مقالات

في وداع الشيخ الجليل إدريس الحسين. بقلم/ جمال همـــــــد

13-Aug-2016

عدوليس ـ ملبورن

(وأنت وإن أفردت في دار وحشةٍ/ فإني بدار الأنس في وحشة الفرد.أود إذا ماالموت أوفد معشراً/ إلى عسكر الأموات أني مع الوفد.عليك سلام الله مني تحية /ومن كل غيث صادق البرق والرعد. ( ابن الرومي )أغوردات تنهض كل صباح من وسط حزنها وترنو للطرقات المقفرة .. عسى انه عاد !. وتنام مضيفة حسرة جديدة ليومها الذي يبدو كدهر.هي في إنتظارهم نكاية بالحاضر . في إنتظارهم جميعا .الشيخ القصير القامة والوئيد الخطوة، بوجهه الطلق وإبتسامته الحفية .. في حركته اليومية بين الجامع العتيق والمعهد .. وبين ساحة (جامع الأرواح ) وسوق الخضار يمشي خفيفا كالنسيم ، ينثر ورد معارفه الدينية والمعرفية برفق ولين جُبل عليه. يلقى السلام على رواد المقاهي القليلة البائسة ويتذكر أصحابها يهزُ رأسا اسفا و يترحم على أصحابها الذين رحلو وقلوبهم عامره بحب مدينتهم.

الشيخ إدريس الحسين إدريس أرتعه شيخ المدينة وأمامها ومعلمها .. شيخها وابن شيخها الروحي الشيخ الحسين، خازن تاريخها ومدون تقلب أحوالها ومسجل مكابداتها اليومية ، وتحايلها لتبقى على قيد الحياة!.إدريس الحسين أمام المسجد الكبير ومدير المعهد الديني الإسلامي بمدينة اغوردات ، يغادر دنيانا الفانية وهو غير مطمئن على أوضاع مدينته التي أحب ، كان ذهنه مشغولا أثناء غيابه القسري في رحلة علاج في السودان .شيخ إدريس دفع أكثر من مره ليغادر المدينة ، لكنه أبى .. كسرهم بإبتسامته المعهودة وصبره الأيوبي ، وعناده الذي لا حدود له . حددوا شكل ومكان المعركة وتاريخها ولكن الرجل الحكيم أصابهم في مقتل عندما لا يستجيب واستند على حب وتقدير يكنه له أهالي المدينة وكان له ما أراد. عندما منع من إمامة المصلين في المسجد ، إلتزم منزله وأقفر المسجد من رواد لأول مره في تاريخه وصلى الناس خلفه في منزله ، فتراجعت إدارة المدينة عن قرارها.سألته في واحدة من زياراته لمدينة كسلا عن أسباب قرار إدارة المدينة بإيقافة عن أمامة المسجد ومن يقف خلف ذلك ؟ ضحك وقال لي : يا ود الشيخ إنتهى الأمر وليسامح الله من كان خلفه.سيدي الشيخ ستفتقدك (شلاليت ) مدينتك اغوردات وسيفتقدك بركا أب همد في هذا الخريف ، ولا نملك سوى الدعاء لك فقد زده رحيلك مساحة الحزن في قلوبنا.رحك الله الشيخ الجليل إدريس الذي رحل في العاشر من أغسطس 2016 بمدينة كسلا إثر علة لم تمهله طويلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى