مقالات

للحقيقة والتأريخ: وقفات مع كتاب الإتحاد العام لطلبة إرتريا وتجاربه مع قيادة الجبهة ،الأستاذ / محمد نور أحمد

28-Jan-2009

ecms

صدر في عام 2008م كتاب تحت عنوان ( الإتحاد العام لطلبة إرتريا وتجاربه مع قيادة جبهة التحرير الإرترية ) للكاتب الأستاذ/ أحمد دين إبراهيم الحاج حسين .

” بلاده السودان ليس معبرا إنما شريك لهذا يجب أن يعلم ما يحدث في الساحة الإرترية” .هذه الأمور شككت في توجهات الجبهة في تقديري ، وأثارت المخاوف من أن الجبهة ربما تصل إلى اتفاق مع الدرق عن طريق السوفيت في منطقة القرن الأفريقي مما يضر بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة ، وكانت ثمة واقعة قد عززت لدى السلطات السودانية هذا الظن ، وهى أن السودان طلب من مصر تقديم دعم عسكري للثورة الإرترية وتمت الموافقة على ذلك الطلب ، وطلب من الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الإرترية إرسال وفد مشترك إلى مصر برفقة عقيد في الأمن السوداني ،وأبلغت أنا وكنت ممثل الجبهة في السودان قيادة الجبهة في الميدان وكان توتيل هو الذي يقودها لوجود أحمد ناصر في بيروت في ذلك الوقت ، وطلب مني توتيل الاتصال بأحمد ناصر وفعلت ، لكن قيادة الجبهة ترددت في إرسال الوفد على ذلك المستوى خشية من الدخول في إحراجات مع دول الرفض ، أي الرافضة لاتفاقية كامب ديفيد وعلى رأسها سوريا والعراق وهما الدولتان اللتان كانتا تدعما الجبهة ، لهذا تم تكليف إدريس عثمان قلايدوس بتمثيل الجبهة في الوفد ولم تقبل الدولة المصرية مقدمه ، فاستأثرت الجبهة الشعبية بذلك الدعم العسكري وكان رمضان محمد نور سكرتير الجبهة الشعبية هو الذي قاد وفدها بمرافقة العقيد كمال في الأمن السوداني ، وفاتت الفرصة على الجبهة للاستفادة من هذه السانحة .إن هذه الأمور مجتمعة ربما تكون وراء تألب القوى المعادية للسوفيت وحلفائهم في المنطقة وهم السعودية والسودان ومصر الذين كانوا يحسبون على أمريكا والغرب بشكل عام في صراع القطبين في ذلك الوقت الذي كان يشهد الحرب الباردة ، وكان وراء تمسك الجبهة بالتحالف الإستراتيجي مع الإتحاد السوفيتي ينم عن سذاجة حزب العمل الذي كان يعتقد بأنه سيقنع الحزب الشيوعي السوفيتي بمساندة الثورة الإرترية ضد الدرق ، باعتبار الثورة الإرترية ثورة تقدمية تقوم على قاعدة عريضة من الجماهير ، وذلك ينسجم مع النظرية الاشتراكية بعكس نظام الدرق الذي أتى بانقلاب عسكري فوقي ولا يحظى بأي دعم جماهيري ، كما راهنت قيادة الجبهة على الأحزاب الشيوعية العربية وحركة القوميين العرب ، وهؤلاء في النهاية لا يملكون قوة التأثير على الإتحاد السوفيتي بل العكس هو الصحيح وهو ما لم تفطن إليه قيادة الحزب .أورد الكاتب أسمى في ثلاثة مواقع من الكتاب ، الأولى ضمن أحداث انقلاب 25مارس الذي أكد أنني كنت ضده وأن لم أقم بمجهود يذكر وكنت وقت وقوعه في القاهرة ، وقلت حسب روايته أن سبب الانقلاب هو الصراع بين قبيلتي الساهو والبني عامر . بالنسبة للنقطة الأولى هو أنني فقط لم أقم بتظاهرة في القاهرة ضد الحركة أو أصدر بيان ضدها إذا كان ذلك هو المطلوب من وجهة نظر الكاتب، أما ما قمت به فيعرفه قادة الحركة الذين قرروا إيقاف المخصص الذي كنت أتقاضاه أثناء تواجدي في القاهرة للعلاج ولولا الدعم الذي تلقيته من أقاربي في السعودية لطردت من المنزل الذي كنت استأجره ، ولم اشهد بالتأكيد على ذلك السيد أحمد دين ، وذكر الكاتب أيضا إنني وصفت الإنقلاب كنتاج الصراع بين قبيلتى الساهو والبني عامر ونحن كأقليات لا شأن لنا بها : هنا أحب أن أؤكد ، أولا بأنه لم يصدر مني مثل هذا القول ، وما كان يمكن أن يصدر ويبدو أن أحمد دين لا يعرف تركيبة الجبهة بشكل دقيق فالأخيرة لم تقم على أوزان قبلية في تاريخها ، وإنما على تركيبة وطنية من القبائل والإثنيات المختلفة ، وربما حدث مثل هذا الصراع في فترة المناطق ، ثم البني عامر ليست قبيلة واحدة وإنما هي مجموعة قبائل يجمع بينها الاسم ، وينطبق نفس الشيء على قبائل الساهو ، وهنالك قبائل أخرى خارج هاتين القبيلتين ، كما لم تكن جبهة التحرير الإرترية حكرا على هذين التجمعين لينحصر الصراع بينهما ، حيث كان هنالك النصف الآخر وهو المسيحي بأقاليمه الثلاثة وكانت نسبة المسيحيين في الآونة الأخيرة تشكل 60% من جيش التحرير الإرتري ولم يكن من قام بالانقلاب أبناء قبائل البني عامر وربما أفراد منهم مشاركون أما العناصر الأساسية التي قامت به فتنتمي إلى قبائل مختلفة حتى وإن كان على رأسهم عبدالله إدريس ، وقد وقف كل المسيحيين من أعضاء الجبهة ضد الانقلاب عدا يوهنس زراماريام ، عموما انقلاب مارس ليس له علاقة بصراع قبلي ولكن يمكن إضفاء طابع طائفي عليه ، وأنا شخصيا لم أصنف نفسي في يوم من الأيام تصنيفا قبليا لأقارن بين قبيلتين وغيرهما في الحجم ، لكن لا يستبعد أن النزعة القبيلة تحتل مكانها في تفكير ومشاعر الكاتب .المناسبة الثانية التي ورد فيها اسمي هي اندماج التيار العام أو جبهة التحرير الإرترية ـ المجلس الثوري بحكم بقاء غالبية أعضاء المجلس الثوري في ذلك التيار المعارض لكل من حركة 25مارس وساقم أو “بتن” كما أطلق عليها في حينه ، صحيح أنني لم أكن في قرارة نفسي مقتنع بالاندماج في قوات التحرير الشعبية الذي فرضته الظروف التي كانت تمر بها الجبهة ،ولكن لم أتخذ إي قرار سلبي إذ كان على أن اقرأ الواقع عن كثب بعد العودة إلى السودان وهو ما عبرت عنه بالرسالة التي ورد ذكرها في الكتاب وإن كنت لا أذكرها ولم أجدها ضمن الوثائق الملحقة في الكتاب ، لكن كنت من أوائل الذين طالبوا بفض الارتباط بعد قراءاتي لقرارات قيادة قوات التحرير الشعبية المخالفة لما تم الاتفاق عليه بين قيادة التنظيمين .أما المناسبة الثالثة والأخيرة التي ورد اسمي فيها هو أن الكاتب قدم لي تصورا شفهيا في مرحلة ما بعد التحرير فقلت له أنه يستحق التداول حوله ، ولكن لابد من حل التنظيم أولا لأن الجبهة الشعبية لا تقبل غير ذلك !!! وواصل الكاتب قائلا ( ورجع إلى السودان وقدم استقالته من القيادة ومن التنظيم ولم ينتظر ما سوف يتخذه التنظيم من موقع مسئوليته في القيادة ).أولا أنني لا أذكر هذه الواقعة ، ولم اسمع بأن لأحمد دين تصورا كالذي ورد في الكتاب عن مشروع حزب ، إنني أتيت إلى دمشق لتفقد أوضاع أسرتي ثم عدت إلى الخرطوم ، وقدمت استقالة مسببة ناقشني فيها إبراهيم محمد علي وغرزقهير تولدي ولم يفلحا في إثنائي عن قراري ، أما الأسباب التي دعتني إلى الاستقالة هو أننا كقيادة قررنا تحويل الجبهة إلى حزب وليس حلها وعقد مؤتمر تداولي لهذا الغرض وتم تكوين لجنة تحضيرية لإعداد أوراق المؤتمر التداولي برئاستي وعضوية كل من عمر محمد والشهيد سيوم عقباميكائيل ، وتقاسمنا الأوراق بيننا بحيث أقوم أنا بإعداد الورقة السياسية ويعد الزميل عمر محمد الورقة الاقتصادية في حين يعد سيوم الورقة التنظيمية أو العكس فلست متأكدا من ذلك ، ولكن على ما اذكر أنهينا عمر وأنا كل ورقته ولم يتمكن سيوم من ذلك فأعددناها بالإشتراك عمر وأنا على أن تقدم هذه الأوراق في اجتماع اللجنة التنفيذية تمهيدا لعرضها في اجتماع المجلس الثوري ، ثم سافرت إلى دمشق وبعد عودتي إلى السودان وجدت أن وضع التنظيم قد تغير كلية بسبب ملاحقة أجهزة الأمن السودانية للعناصر القيادية وتسليم أثنين منهم وهما ولدماريام بهلبي وقبركدان غبرزادق ( ودقشي ) إلى المخابرات الإرترية لترحلهما إلى اسمرا ، فقرر بقية أعضاء القيادة ـ اللجنة التنفيذية ـ تأجيل المؤتمر الي أجل غير مسمي ومغادرة السودان إلى أي مكان في الخارج يمكن أن يكون متاحا ، وكانت إثيوبيا هي الأقرب من بين الخيارات التي يمكن أن تتاح . لم أتفق مع هذا القرار ولم أحبذ اللجوء والعمل من الخارج فأنا لم أكن ممن يحبذونه فقدمت استقالتي كما قلت وغطى لي التنظيم منصرفات الطريق برا من كسلا إلى اسمرا ، وإنني حتى هذه اللحظة أتمتع باحترام أعضاء المجلس الثوري ، كما أنني حافظت على احترامي لزملائي في كل المقابلات التي أجريت معي ولم أذكرهم إلا بكل احترام ، وأحترم كل منا خيارات الأخر ولا يزال هذا الإحترام قائم.ملاحظات ختامية حول الكتاب :-هنالك الكثير مما ورد في الكتاب يمكن الرد عليه دون عناء ولكن أكتفي بإبداء الملاحظات التالية حوله وليسمح لي القارئ بذلك فقد أثقلت عليه كثيرا في الصفحات السابقة .1ـ عدد صفحات الكتاب المطبوعة هي 169 صفحة حوالي 85 صفحة منها تكرار للوثائق الملحقة والباقي عبارة عن اجتهادات الكاتب .2ـ من الملاحظ أيضا أن الكتاب يفتقد إلى المنهجية فهو عبارة عن قفذات من المقدمة إلى النهاية ومنها إلى الوسط دون ربط منهجي بين الأحداث ، فالقارئ كان ينتظر حسب عنوان الكتاب رصد للحركة الطلابية منذ نشأتها ، ثم متابعتها حتى النهاية ، ثم رصد لدور الجبهة في مختلف مراحل الحركة الطلابية في الخارج ، لأن الكتاب لم يتطرق إلى النشاط الطلابي في الداخل ، وأنا لم أرد على ما جاء في الكتاب عن مشاكل الحركة الطلابية لأن دوري فيها كان محدودا للغاية أن لم يكن معدوما ، فالشيء الوحيد الذي يمكن أن أنسبه إلى نفسي ولا ينكره أحد ممن عاصروني في بغداد عندما كنت طالبا بجامعتها ، هو أنني أتيت بفكرة أقامة اتحاد يجمع كافة الطلاب الإرتريين في الخارج . وذلك لأن الطلاب كانوا مؤطرين في فروع الجبهة وكانوا يحملون هذا الاسم ، وتعود الفكرة في الأصل إلى فتحي فضل سكرتير إتحاد الطلاب العالمي في ذلك الوقت والذي تعرفت عليه بواسطة الأخ الزين ياسين عندما كان طالبا بجامعة الخرطوم وكان عضوا بالحزب الشيوعي السوداني وبالجبهة الديمقراطية لطلاب جامعة الخرطوم . التقيت فتحي فضل في القاهرة في عام 1967م عندما جاء إليها لحضور مؤتمر التضامن الأفرواسيوى مع العرب بعد هزيمة 1967م ممثلا للإتحاد المذكور وكنت في طريقي إلى الخرطوم للتفرغ في مكتب الجبهة بالخرطوم أثناء العطلة الصيفية ، وذكر فتحي فضل أنه عندما يدافع عن إرتريا في اجتماعات قيادة الإتحاد فإنه يواجه من قبل إتحاد الطلاب الإثيوبي العضو في الإتحاد باتهام السودان بأطماع في الأراضي الإثيوبية ، وأضاف أنه لو “كنتم موجودين في الإتحاد لأمكنكم الدفاع عن أنفسكم فلم لا تقيمون إتحادا ثم تتقدموا بطلب العضوية وإنني واثق من أنكم ستحصلون على العضوية بسهولة فأنا اعرف اتحادات عربية وأخرى في أمريكا اللاتينية ستمنحكم أصواتها” فنقلت الفكرة إلى قيادة الفرع الطلابي للجبهة في بغداد وكان به عمر محمد وعمر جابر وأخريين ، فتقبلوا الفكرة وقرر أقامة روابط طلابية ـ نقابية ـ سياسية في مختلف المناطق التي يتواجد فيها طلاب إرتريون في الخارج وكتبنا رسالة بذلك أنا ومحمود إسماعيل وكان ممثلا للجبهة في بغداد وهو الذي قام بطبعها وإرسالها إلى الفروع الطلابية للجبهة في الشرق الأوسط وأوربا . هكذا قام الإتحاد العام لطلبة إرتريا ونال عضوية اتحاد الطلاب العالمي ومن بين قراراته في مؤتمره التأسيسي دخول كافة الخريجين إلى الميدان ولم أتابع تطورات الإتحاد بعد ذلك لأنني دخلت الميدان في عام 1970م ، ولا أعتقد أن احمد دين يعرف هذه الخلفية للإتحاد العام لطلبة إرتريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى