مقالات

متـاهـات وهتـافـات:أسمرا والخرطوم .. أزمة ثقة وأمل مفقود… كرار هيابو

1-May-2005

المركز

في المتاهات الواسعة، التي تحاصرنا شعوبا وحكومات من كل جانب، التقِي القراء تحت هذا العنوان لنبحث عن المخارج. إن وجدناها هتفنا فرحا، وإن أخفقنا وتهنا، هتفنا أيضا لنلتقي ونعاود الكرة من جديد.

كثيرا ما يحتار المرء في وصف حالة الفتور السياسي والبرود الدبلوماسي اللذين يعتريان العلاقات السودانية الأرترية ، وأقول فتور وبرود لأن هذه العلاقات ومنذ أن أعيدت الى طبيعتها بفضل الجهود الحثيثة لبعض الوسطاء ، ومن بينهم دولة قطر ، الا انها ظلت فاترة حيث سرعان ما عادت الأزمة بين البلدين من جديد ، وعادت معها التراشقات الاعلامية والتلاسن العلني بين المسؤولين في العاصمتين ، وقد افرزت واقعا جديدا تمثل في الإطلالة الدائمة لوجوه من المعارضين في كلا البلدين عبر الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية ، وفي المؤتمرات والسمنارات المختلفة ، حتى أصبح المشاهد والمستمع لا يميز بين اطلالة وأخرى ، ووجوه وأخرى ، وأضحى كل شيء مكررا ، صوتا وصورة ومضمونا في الحديث عن الإصلاحات ، والتعددية السياسية وحقوق الإنسان ، والحريات الشخصية من رأي وتعبير وعبادة وتنقل آمن ، وأصبح كل مطل ينثر وعوده في كل الاتجاهات.من يشاهد الفضائية الأرترية وهي تزدحم بالوجوه السمراء من عرب وعجم ، يخيل اليه بأنه في فيافي دارفور وأدغال الجنينة . ومن يشاهد الفضائية السودانية وهي تزدحم بالشيء نفسه ، ويستمع الى أسباب ومسببات الخلافات التي تسوقها تلك الوجوه ، والمطالب المشروعة في عودة السلطة المسروقة ، يكتشف بانها أحاديث تساق من هذا الطرف أو ذك وتصب في بوتقة مزيد من التأزم في الثقة بين البلدين ، وتزيد أيضا من فقدان الأمل في عودة المياه الى مجاريها الطبيعية.وإزاء هذا التداخل المتشابك في الطرح المتناقض بين ما تقدمه أسمرا ونظيرتها الخرطوم من أسباب الخصام بينهما ، فان كل فريق معارض ربما يجد ضالته في هذه المعمعة ، ويمارس فيها لعبة القط والفأر ، حيث يلعب الأخير عندما يختفي الأول ، واذا ما عاد ، فر الفأر ليدخل في أول جحر يجده مفتوحا أمامه. وهكذا تقدم العاصمتان النماذج من أساليب الإحراق السياسي لمستقبل العلاقات الثنائية بين الشعبين والتي من المفترض أن ترتقي الى مستوى التبادل الإيجابي والمنفعي في جوانب التآخي ، ورد الشرور ونبذ العنف ، والترفع عن كل ما هو سلبي ومعيق لعملية بناء علاقات حسن جوار طبيعية ، ومد جسور التواصل بين شعبين بينهما الكثير من أوجه التماثل والتشابه في أغلب مناحي الحياة.جزء من أسباب هذا الحديث مرده زيارة العقيد قرنق الى أسمرا ، بهدف شرح أوضاع السودان ، خيره وشره ، سلامه وحربه للرئيس اسياس ، الى جانب بحثه مع القيادة الأرترية مستقبل علاقات البلدين ، السودان وارتريا ، وسبل تعزيزها . فمن يمثل قرنق يا ترى في هذا اللقاء الرفيع الذي جمعه برأس الدولة الأرترية ، وأي مستقبل علاقات هي تلك التي بحثاها. أهي علاقة ما بعد مرحلة الفيدرالية السودانية ، أم علاقات ما بعد دخول قرنق القصر الجمهوري متوجا نضاله بتبوئه منصب نائب رئيس الجمهورية بالخرطوم ، فيتزود بالمشورة فيما يشبه تزود العروس بالوصايا قبل ليلة زفافها !ان المصلحة تقتضي أن يخلع البلدان منظاريهما ، وأن ينظرا الى الأمر بالعين المجردة ، فالصورة أصبحت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء ، بحيث تنتفي العلل بعدم اتضاح الرؤية الصائبة ، فقضية غرب السودان ، والحق يقال ، تختلف حتى في نظر أبنائها، عن غيرها من قضايا الشرق والشمال ، ويمكن أن نشير أيضا الى موقف الامم المتحدة فيما يتعلق بها .واذا ما أضفنا الى موقف قرنق موقف مولانا الميرغني وعلاقته بدارفور وقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بهذا الشأن ، فان الصورة ربما تكون أقرب ، بل أكثر وضوحا ، في تبيان اختلاف أحوال المعارضات السودانية والمطالبات التي تسوقها في حجة عودة السلطة التي فقدتها .يقول الأمين محمد سعيد سكرتير الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة في معرض رده على سؤال لجريدة كويتية بشأن الخلافات مع السودان بأنه ليس هناك ثمة خلاف بين ارتريا والسودان ، ويضيف فيما معناه بان ارتريا انما تدعم الشعب السوداني من خلال دعمها المعارضة ، وفي جانب آخر يقول ابراهيم أحمد عمر الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني الحاكم بأن السودان على استعداد للتصالح مع ارتريا اذا ما رفعت الأخيرة يدها عن دعم المعارضة السودانية ، وهو ما يؤكد المنحى الذي ذهب اليه نظيره الأرتري في عدم وجود خلافات أو نزاعات بينهما. لقد اجهضت مبادرات كثيرة قام بها الأصدقاء للتقريب بين وجهتي النظر المختلفة في كل من أسمرا والخرطوم حول قضايا الخصام ، وغيبت أخرى ، والغيت بعضها ، وكل هذ ا في ظل عدم تمكن البلدان المعنيان من تحديد الداء الذي أوصلهما الى هذا الحد من التنافر ، وفي ظل هذا التيه اللا متناهي أيضا، فان من الأفضل ترك الأمور على ما هي عليه في الأرض ، والعمل على وقف الحملات الاعلامية المتبادلة ، واتاحة المجال أمام الوسطاء للبحث عن (الصندوق الأسود) الذي ربما سقط بتفجر أزمة الثقة بين البلدين ، ومن ثم قراءة مكامن الداء والعلل ، وتحديد الدواء.آخر الهتاف:درء مفسدة أفضل من جلب منفعة ، فالأولى تعم والثانية تخص.——-كَـهو لْبـقَلْ لَسَـعَـرْ وزلام كهـو تتْـكاريكلؤوت لَـحَـوْ فَـنَاتـو ولَـكلْـئي جــوارياْلــي بَئَـسْ ايــكـونـي لامـاتْبَـئْسَـا لتْعَــاريhiabu1_k@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى