Uncategorizedتقارير

الشأن السواداني في مقابلة الرئيس اسياس أفورقي

كعادته أولى اسياس افورقي اهتماما واسعا للشؤون الدولية والإقليمية في جل حوارات على الفضائية الحكومية الاريترية. ويتحدث الرئيس اسياس كمحلل سياسي حينا واكاديميا حينا آخر وواعظا في كل الأوقات.
الزميل عبد الرازق كرار رصد حديث الرئيس اسياس والذي بثته الفضائية الوحدة بالبلاد في الثامن من يناير الجاري، وقد خصص الرجل حوالي ٢٨ دقيقة للشأن السوداني.

السؤال: التطورات السياسية في السودان تزدادا تشابكا وتعقيدا، كيف ترى الأوضاع في السودان وما هو تأثيرها على الإقليم؟ 

· الحديث عن السودان يمكن تناوله على مستويين، إجابة طويلة وهذا تحتاج الى وقت طويل لا يتسع لها زمن المقابلة، وإجابة قصيرة. الإجابة الطويلة تتطلب الرجوع الى الماضي واستصحاب الابعاد المحلية والإقليمية والدولية في تفسير ما يحدث الآن، وهذا يشكل أساس التطورات الحالية، والتي لا يمكن ادراكها الى من خلال استصحاب هذه العوامل. 

· أن المشكلات الناجمة عن حكم الجبهة الإسلامية القومية/ المؤتمر الوطني منذ عام 1989م والمعاناة التي ترتبت على هذا الحكم تعتبر غير مسبوقة وتستعصي على القياس. 

· السودان بلد متعدد الموارد وهو بحق سلة غذاء العالم من حيث الموارد ولا يمكن مقارنته بأي دولة من دول الإقليم. 

· صحيح يمكن الحديث عن مشكلات السودان قبل حكم الجبهة الإسلامية مثل مشكلة الجنوب، ولكن خلال الثلاثين عاما الماضية تفاقمت مشكلات الجنوب دارفور، الشرق، وذلك بسبب الطرق التي اتبعها النظام لمحاولة معالجة هذه القضايا، وهو ما أدى الى خروجها عن السيطرة وأدت في نهاية المطاف الى انفصال الجنوب، وهى المشكلة التي كان بالإمكان معالجتها ضمن السودان الموحد، ذلك أن أبرز السياسيين من جنوب السودان كانوا يسعون الى بناء السودان الجديد القائم على مبدأ المواطنة، وكانت هذه رؤية جون قرنق وآخرون ولم تكن لهم أهداف انفصالية، ولكن المعالجات الخاطئة أوصلت الجنوب الى ما هو عليه الآن وهو موضوع قائم بذاته ويتطلب حديث طويل. 

· قضية دارفور أيضا بقيت معلقة وكذلك قضايا آببي، جنوب كردفان، والنيل الأزرق والنوبة، كلها قضايا تم تأجيل معالجاتها مراراً وتكراراً. 

· المعاناة الاقتصادية التي تسبب فيها المؤتمر الوطني عصية على القياس، ذلك أن السودان بعيداً عن البترول، فإن موارده الزراعية مهولة للغاية ولا يمكن مقارنتها بأي دولة في الاقليم، ولا يمكن معها تصور أن السودان يمكن أن يجوع أو يعاني اقتصادياً 

· خلال الثلاثين عاما لحكم النظام السابق لم يتم حل أي مشكلة من مشاكل السودان سواء في الجنوب او الغرب أو الشرق او النيل الأزرق، بل تفاقمت هذه الازمات وازدادت تعقيداً. 

· تفاقمت الأزمات الى أن وصلت الى مستوى لم يتحمل الشعب وخرج بشكل عفوي، دون دراسة او قيادة سياسية أو برنامج سياسي، وأسقط النظام. 

· هذا الخروج العفوي الذي اسقط النظام خلق فراغ سياسي، والأزمات التي فاقمها النظام السابق بدأت تنفجر من جديد متمظهرة في أنماط إقليمية أو قبلية. فمثلا في دارفور في التسعينات كان هنالك حركتين أو ثلاثة، كم عدد الحركات الآن؟ كم عدد التنظيمات التي ظهرت كل في اقليمه، وبأي دافع أو منطق تكونت هذه التنظيمات. 

· هذه الأزمات التي تفاقمت نتيجة عدم إيجاد حلول جذرية لها من قبل النظام السابق، وتأجيلها وترحيلها، والمظالم المترتبة عليها والسخط الناجم عن ذلك تراكمت وأخيراً تمظهرت في هذا الحراك العفوي الذي اسقط النظام. 

· السؤال هو كيف يمكنك معالجة كافة هذه الأزمات والوصول بالسودان الى بر الأمان؟ في ظل إرث النظام الثقيل المتمثل في استضافة القاعدة مثلا، واستعداء دول الجوار، مثل المؤامرات التي كانت تحاك ضد بلدنا، ما هي السبل لمعالجة كل هذه التركة الثقيلة المتراكمة للنظام السابق؟ 

· هنا لابد أن تكون هنالك مرحلة انتقالية، لأنه من غير الممكن القفز مباشرة الى إيجاد حلول لكل الأزمات دون مرحلة انتقالية. 

· هذه الأزمات المتراكمة كما ذكرت هي التي أدت الى هذا الانتفاض العفوي للشعب السوداني، وحينها لم يكن أمام الجيش من خيار سوى الوقوف الى جانب الشعب، لأنه هو الآخر أيضاً كانت يعاني وكانت لديه مشكلاته جراء سياسات النظام السابق، كما يصعب الفصل بين الأزمات التي تواجه الشعب والأزمات التي تواجه الجيش، وعليه فكان طبيعي أن يتخذ الجيش الموقف الصحيح بالانحياز الى خيار الشعب ورفض الأوامر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وهو ما قاد الى سقوط النظام وبدء المرحلة الانتقالية. 

· ما تابعناه خلال السنوات الماضية من عمر المرحلة الانتقالية عصى على الفهم والتفسير، فمثلا بأي منطق يمكن ان يكون هنالك صراع بين العسكريين والمدنيين؟ كيف يمكن تجاوز كل أزمات السودان المتراكمة والتركيز على مشكلة الصراع بين المدنيين والقيادات العسكرية لتكون هي مركز الأزمة السياسية في السودان؟ فما هي 

الأسس الذي يستند عليها هذا الصراع المزعوم؟ دع عنك أمر معالجته فهذه قصية أخرى؟ 

· إن المرحلة الانتقالية التي جاءت نتيجة لهذه الثورة الشعبية، ومن أجل تجاوز الآثار الناتجة عن هذه الثورة العفوية لابد من معرفة ما هي المدة المطلوبة؟ وما هي المشكلات التي يفترض معالجتها بعيدا عن هذا التحوير للأزمات وتصويرها بأنها صراع بين المدنيين والقيادات العسكرية؟ 

· أن أسوا ما يمكن أن يحدث في ظل هذه الأوضاع المعقدة والمضطربة هو التدخل الخارجي؟ تخيل أن القوى السياسية السودانية سواء التقليدية منها أو ما تعرف بحركات التحرر، او تجمع المهنيين والتجمعات النقابية، لديها من المشكلات المتراكمة ما يكفي، ثم يأتي العامل الخارجي ليزيد الأمور سوءً على سوؤها. 

· إن موقفنا من هذه الأزمات، أولا أن هذه قضية داخلية تعني شعب السودان بدرجة أساسية، ولكن الجهة التي يمكن أن تدير المرحلة الانتقالية هي الجيش باعتبار انه في المستقبل لن يكون طرفاً في التنافس والصراع السياسي، لكنه مهمته هو إيصال السودان الى بر الأمان من خلال وضع خارطة طريق تستمر سنتين او ثلاثة أو أربع، خلالها يتم التشاور الواسع حول طبيعة النظام السياسي ويتم الاستفتاء على ذلك، وبعدها يختار الشعب حكومته وعندها تغادر المؤسسة العسكرية المسرح السياسي، ونعتقد أن هذا أفضل الحلول، فهل هنالك مخرج منطقي أفضل من هذا؟ لأن ما نشاهده الآن من سفسطائية وتهريج سياسي بالرغم من ثراء الثقافة السياسية التي ميزت السودان خلال فترات الخمسينات والستينيات والسبعينات أن يصل لهذا المستوى الحالي هو أمر محزن للغاية وغير قابل للتصديق وأقرب الى لعب الأطفال. 

· إن ما نشاهده في القنوات التلفزيونية من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم خبراء أمر محزن للغاية. السودان بلد ثرى بموارده وذو ثقافة سياسة غنية، ولكن حكم الثلاثين عاماً الماضية هي ما أوصلت السودان الى هذا المستوى المتردي. 

· إن هذا إرث المؤتمر الوطني، وهو ليس فقط إرث الثلاثين عاما من الحكم بل يمكن أن نعود به الى الثمانينات وتحديداً في عام 1983 في عهد الرئيس جعفر النميري، ومنذ ذلك التاريخ أصبح السودان مأوى للقاعدة وغيرها وهو ما أوصل البلاد الى المستوى المتردي. 

· بالرغم من اختلافاتنا الفلسفية وغيرها مع الشيخ حسن الترابي إلا أننا كنا نتحاور كلما سنحت الفرصة، ولم يكن اختلافنا سببا في عدم الحوار، وعندما سألته عن سبب التغيرات المستمرة في عهده ودواعيها، وكانت إجابته أن واقع السودان أصبح هنالك منتج واحد وعشرون سمساراً وهذه سمات الدول على وشك الانهيار، ومحاولاتنا هي في سبيل تغيير هذا الواقع الى عشرين منتجاً وسمساراً واحداً. التقيت الترابي قبل 

وفاته بفترة قصيرة وذكرته بحديثنا عن المنتج الواحد والعشرين سمساراً، وقلت له أن البلاد الآن على وشك الانهيار وانتم خلال كل هذه السنوات تعملون فيما عرف بالتمكين فما هو التغيير الذي أحدثتموه، فكانت إجابته أنت محق، الآن ساءت الأمور وأصبح منتج واحد مقابل ثمانين سمساراً. 

· باختصار يمكن تلخيص ما تم إنجازه خلال الثلاثين عاما الماضية هو أن المشكلات التي كانوا يدعون حلها، تفاقمت بشكل كبير للغاية الى أن وصل السودان لما عليه الآن، من جوع وغلاء في الأسعار وانهيار للعملة واصبح مدعاة للسخرية من قبل الآخرين ولا يوجد أمر اكثر بؤساً وحزناً من هذا. 

· عليه لابد للسودان من الخروج من هذا المأزق وإيجاد الأليات التي تستطيع ان تجد المخارج المناسبة، وعلى التدخلات الخارجية أن تتوقف، والمسئولية تقع بدرجة أساسية على الوطنين السودانيين، وإذا رغبوا في ذلك فإن إدارة المرحلة الانتقالية ليست بهذا التعقيد، وعلي السودانيين الوطنين تحمل المسئولية والاستفادة من أخطاء العقود الأربع الماضية وتحديد الوجهة المستقبلية، بدلا من تلقى الدروس والمحاضرات من الخارج مما جعل الشأن السوداني مرتع للعب الأطفال بحيث يفتي فيه من يشاء وبما يشاء. 

· تأثير ذلك علينا؟ لا يمكن الادعاء بأن الشأن السواني ليس له تأثير علينا، ذلك أن دور السودان في الكفاح المسلح وبعد التحرير هو دور متداخل، وكانت الرغبة أن شعوب السودان، إثيوبيا، إرتريا، الصومال وجيبوتي تعمل سوياً ولكن هذا الحلم أندثر، ولكن لأنه لا يوجد خيار آخر غير تعاون هذه الشعوب فعلي السودان الخروج من المأزق الحالي، وهذا لا يتأتى إلا من خلال رؤية واضحة تغلق أبواب التدخلات الخارجية، ذلك أن المهمة ليست سهلة بسبب الأزمات المتعددة والمتراكمة. 

· نحن من جانبنا وباستمرار، ليس حباً في الجانب العسكري أو ضد المكونات الأخرى ولكن من خلال تجربتنا والتي مكنتنا من التعرف على كافة السياسيين في الساحة السودانية سواء كانوا قيادات أحزاب سياسية او قيادات حركات تحرر أو افراد، وقد أتاح لنا الزمن التعرف على الكثير من التفاصيل، صحيح لن نتدخل فيما لا يعنينا لكن لأننا مهتمون بمصلحة الشعب السوادني وتطور السودان لذا فأننا نرى أنه لا بد من الخروج من هذا التهريج السياسي الحالي، ذلك أن الوضع الحالي وبدلاً من إيجاد حلول للمشكلات المزمنة، إلا انه يزيدها تعقيداً، ويتم تقديم أفكار تزيد من اشتعال هذه الأزمات وعندما يضاف الى ذلك العامل الخارجي فإن الأمر يزداد سوءً. 

· أن ما شاهدناه خلال الأعوام الماضية أمر مقلق للغاية، وهو أبرز الملفات التي تسبب لنا قلق حقيقي في هذه المرحلة، ولابد من إيجاد معالجات هادئة، ونحن من جانبنا نتشاور معهم باستمرار، ولكن على الجيش وقوى الأمن تحمل مسئولياتهم ويجب 

ألا تخرج الأمور عن السيطرة وتتجه نحو المواجهة أو الى ما لا يحمد عقباه لان هذا يفاقم الأزمات أكثر، وبعد وصول السودان الى بر الأمان حينها يمكن لقوات الجيش والقوى الأمنية لأن قضية الحكم لا تعنيهم بشكل مباشر يمكن أن يكونوا جزء من النظام، وهذا ما ظللنا نعمل به 

· بالتأكيد يمكن الاسترسال أكثر في الشأن السودان بتحليل جذور الأزمات وتراكمها وتداخلها، ومن ثم إيجاد الحلول موضوعية من خلال المعرفة العميقة لهذه الأزمات، ولكن بشكل عام فأنني على المستوى الشخصي واحد من مصادر قلقي هو الوضع في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى