مقالات

ما الفرق بين المعارضة الإرترية ونظام اسياس ؟ : محمد نور احمد

14-Mar-2007

المركز

هذا سؤال تبدو عليه الغرابة ، أليس كذلك ؟ كما تبدو البداهة على الإجابة عليه ، فنظام اسياس لا يختلف اثنان في أنه نظام دكتاتوري ، نظام حكم فرد طاغية ( هو الدولة والدولة هو ) ، بينما المعارضة تناضل من أجل إقامة نظام مختلف تماماً في طبيعته هو النظام الديمقراطي ، والديمقراطية (dimocrates ) وهي عبارة مركبة من ( dimo ) وتعني باليونانية الشعب بينما ( crates ) تعني بنفس اللغة الحكم وكما هو معروف لدى القراء .

وهنا قد يطرح سؤال نفسه وقد يبدو هو الآخر غريب ولكنه صحيح وهو من هو الشعب ؟، لقد تدرج مفهوم الشعب عبر التاريخ فقد أطلقت كلمة ( شعب ) على السادة عندما كان المجتمع ينقسم إلى سادة وعبيد كما في العهدين اليوناني والروماني ثم صار الشعب هم ملاك الأراضي ثم دخلت الطبقة البرجوازية عندما تكونت دائرة الشعب ودخلها العمال كنتاج للثورة الصناعية واليوم تضم كلمة شعب كل مواطن ومواطنة بلغ السن القانونية وتأهل لأداء الواجب ونيل الحقوق . وكلمة ( كراتوس ) تعني الحكم والكلمتان معاً كما لا يخفى على القارئ تعنيان ( حكم الشعب ) .ويفرض سؤال ثالث نفسه وهو سؤال بديهي أيضا كيف يحكم الشعب نفسه ؟ . لقد تطورت قاعدة الحكم بتطور قاعدة الشعب فالشعب يحكم نفسه بنفسه من خلال إجراء انتخابات حرة وعامة في البلاد وتتنافس فيها الأحزاب وحتى الشخصيات المستقلة ومن نجح منهم يشكل البرلمان ومن هذا البرلمان تنبثق الحكومة لإدارة البلاد وهي تخضع لرقابة الشعب سواء عن طريق ممثليه في البرلمان الذي يمكن أن يسحب منها الثقة إذا لم تف بالتزاماتها أو الصحافة وهي تتمتع بحرية التعبير التي يمنحها إياها دستور البلاد ضمن قانون خاص بها ، ويمكن للشارع أن يعبر عن احتجاجه بمختلف الوسائل السلمية ضد تصرفات الحكومة التي لا يقرها وكلها حقوق يكفلها الدستور في ظل نظام ديمقراطي وهنالك مسألة الفصل بين السلطات الثلاثة وتكاملها وهى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويتمتع القضاء باستقلالية كاملة عن تأثيرات السلطتين في أدائه ، وفي ظل نظام كهذا يسود البلاد الاستقرار الذي يشكل الشرط الأساسي لتوظيف كافة موارد البلاد في التنمية بمناحيها المختلفة وهو ما تفتقده بلادنا اليوم ، وهذا ما تنادي به المعارضة ، وليصححني إن أخطأت متعلمينا الذين يسودون بعض المواقع بشتائمهم لمن لا يروق لهم ، لأنني لم ارجع إلى المراجع وهو أمر ضروري تقتضيه الدقة ، وأنما اعتمدت على الذاكرة وهى عرضة للنسيان والخلط ، ولكن هل تعي المعارضة كل هذه الأمور إن كانت تعتقد في قرارة نفسها أنها البديل للنظام الدكتاتوري ، وليس بالضرورة أحزابها وأشخاصها وأنما مفاهيمها ؟ . يتردد المرء كثيرا قبل أن يجيب بنعم أو لا ، ذلك أن كل ما تعلنه فصائل المعارضة في أدبياتها لا يعطيك الفرصة في التردد في الإجابة بكلمة نعم ، لكنك عندما تتمعن في ممارساتها سرعان ما يدفعك ذلك إلى سحب إجابتك الأولى وهى ما تزال طرية لتستبدلها بكلمة لست أدري ؟ لأن الديمقراطية التي تنشدها المعارضة ويتطلع إليها الشعب الإرتري تقوم على مبادئ وقواعد تنظم طريقة عملها ويتقيد بها المجتمع في سيرته السياسية لتحقيق أهدافه وأي خروج عليها يعرقل تحقيق هذه الأهداف وهو ما يظهر من حين لآخر في سلوك المعارضة ، فهي تضع قواعد تنظم عملها لكن تخرج عنها كلاً أو جزءاً ، عندما يقتضي ذلك مصالح حزبية ضيقة وهو ما لحظناه في واقعتين على سبيل المثال ، وقبل التطرق إلى المثالين نود أن ننوه بأن المعارضة ينضوي معظمها في إطار واحد هو التحالف الديمقراطي الإرتري فهو إذا ليس حزبا واحدا وإنما تجمع لا تحكمه قواعد الحزب الواحد وهي معروفة ، وإنما قواعد يتفق عليها هذا التجمع وهي تحدد كيفية عمله وأي خروج عليها يؤدي إلى الانفراط .وبالعودة إلى المثالين ، كان أولهما عندما تقدمت مجموعة على رأسها محمد عثمان ابوبكر بطلب اعتماد ( حزب المؤتمر ) عضواً بالتحالف وكانت العضوية معلقة بسبب الخلاف على توزيع مواقع الجهاز التنفيذي في الحزب واختصاصاته مما أدى إلى انشقاق عمودي في الحزب ترتب عليه تعليق عضويته بسبب التنازع في شرعية التمثيل ، وكانت الحجة أن الحزب دعا إلى عقد مؤتمر طارئ حضره ( 24) شخص من أصل (48) شخص هم أعضاء المجلس التشريعي واستكمل نصابه القانوني برسائل التأييد بالفاكس ، وبمكالمات هاتفية وتمت الدعوة لهذا الاجتماع من قبل رئيس المجلس التشريعي دون التشاور مع رئيس اللجنة التنفيذية بما يخالف النظام الأساسي حسب الطعن الذي تقدم به السيد ( حروي بايرو ) رئيس الجهاز التنفيذي ، واتخذ الاجتماع قراراته بالفصل والتجميد لبعض عضوية القيادة وإحلال جدد محلهم ، ناقشت القيادة المركزية الطلب واختلفت حول قانونية الاجتماع الطارئ ونتائجه فهنالك من رأى صحتها وهناك من رأى بطلانها لأن الاجتماع الطارئ لم يتم بدعوة الجهات المحددة في القانون الأساسي للحزب والنصاب القانوني لا يكتمل إلا بالحضور ، والعدد الذي حضر هو (24) شخص بينما يفترض أن يحضره (33) شخص وهم 2/3 من المجموع ليكتمل النصاب القانوني وكانت هذه الحجج كافية لرفض الطلب والاستمرار في تعليق عضوية الحزب إلا أن بعض الأطراف لسبب لا نريد أن نخمنه أصرت على صحة اكتمال النصاب القانوني برسائل التأييد والمكالمات الهاتفية مما اضطر القيادة المركزية لطرحه للتصويت فلم يحصل على الأصوات المطلوبة وهي 3/4 من أصوات الحاضرين ومازالت العضوية لهذا التنظيم معلقة .الواقعة الثانية والمثال الثاني هو ما أحدث انقسام التحالف باختراع نفس الإطراف التي صوتت لصالح قبول عضوية حزب المؤتمر رغم ما أوردناه من أسباب لاتؤهله لذلك ، مسألة اختيار رئيس المكتب التنفيذي بنسبة 51% من الأصوات بالرغم من المادة (4) من النظام الأساسي للتحالف تشترط على القيادة الحصول على 3/4 أصوات الحاضرين الذين يكتمل نصابهم القانوني بحضور 2/3 من جملة أعضاء القيادة المركزية المعينون من تنظيماتهم وأضافت هذه الأطراف أن نسبة الـ 51% معمول بها في جميع إنحاء العالم ، ونحن في حدود فهمنا المتواضع لم نسمع ولم نقرأ أن قانوناً عالمياً يحكم جميع الانتخابات ، إنما المعروف أن كل انتخابات في أي بلد يسبقها قانون بغض النظر عن النسب التي تعطي للنجاح كما يحدث ذلك بالنسبة للأحزاب والمنظمات والنقابات وقد تتضمن الدساتير سلفاً هذا القانون ، والقضية ليست الخلاف في تفسير فقرة كما قيل وأنما في خرق مادة رئيسية هي المادة الرابعة من النظام الأساسي للتحالف وهو الذي اقره المؤتمر الأخير لهذا التحالف ، والقاعدة التي تحكم اختيار رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي هي أولاً التوافق وثانياً إذا تعذر التوافق الحصول على 3/4 الأصوات لأن التحالف ليس حزباً سياسياً واحداً وأنما تجمع لأحزاب وتنظيمات كل لها برامجها الخاصة فيما يتعلق بإدارة الدولة وما يجمع بينها الآن هو برنامج الحد الأدنى الذي لا يتجاوز إسقاط النظام وإقامة نظام ديمقراطي في ارتريا حتى الوسيلة سلمية كانت أو عسكرية ما زالت موضع خلاف وحتى بين القائلين بالوسيلة العسكرية فثمة خلاف حول إقامة جيش واحد أم جيوش متعددة .من هنا يتضح من أن بعض أطراف المعارضة لم يستوعب بعد لعبة الديمقراطية وإنها ليست فهلوة لتحقيق مصالح ضيقة وأنما تقوم على قواعد ونظم يجب التقيد بها لتحقيق المصلحة أياً كانت هذه المصلحة وبالتالي فما الفرق في مثل هذه الحالة بينها وبين نظام اسياس ، إذ أنه يتربع على سدة الحكم وهي تعارضه لتحل محله في سدة الحكم ولا ندري ما الذي يمكن أن تفعله بالشعب غد وهى لا تحترم المؤسسية اليوم وتجهل أبسط قواعد اللعبة الديمقراطية وهي احترام القواعد التنظيمية التي وضعتها بنفسها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى