مقالات

تحليل اخباري : 102 و( لسه) : عادل فضل المولى

4-Jun-2008

المركز

حقبة من (النضال) الاريتري في السودان ربما تذهب الى غيابت التأريخ بعد القرار الذي اصدرته الحكومة السودانية بـ”تصفية نشاط” المعارضة الاريترية في البلاد وايقاف “نضالها” ضد الرئيس اسياس افورقي، بل ومغادرة البلاد خلال (10) أيام.

ذلك ان الوجود “النضالي” الاريتري في السودان، لم يكن وليدا لتوتر العلاقات بين الخرطوم واسمرا في العام 1994، حينما اتهمت اريتريا السودان بـ”تصدير الثورة وارسال الارهابيين لتغيير النظام هناك”، بل يمتد الوجود الاريتري الى خمسينيات القرن الماضي، منذ ان وضع الامبراطور هيلاسلاسي يده على دولة اريتريا وضمها الى اثيوبيا في العام 1950 بعد وافقت الأمم المتحدة على ذلك، وصار السودان بحكم قربه الجغرافي وتداخله الإثني هو الامتداد الطبيعي للفضاء الذي تتحرك فيه حركات التحرر الاريترية وارتبطت اسماء كثيرة من قادة النضال الاريتري بالسودان بما فيهم الرئيس الحالي أسياس افورقي..ومع ان القرار الذي اصدرته الحكومة السودانية يعطي اشارة قوية بتحسن العلاقات بين الدولتين الجارتين الا انه يكشف من جانب آخر إحدى أزمات الحكم المستفحلة في القارة الافريقية ومنطقة القرن الافريقي، بصورة خاصة وبتحديد أدق (اثيوبيا واريتريا والسودان)، إذ ان أنظمة الحكم القائمة حالياً في هذه الدول جاءت وفق “شرعيات خاصة بها او حتميات تأريخية”، ولم تُجرب هذه الأنظمة حتى الآن التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات الحرة، والسودان ربما يخرج العام المقبل من هذه المظلة حال اجراء الانتخابات العامة، لذا فإنه من الطبيعي ان تنشأ تيارات معارضة بل ومسلحة لهذه الانظمة، ولما كانت العلاقة بين الأنظمة نفسها تتراوح ما بين القطيعة حد الحرب – مثلما هو حادث بين اثيوبيا واريتريا- والتطبيع (المتقلب نفسه بين التعاون والتحفظ) فإن حظوظ المعارضة نفسها تتأرجح وفقاً لهذه المعطيات، إذ ان التوتر الذي حدث بين السودان واريتريا أوضح بجلاء كيف يمكن ان تتم استخدام المعارضة بوصفها أوراق ضغط على النظام الآخر، لدرجة ان اسمرا قامت بتسليم مبنى السفارة السودانية للمعارضة المنضوية تحت مظلة التجمع الوطني المعارض بقيادة السيد محمد عثمان الميرغني في تسعينيات القرن الماضي.والمعارضة الاريترية يبدو انها حزمت امرها منذ وقت وقررت المغادرة، لكن ليس للوطن اريتريا، بل لأديس ابابا العاصمة الاثيوبية، التي وفرت لها دعماً كبيراً بإقامة مؤتمرها الأخير بحضور (13) حركة تنضوي تحت مسمى التحالف الديمقراطي الإريتري، ولم يجد المؤتمر أفضل من ان يخرج بإعتماد ميثاق لـ “قلب النظام” في اسمرا، ميثاق يقوم على النضال العسكري المسلح.. والخطوة التي قامت بها أديس ابابا تأتي في سياق “الرد بالمثل على سلوك النظام الاريتري الذي فتح مجالات واسعة للمعارضة الاثيوبية على المستويين السياسي والاعلامي” مثلما اشارت بعض التحليلات..إذن بات جلياً ان هذه الأنظمة ومعارضاتها تسير في “زمن دائري” وليس من المنظور ان تتعايشا معاً في محيط واحد، طالما بقيت (الشرعيات) مكانها، فالقرار الذي صدر هنا يقول البعض انه يحمل الرقم (102) من سلسلة القرارات التي اصدرتها الحكومات المتعاقبة في السودان، أي بطرد المعارضة واغلاق مكاتبها في الخرطوم، فهل أفضى ذلك الى حل القضية الاساسية التي نهض من أجلها “النضال”..؟ ولما كانت الاجابة بالنفى يتوجب علينا البحث عن حلول أخرى بـ(يد) السلطة في اريتريا لا حكومة الخرطوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى