السودان اريتريا.. هل يغمر الضوء النفق
25-May-2005
الرأي العام
إعداد : سعاد عبد الله – الرأي العام السودانيه – 24/5/2005م
وميض بدأ يشع ضوءه في نفق العلاقات السودانية الاريترية المظلم.. وذلك في اعقاب القمة الافريقية المصغرة التي عقدت في السادس عشر من الشهر الجاري بطرابلس لمعالجة قضية دارفور. وعلى هامش القمة جمع لقاء مطول بين الرئيس السوداني ونظيره الاريتري بحضور الرئيس الليبي شرح فيه الرئيس البشير بصراحة تامة وتفصيل دقيق العقبات التي تقف حائلاً دون تطبيع العلاقات بين البلدين وطلب البشير من افورقي ان تكف اسمرا عن مساعدة المعارضين المسلحين
الجانب الإرتري لم يثر اية نقاط محددة تجاه السودان، وزير الخارجية السوداني د. مصطفى عثمان وصف لقاء الرئيسين البشير وافورقي بالخطوة المهمة ولكنه اردف، انه من الصعب القول بانها تعني تطبيقاً كاملاً ما لم تنفذ اسمرا شرط الحكومة السودانية بعدم ايواء ودعم المعارضة المسلحة التي تعرقل عودة العلاقات الى طبيعتها. الرئيس الاريتري آسياسي افورقي وصف نتائج اللقاء بالايجابية يذكر ان افورقي بقى بطرابلس وعقد سلسلة من اللقاءات مع الرئيس القذافي في هذا الصدد ووصف مسؤول الشؤون التنظيمية بالجبهة الشعبية الاريترية الحاكمة اللقاء بالاهمية والايجابية وقال انه سيمكن البلدين من فتح صفحة جديدة من التعاون المشترك وتجاوز التراشق بالاتهامات المتبادلة واحترام علاقة الجوار.،بعض المراقبين عزوا هذا التحول المفاجئ في الموقف الاريتري للمرحلة القادمة التي يشهد فيها السودان تحولاً شاملاً بمشاركة الحركة الشعبية السلطة وهي الحليف الوفي السابق لاسمرا وهذه فرصة سانحة لاسمرا لترميم علاقتها مع الحكومة دون اراقة ماء وجهها ودون احراج الحركة الشعبية. الجبهات الإريترية في العام 1961م اندلعت الشرارة الاولى للثورة الاريترية بقيادة المناضل حامد ادريس ولكنها عانت جملة من الصراعات الداخلية التي كلفتها الكثير، حتى حسم الصراع المقاتل آسياسي افورقي من خلال الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا في عام 1979م بضربه لمعسكر حسنيب في المنطقة الحدودية شمال كسلا، وتشتت الجبهات الاخرى داخل الاراضي السودانية بعد نجاحه في السيطرة على ميدان القتال وكبد الجيش الاثيوبي خسائر فادحة في العتاد، الجبهات الاريترية المقاتلة الاخرى لم تقتنع بابعادها عن الميدان وظلت تناوشه وتناصبه العداء الى ان انتصرت الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا وودع افورقي جيرانه في الحي الشعبي بالجريف غرب وغادر الخرطوم التي احتضنته ودعمته كمناضل حتى اصبح رئيساً للدولة الوليدة بحكم قيادته الميدانية ودخل اسمرا في يوم 2451991م. الاعتقاد تعتبر العلاقة بين السودان واريتريا علاقة ازلية متميزة، حيث ظل السودان يقدم الدعم المتواصل لكافة حركات التحرير الاريترية، ولكن المشكلة ان الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا تعتقد ان ما قدمته الحكومات السودانية المختلفة لجبهات التحرير الاريتري الاخرى يفوق ما تلقته هي، للأسف هذا الاعتقاد الخاطئ ظل راسخاً في العقل الباطن الافورقي. علاقته مع الانقاذ بعد تسلم افورقي سدة الحكم في اسمرا زار الخرطوم اكثر من مرة وكانت العلاقة بين البلدين ممتازة الى ان تم القبض على بعض الاسلاميين الذين تسللوا لاريتريا عبر السودان واعترفوا انهم في مهمة من قبل النظام الاسلامي العالمي! هذه الحادثة دقت اول اسفين في العلاقة بين البلدين. الى ان جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير وهي اتهام افورقي للحكومة السودانية بمحاولة اغتياله بواسطة النقيب ابو الخيرات «الذي مازال اسيراً في السجون الاريترية» وكان اعتراف ابو الخيرات هو الوثيقة التي تقدمت بها اريتريا شكواها للامم المتحدة لادانة السودان في محاولة الاغتيال. ثم اعقب ذلك تحفظ افورقي على مجموعة الـ «15» التي اتهم فيها بضربه لرفقاء السلاح وزجهم في السجون، وشهدت هذه الفترة طلب عدد من الدبلوماسيين الاريتريين للجوء السياسي، ونشطت الخرطوم واديس ابابا في استضافة المعارضين الاريتريين ودعمهم. الصراع الاثيوبي الاريتري اتهم افورقي السودان بمساندة اثيوبيا في صراعها العسكري مع اريتريا وذلك من خلال فتح السودان اراضيه للجيش الاثيوبي «ثغرة بارنتو» التي بموجبها يعتقد ان اثيوبيا تفوقت عليه عسكرياً وحسمت الصراع لصالحها، حتى تدخلت الاطراف الدولية وحسم الصراع في مؤتمر الجزائر. العلاقات السودانية الاثيوبية الهاجس الاكبر الذي يرعب افورقي هو التقارب السوداني الاثيوبي. من فتح الحدود- الطرق القارية البرية خط السكة حديد المقترح، تمرير النفط السوداني لاثيوبيا ومدها بالكهرباء المنتجة من السودان فكل هذه البروتكولات الموقعة بين الخرطوم واديس اججت نيران مخاوفه من هذا التقارب ويعتقد افورقي انه هو اولى بهذا التقارب السوداني كما يعتقد ان هذا التعاون الثنائي هو تحالف استراتيجي ضده. * حلف صنعاء الخرطوم اديس ابابا ايضاً يعتقد ان حلف الخرطوم صنعاء اديس ابابا قام لاضعاف اريتريا وتأديبه، رغم نفي زعماء الحلف للاتهام بل ودعوته للانضمام اليه، لكنه رفض وفضل ان يكون رهين شكوكه وهواجسه تجاه ذلك الحلف خاصة انه يتهم السودان بمساندة اليمن في صراعها مع اريتريا حول جزر حنيش المتنازع عليها.. كما يتهم السودان بايواء المعارضة الاريترية وتقديم الدعم الكامل لاسقاط نظامه!!. احتضان المعارضة في ظل هذه المرارات التي يختزنها افورقي وكيله لكل هذه الاتهامات ضد السودان وحتى يرد الصاع صاعين فتحت اسمرا ذراعيها واحتضنت المعارضة السودانية بمختلف سحناتها وميولها للتآمر ضد الحكومة وتقديم الدعم اللوجستي والسلاح والانطلاق من اراضيها لتشن الهجمات المسلحة داخل الاراضي السودانية، «جيش الحركة الشعبية- قوات التحالف- جيش الامة- قوات الاتحادي الديمقراطي وقوات الشيوعيين- مؤتمر البجا واخيراً الاسود الحرة. وحتى تشفى اريتريا غليلها من الحكومة السودانية قامت بتسليم السفارة السودانية باسمرا للمعارضة في خطوة لم يسبقها عليها احد من قبل!. مشكلة دارفور عندما تفاقمت مشكلة دارفور اصابع الاتهام الاولى اشارت الى اريتريا واتهمت الحكومة السودانية افورقي بتقديم الدعم للمتمردين في دارفور وتقدم السودان بشكوى رسمية لمجلس الامن والامم المتحدة في الخامس من يناير 2005 ضد اريتريا متهماً اياها بتحريض ودعم وتمويل الخارجين على القانون في دارفور، والسودان اكد امتلاكه الادلة والبراهين القاطعة التي تؤكد تورط اريتريا وتبرر اتهامه لها في قضية دارفور. المستجدات المستجدات في الساحة السياسية السودانية اصابت اريتريا في مقتل وسعت جاهدة لاجهاض اتفاق القاهرة بعد فشلها في استقطاب اركان التجمع بالكامل واصاب الوهن علاقتها بالحركة الشعبية التي خلعت ثوب المعارضة لتتزين بثوب السلطة ووظفت اريتريا كل جهدها في احتضان ودعم فصائل البجا والاسود الحرة ودعمهم بلا حدود بوهم السيطرة على الشرق! ووجهت اسمرا الدعوة للمؤتمر الشعبي لزيارتها بهدف الاعداد لقيام تجمع جديد يضم مؤتمر البجا والاسود الحرة والمؤتمر الشعبي وحركات التمرد المسلحة في دارفور، ويا حبذا لو نجحوا في استقطاب مبارك الفاضل الذي برع في قيادته للمعارضة بسفور!. حلم أفورقي منذ تسلمه الحكم ظل افورقي يحلم ويطمح بل ويطمع في لعب دور مؤثر في المنطقة رغم الوزن الضعيف لدولته الممزقة داخلياً! وتحدثت الانباء عن علاقة وطيدة تربطه باسرائيل وانه تلقى العلاج بها وكان دفاعه عن هذا الموقف ان كثيراً من السفارات الاسرائيلية توجد في دول عربية ولا توجد سفارة اسرائيلية في اريتريا!! ويرى بعض المراقبين ان افورقي لا يتورع في استقطاب الدعم من الشيطان نفسه في سبيل تحقيق طموحه!. .المسكوت عنه في العلاقات السودانية الإريترية حتى تؤتي ثمارها.. بوادر الانفراج التي بدأت تلوح في افق العلاقات السودانية الاريترية لابد من الاجابة بشفافية عن المسكوت عنه في العلاقة. * الخبير الاستراتيجي في القرن الافريقي البروفيسر حسن مكي يرى المسكوت عنه في العلاقة السودانية الاريترية هو الوضع مع اثيوبيا وكيف يستطيع السودان ان يخلق علاقة حميمة مع اثيوبيا وفي ذات الوقت تكون علاقته حميمة مع اريتريا. التطبيع الثنائي لهذه العلاقات غير مجدي لابد ان يكون التطبيع ثلاثياً بين السودان واثيوبيا واريتريا بعيداً عن التدخلات الاقليمية واكد د. مكي ان السودان يمكنه ان يحتمل العداء مع اسمرا ولكنه لا يحتمل العداء مع اثيوبيا للروابط المشتركة العديدة بينهما.د. ابراهيم دقش الخبير الاعلامي في الشؤون الافريقية يعتقد ان المسكوت عنه في العلاقات السودانية الاريترية هو ان افورقي لديه وهم في رأسه هو ان السودانيين يتبنون ويحتضنون المسلمين الاريتريين المعارضين له. ايضاً اريتريا تعتقد ان كسلا هي جزء من الاراضي الاريترية. اما الخبير الامني العميد «م» حسن بيومي يوافق د. مكي الرأي في ان المسكوت عنه هو علاقة السودان باثيوبيا لابد من حدوث توازن في العلاقة بين البلدين ومراعاة حساسية اريتريا في هذا الموضوع. وخلق توازن في العلاقة بين اسمرا الخرطوم لأن اريتريا تعتقد ان اي تقارب بين السودان واثيوبيا سيكون خصماً على علاقتها مع السودان لان افورقي يعتقد انه هو اقرب الينا من اثيوبيا بحكم تواجده لسنوات عدة في الخرطوم. ايضاً الصورة غير الصحيحة في احتضان كل بلد لمعارضة الطرف الاخر واحتضان المعارضة لعبة امنية قديمة اصبحت غير مجدية في الوقت الراهن!. الاستاذ حسن ايمان عضو المؤتمر الوطني لجبهة التحرير الاريترية المعارضة لافورقي قال ان وجود المعارضة الاريترية في الخرطوم لا ينعكس سلباً على تطبيع العلاقة بين البلدين لان بالمثل اريتريا تحتضن المعارضة السودانية، واكد انهم كمعارضين لا يتحسسون من ان تكون العلاقة جيدة بين البلدين لان العلاقة بين الشعبين علاقة ازلية.