أخبار

في ذكرى أنبل يوم …توصيف الحالة … طرح أسئلة المستقبل ( 1) :جمال همد

4-Sep-2012

المركز

في ذكرى إنطلاقة الثورة اتجاسر واقول ان الأمل بالنصر التي قاد الآلاف من ابناء شعبنا نحو الطريق ، رغم ان البعض وصف الشعب الإريتري حينها بالغباء أو الإنتحار الجماعي ، وذلك لصعوبة المهمة التي حزم امره لتحقيقها . وتحقق الحلم بعد ثلاثة عقود .الآن أيضا هنالك من يرى صعوبة ان يتحقق الحلم ! ودائما هنالك من لايقرا التاريخ البشري ، ويصيبه القنوط .

في الذكرى الـ 53 لإعلان الكفاح المسلح يدخل الشعب الإريتري في مرحلة هي من أسوء مراحل تاريخة .. حكم يذهب بإصرار بإتجاه سياسة ( شمسونية ) مدمرة ، ومعارضة تدور في حلقة جهنمية ، وشعب يبدو بلا أفق للخلاص ، لكن الأمل موجود دائما .في ذكرى رجال أشداء بواسل ، ونساء ماجدات ، علينا ان نكف عن التباكي على الحليب المسفوك ونتأمل ونأمل ما تبقى في الكأس .علينا بترتيب الأوضاع وإجراء المراجعة الشاملة بعيدا عن الوهم بتحقيق إنتصارات وهمية من خلال مؤتمرات وإجتماعات، أقل ما يمكن ان يقال عنها تخفيفا أنها فطيرة في الاعداد والنتائج .مراجع علمية لاتعتمد على التفكير الآني و(الشطارات) السياسية الغير محسوبة النتائج ، هي ما نحتاجة الآن .في ذكرى الـكفاح المسلح علينا أعادة تسميات الاشياء والفكاك من الأصطلاحات والإكليشيهات الجاهزة التي أتسمت بها الحياة السياسية في اوساط المعارضة طوال أكثر من خمسة أعوام .نفصل قليلا ونقول :ساحة الحكم :ان الحديث عن أي أفق للمصالحة الوطنية ، أو الحوار مع المعارضة هو ضرب من الوهم ، فقد حسم أسياس كل ذلك في أكثر من مناسبة، عندما دعا الجميع لحل تنظيماتهم في 20 يونيو 1993م والعودة للبلاد كأفراد ، مكرسا مقولة سياسية قاتله فحواها ( ان الساحة الإريترية لاتتحمل أكثر من تنظيم ). ثم ليزج برفاقه من قيادات الصف الأول من المناضلين في معتقلات واقبية لاتُعرف أماكنها ، دون محاكمات ، ذلك قبل أكثر من عقد من الزمان .التنظيم / الحزب الذي بدء ماركسي المنهج ماوي الرؤية والتطبيق ، أنتهى ككل الأحزب الشمولية في يد فرد واحد تعاونة عصبة عسكرية وأمنية تتحالف مع بعض المتنفذين من رجال المال والسماسرة والمهربين في الداخل والخارج .كما ألغى كل مؤسسات الحزب لتقف هياكل جوفاء فقط ، وليسيطر الجنرلات على كل مفاصل السلطة والدولة بمن فيها الأقاليم التي تحكم بما يشبه الإقطاعيات العسكرية والإقتصادية، وإريتريا ليست إستثناءا فقد سبقتها بلدان أُخرى ( العراق سوريا وليبيا وقبلهما كمبوديا .. الخ ). لتنتهي الجبهة الشعبية ـ حزب الجبهة الشعبية للعدالة والتنمية ـ لاحقا إلى ما هي عليه الآن.عصبة عسكرية وامنية قليلة التعليم دون خبرات متحالفة مع رئيس يقرر كل شيء دون غيره ، وليتشكل نظام أقتصادي يحار خبراء الإقتصاد في توصيفه ، وشبكة علاقات دولية معقدة مفارقة للنظم الدولية المرعية . ساحة المعارضة :أما المعارضة الإريترية فهي تدور في حلقة مفرغة منذ اكثر من 5 سنوات وبإصرار تُحسد عليه ، وكل المحاولات للخروج من ذلك أدت للأسف لمزيد من المآزق وتزيد عبثية الصورة .أكثر من 30 تنظيم وحزب وحركة جُلها دون برامج وهياكل ونُظم .. بعضهاتحت قيادة أناس هم اقرب للأمية الأبجدية ، والسياسية دعك من الأمية التقنية المرتفعة أصلا في أواسط أقرانهم ، هي نتاج مؤتمر ( أواسا ) في ديسمبر 2011م .خطاب سياسي عاجز عن استيعاب إستحقاقات الداخل والخارج ويستجيب لمطلوبات السياسة الدولية والإقليمية .فهو داخليا لازال يحمل سمات وصراعات مرحلة التحرر الوطني ، وزاد الطين بلة بإشاعة وعي وطني مزيف ، يؤسس لصراعات عرقية واثنية وطائفية .وقد تعالت اصوت وكتابات ضحلة ــ لحسن الحظ ــ ولا تتناسب مع تاريخ النضال الإريتري تدعولتقسيم المجتمع على أسس طائفية وعرقية ثم خوض النضال من أجل استخلاص الحقوق ، ليجد البعض مدخله المناسب ويشجع قيام تنظيمات وحركات عرقية وأثنية تتصارع الان فيما بينها على أسس عشائرية ودون ذلك ، بديلا للتنظيمات الوطنية ، وعندما تكاثرت هذه التنظيمات وطغت في مؤتمر ( أواسا ) اسقط بيد هؤلاء واعتصموا بحبل التحالف .لا أنفي هنا وجود مشكلات أثنية وعرقية وقومية نتجت عن سياسة الإستعلاء والإقصاء التي تمارسه العصبة المتنفذة في اسمرا لينتج عنه في الظاهر ان الدولة هي دولة ( تجرنية ) مسيحية الهوية . والسؤال أين مصالح هؤلاء من ما تحققه هذه العصبة ؟ .وأختصر وأقول ان قلب الأوليات في هذه المرحلة ليس لصالح الجميع ، والديمقراطية ثم الديمقراطية هي الحل الناجع حتى الآن لحل مشكلة كل الوطن .الأنتلجسيا الإريترية وبدلا من ان تلعب دور المنقذ بالرغم من قلتها ، تغرق في ذات لجج خلافات المعارضة ، أو إنها مواجهة بعدد كبير من التحديات أو تقف عاجزة ومعزولة لاتملك سوى التمنيتات ، وتنغلق في نرجسيتها .وهنا لايمكن تجاوز الحراك الشبابي الإريتري الذي ينتظم في عدد كبير من العواصم لكنه غير معصوم من الإختراقات ومحاولات الإجهاض ، لضربه وتدجينه كما حداث في الإسبوع الأخير من أغسطس الماضي فيما سُمي بملتقى الشباب الإريتري العالمي ( 14 منظمة شبابية ) من دول اوروبا وامريكا واستراليا وليس من بينها دول الشرق الاوسط في السودان وجيبوتي واليمن ! . ولم يخرج الملتقى بإي قرار سوى إعلان دعمه لملتقى (دبر زيت ) وهي محاولة إعلامية لإضفاء مزيد من الشرعية على القيادة الشبابية التي تمخض عن مؤتمر ( دبر زيت ) التي اصبحت تزاحم قيادة التحالف والمجلس في الإجتماعات مع الجنرال مسفن أماري الممسك بالملف الإريتري في أديس أبابا ، علما بإن المعارضة ممنوعة من عقد اللقاءات مع الشباب والطلاب الذين عقدوا مؤتمراتهم وملتقياتهم إلا بوجود الجنرال أو من يمثله ! .تعامل السيد الجنرال مع تنظيمات المعارضة ذكرني بطريقة تعامل النظام السوري مع أحزاب ما كان يُسمى بالجبهة الوطنية التقدمية ( المتحالفة ) شكلا مع حزب البعث الحاكم ـ من بينها الحزب الشيوعي الكلاسيكي جناح بكداش ــ فقد مُنعت هذه الأحزاب الورقية من النشاط في الجامعات والجيش والقوات النظامية وأواسط العمال والفلاحين والإتحادات والنقابات .. الخ يعني كل القوى التي يمكن ان ينشط فيها أي حزب سياسي إذا استثنينا الجيش والأمنوأتحدى هنا أي تنظيم أو حركة أو حزب يعبر علنا عن رضاه عن طريقة إدارة الجنرال للملف الإريتري ، ولا نريد هنا القول بالسياسة الإثيوبية تجاه مستقبل الوضع في إريتريا . فالجميع يشتكي ويتذمر في الجلسات الخاصة دون أي ( حمحمة ) إحتجاجية علنية حتى !! .الصورة بئيسة دون شك والمخارج لازال بيد القوى السياسية الحقيقية بالتحالف مع المجتمع المدني الحقيقية والشخصيات العامة والمثقفين والأكاديمين ، من خلال دعوة للقاء تفاكري تسبقة مشاورات حقيقية .وهذا ما سنتاوله في كتابة لاحقه … وكل عام وأفق جديد .. كل سنة والأمل سيظل متجدد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى