مقالات

الإنتباه الى الشرق : أسمرا هل هي كلمة السر؟ . )1-2) إعداد: عارف الصاوي

26-Jun-2005

الصحافة

اثناء انعقاد مؤتمر الشرق الذي نظمته الأمانه السياسية للمؤتمر الوطني في كسلا الشهر الماضي ،اعتبر احد القيادات الاهلية في الشرق والمساند للحكومة ان كلمة السر في تهدئة جبهة الشرق هي اسمرا,

كان ذلك قبل تصاعد الاحداث الاخيرة ,وما ان انتهي المؤتمر حتي قامت قوات من البجة والاسود الحرة بقطع طريق بورتسودان واسر عدد من الموظفين الحكوميين من بعد ذلك.و علي بعد 70 كلم فقط من الحدود الارترية، بدأت جبهة الشرق التي تضم مؤتمر البجة الي جانب مقاتلي الاسود الحرة تساندهم قوة غير مقدر عددها ومستوي تسليحها من حركة العدل والمساواة بشن هجوم متقدم على مدينة طوكر جنوب بورتسودان الاسبوع الماضي ,وتتهم الحكومة السودانية دولة ارتريا بتقديم دعم لوجستي للمتمردين للقيام بهذا الهجوم. ووصف حاتم الوسيلة، والي ولاية البحر الاحمر، الهجوم بأنه تم بواسطة اسلحة ثقيلة ومدافع هاون ,مضيفا ان اية قوة متمردة لا يمكنها التوغل داخل الاراضي السوداني بدون دعم ارتريا، معلنا ان الجيش في حالة استنفار لرد هذا الهجوم. وامس فقط ،اعلنت قيادة جبهة الشرق ان هجوما بطائرات ميج 29 وقع في شرق السودان احدث قتلا وسط المدنيين فيما نفت الحكومة ذلك .والآن هل عاد شرق السودان الي المواجهة العسكرية مرة اخري حتي في ظل نشاط تفاوضي علي كافة الجبهات ؟وان كان، فمن الذي يدفع الشرق لاحتمالات مواجهة قد تمتد كما قال صلاح باركواين، عضو الهيئة التنفيذية لجبهة الشرق (بدأنا حربا الاحد الماضي ولا نعلم الي متي ستستمر؟؟؟ )الحقيقة لا احد ينتبه الي فك شفرة معالجة الاوضاع في شرق السودان حتي بعد ان قال حاتم الوسيلة والي البحر الاحمر امس لاذاعة البي بي سي عندما سئل عن تراجع الحكومة عن استعدادها الذي اعلنته بداية هذا الشهر للتفاوض مع فصائل شرق السودان في منبر منفصل ,قال الوسيلة(ما زلنا مستعدين للتفاوض في غير المكان الذي حددته الفصائل المسلحة في شرق السودان وهو ارتريا )اذا، فإن ارتريا هي عامل مؤثر في ايجاد حلول جذرية لمشكلة شرق السودان .وقد علمت الصحافة من مصدر مطلع داخل الحزب الحاكم ان الرئيس الليبي كان قد اخبر قيادي في المؤتمر الوطني ان فك شفرة التمرد في دارفور وشرق السودان هو الوصول الي تسوية مع ارتريا، وقد قام القذافي بخطوة عملية في هذا الاطار بدعوة الرئيس الارتري لحضور القمة الخماسية في طرابلس نهاية الشهر الماضي ,واستطاع ايضا ان يرتب لقاءً ثنائيا بين الرئيس افورقي والبشير ,لكن الصحافة علمت ان الرئيسين تبادلا الاتهامات وانفض اللقاء دون احراز تقدم في مناقشة المسائل الجوهرية ,ولم يمضِ اسبوع واحد علي عودة الزعيمين الي ديارهما حتي قامت قوات من جبهة الشرق بهجوم علي الطريق العام بين كسلا وبورتسودان ,اسرت فيه مجموعة من موظفي الدولة هناك ,ووصف مراقبون للشأن السوداني الارتري ان الهجوم كان رسالة مزدوجة من القيادة الارترية والحركات المسلحة في شرق السودان الي الحكومة السودانية ,فمن جهة ارادت حركات شرق السودان ان ترد علي مؤتمر رتبت له الامانة السياسية للمؤتمر الوطني (( الحزب الحاكم في الخرطوم ))متجاوزة فيه مؤتمر البجة المعارض والاسود الحرة ,ومن جهة ثانية، ارادت ارتريا ان تقول انها مؤثرة للغاية في استقرار الاوضاع بشرق السودان، وانها يمكن ان تصل وتتوغل حتي داخل الحدود السودانية ,بالطبع فإن الرسالة وصلت الي الخرطوم غير منقوصة. بعد اسبوع واحد، دفعت دول الاقليم بمساندة المجتمع الدولي، الحكومة والفصائل المسلحة في دارفور لبداية جولة ابوجا الخامسة للمفاوضات ,ومنذ ذلك الوقت وحتي الآن، مازالت المفاوضات متعثرة امام عقبة قبول الحكومة بارتريا كوسيط في المحادثات بابوجا، وتتعنت حركة العدل والمساواه حول قبول وساطة تشاد مع اختلاف المبررات. وربما لهجوم الشرق الاخير ايضا علاقة بذات الرسالة المزدوجة السابقة. والسؤال الآن: هو ما الذي يقف امام الوصول الي تفاهمات بين الخرطوم واسمرا ؟.الاجابات متعددة في هذا الاطار، لكن المصرح به من الطرفين ان كلا الحكومتين تتعاونان مع فصائل معارضة ,ورغم ان جهات كثيرة حاولت ان تتدخل في تهدئة العلاقات بين الخرطوم واسمرا، بدأت بمحاولة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح اثناء التحضير لقمة صنعاء في الخرطوم العام الماضي وما زالت مبادرته مابين الحياة والموت، بمعني انها لم تنتهِ، ويُعلن ذلك، وليست فاعلة وحتي اثيوبيا التي اعلن رئيس وزرائها انه سيقبل بقرار لجنة التحكيم في منطقة بادمبي المتنازع عليها في الحدود بين الدولتين تمهيدا لتسوية العلاقات مع اسمرا، كان ايجابيا في الخرطوم تجاه اسمرا، واعلن في ختام قمة صنعاء ان اسمرا عضو مهم وفاعل في المنطقة، وكان المرحوم الاستاذ محمد ابو القاسم حاج حمد، يعتقد ان جهودا دولية بقيادة واشنطن عبر دولة محورية هي قطر ترتب لاصلاحات في المنطقة بإصلاح علاقات ارتريا مع كل من السودان واثيوبيا. عليه فإن اسمرا تعتقد ان الخرطوم تأوي معارضين لها، وكذلك تتهم الخرطوم اسمرا ,مع ان المعارضة الارترية ليست فاعلة في تهديد استقرار الاوضاع في اسمرا مثل ما تعمل المعارضة السودانية هناك. وفي اعقاب تجدد الاحداث بالشرق مرة اخري، اخطرت واشنطن سفيرها في اسمرا بالقيام بمحاولات لاعادة المخطوفين في الهجوم الاخير، كما طلبت الي الدكتور قرنق التدخل في تهدئة جبهة الشرق لما يتمتع به من علاقات مع اسمرا، لكن مسؤولا في جبهة الشرق قال للصحافة امس انهم لم يتلقوا اية وساطة امريكية بهذا الشأن. وقال محمد ادريس من اسمرا ان الاسري في حالة جيدة ويعاملون معاملة جيدة. ووصف للصحافة ان انهم بالفعل قاموا بهجوم ردا علي مفاوضات القاهرة، معتبرين ان المصالحة هذه لا تشملهم ,ونفي ان تكون اسمرا ضالعة في الهجوم بأي شكل من الاشكال .ومع ان الاستاذ سبدرات، اكد في تصريحات صحفية ان الهجوم كان رسالة الي الحكومة، الا ان الحركات اعتبرت رد الحكومة ايضا رسالة اليها ,وفي ظل تبادل الرسائل عبر التراشق بالنيران فإن ادريس قال ان هجوم الحكومة ادي الي نزوح مواطنين الي داخل الحدود مع ارتريا، وادي ايضا الي وقوع جرحي وسط المدنيين بلغ 442 جريحا مدنيا. واعتبرت الدكتورة امنة ضرار، الامين العام لمؤتر البجة في الخرطوم ان القذف استهدف موارد المنطقة في خور بركة. وعندما سألتُ الناطق الرسمي باسم كيان الشرق عن تصريحات صلاح باركواين بأن الهجوم مستمر ولا يعرف متي يتوقف من جانبهم، وبالتالي فإنه من البديهي ان تستمر الحكومة في رد الهجوم، قال (ان يتوقف الهجوم لا بد من الجلوس للتفاوض وفق الشروط التي حددوها)، وشروط جبهة الشرق كما قال ادريس الناطق الرسمي باسم الجبهة ,التحقيق العاجل في مجزرة بورتسودان الاخيرة ومعاقبة الجناة واطلاق سراح المعتقلين، وان تجلس الحكومة للتفاوض برقابة دولية. وتعتبر الحكومة علي لسان والي البحر الاحمر انها لا مانع لديها من التفوض اذا ما تنازلت الفصائل المسلحة عن مطلبها بأن تكون المفاوضات في ارتريا. وتري امنة ضرار، انها كانت في اسمرا ولم تسمع بإصرار علي ان تكون المفاوضات في ارتريا من الشروط المبدئية لجبهة الشرق، وبالتالي فإن الخيارات مفتوحة لاية دولة محايدة في ان تستضيف المفاوضات. بناءً علي تواتر الاحداث، تبقي القضية ذات بعدين: اولا كيفية التوصل الي تسوية العلاقة مع ارتريا، وثانيا كيفية التفكير في التفاوض بين الحكومة والفصائل المسلحة في الشرق،او ان نأخذ بمنطق الرئيس القذافي في ان فك شفرة الشرق هو اصلاح العلاقة مع ارتريا واحتواء الفصائل المسلحة داخل ملف التسوية مع ارتريا. وفي هذا الاطار، فإن بعد مصالحة القاهرة يمكن لمولانا محمد عثمان الميرغني ان يدفع بمبادرته التي اطلقها في ابريل الماضي عن وساطة يعتزم القيام بها بين الخرطوم واسمرا، وبالتأكيد اذا استبعدنا تصريحات مسؤوول ارتري للصحافة بأن مبادرة الميرغني غريبة لان مشكلة ارتريا مع السودان تكمن فيه هو شخصيا، فإنه بعد عودة مولانا، لن يكون هو المشكلة بأية حال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى