سكان القرن الأفريقي والبحث عن وطن ..اللجوء للسودان والمقصد اسرائيل
5-Apr-2008
الأحداث
كسلا :عبد المنعم ابوادريس
بدأ إبراهيم محمد آدم الذي هو في مطلع العشرينيات من العمر منهكا وهو يرتدي الزي الصومالي التقليدي ويقف في وسط معسكر الشجراب للاجئين والواقع على بعد خمسة عشر كيلو متر جنوب مدينة خشم القربة ووقوفه عند صهريج المياه الذي نصبه برنامج الغذاء العالمي وبصره يرنو نحو عدد من الخيام تقيم فيها فتيات ارتريات وخلفه راكوبة صنعت من المواد المحلية يقيم فيها حوالي مائة وعشرين شابا صوماليا قطعوا الفيافي مثله حتى وصلوا الى هنا ،اما الي الشرق منه فقد نصبت خيام لقادمين من اثيوبيا سعياً وراء اللجوء
والأمر لايقف عند رعايا هذه الدول الثلاث ففي السادس والعشرين من مارس وصل اليه اثنان من دولة جيبوتي لتصبح أرض معسكر الاستقبال البالغة حوالي خمسة آلاف متر لايحجزها سور أرض لرعايا أربعة دول من المجموعة المكونة لدول القرن الأفريقي وإن تشابهت سحناتهم وملامح وجوههم فإن أعمارهم شتى . والمعسكر الذي يرقد على أرض طينية منبسطة تطل مباشرة على الحدود الارترية اذ تبعد عنه منطقة قلج الارترية مسيرة ساعة فقط بالسيارة في طريق غير ممهد يضم بين جنباته حوالى ستة الف واربعمائة لاجئ قدموا منذ منتصف يناير وحتى الثامن والعشرين من مارس اليوم الذي سبق وصولي للمعسكربل ان أمير عبد الحميد مدير المعسكر بالإنابة يقدر عدد الذين يستقبلهم المعسكر يوميا بما يتراوح ما بين مائة وعشرين الى مائة وخمسين لاجئ يأتون على امتداد الحدود السودانية الارترية والتى تبدأ من قرورة على البحر الأحمر وحتى حمدايت التى تربط بين الحدود السودانية الاريترية والاثيوبية .بين هولاء الف واربعمائة وتسعين أكملوا اجراءات الفحص وحملوا بطاقة لاجئ أما البقية فمازالوا في الإنتظار وهم مقسمون ما بين ثلاثة آلاف وستة آلاف ارتري عدد النساء من بينهم خمسمائة خمسة وخمسين والبقية رجال والمجموعة الثانية من حيث العدد يأتي الصوماليون فعددهم الف وخمسمائة جلهم من الرجال ويبلغ عدد النساء مائتان وأربعة وستون ،أما الاثيوبيون فتعدادهم مائتان وخمسة وتسعون فردا إضافةًً إلى اثنين من جيبوتي ووفقاً لتصنيفات معتمدية اللاجئيين فان 26 % من هولاء مجندي خدمة وطنية و 8% منهم جنود في الخدمة العسكرية اضافة 15 % طلاب والنساء عددهن 6% كما أن أعمار القادمين تتراوح ما بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين ويكثر من بينهم الأطفال ،إضافة لعدد من الجنود الاثيوبين كانوا يعملون في الصومال وهربوا من الحرب كيفية الوصول؟قال مصلح إبراهيم الصومالي بأنه قطع ستة عشر يوما سيرا على الاقدام حتى أمسكت به السلطات السودانية عند نقطة قرورة المحاذية لإرتريا بجوار البحر الأحمر ومكثت في نقطة شرطة طوكر ثلاثة أيام وحملتني سيارات معتمدية اللاجئيين إلى هذا المعسكر ووصلته قبل ثلاثة أيام وقبل ذاك كنت استخدمت السيارة لأصل إلى جيوبتي ومنها عبرت إلى ارتريا وطوال وجودي داخل الأراضي الارترية كنت اسير راجلا على مدى ستة عشر يوما أما برهاني يوهانس الارتري الجنسية فيقول بأنه خرج من أسمرا وتنقل ما بين المدن الارترية وبعد أن اقترب من الحدود السودانية سار على أقدامه لمسافة قدّرها بحوالي مائة كيلو متر وسط الجوع ورعب من أن يقبض عليه بواسطة السلطات الارترية فيكون نصيبه الإعدام ،بل إن الرعب لم يغادر مخيلة اللاجئيين الارترين ظناً منهم أن السلطات الارترية تستطيع ملاحقتهم وهم داخل السودان أو أن يدفع ثمناً لذلك أُسرهم ولذا ظلوا يفرون من أمام الكاميرا ويخفون وجوههم.. حنى إن وافق أحدهم على ان يتحدث لك و يضيف برهاني أن الرحلة غير الجوع والخوف من السلطات الارترية فانها مليئة بسماسرة الابتزاز والذين يستغلون هولاء الفارين ،ويتسق مع حديث يوهانس ما قالته ستة فتيات وصلن للمعسكر في الخامس والعشرين من مارس وهولاء الفتيات قلن انهن قبل أن يعبرن الحدود الى السودان تعرضن للإغتصاب بصورة جماعية بواسطة جنود ارتريين وغير الرعب الذي يسببه البشر فان المنطقة بها حيوانات مفترسة هي عبارة عن ذئاب وقال لي أحد الذين يعملون في ضبط الحدود بأنهم في مرات عديدة وجدوا جثثا افترستها الذئاب وتركت بقاياها المعسكر والبؤس الجميع هنا يفترشون الأرض لايفصلهم عنها سوى مشمع من البلاستيك والبعض لم ينالوا حتى نصيبا من هذا المشمع, ويتوزع الجميع ما بين خيام مساحة الواحدة منها ما بين المتر والمتر ونصف ويسكنها حوالي عشرة الى خمسة عشر فردا والبعض لم يجد حتى هذه الخيام, ويقدر مدير المعسكر بالإنابة أمير عبد الحميد الذين يعيشون في العراء ولم تقدم لهم مفوضية شؤون اللاجئين خياما تأويهم من حرارة الشمس بحوالي ستمائة شخص يفترشون أرض المعسكر ويلتحفون السماء وقالت لي إحدى اللاجئات الارتريات بعد أن أحكمت غطاء وجهها مجرد أن عرفت بانني صحفي: وصلت قبل عشرة أيام وحتى الآن لم يعطونا خيمة ونحن نعيش في العراء أما الذين يسكنون في الرواكيب فانهم يزدحمون كبارا وأطفالا ففي الجزء المخصص للصوماليين يقيم مائة وعشرين شابا في راكوبة طولها ثمانية أمتار وعرضها أربعة أمتار كما أن البطاطين التى تمنح لهم قديمة وتتمزق بسهولة وقد عرض أمامي (يوهانس وعنصرة) وهما من الارترين بطانيةً قالا إنها تمزقت بعد يومين فقط من استلامها وقد أحصيت أربعة حمامات في الجزء الغربي من المعسكر والذي تغلب النساء على سكانه وثمانية حمامات في الجانب الشرقي وليصل جملة العدد الى اثني عشر حماما يقضي أكثر من ستة آلاف فيها حاجتهم و فيها يستحمون .ومع تدهور البيئة فإن الموجودين هنا يشكون من قلة الغذاء المقدم لهم فالنظام المعمول به أنه عند الوصول تقدم لهم وجبات جاهزة ومن بعد يعطى اللاجئ حصة من المواد الغذائية ليتولى صناعة طعامه بنفسه وهذه تجعلهم يجابهون مشكلة في أواني الطبخ .وقال لي عبد ادم موسى صومالي بانه موجود هنا منذ يناير ولايتناول سوى وجبة واحدة فقط في اليوم وحتى المياه بها نقص حاد بل إن عنصرة الارترية قالت أنهم تحدثوا مع مسؤلين مفوضية اللاجئيين عن نقص الغذاء والمياه فوعدوا بحلها ولكن لم يحدث شئ حتى الآن ويشير أمير عبد الحميد بأن حصة المواد الغذائية التى تقدمها مفوضية اللاجئين غير كافية وهي تتكون من الذرة ،الزيت والبسله وسكر وعلى المفوضية أن تعيد النظر في نوعية المواد وكمياتها ويشير حمد الجزولي على تأزم الموقف بقوله بأن مفوضية اللاجئين أوقفت ميزانية صحة البيئة في كل المعسكرات مما يجعل بيئة هذه المعسكرات خطراً داهما يهدد المنطقة بأجمعها بل إن عنصرة الارتري قال لاشئ يدعوني للبقاء هنا الاوضاع في المعسكر سيئة المكان غير مهيأ واتضور جوعا فليس هناك محفزا للبقاء الى اين الوجهة ؟قال حمد الجزولي مدير اسكان اللاجئين ولاية كسلا بان الذين تم ترحيلهم إلى معسكر 26 حلفا الجديدة من 2004 الى يناير 2007 وعددهم ثمانية وعشرون الفا تسربوا بنسبة تصل الى 90% حيث ان الموجودين في المعسكر الان فقط الف وخمسمائة لاجئ والتسرب ليس مقتصرا على الداخلين الجدد فانه وفقا لاحصائية معتمدية اللاجئين فان حوالي مائة واثنين الفا من الذين يحملون بطاقة اللجوء مازالوا موجودين في مدن كسلا ، القربة ،حلفا الجديدة ، اروما وود الحليو ويضيف التقرير بان هذا الوجود شارك المواطنيين في الخدمات الضعيفة بهذه المناطق وهنا يبرز أمرا هو أن اللاجئ يتحرك وفقا لاذونات تمنحها السلطات المحلية وغير مسموح له الإقامة خارج المعسكر فكيف خرج هولاء ؟الإجابة عند مسؤل أمني يعمل في شؤون اللاجئيين منذ عام 1996 يقول أن هناك عصابات تنتمي لمجموعات قبلية معينة في شرق السودان تخصصت في تهريب هؤلاء الى منطقتين أما عبر البطانة إلى أطراف الخرطوم ،بل إنه يؤكد أن هولاء المهربين وصل بهم الأمر إلى حد استئجار عربات ليموزين تقف على الضفة الغربية لنهر عطبرة الذي يشرف عليه معسكر الشجراب ويعبر اللاجئون عن طريق المراكب وفي الخرطوم جزء من اللاجئين يكتفون بالبحث عن عمل بها والاقامة فيها والاخرين يسلكون طريق الصحراء إلى ليبيا طلبا للوصول إلى اروبا عبر البحر أما التجارة الرائجة فهي من يحملون الراغبين في الوصول الى سيناء المصرية ومنها إلى اسرائيل ويؤكد ذلك بأن تسمع في أجهزة الاعلام يوميا مقتل ارتري أو ارترية على حدود مصر واسرائيل عند محاولة التسلل ،ومما يؤكد الأمر أكثر أن السلطات الأمنية ضبطت في فبراير الماضي سيارة مملوءة باللاجئيين كانت في طريقها لشلاتين وهذه العملية تقوم بها مجموعات تستخدم سيارات جديدة وهواتف (ثريا ) تحمل اللاجئ بعد أن يدفع مبلغ اثنين الف دولار الى شلاتين على الحدود المصرية السودانية وهناك يتسلمه بدو سيناء والذين يوصلوه إلى الحدود المصرية الاسرائيلية والصورة عند الصوماليون تبدو مختلفة فحمد ابراهيم علي الذي لم يتجاوز العشرين من العمر قال انه قدم ليدرس الجامعة ولن يقبل باقل من اكمال دراسته الجامعية وحتى داخل المعسكر يقول يوهانس وعنصرة بصوت واحد أن الذين يتسربون من المعسكرات يقال بانهم يتهربون إلى اسرائيل