أخبار

بالشرق يلجئون غربا ..يوميات من معسكر اللاجئين بولاية كسلا ( 1 )

21-Feb-2010

المركز

انور عوض : صحيفة الأخبار السودانية
عدة معسكرات يسمع بها الناس ويروون بعض آثارها كلما انتبهوا لسحنات القادمين في قلب المدن ..أملا في الوصول لمدن أخرى شمال الأبيض المتوسط أو وراء المحيط .. وهناك على الأرض في معسكرات ( 26 – شقراب 1- شقراب 2- شقراب 3- ود شريفي وغيرها تتجلى المشكلة التي أعيت من أعيت واخفق في حلها من اخفق …ويخطط الآن من يخطط .. حتى مهربوا البشر يبحثون فيها عن سوق عمل !!!!!!!!

ربما للشرق أكثر من ملف منسي ..تواريه الجبال او بسبب الإهمال ..وضعف صوت الحال هناك .. ومن بين تلك الملفات … عشرات الآلاف من اللاجئين الذين بلغوا حدود السودان من معابر( قلسا , اللفة , شللوب , حمدايت , ابو قمل , عواض ) وغيرها لتضمهم معسكرات اللجوء … حيث المأساتان.. مأساة ما هربوا منه من ظروف قاهرة سياسية كانت أم اقتصادية او دينية، والآثار النفسية للجوء، والمأساة الثانية اوضاعهم الحياتية ..والتي لولا جهود وتمويل المفوضية السامية لشئون اللاجئين وادارة معتمدية اللاجئين لعاش اللاجئون ظروفا اقسى من تلك التي دفعتهم للهرب من بلادهم .. ( الأخبار ) زارت ميدانيا تلك المعسكرات وشاهدت واستمعت لكل الأطراف ..اللاجئين .. المفوضية السامية لشئون اللاجئين والتابعة للأمم المتحدة , مدراء معسكرات اللاجئين الذين يمثلون معتمدية اللاجئين والتي تتبع لوزارة الداخلية ..ووو وهناك .. كانت حقيقة الأوضاع واتهامات القصور …والمخاطر المتوقعة جراء تدفقات جديدة للاجئين جدد يجتازون الحدود بعشرات تصل الي مايزيد عن المائة يوميا في بعض الأحيان …ولنبدأ رحلتنا للمعسكرات بمعسكر كيلو 26 بولاية كسلا … الأرتريون في المقدمة معسكر كيلو 26 للاجئين والذي يبعد حوالي 96 كيلومترا عن مدينة كسلا انشأ لاستقبال اللاجئين منذ العام 1979 حيث استقبل لاجئين من اريتريا وإثيوبيا, ويضم المعسكر الآن لاجئين اريتريين بنسبة عالية تقارب الـ 90% بينما يمثل الصوماليون 10% وهؤلاء بدات موجات لجوئهم بعد العام 2004, أما الاثيوبين 5% ليصل عدد اللاجئين في جملتهم 9680 لاجئا . المعسكر يمتد على مسافة تتوزع عليها مساكن مصنوعة من القش والمحاطة في الغالب بسور من الاشجار الشوكية مما يعكس الكم الهائل من الاشجار التي اقتطعت للبناء والتسوير, والمعسكر برغم انه للاجئين الا انه لايختلف كثيرا عن القري التي تحيطه ويسكنها مواطنون سودانيون. غذاءات..ولكن.. (الأخبار ) شهدت احتشاد للاجئين حيث توزع الغذاءات من المفوضية السامية عبر برنامج الغذائي العالمي, وبرغم انه لا احد من اللاجئين شكا من عدم صرفه لحصته الغذائية، إلا ان السؤال يتبادر الى الذهن في كل لحظة .. لماذا هذا الهزال ..ومشية المريض تتبدى كلما حدقت في اقدام زاحفة ..؟ ولماذا هذه الملامح المنهكة برغم البقاء لسنوات في معسكر دون عمل … أم انها تداعيات النفس عندما يقتلها اللجوء الى ارض غريبة وقوانين غريبة وقطاطي يسوّرها الشوك .. ثم لا شيء سوى الانتظار … انتظار دعوة من بلاد بعيدة للحاق بمن سبقوا في المهاجر من اقرباء ..او انتظار فرصة للهرب من المعسكر ..او انتظار استلام بطاقة اللجوء وصرف الحصة الغذائية بدورية رتيبة ..او في اسوأ الحالات انتظار الموت … وبرغم كل تلك المشاهد المحزنة إلا أن دورة الحياة لا تتوقف يتزوجون ويتناسلون ويخرج أطفال صغار يفتحون طاقة الأمل والحياة ..وللمفارقة فان لاجئة مسنة كانت قد اقتربت من زميلي نيكولا منديل تشكو من عدم صرفها لحصتها وناشدته بصرف شيء لها – ظنته من موظفي المفوضية – ولم يخيب أملها وذهب للموظف وترجاه ان تمنح نصيبها من الغذاء .. غير ان الأخير ذهب معه الي حيث تقف المرأة المسنة متكأة على عصاة وقال لها (هذا الكيس الذي تحملينه وضعت فيه حصتك المقررة منذ دقائق فكيف تطلبين غذاءات مرة أخرى ) وصمتت المرأة المسنة ثم انصرفت بشيء من الحرج لتبرز الحقيقة .. ان اللاجئين ومع وصول حصتهم اليهم إلا ان بعضهم لا يثق في الغد .. غد المعسكرات ومتغيرات السياسات .., يخشون الغد.., وحتى تلك المسنة تريد ان تحتاط ..!!!هي لم تقصد الكذب ولعلها وحيدة وغريبة في أرض غريبة .., ربما تخشى ان يحرمها الكبر من صرف الحصة القادمة ..هي مخاوف لاجئة ربما لم يسمع بها أحد … يقولون : الأوضاع تحسنت الخدمات كما بدا عادت للتحسن مؤخرا لصالح اللاجئين والمجتمع المحلي في آن واحد، حيث قال بعضهم, إن المفوضية السامية لشئون اللاجئين عبر مكتبها الفرعي بشرق السودان كانت قد افتتحت بالتعاون مع معتمدية اللاجئين محطة مياه الشرب بالمعسكر, ويشرح عثمان سانتو من المفوضية ان المحطة في الأصل شيّدت في العام 1979م، لتعمل عبر ثلاث وحدات, لتتوقف المحطة عن العمل في العام 19990, حيث عادت لها الحياة وتم تشغيلها في الشهر الماضي بواسطة دعم ايطالي عبر المفوضية السامية لشئون اللاجئين, لتضخ المحطة بعد تأهيلها المياه بطاقة 610 متر مكعب وبتكلفة بلغت 40 مليون جنيه سوداني وفقا لمسئول المياه بالمفوضية السامية نيرمال تانكوار شارحا مراحل العمل والترتيبات الفنية المتلازمة لضمان مياه صحية للاجئين والقرى الثلاث المجاورة للمعسكر, ويضيف حسن صديق نائب مدير المعسكر – من معتمدية اللاجئين – ان منظمة السقيا تتولى ادارة شئون المياه بالمعسكر بدعم من المفوضية السامية, وان السقيا وفرت 7 عاملين لادارة المحطة بينهم ملاحظ صحة , ويقول حسن إنه وبكل 200 متر داخل المعسكر توجد صنابير للمياه على الشارع لتوصيل المياه للاجئين قرب منازلهم, بينما تم مد خط امداد بالمياه للمراكز الخدمية من بينها مدرسة الأساس الخاصة بالمعسكر بجانب القرى الثلاث المجاورة له والتي تضم 6 آلاف مواطن سوداني يقطنون تلك القرى. ملاحظ الصحة بمنظمة السقيا عبد العظيم جعفر يشرح مطمئنا بانه لا وجود لأية اشكالات صحية ناتجة عن مياه الشرب واضاف ( العمل يتم وفق معايير دقيقة لضمان مياه نظيفة لشرب اللاجئين والمواطنين معا ) ولأن الحياة لا تتوقف لدواعي اللجوء الي وطن آخر فان معسكر 26 يضم مؤسسات تعليمية ولكنها قاصرة فقط لمرحلة الأساس, ومن مدرسة كيلو 26 المزدوجة للأساس قالت فاطمة أحمد حامد مديرة المدرسة إن المباني تحتاج الي صيانة عاجلة خاصة الحوجة الماسة لتبطين السقف بأي مادة عازلة ( تلقيم ) لتخفيف حرارة الشمس على التلاميذ وتضيف ( اشعر بصعوبة استيعاب التلاميذ للدروس عند منتصف اليوم الدراسي بسب ارتفاع درجات الحاراة وسقوف الزنك بالمدرسة ) وتشكو مديرة المدرسة من حالات دخول بعض التلاميذ من ابناء اللاجئين الى الدراسة في سن متأخرة بالرغم من ان الدراسة مجانية، كما ان المفوضية السامية لشئون اللاجئين توفر للتلاميذ المقررات الدراسية والحقائب مجانا, وتكمل فاطمة سالم حديثها بالتساؤل عن مصير من يكملون مرحلة الأساس بالمعسكر فالى أين يذهبون؟ وكل المعسكرات لا تضم ولا مدرسة ثانوية واحدة ؟ وكيل المدرسة فضل الله حسن صالح يتفق مع مديرة المدرسة في ان التلاميذ يحتاجون الى وجبة فطور مجانية بالمعسكر ويضيف ( كثيرا ما نلاحظ ان بعضهم يعود بعد فسحة الفطور وعليه مظاهر إعياء فندرك انه لم يجد شيئا ليناوله مع أسرته ) ويشير فضل الله الى أهمية عودة المفوضية لمسألة توفير قماش مجاني للتلاميذ لضمان المساواة بين اللاجئين ومنعا للتميز بسبب الزي, ومن بين نوافذ الفصول الدراسية ومن عيونهم كانت نظرات تلميذات وتلاميذ المدرسة من أبناء اللاجئين تحدق في البعيد على أمل ان يجدوا مستقبلا أفضل بالتأكيد مما وجده آباؤهم … لجوء قوم عند قوم فوائد وربما لسبب وجدوه بالمنطقة لسنين عديدة فان قاطني معسكر 26 للاجيئين لا يفصل بينهم ومواطني القرى الثلاث المحيطة بهم شيء, إذ يوجد تلاميذ سودانيون يدرسون بمدرسة المعسكر وعددهم 23 وبالمقابل هناك تلاميذ وتلميذات من أبناء اللاجئين يدرسون بمدرسة قرية 26 عرب، أكبر القرى السودانية المجاورة للاجئين ويقول أحمد محمد إبراهيم معلم بالمدرسة ومن سكان القرية ان خدمات المعسكر متاحة لهم سواء في شقها الخدمي كمياه الشرب أو خدمات الصحة في مستشفى معسكر 26 وان مجتمعا القرى واللاجئين نسجا صلات اجتماعية عميقة تتبدى في كل المناسبات, غير أن سكان القرية 26 عرب وعلى لسان المعلم محمد يطالبون المفوضية وادارة المعسكر بعمل ردمية للطريق وإيجاد فرص عمل ولو محدودة لأبناء القرية ويضيف ( لا توجد مشكلة سوى ان الضرر البيئي الذي حدث بالمنطقة يحتاج إلي مجهودات كبيرة لتعويضه). ….ونواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى