مقالات

النساء البرتقال ضد العنف . بقلم / امال علي

7-Dec-2014

عدوليس ـ ملبورن ـ

تلفتُ المنظمهُ الدوليه انتباه العالم في الخامس والعشرين من نوفمبر وحتى العاشر من ديسمبر انتباه العالم الى العنف ضد المرأه . وبحكم ان العنف ضد المرأهُ متأصلٌ وله جذور راسخه على مدى التاريخ الإنساني ، إلا أن ما حدث من تطور مجتمعي وفكري واقتصادي على مدى عقود كثيره لم ولن يلغي تماماً حقيقه ان النساء في العالم مازلن يتعرضن للعنف بأشكال ومستويات متعدده . وهنا لايُٰستثنى مجتمع عن اخر ، غربياً كان ام عربيا او حتى إفريقي . إن مسلما كان أم مسيحيا او حتى لا ديني . ويظلُ التفاوت النسبي بين الشعوب في محاربه هذه الظاهره ضمن اطر مجتمعيه امرٌ طبيعي و مرهون بالتقدم العلمي والثقافي لهذه الأمه على تلك .

عموما ، كان اختيار الخامس والعشرين من نوفمبر كيوم رمزي عالمي لمناهضه العنف ضد المرأهُ من اكثر الاختيارات الامميه نجاحا في رأي . فكما ورد في السرد الموثق عالميا لسبب اختيار هذ اليوم هو تخليداً لذكرى عملية الاغتيال الوحشية في 1960 للأخوات ميرابال الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان بأوامر من ديكتاتور الدومنيكان رافاييل تروخيلو (1930 – 1961).حيث يذكر أن احدى تلكم الأخوات وتدعى مينرفيا قد قامت بردع الديكتاتور تروخيلو وصفعه امام الملاء في مناسبه عامه وذلك بعد محاولته التحرش بها جنسيا . ولم تكتفي الجميله منيرفيا بذلك بل قامت لاحقا وكرد فعل حقيقي بتأسيس حركه مناهضه للديكتاتور عُرفت بحركه الرابع عشر من يونيو ، حيث ضمت عدداً من المناهضين لتروخيلو واشتهرت حينها الأخوات ميرابال بلقب الفراشات.اما الديكتاتور لم يتجاوز بالطبع تلك المهانة . فقام باعتقالات شملت منيرفيا وأخواتها ، فعذبّن ونُكِل بهن . وحتى بعد ان تم الإفراج عنهن ، قام مجهولون وبأمر منه بإغتيال منيرفيا و أخواتها . تلى ذلك بأشهر قليله اغتيال الديكتاتور ترخليو نفسه وإنهاء فتره حكمه . إن ربط العنف ضد المرأه في العالم بهذه الحادثة تحديدا له دلالات مهمه و عميقه . فمن أهم هذه الدلالات برأي ، هو التأكيد على أن العنف بكل أشكاله وضد اي مجموعه او فرد . رجلاً كان او إمرأه إنما تقع مسؤوليته اولا وأخيرا على الدوله . الدولهُ بحكم انها المنظومه العقديه المُلزَمه بأمن وأمان الانسان المواطن . وبغض النظر عن النظم التي تتبعها الدول ، ديمقراطيه مؤسسيه كانت ام ديكتاتوريه ، فإن اي شكل من أشكال العنف الممارس من قِبل فرد او مجموعه تُسائَل عنه الدوله وعبر تركيبتها المؤسسية والقضائية .وهنا نشددُعلى ، ان العنف ضد المرأهُ في ظل وجود دوله لا تحرك ساكن لوقفه أو محاربته ، إنما هو عنف مقصود وممنهج ويمارس تحت إشراف الدوله وبأدوات تشرع لها وتستبيحها من قبل رجالاتها .ومن هنا ، يمكن النظر وبدقه الى واقع العنف الممارس ضد المرأهُ الارتريه في عهد الثوره والدوله معا . فالثورة التحرريه لشعبنا ، شهدت عقوداً من الكفاح الصعب في ظل واقع بشروط قاسيه من اجل ان يصل مرساها الى تحقيق حلم ملايين الارتريين في تثبيت حقهم في ارضهم وهويتهم المستقله . وللمرأة الارتريه ، إسهام ومشاركه كبيره وواضحه كشريك أساسي في العمليه النضالية . في كلا التنظيمين الرئسين في الساحه حينها ، جبهه التحرير والجبهه الشعبيه . إما فيما يختص بملامح دور المرأه في جبهه التحرير ، يصعب علينا قراءته بالضبط ، وإن كان ما وصلنا من نماذج بطولية لعدد محدد من النساء المشاركات في العمل المسلح يبدو أساسي ومهم ، ولكن وللاسف، لعب خروج الجبهه كتنظيم رائد في المراحل الاولى للكفاح دورا كبير في تغييب وضياع لتوثيق الكثير من النماذج التي كان يمكن ان تكون ذات دور في تجسيد دور المرأه الارتريه في تلك الفتره المهمة من تاريخ شعبنا . إما المشاركه النسوية في ظل الجبهه الشعبيه فهي أوفر حظاًًً وأكثر توثيقا. وإن كانت ، في نهايه الامر لاتخدم القضيه الاساسيه في تمكين النساء ودعمهن ليكون لهن دورا رياديا وفعالا في مرحله مابعد التحرير . الجبهه الشعبيه ، وبما يُعرف عنها ،كتنظيم ، جماهيري ،تعبوي . استطاع ان يجند النساء ، ويسخرهن كطاقه أساسيه داعمه في سيره في برنامجه العسكري والسياسي . لم ُتضيع الجبهه الشعبيه اي فرصه لاستيعاب النساء الشابات ضمن صفوف المقاتلين في الكفاح المسلح . ولكنها أيضاً وبقيادتها الصارمة ، حرصت على تحديد دور المرأه ومشاركتها لتقتصر على ان تكون العامل المساعد على دعم المقاتلين وتنظيم شؤونهم ومدهم بالدعم المعنوي و المادي في تزويد الثوره أخر من مرحله الى إخرى .لم تسعى قياده الجبهة الشعبيه الى تأهيل المرأه ودعمها لتكون في مواقع فعاله ومؤثره في المسيره النضالية وما بعدها . بل ان النساء الأكثر بروزاً في الجبهه الشعبيه كن من تلكم النساء اللائي أبدين ولاء غير مشروط للقيادة السياسيه ،أو كن زوجات قاده او عناصر فعاله في التنظيم ، اما في ظل دوله ما بعد الاستقلال . لم يكن الدورالمرسوم للمرأه الارتريه يتجاوز حاله كونه دورا ًتكميليا وصوري الى ابعد الحدود . والمثيرُ للانتباه ، ان الموروث الثوري الذي رافق تجربه الجبهه الشعبيه في ما ًيختص بالمرأه ، انعكس بشكل صارخ في الثقافه المجتمعية التي حملها صانعو التحرير معهم الى المجتمع الارتري كله ،في إن ثقافه الانتهاكات الاجتماعيه. ،جسديه كانت ام ماديه تجاه المرأه هو امر طبيعي ومقبول ولا يشكل اي قلق على اي مستوى . فمثلا ، التحرش الجنسي في أماكن العمل ، شيء عادي ، ولا يستغرب حدوثه . بل ان هناك اتفاق ضمني ،غير معلن على ان ذلك سلوك طبيعي وربما يحمل صفه المرح ( أي يمكن التندر حوله ) دون أي حرج . وعليه فإن الممارسات ، التي تعتبر عالميا فادحه ، وغير مقبوله ، بل وتصنف كانتهاكات لحقوق الانسان ، كاستغلال النساء جنسيا وماديا في الخدمه الوطنيه، وأن يمارس عليهن أسوء انواع الاستغلال ويخضعن للابتزاز العاطفي والاجتماعي ان لم يلبين رغبات القاده العسكريون تمر بعاديه في ارتريا وغالبا ما تقابل بصمت وخشوع . ولن يكون مستغربا أيضاً ، ان تسود ثقافه الاستباحة اللاإنسانية للشابات الارتريات الجميلات في ان يستثمرن جمالهن وشبابهن في الدخول في علاقات غير متكافئة مع ذوي النفوذ والمال لكسب المال . ولا يقتصر الانتهاك الواضح للنساء في ارتريا على ما يفرض عليهن في ظل دوله لا تهتم بحقوقهن كمواطنات . بل يتجاوزه الى ما يحدث لهن اذا ما تخطين جغرافيا البلاد الى اخرى بحثا عن مساحه أفضل للعيش . فالمرأة الارتريه هي الأكثر عرضه اليوم لحوادث الاغتصاب والقتل خارج حدود بلادها . فهي إمرأه بلا دوله ، بلا شرعيه ، بلا قوانين يحسب لها حساب . وعليه ، تعرضت ومازالت الكثير من النساء الارتريات الى الاعتقال والتعذيب والاغتصاب في بلدان المهجر كالسودان وإثيوبيا ، وتحت أنظار ممثلي الحكومه الارتريه في تلك البلدان ولم يحركوا ساكنا لمساعدتهن او إنقاذهن . الدوله التي تنتهك حكوماتها الفاسده ،حقوق المواطنين من نساء ورجال . وتعمل على إنكار مسؤولياتها اتجاه هؤلاء المواطنين حين يستغيثون طلبا للعون . هي بالطبع دول مختله ، ذات حكومه فاسده وفاشله . إن العنف ضد المرأه في ارتريا ، كما في أي مكان آخر في العالم ، إنما هو وبالدرجه الاولى عنف ضد المواطن ، الانسان ذي الحقوق والمطالب المشروعة في إطار نظام سياسي سوي وعادل وديمقراطي . ولذا ، فإنني ، وختاما ، أؤمن بان النضال من إجل تحقيق مكاسب حقيقيه على ارض الواقع للنساء الأرتريات ، إنما هو نضال مُتضمن في النضال من إجل تحقيق مكاسب للإنسان الارتري عامه ، مرأه كان ام رجلا . هو نضال من أجل إرساء نظام سياسي ، ديمقراطي قي ظل دوله القانون والدستور . هناك حيث الحقوق مكفولة من خلال القنوات المؤسسسيه للدولة . وما بين الخامس والعشرين من نوفمبر والعاشر من ديسمبر ، أيام برتقالية ، أعلنتها الامم المتحدة للعالم كلها ليعكس على ظواهر العنف ضد النساء والعمل على محاربتها ، بلون البرتقال البهي ، وبنهكه البرتقال من ارضنا الخصبه ، نإمل في نساء برتقاليات هن أملنا في ان تحقق المرأه الارتريه مكاسب حقيقيه كشريك أساسي في الوطن عبر منظماتها المتعددة وعبر كل المنابر المناهضة للديكتاتوريه والإقصاء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى