استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة الهجرة (مخيبة للآمال) -(1-2)
27-Apr-2015
عدوليس
أكسفورد, 26 أبريل 2015 (إيرين) -إلقاء نظرة فاحصة على قائمة الالتزامات التي تعهد بها زعماء أوروبا عقب قمتهم حول أزمة المهاجرين، التي رُتبت على عجل وعقدت في بروكسل الخميس الماضي، لا تكشف عن أي تغيير جوهري في الاستجابة بل عن تدابير قليلة لا يحتمل أن تترك تأثيراً كبيراً على تدفقات المهاجرين وطالبي اللجوء ممن يحاولون الوصول إلى أوروبا.
وكانت النتائج قد صيغت بالفعل في خطة أولية صدرت الاثنين، مما يجعل من اجتماع يوم الخميس يبدو وكأنه مجرد علاقات عامة.
وخاطب زعماء مثل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وسائل الإعلام ووعدوا بتخصيص سفن وطائرات هليكوبتر لتعزيز القدرة على البحث والإنقاذ، في حين تعهد المجلس الأوروبي بمضاعفة تمويل عملية تريتون التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي إلى ثلاثة أضعاف.
ولكن ما هي الخطط الجديدة التي تمخض عنها الاجتماع، إذا كانت هناك أي خطط بالأساس، وهل من المتوقع أن تضع حداً للأزمة المتنامية؟
قامت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، بمساعدة من بعض الخبراء في شؤون الهجرة واللاجئين، بتفسير القرارات الرئيسية وتحليل أثرها المحتمل:
تكثيف عمليات البحث والإنقاذ
كان يُنظر على نطاق واسع إلى عملية البحث والإنقاذ الإيطالية، التي تعرف باسم “بحرنا”، التي امتدت من أكتوبر 2013 حتى نوفمبر 2014، على أنها عملية فعالة. مع ذلك، فقد اعتمدت إلى حد كبير على دولة واحدة من الدول الأعضاء وتم وقفها عندما لم تحصل على مزيد من الأموال من الاتحاد الأوروبي.
وقد تولت فرونتكس الوكالة المنوطة بمراقبة الحدود في الاتحاد الأوروبي، هذا الدور في أواخر العام الماضي ولكن عملياتها واجهت انتقادات شديدة من المنظمات الإنسانية نظراً لتركيزها على مراقبة الحدود أكثر من عمليات البحث والإنقاذ.
وقد تحققت للأسف التنبؤات التي أفادت أن العديد من المهاجرين سيلقون حتفهم ما لم يتم إيجاد بديل حقيقي لعملية “بحرنا”.
وتشير إحصائيات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن 1,750 مهاجراً لقوا حتفهم في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية العام الحالي، وهو ما يفوق معدل وفيات المهاجرين خلال نفس الفترة في عام 2014 بنحو 30 ضعفاً.
وبالتالي، لاقى التعهد الذي يقضي بزيادة الموارد وتوسيع مهام “عملية تريتون” ترحيباً واسعاً.
وفي هذا الصدد، قال كريس بوليت، مسؤول الشؤون القانونية والسياسات في مقر المجلس الأوروبي المعني باللاجئين والمنفيين في بروكسل: “إن الشيء الإيجابي هو أنه يوجد اعتراف على أعلى مستوى سياسي، بأن عمليات [البحث والإنقاذ] تقع ضمن المهام المنوطة بوكالة فرونتكس”.
وتجدر الإشارة هنا على نحو خاص إلى تعهد بريطانيا بسفن ومروحيات، ويأتي هذا الأمر بعد أن رفضت وزارة الخارجية علناً في شهر أكتوبر الماضي دعم عمليات البحث والإنقاذ، معتبرة أنها كانت تمثل عامل جذب يشجع المزيد من المهاجرين على محاولة عبور البحر إلى أوروبا.
وفي الوقت الذي يتم النظر فيه إلى تكثيف عمليات البحث والإنقاذ على أنها خطوة إيجابية إلى حد كبير، إلا أن الخبراء سرعان ما أشاروا إلى أنها لا تعالج الأسباب الجذرية لأزمة الهجرة.
استهداف المهربين
وتشمل التدابير الجديدة الصارمة لمكافحة مهربي المهاجرين: “جهود منظمة لتحديد السفن والاستيلاء عليها وتدميرها قبل أن يتم استخدامها”، وتقديم الجناة إلى العدالة، وإطلاق عملية مدنية-عسكرية، والقضاء على الإعلانات التي يبثها المهربون على شبكة الإنترنت ويحاولون بها زيادة زبائنهم.
وتعليقاً على ذلك، قالت تيوزداي ريتانو، رئيس المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، أن معظم هذه المبادرات جاءت متأخرة جداً بحيث لم يعد لها أثر حقيقي على المشكلة التي تركت دونما علاج حتى استفحلت.
وقالت ريتانو في حديث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): “لقد أصبحت المشكلة أكثر تعقيداً بكثير مما يُصعِّب حلها الآن مقارنة بالحال لو تم السعي لحلها منذ سنة مضت”. وأضافت: “لقد تمكن المهربون من مد جذور ومخالب انتشرت على نطاق واسع جداً. تشجع الشبكات القائمة الكثير من المهاجرين الجدد، وهو ما يتضح من تنوع جنسيات القادمين إلى أوروبا”.
وعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن سوف يجيز عملية عسكرية مدنية للقيام بدوريات في المياه الليبية قد تمكن من القبض على بعض صغار المهربين، إلا أن ريتانو ترى أن “مقاضاة المهربين قانونياً ليس سهلاً كما يبدو” وتحذر من أن زعماء العصابات الذين يسيطرون على شبكات التهريب، التي تتنامى من حيث الاحتراف والقدرة على التكيف، سيواصلون عملياتهم.
وأوضحت قائلة: “إنهم يحاولون الحصول على أكبر قدر ممكن من النقود مقدماً، ثم يطلبون المزيد من المال على طول الطريق ويطالبون أسر المهاجرين بإرسال المزيد. إنها تشبه إلى حد كبير احتجاز الرهائن”.
كما أن استهداف المهربين لن يسهم في الحد من الطلب على خدماتهم، التي من المرجح أن تنمو مع استفحال الأزمات في اليمن ونيجيريا.
امنعوهم من المجيء
وتهدف التدابير المزمعة مثل زيادة التعاون مع الشركاء في الدول الأفريقية عن طريق مساعدتهم في تحسين مراقبة حدودها البرية والبحرية، بالأساس إلى ضمان عدم وصول المهاجرين أبداً إلى الشواطئ الأوروبية.
أما اتفاقات إعادة القبول التي تسمح للاتحاد الأوروبي بإعادة المهاجرين غير النظاميين إلى الدول المجاورة لحدودها مثل تركيا وتونس تتم بالفعل، وكذلك مبادرات مختلفة للعمل مع البلدان الأفريقية، مثل “عملية الخرطوم”. وحول هذه التدابير، قال بوليت من المجلس الأوروبي المعني باللاجئين والمنفيين: “إنها تعتمد على الإجراءات القائمة بالفعل، ولكن هذا النهج الأحادي الجانب لوقف تدفق المهاجرين نحو أوروبا ونقل العبء إلى البلدان الموجودة على طريق الهجرة، وتحميلها مسؤولية منعهم من الوصول إلى أوروبا”.
وأضاف قائلاً: “إذا لم يقترن هذا بالتزام واضح للقيام بنصيبنا وقبول عدد أكبر من المهاجرين، فمن الواضح أنها لن تكون ذات جدوى”.