مقالات

فيه نعزى ولا نعزي*

26-Jun-2010

المركز

•منذ الإعلان الفاجع لرحيل الأستاذ الكبير سيد أحمد خليفة نصب الحزن سرادقه على الشعب الإريتري بأسره واسترجعوا شريط الذكريات لمسيرة حافلة بالعطاء الدافق .. كان معهم يغسل همومهم ويعالج أحزانهم .. ويرتق جراحهم النازفة .. ويتبنى قضاياهم بكل ما يملك من يقين وإيمان وصلابة .

•قرابة الأربعين عاماً تصرمت من عمر أستاذنا منذ أن ولج إلى الشأن الإريتري ومنذ ذلك الحين لم يبارحه الهم لحظة .. فقد ظل يدافع عن الحق المسلوب للشعب الإريتري و ينافح عن ظلاماته حتى تحقق النصر العزيز بجلاء الإستعمار وبزوغ شمس الاستقلال .. لم يتوقف عند هذه المحطة بل استأنف المسير نحو معركة جديدة وهي معركة التحول الديمقراطي الذي وقفت المجموعة الحاكمة سداً منيعاً دون تحقيقه ..•لقد دفع أستاذنا ثمن مواقفه غالياً عندما طلب منه زبانية أفورقي المغادرة الفورية لأسمرا، التي جاءها بناء على دعوة من القنصلية الإريترية بجده للمشاركة في احتفالات الاستقلال عام 1991م .. لقد أخرجوه من البلاد التي أفنى زهرة شبابه في خدمتها .. ولكن مع ذلك لم تلن له قناة ولم يفت له عزم وظل قابضاً على جمر القضية .. مشاطراً أهلها أشجانهم وأحزانهم .. داعماً ومساهماً .. ناصحاً ومرشداً حتى أضحى موضع إجماع بين الإريتريين بمختلف مللهم وتوجهاتهم .•ما أن تناقلت الهواتف نبأ رحيله الفاجع يوم الأحد الحزين حتى أيقن الإريتريون أن نجماً قد هوى من ساحتهم وترجل أنبل فرسانهم فصاروا يعزون بعضهم البعض .. شعارهم في ذلك ( فيه نعزى ولا نعزي ) فهو بعض منهم .. وهم بعض منه .•تناثرت برقيات العزاء من الإريتريين بمختلف توجهاتهم وأحزابهم – عدا الحزب الحاكم الذي في إريتريا – وتوشحت المواقع الإلكترونية الإريترية بالسواد حزناً على الفقد الجلل.. وتدافعت جموع الإرتريين المقيمين في الخرطوم صوب منزل الراحل ثم إلى مقابر الصحافة ليواروا جثمانه الثرى والأسى يفتت أكبادهم والحزن قد بلغ منهم مبلغه .•فهاهو رفيق دربه السفير محمدنور أحمد – السفير السابق في الصين والقيادي بحزب الشعب والمقيم باستراليا – قد منعته حجب المكان من المشاركة في تشييع جثمان رفيق دربه فسطر أحرفا باكية جاء فيها (يصعب عليّ في هذه اللحظات العصيبة سرد شريط طويل من الذكريات التي ربطتني مع ذاك الفذ والجسور سيد أحمد خليفة، حيث كنت أحد أصدقائه المقربين وكانت داره العامرة ملاذاً آمناً لكل المناضلين الشرفاء ).•وها هو أحد رفاق دربه المناضل أحمد ناصر رئيس جبهة الإنقاذ الوطني يعدد مآثره قائلاً ( إن رحيل سيد أحمد يعد خسارة كبيرة بالنسبة للشعب الإرتري، حيث كان سيد أحمد وجريدته ” الوطن ” شركاء الشعب الإرتري في محنته بعد الإستقلال مثلما كان إبان الثورة ) . •أما المناضل حسين خليفه نائب رئيس جبهة التحرير فيقول في برقيته(برحيله يفقد الشعب الارتري أحد أقدم الأوفياء لمسيرته النضالية في الساحة السياسية والإعلامية السودانية ) ..•وقد عدد التحالف الديمقراطي الإريتري الذي يجمع 13 تنظيماً معارضاً مآثر الفقيد قائلاً (لقد كان صديقاُ وفياُ للشعب الإريتري، ومؤيداُ لنضاله العادل ضد الإستعمار الأجنبي وكذلك لنضاله الذي يخوضه بعد التحرير من أجل السلام والديمقراطية. ) .•من جهتها ذكرت حركة الإصلاح الإسلامي أن الفقيد (تحمل لوحده مهمة الإسناد الإعلامي للثوار في وقت التعتيم الإعلامي الذي فرضته القوى الظالمة على مجاهدات الشعب الإرتري ). أما برقية الحزب الإسلامي فقد جاء فيها ( عرف الفقيد منافحا عن حقوق الشعب الإريتري وسندا قويا لثورته إبان فترة التحرير ثم مدافعا عن حقه في العيش الكريم بعد تسلط الدكتاتورية عليه) .•أما الحركة الفيدرالية فقد نعته قائلة (رحل إبن إريتريا البار الذي إنتمى إليها وجدانا، دون أن تطأ قدميه ثراها، وإتخذ الموقف حين كانت ترتعش الفرائص عند التعرف على مناضل إريتري في مدن وعواصم الإقليم ، خشية سطوة أجهزة إستخبارات نظام هيلي سلاسي ) .•برقية جبهةالتضامن الإريترية التي تضم اربعة تنظيمات أشادت بصمود الفقيد طيلة مسيرة الثورة الإريترية قائلاً أنه ( من أقدم من واكب نضال الشعب الارتري ومسيرته الكفاحية من أجل الحرية والاستقلال والديمقراطية في الساحة الاعلامية السودانية ولم تهتز مواقفه المؤيدة لقضايا شعبنا رغم كل الظروف التي مرت بها المسيرة ) .•ويتوالى سيل البرقيات من كل حدب وصوب ، الجبهة الديمقراطيةالشعبية ، جبهة الثوابت ..الخ والكل مجمع أنه برحيل الأستاذ سيد أحمد خليفة قد انطوت صفحة مترعة بالعطاء الباذخ والبسالة والجسارة .. والجميع يردد إنا لفراقك لمحزونون .* نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي في صحيفة الوطن السودانية -25يونيو2010م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى