مقالات

الثورة الثقافية الثانية .. بناء الأفكار والمفاهيم.(2) بقلم محمد علي موسى

14-Sep-2014

عدوليس ـ ملبورن ـ إذاعة المنتدى

ليس هناك ثمة شيئ مضر بمسيرة شعب ما نحو التقدم، بمقدار ضرر التشخيص الخاطئ لأسباب الإخفاق، خاصة في ظل غياب ألية علمية لتجاوز ذلك.فمثلا تشخيص إشكالات إرتريا بالتعدد الثقافي، لا تدعمه لا التجربة الارترية ولا تجارب الشعوب، بل هو إستنتاج جزافي غير متماسك ، فمعظم الدول التي تنعم بالأستقرار الراسخ تعج بالتعدد الثقافي، ثم أين توجد التجربة التي تشير أن الوحدة الثقافية منعت التشظي؟ هل توجد في : العراق، الصومال، سوريا ، ليبيا ،دولة جنوب السودان،السودان .. وماهو السقف الذي يقال فيه هذا هو حد الوحدة الثقافية ؟ وإليك الواقع الارتري ذات اللونية الثقافية الواحدة هنا وهناك، تجد ساحته حُبلى بالإنشطارات الأميبية. ألا تتعرض حتي الأسرة في غياب العدل للإنقسام ؟ علينا أن لا ننجر للمساحة التي يدفعنا عليها نظام الإستبداد في بلادنا، كما علينا التعلم من وباء الشعوبية والطائفية وحرب الكل ضد الكل التي تعم المنطقة، المعركة في بلادنا هي بين إستبداد دموي يستخدم لبقائه الادوات كافة ، وبين قوى الحرية ودولة المواطنة والقانون. المسألة لا تتطلب الكثير من الأدلة في كونها مسائل كيفية إدارة المصلحة المتعددة و العدل والديمقراطية ودولة المواطنة والقانون. ومع هذا يحلو للبعض .. هكذا، ودون مقدمات ومسوغات ودون مَلَل لتشخيص الازمة الارترية بالثقافية ! دون إجراء إختبار علمي لإفتراضه هذا لا في تجربته ولا في تجارب الاخرين

أن الإنتصار لدولة الحرية أكثر أهمية عن الإنتصار لايدلوجيات وعصبيات وعلاقات ذات وشائج متعددة .وان نضالنا الإستراتيجي ينبغي أن يحدد الفرق الواضح بين الموقفين،لتحقيق وتجذير ثقافة الحرية للجميع . فنحن لسنا بصدد إستبدال مجموعة بأخرى، ولسنا ضد الحكومة التي أنشاها إسياس لكونها من قومية وديانة وإقليم معين ، نحن ضدها في مفهومها لإدارة الشأن العام الأرتري ، فذلك حق عام لا ينبغي أن يحتكره فردا أو مجموعة افراد من تلقاء أنفسهم ودون خيار شعبي مهما كانت صفاتهم، نحن ضد مفهومهم لأنهم يرفضون الرأي الآخر ويغتالونه ، وهذا يتعارض مع العدالة بين مواطن وآخر، وإنتهاك للحق المقدس للمواطن في المساواة . وهنا نسأل مناصري حكومة أسياس هل مفاهيم سيادة الفردية وغياب العدل والديمقراطية من الوطنية في شيئ؟! وهل القول بأن الدكتاتورية خير لنا عن البديل غير المتماسك يعد حلا سليما ؟!وهل بهذا الإقصاء وعدم إحترام الرأي الآخرنحافظ علي وطن الشهداء؟! وهل من الوطنية تحميل كل الخراب الذي طال شعبنا وارضنا في قيمه ومعيشته وتشرده لامريكا، ونحن نعلم أن من يدير أمر شعبنا هي حكومة أسياس ؟! وماذا جنينا من شعار لا صوت يعلو علي صوت المعركة سوى التقهقر والخراب ؟!إن الأمم التي تقدمت إتكأت علي قيم راسخة متمثلة في قيم العمل الجماعي المنظم،أكد ذلك علماء الإجتماع السياسي وتجربتنا النضالية . فبفضل التطور العلمي الهائل، توفرت وصفات الحلول للعديد من المسائل، وخاصة لمثل تلك التحديات التي تنتصب أمامنا، فقد وجدت لها البشرية حلولا منذ قرون خلت. فقط علينا الإهتداء بها، لأن بحث مسائل النهوض الاجتماعي والسياسي خارج العلوم الإنسانية يؤدي للمزيد من التعقيد فالتأزيم ثم التلاشي .أن النظرية الفكرية والسياسية شكلت أحد أهم الأركان التي أَسست لإنتصارنا علي المحتل الإثيوبي،وبإعتبار أن مسيرة التاريخ وتحدياته مسيرة لا تعرف التوقف، حاجتنا لنظرية فكريةوسياسية تتصدى لتحديات مرحلتنا الحالية مسألة بالغة الأهمية،وهي نظرية نستلهما من واقع تجربتنا الأرترية وبالإنفتاح علي تجارب الشعوب.لا شك في أهمية توفر الرؤية المتكاملة وبذات الدرجة لا معنى لرؤية في ظل غياب عمل منظم وممرحل ودائب،وإلا أصبحت الرؤية مجرد أحلام وتمنيات طيبة، فالتاريخ وكذا الحاضر لم يمنحانا مثالا إكتمل فيه صرح بناء عبر نصوص وخرائط، بل تطلب الأمر عمل منظم ومضني ومتتالي،فلا يمكن الحصول علي الثمرة دون تحويل النظرية إلي قناعة لدي الشعب، تخلق لهم الوئام وتعزز لديهم الهوية الثقافية والثقة بالذات وتزرع الأمل وتبني الكفاءة والقوة،ويتم ذلك عبر إنتظام الشعب في أطر تنظم مقدراته وينخرط من خلالها في برنامج وعي وعمل وتقييم إسترشادا بالرؤية، لتتطور مع الوقت عبر النضال ضد الإستبداد، فتحرز الإنتصار . في البدء ضرورة محاربة الإتكالية وإنتظار الآخر، وذلك بإلغاء العناوين التي تختبئ خلفها مثل المبررات السائدة علي شاكلة : فلان لو كان قد فعل كذا وكذا لاصبحنا في القمة، جماعة فلان لو كانت فعلت كذا وكذا لكان حالنا غير هذا الحضيض،نحتاج لقائد ، متجاهلين أن القائد الحقيقي هي الفكرة. الشعب في الداخل لماذا لا يقوم بإنتفاضة؟ لماذا لا يحتجون ؟ . ونتجاهل في معظمنا أن نطرح علي ذاتنا الفردية ذات السؤال والقائل: هل قمت بما ينبغي علي فعله في أماكن تواجدي ؟ هل سَعَيت دون ملل لتجميع جهدي مع الآخرين ؟ أم ألقيت بالآئمة علي ألآخرين وكفى ؟! أن ترديد عبارة المجتمع محبط ويائس والإستسلام لها أخطر من فعل الإستبداد المباشر، لهذا علينا البحث في طرق تجاوزها حتي لا تضاف لقائمة مببرات الإتكالية . إن الفرد هو العنصر الأساسي في بناء المجتمع، ويكتمل دوره الحقيقي من خلال التعاون مع بقية أفراد المجتمع، والعمل الاجتماعي يحتاج إلي تحقيق التوازن بين الروح الفردية والروح الجماعية، عن طريق التربية المتوازنة التي لا تحيل أعمال الناس الفردية إلي أصفار،وأيضا لا تنمي فيهم الفردية الجامحة التي تتبدل شيئا فشيئا إلي التخلي عن روح العمل الجماعي،بل يجب توفر المناخ المناسب مع إختيار أساليب العمل، التي تحول دون التسلط وتنمي المبادرة الذاتية، وترسخ مبدأ الفريق الجماعي . وهنا لا يستقيم الوضع حتي يقوم كل فرد منا بدوره كاملا دون أن يشترط نهوض الآخرين معه لقيامه بدوره الفردي،لأن ما نسميه مقاومة أرترية هو محصلة جهود أفراد، أما أن يكتفي كل منا بنقد وملامة مجهول هو التيه والهرب بعينه. وأخيرا نقول بثقة كبيرة أن شعب أرض الصدق و الشهداء قادر لصنع حياته الكريمة مجددا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى