مقالات

مخاطر المشروع الطائفي… وأهمية إسقاطه بالنضال الداخلي محمد عثمان علي خير

19-Mar-2006

عدوليس

لا شك أن مواجهة المشروع الطائفي في إريتريا بقيادة (أفورقي) أصبحت تتطلب إلى مواجهة حقيقية وأكثر فاعلية في الميدان الداخلي

بعد أن برزت مخاطره داخل إريتريا وأثاره المدمرة في بنية المجتمع الإريتري بكل فئاته وطوائفه, وتأتي معانات الغالبية المسلمة في إريتريا أكثر وضوحاً في هذا الاتجاه, حيث نجح النظام مرحلياً في عزل هذه القوى وإلغاء دورها ووظيفتها في المساهمة في بناء الدولة الإريترية بهويتها الدينية والثقافية, وكل يوم أصبح يتأكد لدى القوى الوطنية في الداخل والخارج بأن هذا النظام تجاوز مرحلة الاحتكام إلى العقل, والتراجع من مشروعه الطائفي هذا, وليس هناك أي أمل في ظل هذا المشروع الطائفي في قيادة الدولة الإريترية, واعتماد الحوار الوطني وتوفير عوامل المصالحة الوطنية, وأصبحت خطورته تكمن الآن في ثلاثة عوامل تهدد الوجود الإسلامي والثقافة العربية في إريتريا وتتركز هذه العوامل في:1.تركيز دور القومية “التيقرينية” عبر تعميم الثقافة واللغة والعادات والتقاليد والتراث لهذه الفئة وتحويلها إلى قمة وقاعدة في الدولة الإريترية, مع تهميش القوى الأخرى تماماً, وجعل لغة التيقرينية لغة الدولة والشعب وفرضها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة, وجذب القوميات الأخرى إلى تعلم هذه اللغة من خلال الدورات والمدارس وفي ساعات مختلفة, بل وفرض جميع المعاملات في دوائر الدولة الإريترية المختلفة ورفض أية معاملات أخرى تقدم باللغة العربية, مع أنها لغة الغالبية من الناحية السكانية, وكان يتعامل بها المسلمون في جميع العهود الاستعمارية من العهد التركي والإيطالي والبريطاني, وتم اعتمادها رسمياً عبر الأمم المتحدة عام 1950م, ولم تكن اللغة “التيقرينية” في كل هذه العهود لغة رسمية يتم التعامل بها, حتى في عهد الاستعمار البريطاني رفضت الإدارة البريطانية اعتمادها واكتفت باللغة العربية والإنجليزية في إريتريا, ويأتي المأفون (أفورقي) لكي يشطب على كل هذه المراحل ويفرض على الغالبية الإسلامية لغة الأساطير الغابرة والمجتمعات المنقرضة في منطقة القرن الأفريقي, مستغلاً حالة الضعف الطارئة في المسلمين في إريتريا, وأن تركيز هذه الثقافة وفرض هذه العادات والتقاليد واستخدام الفن, في هذه المعركة الاقصائية للهوية العربية في إريتريا, يمثل أكبر خطر داهم يهدد وجود المسلمين في إريتريا والذي يفترض منهم الآن وليس غداً أن تتوحد جهودهم في مشروع الدفاع عن الهوية الوطنية للغالبية المسلمة في إريتريا, دون المراهنة على تعدد الأحزاب والأدوار والحسابات الخاطئة, أمام مشروع طائفي يداهم كل بيت في إريتريا, ولكن بحمد الله هناك مقاومة شعبية غير معلنة في داخل إريتريا وهذا ما أشارت إليه جريدة “إريتريا الحديثة” عبر زاوية ذلك الأفاك الأثيم (شهاب أرايا) بتاريخ 18/1/2006م وتحت عنوان “أفكار بالية” ويقول في معرض مقاله: (( ولكن بالرغم من كل انجازاتنا في سبيل تقوية الوحدة الإريترية ما زالت هناك بعض التقاليد أو العادات السيئة… وما زلنا نمارسها في حياتنا اليومية واستفحلت في هذه الأيام, مثل أن تذهب لاستئجار منزل فيسألك صاحبه: هل أنت مسلم أم مسيحي؟ ووصل الأمر حسب اعتقاده أن المسلمين والمسيحيين, يجلسون في موائد متباعدة ومختلفة في المناسبات التي تجمع بينهم, إنه أمر يدعو للتساؤل, وإذا تقاسم الإريتريون الأفراح والأحزان فلما لا يجلسون في موائد واحدة تزيد التقارب بينهم, إن رؤية الصليب الأحمر الكبير أو الهلال, على جدران محلات بيع اللحوم واللافتة المكتوب عليها “ملحمة مسلم أو ملحمة مسيحي” تستفز كل إريتري, ويزعم أن هناك أصحاب نفوس ضعيفة يحركون هذه المشاعر أو الأفكار البالية, ويطالبنا بأن نذبح دجاجة جديدة للدفاع عن الوحدة الوطنية وما أتفهها في التعبير عن الوحدة الوطنية, حيث يزعم أن السيد (ولدءاب ولد مريام) والشيخ (إبراهيم سلطان) اجتمعا في منزل (كيكيا) في “كرن” وذبحوا دجاجة بيد مسلم ثم أقسموا على المصحف الشريف وأكلوا منها, ثم ذبحوا أخرى بيد مسيحي وأقسموا على الإنجيل بمواصلة النضال والبعد عن كل المعتقدات الدينية والقبلية والمناطقية, ونسأل هذا الطائفي المركب, هل مشروعكم التعيس يتعالى عن “التعصب الطائفي” والتي يمارسها النظام بأبشع صورها في داخل إريتريا)).2.أما الجانب الثاني فيتمثل في خطورة الهيمنة على أراضي الأقاليم الإسلامية, وتمليكها للمسيحيين الإريتريين ولشركات وعصابات الجبهة الشعبية في إريتريا, حيث أصبحت 60% من الأراضي تحت إدارتهم وملكهم, ويكفي أن 25كلم في منطقة طولها من “تسناي إلى فانكو” تم تمليكها بالكامل لشخص اسمه (ود قشي) وقدم له من البنك المركزي قرض بـ (400 مليون نقفة) وهو في الحقيقة واجهة لشركات الجبهة الشعبية, وهذه أراضي زراعية معروفة وأن مالكيها لا زالوا على قيد الحياة, وحولوهم إلى عمال في هذا المشروع بدل أن يمنحوهم قروض مثل المسيحيين الإريتريين, بمعنى أن المشروع الطائفي يريد أن يركز وجوده من خلال احتكار الجانب الاقتصادي في كل المجالات, حتى تكون مصدر تمويل لكافة أنشطته في دوائر الدولة الإريترية المختطفة في الوقت الحاضر, من المشروع الطائفي, ولكنها سوف تعود حتماً إلى الشعب الإريتري الذي لن يفرط في استقلاله ودولته بسبب نظام يعتبر إنتاج إريتري محلي بجانب الدعم الخارجي بعد ذلك, ساهمت كل السلبيات في الغالبية المسلمة على تمكينه من حاضر وتهديد مستقبل الأجيال الصاعدة, لقد أصبح النشاط الاقتصادي من المجالات التي يريد النظام أن يحقق فيها نجاحات حاسمة, ووصل به الأمر إلى محاربة أي نشاط تجاري للمسلم الإريتري ولو كان بسيطاً, وهناك عدد كبير من أسماء التجار الإريتريين الذين تم سحب الرخص منهم وتلفيق التهم إليهم ومصادرة بضائعهم وإدخال الكثير منهم في السجون, حتى لا تكون للمسلم الإريتري بنية اقتصادية يتحرك من خلالها في تطوير وتأمين دوره الاقتصادي في المجتمع الإريتري, وكلنا يعلم أنه منذ عام 1993م قدمت حكومة الجبهة الشعبية أكثر من 2 مليار دولار وعبر البنوك الإريترية بشكل قروض لـ 40% من المسيحيين الإريتريين, ولدينا البيانات والوثائق من خلال البنك المركزي وما يسمى بالبنوك الريفية, والتي يتواجد منها الآن في إقليم “بركة” 50 بنك ريفي لتمويل مشاريع الطائفيين, بل والأخطر من ذلك أنه تم تهجير عشرات الآلاف من الأقاليم المسيحية إلى إقليم “بركة والقاش” بعد أن حرموا شعب هذه المنطقة من العودة من مناطق اللاجئين الإريتريين في شرق السودان إلى أقاليمهم, وهذه الهجرة مرصودة ومتابعة, وأن هؤلاء المسيحيين الذين يستولون على أراضي المسلمين سيدفعون الثمن غالياً, وأن مشروع (أفورقي) الطائفي لن يدوم في حكم إريتريا, وأن عوامل اندحاره تكمن في ذاته, وعندما تنفجر المقاومة الشعبية في المرحلة المقبلة, والتي تتطلع إلى بروز معارضة قوية ومنسجمة مع معانات الشعب الإريتري في الداخل والخارج.3.أما النقطة الثالثة, فإنها تتمثل في السيطرة الكاملة على مجالات التعليم بمختلف مراحلها وربطها بالمشروع الطائفي, ومقاومة أي مشروع تعليمي عربي والتضييق عليه وتهميشه في كل المجالات الثقافية والإعلامية والفكرية والأدبية, ومن الأمور المخجلة لهذا النظام المتخلف عقلياً والمفلس فكرياً, أنه في كل معارض الكتاب التي ينظمها في كل عام في “أسمرا”, يرفض أي مشاركة للكتاب العربي كغيره من العلوم الإنسانية, وينسى أن إريتريا بحكم ارتباطها بالمحيط العربي الحضاري وتعمق الثقافة العربية فيها, لا يمكن حرمان شعبها من أن يرى ثقافته تعرض أمامه في مثل هذه المعارض, ومن ناحية أخرى فإن جميع البعثات الخارجية في جميع المجالات التعليمية والدورات التدريبية والبعثات العسكرية منذ عام 1994م, هي محصورة 98% على العنصر المسيحي الإريتري, ونتحدى النظام أن يثبت خلاف هذه الحقيقة, هذا بشكل عام ولا نريد أن نحدد الدول والجامعات التي تستوعبهم كجنوب أفريقيا ونيجيريا وأوروبا بشكل عام, في الوقت أنه يعرقل كافة المنح المقدمة من الدول العربية والبنك الإسلامي وجامعة الأزهر ومعاهدها في مصر والذين يقدمون منح سنوية, ويكفي أن الأزهر الشريف قد قدم في عام 2005م “70 منحة دراسية” تشمل مجالات الطب والهندسة, والتي من الصعب أن يحصل عليها المواطن المصري في الوقت الحاضر وعرقلها النظام, إلا أن إدارة الأزهر لجأت إلى تقديم المنح من خارج إريتريا, وتم قبول 32 طالب إريتري من جدة, كما أن البنك الإسلامي يقدم في كل عام منح علمية تتجاوز العشرين منحة, وقرر أن تقدم هذه المنح للإريتريين في الداخل, ونجح منذ عام 2003من نقل 20 طالباً إريترياً إلى الأردن لكي يواصلون دراستهم وقد تم قبولهم في الكليات العلمية, ويرفض النظام الإريتري مئات المنح الدراسية التي تقدم من الدول العربية, وهذا ما يجب أن يعلمه المواطن الإريتري, في الوقت أن الحكومة الكويتية متكفلة بدفع موازنة التربية والتعليم, ومع كل هذا الدعم والمساعدات من الكويت رفض النظام مشروع كويتي ببناء جامعة في إريتريا, خوفاً من الهوية العربية التي تعكسها هذه الجامعة في إريتريا, وهناك محاولة خبيثة من المشروع الطائفي في إريتريا حيث أنه يدرك للمدى البعيد بأن المستقبل للغة والثقافة العربية في إريتريا, وأنه يجب أن يعد نفسه لاحتواء هذا المستقبل وحصره في دائرته الطائفية, حيث أصدر رأس المشروع الطائفي (أفورقي) قراراً غير معلن عام 2005م كلف بموجبه (إبراهيم توتيل) بإنشاء مدارس تدرس فيها اللغة العربية فقط, وأن العلاقة في هذا المجال تكون مباشرة معه دون وزارة التعليم, وافتتحت هذه المدارس وتستوعب جميع موظفين الدولة من المسيحيين الإريتريين, وهم مطالبون بعد انتهاء دوامهم أن يتوجهوا رأساً إلى هذه المدارس لدراسة اللغة العربية, وتتكفل الدولة بدفع تكاليف هذا النشاط التعليمي للموظفين, وأن سبب هذا القرار يرجع في الحقيقة إلى طلب دولة خليجية ألف موظف وعامل إريتري, بشرط أن يتحدثوا اللغة العربية, وهذا ما حرك مخاوف النظام بسبب أن الدول الخليجية وغيرها سوف تستوعب المسلمين الإريتريين في مجالات العمل, وهذا ما سينهض بهم اقتصادياً ويوفر لأسرهم الاستقرار, وبدلاً من أن يبعث بألف مسلم إريتري تجاهل هذا المشروع وقرر أن يستبدله بتعليم العنصر المسيحي اللغة العربية, حتى يغطي هذا المجال بالمسيحيين الإريتريين في المحيط العربي, وما الذي نتوقع من نظام يفكر بهذه العقلية المدمر للمسلمين في إريتريا, وهذا ما يتطلب منا أن نكون بمستوى المسؤولية, ونتخذ قرار المواجهة الحاسمة, وذلك باستخدام التراث النضالي في العمل الداخلي. إن المعارضة الحقيقية في هذا الظرف الخطير الذي يتعرض فيه شعبنا في الداخل إلى تطهير عرقي وثقافي وديني, لابد من الارتقاء في اعتماد برامج داخلية تفّعلُ النضال الداخلي وتشعر شعبنا في الداخل أن هناك معارضة ومقاومة منظمة تتحدى هذا المشروع الطائفي في الداخل, وهذا ما سوف يسهل عملنا ويمكننا من استيعاب أكبر عدد من الجماهير الناقمة على هذا النظام الطائفي, خاصة وأن العنصر المسلم يمتلك تراثاً نضالياً فيه الكثير من الملاحم التي يفخر بها شعبنا, كما أن لنا إرثاً مضيئاً في العمل السري, وإذا كان عدونا بهذه العقلية العدوانية فلماذا هذا التراخي الذي يستفيد منه المشروع الطائفي ويوظفه في بناء مرتكزاته, وأن مجال اختراق النظام في إريتريا مفتوح أمام المعارضة في الوقت الراهن في المؤسسات (العسكرية والأمنية والسياسية) والشعب في الداخل مستعد للتفاعل مع المعارضة وإلحاق الهزيمة الماحقة بالمشروع الطائفي, لماذا لا نراجع تراثنا النضالي وتضحيات الجيل الذي سبقنا في تأسيس “جبهة التحرير الإريترية” وتركيزهم على البناء الداخلي, وكانت المواجهة مع النظام الكهنوتي الإثيوبي خطيرة ودقيقة منذ عام 1961م, وأمام إمكانيات محدودة وضعيفة, ولكن إرادة التحدي والتصدي هي التي صنعت الجبهة وأخرجتها إلى العالم الخارجي, ويمكننا أن نقدم لك أيها القارئ هذا النموذج من البطولات الإريترية في العمل السري, والتي قام بها البطل الشهيد (إبراهيم إدريس بليناي) عندما قررت قيادة “الجبهة” برئاسة الزعيم الوطني (إدريس محمد آدم), توزيع بيان في مؤتمر القمة الأفريقية في “أديس أبابا” عام 1964م, وكان من الصعب الوصول إلى العاصمة الإثيوبية, وتم توجيه القيادة الثورية في “كسلا” بإدارة ومتابعة هذه المهمة, وكان الهدف من توزيع هذا البيان إقناع (عبدا لناصر) والدول العربية والإفريقية على جدية وقدرة الجبهة في مواجهة النظام في عقر داره, فكلفت القيادة الثورية الشهيد (إبراهيم إدريس بليناي) بالقيام بهذه المهمة وإيصال هذا البيان عبر الخلايا الداخلية للجبهة, وتم الاتصال بالخلية الأولى في “أوغردات”, واستقبل (إبراهيم) من قبل الأستاذ (محمود محمد صالح وإبراهيم كلفي) وتمت استضافته في بيت الأخير, واطّلعوا على طبيعة المهمة وصعوبة تنفيذها ولكنهم قرروا الالتزام بتنفيذ التوجيه الصادر من القيادة, فتحرك الأخ (إبراهيم كلفي) واتصل بالشخصية الوطنية الكبيرة رئيس البرلمان الإريتري (حامد فرج) رحمه الله, والذي شهدت له خلية الجبهة والذين يعرفون خفايا الأمور بأنه تبرع “بعشرين ألف دولار” لدعم الجبهة لأنه كان ناقماً على الإثيوبيين في ضم إريتريا إلى إثيوبيا, ولم يشارك في هذه العملية لأنه كان في المستشفى آنذاك, وأخذ منه التوقيع بالترهيب ويعلم بهذه الحقيقة في تقديم هذا الدعم المادي من الأحياء (عمر حاج إدريس وعثمان إزاز), ويكفي أن شهيدتا (إبراهيم) كان يتحدث باحترام وتقدير للشيخ (حامد) ويعتبره من ركائز الجبهة في الداخل, وكان يصحح معلومات الأفاكين في هذه الشخصية الوطنية الإريترية, فقام (كلفي) بعرض هذه المهمة على الشيخ (حامد فرج) وضرورة مساعدته لهم لإيصال الأخ (إبراهيم ) إلى “أسمرا”, ووافق الشيخ (حامد) على أن يحمل (إبراهيم) معه في سيارته الشخصية في سفرة عاجلة إلى “أسمرا” تحت زعم أنه “مريض” وأن يكون شبه نائم طيلة الرحلة, ووصل إلى أسمرا برفقة الشيخ (حامد), وتم تسليم (إبراهيم) للخلية الثالثة في “أسمرا” كان على رأسهم المناضل الجسور السيد (محمد سنوبر) مدير شركة “ستاي” آنذاك, والذين بدءوا إعداد (إبراهيم) للمهمة, من ناحية المظهر واشتروا له بدلة ليظهر بمظهر لائق في العاصمة, وأثناء سفره إلى “أديس أبابا” وقاموا باستخراج (كمسيون طبي) له لكي يتمكن من السفر والعلاج في “أديس أبابا” لأن السفر كان صعباً كما قلنا من إريتريا إلى “أديس”, وتحرك (إبراهيم) وعبر باص عام, إلى”أديس” بعد تم إعلام الخلية في”أديس” ووصل (إبراهيم) بسلامة الله ورعايته حيث تم استقباله من ابن الزعيم الوطني (عبدالقادر كبيري) وانتهت مهمته بتسليم البيان, والذي تولى مهمة طبع البيان بحكم أنه الوحيد الذي كان يملك “طابعة عربية” في أديس, وتكفلت الخلية بعد ذلك بمهاراتها ووسائلها الناجحة, إلى إدخال “البيان” إلى قاعة المؤتمر وتسليم البيان إلى الرؤساء والوفود ومن بينهم الرئيس (عبدا لناصر) والذي تأكد من تلك اللحظة من مصداقية قيادة الجبهة في “القاهرة”, وحدث في المؤتمر هرج ومرج ورفعت الجلسة, وأحرج الإمبراطور بشكل مهين أمام الحكومات العربية والأفريقية آنذاك, وغادر شهيدنا (إبراهيم) أديس بعد أن تأكد من استكمال مهمته بتوزيع البيان إلى “كسلا”. وهناك مهمة أخرى كان بطلها أيضاً الشيخ (حامد فرج) حيث تفجرت مشكلة (ممهر عقبا ميكائيل) وهو موجود الآن في “السويد” ويمكن الاتصال به وسؤاله عن دور الشيخ (حامد), حيث كان هذا الرجل موظف في “دقي أمحري” حسب ما أعتقد في عام 1965م التي تزايدت فيها الاعتقالات في “أسمرا وفي سرايي” وعلم (ممهر) هذا بأنه مطلوب من الأمن فبعث, إلى خلية الجبهة في “أسمرا” أنه إذا تم القبض عليه فإنه سوف يكشف خلايا الجبهة في “أسمرا” وغيرها, إذا لم يتم إخراجه من إريتريا إلى السودان, فحول هذا الطلب من الخلية في “أسمرا” إلى الخلية في “أوغردات” وطلبوا مساعدتهم, ولم يكن هناك بد من الاتصال بالشيخ (حامد فرج) من خلال (إبراهيم كلفي) وتم اطلاعه على الموقف وما سيسببه هذا الرجل من تخريب في نشاط الجبهة الداخلي خاصة في “أسمرا”, وأنهم يرجون مساعدته في استخدام سيارته الرسمية ونقله إلى “دقي أمحري”, فوافق الشيخ (حامد) ورافق (إبراهيم كلفي) زوجته معه في هذه الرحلة بحجة تلقي العلاج لها في (دقي أمحري), وبهذه الحجة تم استغلال السيارة, والوصول إلى “دقي أمحري” ونقل (ممهر) بهذه السيارة الرسمية, ووصل إلى “أسمرا”, وتم نقله فوراً إلى “أوغردات” وإيصاله إلى “كسلا” قبل أن يتم اكتشافه من الأمن الإثيوبي. وهناك ملاحم نضالية مشرقة للمسلم الإريتري الذي أصبح اليوم وفي هذا الجيل عرضةً للمهانة والاستخفاف من الطرف الآخر, لذلك فنحن نريد العودة إلى تراثنا النضالي الصدامي وتسجيل البطولات أمام هذا المشروع الطائفي, الذي أصابنا في كبريائنا الوطني, ويستخدم الظروف الإقليمية والدولية, التي تعكس هيمنة الاستكبار العالمي لصالح مصادرة حقوق الغالبية المسلمة في إريتريا وغيرها, وفرض الاستسلام عليها, لذلك فإن “التحالف الوطني” إذا لم يتخلص من عقلية المراهنة على الخارج والتحالف مع نظام “التيقراي” الذي لن يغامر بإسقاط مشروع قومية التيقرينية في “أسمرا” بحكم ذلك الامتداد التاريخي والقومي والثقافي, وقبل أن يعد البديل الذي يكرس تحالف “تيقراي – تيقرينية” في “مقلي وأسمرا” وكل المعلومات تأكد على أن جناح (زيناوي) يفضل تركيز سلطة قومية “التيقرينية” في إريتريا, وتصفية جناح (أفورقي) بطريقة لا تمكن الغالبية المسلمة في إريتريا من السيطرة على الحكم.ومن خلال كل هذه الحقائق ندرك بأن معركتنا مع المشروع الطائفي تزداد تعقيداً كل يوم إذا لم نتمكن من استخدام رصيدنا الوطني المضيء, الذي يحرك الوجدان الشعبي ويدفعه للدخول في خطة عملية للتخلص من آفات هذا المشروع الطائفي ومخاطره على الدولة الإريترية, التي هي ملك للشعب الإريتري وليس لهذه الفئة الباغية, وعلينا أن نفرق بين مواجهتنا للنظام, والتضحية بالدولة الإريترية, ضمن تحالفات خارجية, خاصة مع إثيوبيا, حتى لا ننحدر بآمال وتطلعات الأجيال الصاعدة التي يجب أن نورثها دولة إريتريا الحرة المستقلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى