مقالات

رسائل إلى هؤلاء مع التحية : علي محمد سعيد

27-Feb-2008

المركز

مدخل :
قد تكون الكتابة أحياناً عصية على المرء فينفر من مجرد الإمساك بالقلم والخطِّ به على الأوراق ، ولكن ما أن يجول بخاطره ،ويتأمل مسيرتنا الطويلة والتي دخلت الآن في العقد الخامس منذ عام 1967م ، يجد نفسه أمام مسئوليات أخلاقية وفنية تجعله يتجاسر ويتجاوز حالة انخفاض المعنويات ليكتب حتى لو أعاد بعض ما كتبه الزملاء ، ذلك لأن الطرق والتكرار هدف من أهداف العملية التربوية والإعلامية كذلك .

ومن هذا الباب أحببت أن أتوجه بهذه الرسائل إلى كل من يهمه أمر الوطن والمواطن في هذه المرحلة ونحن مقبلون على ما يبدو نحو فصل جديد من فصول العملية السياسية في إرتريا . فبداية بظهور بوادر الإنفراج في أزمة التحالف الإرتري ، وتوقفاً عند برنامج الحوار الإرتري الإرتري ، ودخول لاعبين جدد في الساحة الإرترية وفق ما ترشح بعض وسائل الإعلام ، وبعض الدوائر المطلعة ، وفي الآن نفسه ازدياد معاناة الإنسان الإرتري سواء في أرض المهجر ومعسكرات اللجوء أو للداخل – مع إن النظام نجده يتغنى ويطرب كلما ازدادت معاناة شعبنا – إن كل هذه الأمور تحتم على المرء أن لايسكت بل ينبغي أن يعمل ويكد ويواصل اليل بالنهار حتى تعاد البسمة لهذا الشعب المغلوب على أمره الذي صبر طويلاً وضحى كثيراً من أجل استرداد حقوقه ومازال هو هو !.وقبل كل شيئ لابد من الإشادة بتلك الخطوة الرائدة التي قادتها مراكز الدراسات الثلاثة ، وبدعم ووقوف من بعض أهل الخير الذين يهمهم أمر بلادنا أعني ( ورشة الحوار الإرتري الإرتري ) والتي بالقطع ينبغي أن يكون لها ما بعدها وآمل أن تؤتي ثمارها ولو بعد حين !ولابد أيضاً من الإشادة بالقيادات السياسية التي التقت في أديس في الفترة الماضية وتوصلت إلى تلك التفاهمات المبدئية آملين أن تكتمل وتعود اللحمة إلى جسم المعارضة ،ولتعمل سوياً ولو كان لكل منها رأي في الآخر سواء كان رأياً فكرياً أو منهجياً ، ولكن لابد من العمل المشترك ، وحتى قضايا الخلاف يمكن أن تحل عبر الحوار ، وكثير من القضايا قد لا يكون الخلاف فيها كبيراً عند طرحها على بساط التداول ، وإنما قد تكون مجرد اختلاف ثقافات وتباين في مفاهيم الأجيال ، واختلاف لغة التفاهم ، ولكن كل شيئ يمكن أن يحل بالحوار المباشر.وإن اللجنة التحضيرية التي يفترض أن تكون قد باشرت أعمالها عليها يقع العبء الأكبر في نجاح المؤتمر القادم من عدمه فلتعمل بروح الفريق الواحد ولتتحَّمل المسئولية التاريخية ، ولاتقدم أعمالها دون إنضاج حتى لو احتاجت إلى زمن إضافي غير الذي حدد لها من الجهات العليا.وحتى تؤتي العملية السياسية الجارية في بلادنا ثمارها ، وحتى نحقق المطلوب ، ونفرِّج المكروب لابد أن تقوم الجهات التالية بأدوارها :1. القوى السياسية الإرترية قيادات وكوادر .2. النخب المثقفة من أبناء الوطن ، قياماً بالواجب الأخلاقي وشرف الإنتماء إلى مسمى النخب والثقافة وهؤلاء لاشك عندي سيكون لهم تأثير كبير سواءً داخل تنظيماتهم أو بأوصافهم الشخصية .3. الوسائط الإعلامية ومراكز الدراسات والبحوث .4. الجاليات الإرترية في المهاجر خاصة الذين يعيشون غربة الثقافة والحضارة والإنتماءممن اضطرتهم الظروف للبقاء هناك !!.5. الشباب الإرتري ( سواعد البناء ، عماد التغيير ، أهل التضحيات والفداء ).6. الشعب الإرتري ذلك المعدن الأصيل الذي لم يبخل على وطنه في كل الحقب والظروف رغم قساوة وصعوبة الوضع الذي يعيشه سواء في المهجر أو الداخل .وإذ تقبل الأطراف الإرترية هذه الأيام على الحوار وتعتبره مدخلاً طبيعياً لحلحة مشاكل البلاد وهو كذلك لابد من التذكيربالنقاط التالية :1. على كل من يتولى مسئولية عامة أن يتحمل المسئولية التاريخية سواءً كان فرداً أو تنظيماً ، وبالتالي حذار أن يتسبب طرف ما أو شخص لعب أدوار قد تكون مضرة .2. الإتصاف بالمصداقية في التعاملات السياسية والبعد عن نظرية الكيد السياسي والكسب الحزبي ، دون أن يفهم هذا الكلام فهماً حدياً أو موجهاً لذات ما!3. الاستفادة من دروس الماضي الإرتري في كل حقبة إيجابية وسلبية وكذا التجارب المماثلة.4. تقدير عامل الزمن في التعاطي مع الشأن العام وعدم التعامل مع الوقت بصورة عشوائية فينبغي تحديد سقوف زمنية لكل عمل ومن قبله التخطيط الدقيق ، وتقدير الإنجاز والنفور من الإخفاق .5. التعرف الدقيق على الذات الإرترية ومكوناتها الأصيلة وعدم القفز عليها ، مع إعطاء البيئة المحيطة قدراً من الاعتبار فالسياسة المعاصرة قد يتحكم فيها العامل الخارجي أكثر من الداخل والرغائب المحلية .6. التحلي بخلق الرجال الكرام عند الخلاف والتعامل مع الخلاف في حدوده وظروفه وعدم حرق كل المراحل والإشراقات والعلاقات الجميلة السابقة ، وعدم إغلاق الباب إغلاقاً كلياً.7. تجزئة القضايا محل الخلاف وذلك بعد تحريرها تحريراً علمياً أميناً.8. بالنظر إلى المشكلة الإرترية تأتي قضايا السياسة والحكم في قمة الهرم ، والتي تحتاج إلى إجابات للعديد من قضاياها مثل :- كيف تحكم إرتريا ؟ ومن يحكمها ؟ وما الآليات المناسبة للحكم ؟ وكيف نحقق الرضى الشعبي ونحقق العدالة ونزيل الغبن والظلم والإحتقان الحاصل الآن ؟!- كيف يمكن اطمئنان الجميع لبعضهم البعض في إدارة الدولة والسلطة حكومة وشعباً.؟- كيف يمكن تحقيق التوازن في عموم البلاد ، وتفكيك السلطة من يد فئة معينة تتحكم في مصير البلاد والعباد كما هو الحال الآن ؟!- كيف يمكن أن يتحقق الاستقرار في بلد تتعدد فيه الأديان والثقافات والأعراق دون أن يلجأ طرف لأخذ حقه عنوة ؟ وهل توجد تجارب بشرية يمكن الاستفادة منها في ذلك ؟- أين يقع الدين من الحياة العامة في إرتريا ؟ إلى غير ذلك من القضايا التي تستحق التدقيق والنظر العميق وعدم التعجل في اتخاذ المواقف المتشنجة ،والمواقف المقابلة فالحياة المعاصرة لاتقوم على الحق المحض كما أنها لاتنطوي على الشر الخالص ، وإنما الأمر وسط بين هذا وذاك فكيف يمكن أن نحقق التوازن قولاً وفعلاً ؟!بيد أن الموضوع الجوهري الذي ينبغي أن تسخر كل الطاقات من أجل إنجاحه هو مؤتمر مارس 2008م وذلك حتى نتجاوز الحالة الراهنة ، ونجنب البلاد والعباد ما لا تحمد عقباه من جراء تصرفات نظام أفورقي غير المسئولة على صعيد الشعب والدولة أو على الصعيد الخارجي .فعلى المعارضة أن تحقق ولو قدراً من الاتفاق والخروج بجسم موحد في مؤتمر مارس 2008م .يمكن أن يكون بداية لتجسير الهوة التي حدثت في فبراير 2007م ، والمساهمة ولو جزئياً في رفع معنويات الشعب الإرتري الذي كاد ينفد صبره من القوى السياسية التي تحسب أنها تمثله ، ويسمع جعجة دون أن يرى طحناً.فهل بالإمكان التسامي فوق الذوات الشخصية وتقديم مطالب الأمة وتقدير احتياجات الظرف والوصول بالشعب الإرتري إلى بر الأمان ؟!هذا ما يؤمل الإنسان الإرتري سواءً في أرض الوطن أو في المهاجر هذا ما يؤمله المرء من قياداته ونخبه في المرحلة القادمة.هذا والسلام علي محمد سعيد Alisaed30@hotmail.com* نشرت في صفحة رسالة اريتريا بصحيفة الوطن – 22/2/2008م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى