مقالات

باماكو : الإعلام وتحديات السلام – عبد الله محمود*

23-Oct-2010

المركز

•الإعلام، بمختلف أنماطه ، هو النافذة التي تطل بها المجتمعات إلى الخارج ، وهو الجسر الذي يرصف العلاقات بين الأمم والشعوب ، والحرية هي أولى الأسس والركائز لبناء رسالة إعلامية فاعلة .

•والحريات الإعلامية والصحفية ، بوجه عام ، تشهد تراجعاً مضطرداً في مختلف أنحاء العالم بسبب تدخلات السلطات الحاكمة هنا وهناك ، وخير دليل على ذلك مؤشر الحريات الصحفية للعام 2010م الذي صدر بتاريخ 20 أكتوبر عن منظمة مراسلون بلا حدود التي تتخذ من باريس مقراً لها .•وإريتريا ، كعادتها ، تتذيل دول العالم في الحريات الصحفية للمرة الرابعة على التوالي محرزة المرتبة رقم 178 وذلك بسبب سجلها السيئ في مجال الحريات الصحفية الذي تمثل في حظر الصحف المستقلة عن الصدور منذ العام 2001م تحت ذريعة حماية السيادة الوطنية ، واعتقال أكثر من ثلاثين صحفياً دون توجيه إتهامات ، ودون محاكمات ، في أماكن إحتجاز مجهولة . •وأصدق توصيف للحالة الإريترية هو ما سطرته منظمة مراسلون بلا حدود في أحد تقاريرها خلال الأعوام الماضية بقولها أن إريتريا (سجن مشرع الأبواب والنوافذ يحرسه حزب وحيد يرى في كل مطالبة ديمقراطية إنتهاكاً للأمن القومي ) ووصفت أفورقي بأنه ( شاوشيسكو القرن الافريقي) .•وينتظم القارة الإفريقية بشكل عام خلال السنوات الأخيرة حراكاً متسارعاً يتمثل في الإنتظام في أطر وأجسام إقليمية تهدف بشكل رئيس للدفاع عن الحريات الصحفية والإعلامية .•ومنتدى الصحفيين الأفارقة الذي عقد مؤتمره الثالث في العاصمة المالية باماكو في الفترة من 14-16 أكتوبر يعتبر أحد هذه الأجسام ، حيث تأسس في العام 2003م بهدف تعزيز وتجذير الحريات الصحفية والإعلامية كقيمة ديمقراطية في جميع الأقطار والمجتمعات في إفريقيا ، والدفاع عنها في مختلف المؤسسات الإقليمية ، وتعزيز قيم التضامن بين الصحفيين وتوثيق التعاون بينهم في جميع القضايا ذات الإهتمام المشترك، وحث الحكومات على الشفافية والعمل على تقديم مشروعات قوانين تعمل على حماية الحريات الإعلامية وتوفر حق الحصول على المعلومة ، بالإضافة إلى والإهتمام بقضايا التدريب والتأهيل للصحفيين في مختلف الوسائط الإعلامية .•تأتي أهمية مؤتمر باماكو الذي انعقد تحت شعار ( الإعلام وتحديات السلام في افريقيا ) من حيث المشاركين كماً ونوعاً حيث شارك فيه أكثر من 120 من القيادات الصحفية يمثلون أكثر من أربعين دولة إفريقية بما وفر مناخاً مواتياً للحوار حول السبل الكفيلة لتعزيز الحريات الصحفية استعراض أوضاعها في مختلف دول القارة .•وتنبع أهمية المؤتمر أيضاً من توافقه مع إعلان الإتحاد الإفريقي عام 2010م عاماً للسلام والأمن في إفريقيا وذلك بتوفير منبر يجمع بين عدد من القادة الأفارقة ( الرئيس المالي ونائب الرئيس الليبيري) والصحفيين للتفاكر حول دور الإعلام في تعزيز الأمن والسلام في القارة خاصة وأن الجهة الأكثر تضرراً من الحرب هي الإعلام بمختلف ضروبه وأنماطه .•كما يأتي المؤتمر عقب الإجتماع الذي عقدته إدارة منتدى الصحفيين الأفارقة مع مفوضية الإتحاد الإفريقي في أديس أبابا في يوليو الماضي والذي خلص إلى التعاون بين الطرفين من أجل تعزيز الحريات والسلام والأمن في القارة .•الأوراق التي ناقشها المؤتمر لامست قضايا مهمة ذات ارتباط وثيق بقضايا الحريات الصحفية ، كما أن التقارير الإقليمية التي استعرضها المؤتمر والتي شملت شرق وغرب وجنوب وشمال ووسط افريقيا كشفت حجم استهداف الحريات الصحفية بواسطة الحكومات في مختلف أنحاء القارة .•الشأن الإريتري شكل حضوراً طاغياً في قاعة المؤتمر الرئيسية وفي الجلسات الجانبية وكان محل إهتمام جميع الصحفيين المشاركين في المؤتمر وذلك أولاً للمشاركة الإرترية التي تعتبر الأولى من نوعها في هكذا محفل ، ثانياً لممارسات الحكومة الإرترية وانتهاكاتها المتزايدة تجاه الإعلام بشكل عام ، والإعلام المستقل على وجوه الخصوص ، وبوصفها السجن الأكبر للصحفيين في افريقيا، كل هذه العوامل تضافرت ليفسح المنبر لإرتريا في جلسة العمل الأولى بجانب الصومال ورواندا وليبيريا .•جملة القول أن المؤتمر مثل فرصة مواتية للتواصل مع القيادات الصحفية من مختلف أرجاء القارة السمراء وخارجها ،وللتداول حول شئون وشجون العمل الإعلامي ، والنقاش حول كيفية الخروج من المأزق الراهن في إريتريا ،واستطعنا من خلاله تحويل التنديد الصامت إلى فعل متحرك بإقناع عدد من القيادات الصحفية للكتابة بشكل راتب عن أوضاع حقوق الإنسان في إريتريا بشكل عام والحريات الصحفية على وجه الخصوص بما يمكن أن يشكل حلقة من حلقات الضغط على الحكومة الإرترية .* نشر كافتتاحية في صفحة نافذة على القرن الإفريقي- صحيفة الوطن السودانية 22أكتوبر2010م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى