خاصة وأن الطرف الأخر ( جيبوتي ) كان يصر على وجود مشكلة وبدأ بتسويق موقفه مبكرا حتى قبل المواجهة العسكرية في العاشر من يونيو . وهذا الموقف يلقى بضابية كبيرة على أسباب المشكلة الحقيقة التي في تقديري تتجاوز قضية الحدود ، وهو ما أكد عليه الرئيس الجيبوتي دون أن يفصح أن الأسباب الحقيقة لتفجر المشكلة .وهل حسبت القيادة الإرترية حساباتها لكل هذا الدعم الذي وجدته جيبوتي . وهل يمكن لإرتريا فعليا أن تتورط في صراع مع دولة تقع على ممر دولي مهم وتحميها قوة دولية مثل فرنسا والولايات المتحدة .د / الورقة الصومالية دون أدني شك لها علاقة بهذا الصراع خاصة وأن جيبوتي إستطاعت أن تنتزع ورقة مهمة من إرتريا بعقدها لهذه المحادثات بين الحكومة الإنتقالية ، والمعارضة الصومالية ، كما إستطاعت إثيوبيا أن تستميل الموقف الجيبوتي لصالحها ، وهو ما أزعج فعلا القيادة الإرترية التي كانت تعتمد المعارضة الصومالية كأداة إستنزاف لعدوتها إثيوبيا . هـ / التقدير الخاطئ للحكومة الإرترية بتبني سياسة الضغط على الطرف الأضعف ( جيبوتي ) بكل ما تمثله من مصالح دولية للفت النظر المجتمع الدولي لقضيتها مع عدوتها إثيوبيا ، وهي قضية رغم عدالة الموقف الإرتري لكنه لم يجد التعاطف الدولي نسبة لشكل المعركة التي إدارت به إرتريا متبنية نظرية ( المؤامرة ) . في عالم تديره المصالح وليس عدالة القضايا أو مبادئ القانون .قراءة على ضوء هذه المعطيات :-على صعيد النظام :لا نستطيع أن نجزم أن هذه الأحداث سيكون لها تأثيرات كبيرة على النظام ، ولكنها حتما ستؤثر بدرجة ما ، فبما يتعلق بالمعارضة الإرترية لم يعلق النظام على مؤتمر المعارضة كالعادة ، لكنه علق على القرار السوداني وأعتبره شأنا سودانيا خالصا لا يتعلق به ، بمعني أنه لم يطلب من النظام السوداني إتخاذ هذه الخطوة ، وهو ما يعني ضمنيا أنه غير ملزم بإتخاذ خطوات مماثلة أو تقديم مكافأت نظير هذه الخدمة ، ورغم أن كل ما يقال في الإعلام قد لا يعكس الحقيقة لكنني أجد نفسي إتفق مع هذا التصريح الإرتري ، حيث رشح رأى في السودان منذ فترة يقول أن الحديث عن الحليف الإستراتيجي فيما يتعلق بالوضع الإرتري حديث غير دقيق ، حيث ترتبط معظم فصائل المعارضة الإرترية بالولايات المتحدة الأمريكية ولوجاءت الى سدة الحكم ايضا ستنفذ التوجهات الأمريكية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإننا دولة كبيرة واياً كان القادم الجديد في إرتريا فهو محتاج الينا وسيتعامل معنا بمقتضى المصالح ، لذا فإن المرحلة تقتضي التعامل مع النظام لأنه الفاعل في أرض الواقع . ووفق هذا التحليل أعتقد أن العلاقات الإرترية السودانية ستتطور دون أن تصل الى مرحلة الثقة الكاملة ، لأن كل من النظامين يعلم أن الضرورات هي التي تفرض عليهم التعامل ، هذا غير حوجة السودان المستمرة لجعل علاقته متوازنة بين إرتريا وإثيوبيا ، والحقيقة أنه تكون في الآونة الأخيرة تيار عريض من الفاعلين في السياسة السودانية يعتقدون أن إثيوبيا هي سوق السودان الإستراتيجي ويجب أن تكون العلاقات معها بما يتناسب وحجم المتوقع من هذه العلاقة ، أيضا فإن الأحداث في جيبوتي لن تحقق للنظام طموحاته في لفت أنظار المجتمع الدولي مشكلته المتطاولة مع إثيوبيا من جهة والى قدرته على إحداث الشغب ومن ثم محاولة إحتواءه بتقديم مكافاءت على غرار كوريا الشمالية والى حد ما نموذج إيران ، كما ستؤدي هذه الأحداث الى مزيد من العزلة خاصة فيما يتعلق بالعالم العربي ، وهو مجال كان قد حقق فيه إختراقاً مهما في الفترة الأخيرة ( دول الخليج ـ سوريا ) . ومع ذلك فلن تكون هذه العوامل قاصمة لظهره خاصة وأنه لا يتوقع تجدد المعارك العسكرية في الجبهة الجيبوتية ، لأن كل هذه العوامل لا تضرب في البنية الأساسية التي يعتمد عليها النظام في بقاءه .على صعيد المعارضة :-نظريا نستطيع أن نقول أن المعارضة تجاوزت عقدة مؤتمر فبراير 2007م ، ولكن على صعيد العمل لم تستطع المعارضة حتى الآن ترتيب أولوياتها بالمستوى الذي يناسب التحدي الذي يواجهها ، وهو إسقاط النظام ، وذلك أن كافة المحللين يجمعون أن سيناريوهات سقوط النظام لا توجد فيها المعارضة كأحد العوامل الرئيسية ( إجتياح خارجي أو إنقلاب من الداخل ) وذلك أن المعارضة لا تزال بعيدة عن التأثير في ميدانها الرئيسي وهو الداخل الإرتري من جهة ، والجماهير الإرترية في الخارج من جهة أخرى ، وهذه الميادين تحتاج الى وسائل مبتكرة يتعلق بعضها بالخطاب الذي تطرحه المعارضة في مخاطبة قطاعات الشعب الإرتري ، وكذلك بالوسائل المستخدمة في إيصال هذا الخطاب ( التاريخ ، مساوئ النظام ، الاليات ) . كما تحتاج الى مناقشة القضايا التي طرحناها حول مفاهيم التاريخ ، والمجتمع المدني ، والقيادة ، والديمقراطية وغيرها من الإشكالات النظرية التي تنعكس على الواقع العملي مع كل مؤتمر . كما تحتاج في ذات الوقت الى إستقطاب كافة قطاعات الشعب الإرتري بمخاطبة القضايا التي تعنيه مثل ( علاقة الشباب بهذا الواقع ، موقع الدين في الحياة ، إستحقاقات التعايش بين قطاعات الشعب الإرتري كافة ، اللغة وعلاقتها بممارسة السلطة ، وفي ذات الوقت عليها تحديث آلياتها التي تستخدمها خاصة الوسائط الإعلامية ، إذ لا تزال في مرحلة دون الطموح .الخلاصة :ككل الأنظمة الدكتاتورية يظل النظام الإرتري يظهر التماسك والقوة حتى لحظة إنهياره ونحن لا نحتاج الى ضرب الأمثلة في هذا المضمار ، كما تظل المعارضة تظهر قدرا من التماسك والوعي الرفيع حتى تأتي لحظة الإستحقاق ، فتظهر الطموحات الفردية والتنظيمية مغطاة بالأفكار( مؤتمر فبراير 2007م ) ، ومن هنا فإننا نريد أن نقول أن هذه الأحداث التي سردناها لها تاثيرات بدرجات متفاوتة على الساحة الإرترية دولة ومعارضة ، وكل تأثير تظهر نتائجه طال الزمان او قصر ، ولكن هل نحن مستعدون للتغيير ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى