مقالات

المعارضة الارترية ..الى أين؟؟ : عمر جابر عمر

11-Jul-2010

المركز

ماذا ولماذا وكيف ومتى وكل علامات الاستفهام يطرحها الارتريون ولا يجدون لها اجابات.ماذا دهانا ؟ ومتى يأتى الفرج؟ هل اصيبت المعارضة بالشيخوخة المبكرة؟لا أعنى بالشيخوخة التقدم فى العمر ولكن اقصد ضمور وتراجع النشاط العقلى والتوقف عن الابداع والعجز عن استكشاف طرق ووسائل جديدة تتناسب والمهام التى تتطلبها المرحلة. الارتريون يسألون ماذا أصاب حركة المعارضة بصفة عامة والتحالف الديمقراطى ( المظلة ) بصفة خاصة؟

لماذا كلما ضاقت الأرض حول النظام انشغلت المعارضة بنفسها ؟ لماذا كلما تراجعت مساحة حركة النظام زادت انقسامات المعارضة؟ شعبنا فى الداخل يعيش حالة من الشك فى امكانية قدرة المعارضة فى احداث التغيير المطلوب— وحتى الدعاء يبدو ان السماء لم تستجب له ولسان حالها يقول: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.أين الخلل وما هى نقاط ضعف المعارضة؟؟@النهج والمنهج – لا يعكس استفادة من تجارب الماضى ( صراع الفصائل فى مرحلة الثورة) ولا يرسم ملامح المستقبل برؤية واضحة وأدوات واقعية. الشىء الجديد فى البرنامج هو اضافة فقرة عن الديمقراطية فقط لأنها نقطة ضعف النظام وليس ايمانا واقتناعا بدليل انها لم توجد قبل التحرير فى برامج تلك الفصائل ! ثم ان الديمقراطية ليست هى الفريضة الغائبة ولا هى وصفة سحرية لعلاج كل مشاكلنا. الديمقراطية يجب ان تسبقها وتصاحبها خطوات على الأرض تقر وتعترف بحقائق الوجود الاجتماعى والثقافى والدينى والعرقى.والديمقراطية هى صيغة لتنظيم تلك العلاقات وفتح آفاق التطور أمامها وتسليحها بما يشكل حماية لها ولمعتقدات أصحابها. ولكن بعد قيام الدولة الارترية افتقد الناس ما هو أهم من الديمقراطية – افتقدوا العدالة والمساواة – وجدوا أنفسهم بلا كيان ولا انتماء – شعروا يأنهم غرباء فى وطنهم.قضية اخرى يتناولها البرنامج وهى قديمة ومتجددة – قضية الوحدة الوطنية.السؤال : وحدة من مع من؟ وحدة على أى أساس ؟ اذا كانت الاجابة وحدة المسلمين والمسيحيين فذلك اتفاق ووفاق يتطلب الاعتراف بحقوق كل طرف والاقرار بالمشاركة فى السلطة والثروة. واذا كان الأساس لتلك الوحدة يستبعد مكونات الشعب الاجتماعية والثقافية فان ذلك يمثل حالة انصرافية تدفن فيها الأحلام ويصبح معها الأنتماء للوطن عاطفة لا تسندها معطيات الواقع ولا يغذيها التفاعل العقلى. اذا كانت النخبة المسيحية المعارضة تعتقد بأنها الوريث الشرعى للنظام الحالى وان كل ما عليها هو تقديم تنازلات تشمل الاعتراف باللغة العربية والسماح بالتعددية السياسية فان ذلك يدل على أنها لم تتخلص بعد من الصمم العقلى الذى أصيبت به فى الماضى.@الخطاب السياسى – أصبح تبشيريا أكثر منه سياسيا – بمعنى أنه غير تحليلى ولا يستند الى وقائع وأرقام. انه خطاب يتوجه الى مخاطبة القاعدة دون معرفة رأيها وطموحاتها وهمومها اليومية ما أدى الى أن أصبحت تلك القاعدة تنتظر الفرج من أعلى دون أن تسهم بشىء وهو ما يمكن فهمه بالرجوع الى المخزون التاريخى الذى يشكل التكوين العقلى لتلك القواعد ويدفعها الى الشك فى قدرات المعارضة فى تحقيق النصر.فشل الخطاب الساسى فى جذب الشباب الهارب من النظام الى الدول المجاورة ونراهم يبحثون عن ملجأ فى اوربا وامريكا ولا يتصلون ولا يقتربون من العارضة.@ثقافة الهزيمة والاقصاء – بعد خروج جبهة التحرير الارترية من ساحة العمل العسكرى بدأ الجميع فى البحث عن مخرج – يضمدون الجراح ويحاولون تثبيت أقدامهم ويجربون آليات عمل جديدة ويستكشفون وسائل وأساليب عمل لم تجرب من قبل. ولكن التقدم صار بطيئا وأحيانا يتوقف ويبدأ الجميع فى تبادل التهم والقاء مسئولية الفشل والانقسام على الآخر—يتبع ذلك ممارسة الاقصاء لعل الطريق يصبح سالكا! مظاهر ومنطلقات ثقافة الهزيمة تتمثل فى الشك الدائم فى امكانية التعايش مع الآخر وتواصل الانقسامات الأميبية والاتهامات المتبادلة بين قيادات التحالف على صفحات الانترنت. لم يقتصر ذلك على القيادات فحسب بل شمل القواعد اما بتوجيه من تلك القيادات او من منطلق الحماس لتلك القيادات ورغبتها فى التعبير عن الولاء . ولكن أحيانا تتجاوز تلك القواعد قياداتها فى التعبير عن مواقف لا توافق عليها القيادات – مثال لذلك – شاركت فى لقاء نظمه الشيخ خليل محمد عامر فى السويد مؤخرا وتحدث عن شئون الساعة بصفة عامة وحول ملتقى الحوار قال بالحرف: نحن حريصون على مشاركة حزب الشعب فى الملتقى وبذلنا كل ما نستطيع من أجل اقناعهم بالمشاركة – وبالمقابل يكتب أحد المريدين فى الانترنت معبرا عن فرحته وارتياحه لغياب حزب الشعب عن ملتقى الحوار!؟ هنا لا بد من الاشارة الى دور ومسئولية الشبكات العنكبوتية والقائمين على أمرها – اذا كنتم فى خندق المعارضة كيف تسمحون بنشر ما يتعارض مع الثوابت الوطنية؟ هل هى حرية رأى؟ كلا – لا اجتهاد فى المبادىء ولا خلط فى الأولويات – اذا كنتم قد نسيتم الثوابت نذكركم بها: وحدة ارتريا أرضا وشعبا ( التعايش الرضائى) – دولة لكل الارتريين وبكل الارتريين (العدالة والمساواة) – حكم ديمقراطى دستورى ( الشراكة فى السلطة والثروة) – اللغتان الرسميتان ( العربية والتقرنية) – تثبيت حق الملكية فى الأرض والممتلكات. ثم ما هذه الأساليب التى تسبب الفثيان ويعف اللسان عن ذكرها؟ فى الاعلام المتطور من حولنا نرى الصحيفة التى تنشر موضوعا لشخص ما تكتب نبذة عنه: من هو – ما هى تجربته – ما هو تخصصه …نصيحة لهؤلاء الاخوة : اللغة العربية مليئة بمفردات الهجاء والسباب – العاقل من يتحاشى ولوج البحار التى لا يحسن السباحة فيها – ليتكم تتنافسون فى استخراج واستنباط المعانى والمفردات الجميلة فى لغة الضاد لتشجيع التوجه نحو الحوار واحترام الرأى الآخر.لا بد من نبذ ثقافة التحقير والتهميش والهدم والتقليل من شأن الآخر ( ذلك يشمل الجميع) كفى التبشير بوفاة المنظمة الفلانية وتحلل الأخرى – تعلموا التبشير بميلاد جديد والاحتفال بانجاز ملموس.اما الأقصاء – لنسأل كم عدد الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والمنتديات والمنابر الثقافية والجمعيات الانسانية ومراكز الدراسات والأبحاث الموجودة خارج مظلة التحالف؟ وكم عدد المواقع العنكبوتية والاذاعات والقنوات التلفزيونية والصحف المستقلة والمعارضة للنظام والتى لا يتصل بها التحالف ولا يتواصل معها؟ الرقم الذى تستحضره ذاكرتى المتواضعة هو ( خمسة وعشرون) !؟ من السودان الى السويد الى بريطانيا الى أ مريكا الى استراليا الى الشرق الأوسط وافريقيا وبقية اوربا. لماذا يبقى هؤلاء خارج التحالف وأحيانا فى حالة صراع وخلاف؟ اذا كان التحالف كمظلة جامعة للمعارضة غير قادر على احتضان جميع مكونات المعارضة فان مصيره سيبقى فى ركن قصى يشار اليه من بعيد ويقال يوجد هناك بدلا عن هنا..@القيادات – هل شاخت؟ الحالة العقلية والتجربة والقراءة الصحيحة للاحداث وتوفير متطلبات المواجهة – كل ذلك يحدد نجاح او فشل القيادة بصرف النظر عن السن. عندما دخلت جبهة التحرير الارترية الى السودان بعد ان فشلت القيادة فى الصمود وتثبيت التنظيم كان متوسط أعمار القيادة 35 عاما وعندما تولى نيلسون مانديلا رئاسة جنوب افريقيا كان فوق السبعين و أسياس أفورقى هو من نفس جيل بعض قيادات المعارضة التى توصف بأنها تقدمت فى السن. المطلوب هو تحقيق المعادلة بين الخبرة والعلم – الحكمة والحماس – التراث والابداع والأهم هو ضمان تمثيل كل مكونات الشعب الارترى بطريقة ديمقراطية وليست انتقائية@ حلف صنعاء – هل يمكن ان يكون من المعوقات ومن أسباب ضعف المعارضة ؟ اليمن انشغل بهمومه الداخلية – الحوثيون والحراك الجنوبى والقاعدة ولا يجد الوقت ولا القدرة على الاهتمام بشئون القرن الافريقى.السودان الهموم اليومية توزعت بين الجنوب والغرب وحتى الشرق. مستقبل السودان أصبح مفتوحا أمام كل الخيارات – انفصال الجنوب – حكم ذاتى فى الغرب او الاستمرار فى حالة اللا سلم ولا حرب –ذلك كله يجعل الشمال يخرج من خزائنه خارطة طريق استراتيجية عرفت باسم ( مثلث حمدى ) تمتد أضلاعه من حلفا فى الشمال الى الابيض فى الغرب وكسلا فى الشرق. ارتريا لم تعد تمثل للسودان هما يوميا لا من النظام الحالى ولا فى المستقبل المنظور.اثيوبيا الدولة الوحيدة التى تعلن مساعدتها للمعارضة الارترية وتريد بالفعل زوال النظام الارترى الحالى ولكن — الدعم الذى تقدمه للمعارضة لا بغنى ولا يسمن من جوع ناهيك ان يساعد على تغيير نظام – ثم انها واقعة فى حيرة من أمرها بين خيارات التغيير وآلياته – التحالف تراه ضعيفا وتحالف القوميات يثير من التساؤلات أكثر مما يقدم من اجابات – ثم علاقاتها الاقليمية مع مصر ( مياه النيل )تفرض عليها التفرغ لترتيب أوضاع اقليمية لمنع رفع الحصار عن النظام الارترى خاصة بعد الاتفاق الارترى مع جيبوتى. وبعد ذلك كله وقبله البحث عن بديل يؤمن لها جوار آمن وعلاقات تضمن لها مصالحها القومية.@ النظام الارترى انه نظام غير قادر على استعادة شبابه لأنه لم يكن من الأصل شابا!؟ الفكر الذى حمله والمشروع الذى بشر به هو فكر عتيق تخطته اليشرية وقبرته عبر تجاربها فى القرن الماضى – انه الفكر الشوفينى والاستعلائى والذى انتهى مع هتلر وموسلينى وميلوسوفيتش وهيلاسلاسى. ان حالة الصمم العقلى التى يعيش فيها أصابته برعاش سياسى فقد معه بوصلة التوجه والاتجاه. هذه الحيرة التى أصابته تسببت ايضا فى حيرة المراقبين والمتاابعين – الغرب ( اوربا وامريكا ) يريد اخضاعه وتطويعه واعادته الى بيت الطاعة – وهو بالمقابل يرسل اشارات توحى باستعداده – ولكنه يقدم خطوة ( الاتفاق مع جيبوتى ) ويؤخر اخرى ( بيانه الأخير حول الصومال)ثم يدور حول نفسه فى حركة دائرية مثل دراويش الطرق الصوفية حتى يقع مغشيا عليه. ورغم كل ذلك فان المعارضة الارترية هى ما يؤرقه و هو على استعداد لان يفعل أى شىء لاضعافها وتقسيمها سواء كان با لاختراق او بعقد الصفقات والمساومة مع الداعمين لها – ولكن لا اتفاق او حوار مع اى فصيل من المعارضة.@ ملتقى الحوار – هل يمكن ان يكون عامل ضعف للمعارضة؟ انسحاب حزب الشعب علامة غير صحية ولا تبشر بخير – عدم دعوة آخرين لا تساعد على اكتمال الصورة ولكن – التقيت بالسيد ولديسوس عمار رئيس حزب الشعب الديمقراطى الارترى ونائبه السيد حامد ضرار فى لندن مؤخرا واستمعت الى اسباب مقاطعتهما لملتقى الحوار – ومع كل التقدير والاحترام للاسباب التى دكرت الا اننى أجد نفسى لا اتفق مع موقف المقاطعة – المكان المناسب لذكر تلك الاسباب والدفاع عنها هو ملتقى الحوار – انه ملتقى حوار وليس مؤتمر قرار – يعنى لا أغلبية ولا أقلية – لا تصويتلا منتصر ولا مهزوم – بل اتفاق ووفاق – اقتناع واجماع – واذا حدث عكس ذلك فان بامكان وفد حزب الشعب الانسحاب من قاعة المؤتمر وسيكون ذلك أشد وقعا وتأثيرا وربما وجدوا من الحضور من يلحق بهم!وبالمقابل النقد لممارسات اللجنة التحضيرية لا يكون على صفحات الانترنت بل فى قاعة المؤتمر وباسلوب موضوعى. السؤال الى بقية تنظيمات التحالف – ماذا تريدون من الملتقى؟ اعرف ان اجندته واضحة ومواضيعه محددة ولكن ما تسرب هو ما يجعل المشاركين يبحثون عن الاطمئنان والمقاطعون يراهنون على صحة موقفهم. هل تريدون شرعية؟ كلا أيها السادة – حتى لو شارك حزب الشعب وكل الغائبين طوعا والمغيبين كرها فان شرعيتكم ستكون: مؤقتة الى حين ان يتم التغيير ويبدأ العهد الديمقراطى تحت مظلة الدستور.#جزئية حتى يقرها الشعب الارترى بكامله بعد تغيير النظام. # # وهى محكومة بمدى مساهمتكم فى عملية التغيير وما تقدمونه من عطاء. اذا كنا نرفض التمثيل الرمزى والانتقائى الذى يمارسه النظام الدكتاتورى فكيف نقبله من الذين يرفعون شعار التغيير الديمقراطى؟شرعيتكم هى شرعية الرافض للمفروض وبالتالى لا يمكنكم امتلاك واحتكار القرار النهائى الذى يتعلق بمصير الشعب الارترى. كل الارتريين – أفرادا وجماعات – لهم شرعية مقاومة النظام على أساس مبدأ الرافض للمفروض – بأية وسيلة كانت والحكم النهائى هو للشعب. هناك عامل آخر يجعل البعض يتردد فى الذهاب الى ملتقى الحوارلا يتعلق باسلوب التحضير ولا بمحتوى التمثيل ولا بمضمون الأجندة – كلا انه عامل ما كنت اعتقد ان له ذلك التأثير – انه ينطلق من مخزون تاريخى فى الذاكرة الجمعية الارترية – انه عامل نفسى بحت يتعلق بالمكان – أديس أببا !؟ أعلم ان التحالف بذل كل ما يستطيع للبحث عن البدائل ولكن تلك هى اشكالية المعارضة الارترية – محدودية المساحة التى تتحرك فيها. .خاتمة سيقول البعض كيف تتمسك بالتحالف مظلة للمعارضة رغم كل الاخطاء والخطايا التى ذكرتها؟ لا أؤمن بسياسة الهدم – سنبنى طابقا فوق آخر حتى يكبر البناء ويكتمل – ونتبع القول : انصر أخاك ظالما ومظلوما – ونصرته وهو ظالم تكون باسداء النصح اليه وارجاعه الى الحق. اما النظام قماذا وجدنا منه؟ اسم لدولة ومقعد فى الأمم المتحدة ونشيد وعلم! النظام الارترى فى غرفة انعاش – يستمد ديمومته من ضعف العارضة – من هم فى الداخل ينتظرون الفرج من الخارج – والمعارضة الخارجية تنتظر ( دابة الأرض ) لاسقاط عصا سليمان حتى تتأكد بأن من يقف عليها قد مات بالفعل! ولكن الأهم من ذلك هو :هل المعارضة مستعدة لمرحلة ما بعد سقوط النظام؟( ( ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين – قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون) صدق الله العظيم . كان الله فى عون الشعب الارترى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى