مقالات

وقفة تأمل في حادث انهيار صهريج معسكر أم قرقور:عبدالرازق كرار

14-Mar-2012

المركز

إذا كانت ثورة المعلومات ، ببعدها الإجتماعي الفيس بوك والتويتر وغيرها من وسائل التواصل قد اسهمت بقدر كبير في صناعة الربيع العربي ، فإنه ليس بمستغرب أن يكون للشباب الإرتري نصيب منها أياً كان مكان تواجده ، ومعسكرات اللاجئين بشرق السودان ليس استثناءاً ، ما دعاني لهذا المدخل هو التغطية العاجلة لحادثة إنهيار صهريج المياه في معسكر أم قرقور بشرق السودان صباح يوم أمس الاثنين 12/02/2012م عبر معظم صفحات الفيس بوك الارترية ،

وهو ما جعل الخبر محل تفاعل كافة الجاليات الارترية في الخارج ، خاصة وأن الاخبار تضمنت أن الحادث تسبب في وفاة اثنين وجرح العشرات ، جراح بعضهم حرجة ، وإزاء هذا الحادث المؤسف تعددت ردود الفعل من قبل الارتريين ، وفي هذا المعالجة أحاول أن ادع الحادث في سياقه الموضوعي وآمل أن أوفق في ذلك ، مستندا الى المعلومات التي توفرت لدى من خلال التواصل المباشر مع بعض المسئولين في المنظمة الممولة لمشروع الصهريج ، وبعض الناشطين الارتريين الذي استطعت الإتصال بهم ، ولعل القارئي يتساءل عن مغزي هذا الاهتمام الشخصي بالموضوع ، وهو تساؤل في محله ، والسبب هو أنني ابن تلك المعسكرات ، وأحس عميقاً بالانتماء اليها ، بل هي كل ما أعرفه عن الوطن وكل ما يتعلق بإرتريا في دواخلي مستمد من تلك المعسكرات واهلها ، ومعسكر أم قرقور ذات مكانه خاصة إذ يعتبر واحد من أكبر المعسكرات الحالية ، ولي فيه أهل اصدقاء واقارب ، وشعب أفخر بالانتماء إليه .عوداً على موضوع الحادثة المؤسفة أود في البدء أن أوكد على الحقائق التالية *:•الصهريج المنهار هو حديث الانشاء وقد قامت بتمويل المشروع منظمة السقيا الخيرية ، وهي منظمة سودانية تعمل في مجال توفير مياه الشرب النقية للبشر وكذلك للإنعام ومقرها الخرطوم ، ولكن لديها مسئول القطاع الشرقي ومعسكرات اللاجئين وهو المسئول المباشر عن الاشراف على مشروعات المنظمة في شرق السودان حيث تتواجد معسكرات اللاجئين .•المنظمة لها مشاريع مماثلة لصهاريج في معسكرات الشجراب ، وهي حديثة الإنشاء ايضاً .•المنظمة لها خبرة طويلة نسبياً في إنشاء مشاريع مماثلة في كافة أرجاء السودان .•الصهريج المنهار تم اكتمال العمل فيه قبل حوالي شهرين ، وقد دخل حيز العمل منذ اسبوعين تقريباً.•المنظمة تنفذ المشاريع ، بما فيه مشروع صهريج أم قرقور عبر وسيط (مقاول ) ، وفق عقود مكتوبة.•إنهيار الصهريج تسبب في وفاة العامل المسئول عن تحصيل رسوم المياه من المستفيدين وهو من سكان الشواك، وفتي في حوالي الثالثة عشر من العمر من سكان المعسكر ، كما تسبب في إصابة حوالي ما يقارب الـ 20 ، سبعة منهم الآن في مستشفي القضارف يخضعون للعلاج ، بينما فضل بعض المصابين خاصة الكسور اللجوء الى الخيارات البلدية التي عادة ما يفضلها البعض في ثقافتنا المحلية .•المنظمة على أعلى مستوياتها رئيس مجلس الامناء السيد الحاج عطا المنان وهو والي سابق لولاية جنوب دارفور ورئيس مجلس إدارة شركات شريان الشمال على علم بالحادثة ، كما أن مسئول قطاع الشرق ومعسكرات اللاجئين مكلف بمتابعة الملف عن قرب من قبل المنظمة.•تم تدوين بلاغ بالحادث لمعرفة الاسباب التي أدت الى أنهيار الصهريج ، وذلك انه رغم أن الخلل الهندسي هو المرجح ولكن يبقى خيار الفعل المتعمد قائماً مهما كان بنسبة ضئيلة .•معتمد الفشقة ، وعدد من مسئولى معتمدية اللاجئين زاروا المعسكر للوقوف على الحادثة وللنظر فيما يمكن أن يتخذ من إجراءات بصددها .•هنالك تفاعل ومتابعة من قطاعات كبيرة من الإرتريين بالمهجرللحادثة في بعديها الإنساني والقانوني .إزاء هذه الحقائق ، أود أن نلفت نظر كافة الأطراف الى الآتي :-•الحادث ذو بعدين ، بعد إنساني ، وهو ما يتعلق بالمتوفين ، ومواساه اسرهم ، والمصابين ومتابعة علاجهم في هذه المرحلة .•قانوني ، وهو التحقيق في اسباب انهيار الصهريج ، ومن ثم اتخاذ التدابير اللازمة تجاه نتائج التحقيق ، وإذا كان السبب هو خلل هندسي وعدم مطابقة الصهريج للمواصفات المطلوبة ، لابد حينها من إتخاذ الإجراءات التي تتطلبها مثل هذه الحالات التي نأمل أن يكون منصوص عليها في عقد الإنشاء ، وهي في حدها الأدني ، إعادة بناء الصهريج بمواصفات آمنة ، وإتخاذ كافة تدابير السلامة التي تتطلبها المشروعات التي تتعلق بحياة الناس المباشرة ، وتعويض أسر المتوفين ، ومعالجة المصابين وتعويضهم .•إذا كان السبب خلل هندسي ، يجب مراجعة المشروعات الأخري المماثلة تجنباً لتكرر المآساة في مناطق أخري .ولأن أطراف الحادثة والمتضررين منها جهات عديدة ومتداخلة ، يجب أن تكون هنالك آليات لمتابعة القضية وتداعياتها ، وهذه الاليات يجب أن تشمل : منظمة السقيا ممولة المشروع ، هيئة الاعمال الخيرية مديرة المشروع ، معتمدية اللاجئين ، باعتبارها الجهة المسئولة مباشرة عن اللاجئين ، معتمدية الفشقة باعتبار أن المعسكر يقع ضمن إختصاصاتها ، اللاجئين الإرتريين ، ويمكن ان تمثيلهم بلجنة المعسكر أو لجنة يتم اختيارها لهذا الغرض من كافة الجهات التي لها علاقة بالحادث والمصابين، وملتقى اللاجئين ، والاتحاد العام للطلاب الإرتريين ، وغيرها من الجهات ذات الصلة داخل او خارج المعسكر.نداء أخير:-من خلال المتابعة أحسست ان هنالك حالة غضب عارمة بين سكان معسكر أم قرقور ، خاصة القطاعات الشبابية منهم ، وحالة الغضب لا شك في مكانها بالنظر الى عظم الحادث ، والاضرار التي تسبب فيها ، بالنظر الى حداثة المشروع الذي لم يدخل حيز العمل إلا من إسبوعين فقط ، ولأن العالم اصبح قرية صغيرة والجميع يشاهد أن مثل هذه الحادثة في بلاد أخري مثل التي أعيش فيها يمكن أن تؤدي باستقالة حكومة أو إقالة وزير ، ولكن الحال غير الحال ، وعلى الشباب أن يتذكروا أن المنظمة الممولة للمشروع منظمة خيرية (غير ربحية ) سودانية لها مشاريع مماثلة في كافة ارجاء السودان ، وأن تضمين معسكرات اللاجئين ضمن خططها يجب أن يقابل بالشكر والتقدير ، خاصة وأن هنالك الكثير من القرى السودانية التي تحتاج الى مثل هذه المشاريع ، وتعاني نفس مشكلات شح مياه مياه الشرب ، ولكن هذا الشكر والتقدير للمنظمة لا يعفيها من تحمل الخطأ وتبعاته ، خاصة وأنها تعاقدت مع جهات أخرى لتنفيذ المشروع ، والمسئولية تقتضي محاسبة الجهة المنفذه ، وتعويض كافة المتضررين معنوياً ومادياً ، والإستفادة من هذه الحادثة في التخطيط والتنفيذ للمشروعات القادمة ، ولأن معسكرات اللاجئين في ظلّ تراجع خدمات ودعم المفوضية العليا لشئون اللاجئين يشهد تراجع كبير في الخدمات الاساسية فإن كافة المنظمات الخيرية السودانية مدعوة لتجاوز حاجز القومية ، والنظر الى الآفق الإنساني وتقديم خدمات التعليم والصحة والمياه في معسكرات اللاجئين ، وعلى شبابنا في المسكرات أن يدركوا أنه لا أحد له مصلحة فيما حدث ، وحدها معرفة الحقيقة من خلال تحقيق شفاف ، ومن ثم إتخاذ اللأجراءات اللازمة وجبر الضرر هو في مصلحة الجميع بما فيهم منظمة السقيا ، ومعتمدية اللاجئين وواهلنا في معسكر أم قرقور .وفي الختام لا أجد العبارات الكافية لمواساة أسر المتوفين ، والتضامن مع المصابين وأسرهم ، وكافة أهلي في معسكر أم قرقور ،ولا أملك إلا أعبر عن عميق الحب والتضامن والإخاء الصادق ، داعياً المولى عز وجلّ ان يتقبل المتوفين ، ويلهم أهلهم الصبر وحسن العزاء ، ويشفي عاجلاً المصابين .للتواصل مع الكاتب :razig2002@yahoo.com−−−−−*ربما لا تكون بعض المعلومات دقيقة ، لأنه يصعب الحصول على المعلومات وتمحيصها عندما تكون بعيدا بعيدا عن مسرح الأحداث ، ولأن هدف المقالة ليس تمليك المعلومات بدرجة أساسية بقدر ما تهدف الى النظر لما يمكن أن يتخذ فيما يلى من قادمات الايام عليه أرجو أن يتسع صدر القارئي خاصة المتواجدين في منطقة الحدث .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى