مقالات

مواقف وآراء : قراءة فى شهادة المناضل ( أبراهيم محمد على ) :عمر جابر عمر

2-Oct-2011

المركز

بعد التحرير شهدت الساحة الأرترية سيلا من الكتابات كان معظمها عن مرحلة الثورة وبأقلام مناضلين من جبهة التحرير الأرترية. كانت تلك الكتابات تحمل من الأسئلة أكثر مما تقدم من أجابات – والسؤال المحورى كان: لماذا وكيف دخلت جبهة التحرير الى السودان ؟؟ ومن هو المسئول عن ذلك ؟ السؤال الثانى كان : لماذا فشلت جبهة التحرير الأرترية فى تحقيق الوحدة الوطنية ؟؟

بعض هؤلاء الكتاب كانوا يريد ون أقناع القارىء بأن ( المسئول ) هو حزب العمل الأرترى الذى كان يقود جبهة التحرير الأرترية من وراء الستار !؟كنت دائما انتظر أن يبادر أحد أعضاء اللجنة التنفيذية التسعة ( بقى منهم سبعة على قيد الحياة ) ويدلى بشهادته …وكنت أعرف أنها ستكون جزئية وتعبر عن رؤيته الشخصية ولكنها فى نهاية الأمر شهادة من حقنا أن نستمع اليها اتفقنا معها أم لم نتفق. انتظرنا ثلاثة عقود ( 1981—2011 ) حتى وجدنا أخيرا أحد هؤلاء يدلى بشهادته – لماذا كان هذا التأخير ؟ هل كان بسبب الدخول فى صراعات ما بعد التحرير خاصة وأن معظم هؤلاء الأعضاء ما يزالون فى مواقع قيادية فى تنظيمات المعارضة ؟ أم هو اتباع لنهج ومنهج فى كتابة التاريخ يقول : …من الصعب بل ليس من الضرورة أ ن تكتب عن الحدث وهو ما يزا ل فى صيرورته الزما نية قا ئما وفى علا قا ته المكا نية وا قعا …على كل حال وكما يقال أن تأتى متأخرا خير من أن لا تأتى أبدا.وقبل أ ن أ بد أ القرا ء ة لا بد من توضيح الحقا ئق التا لية :1- كنت جزءا من جبهة التحرير – وبا لرغم من أ ننى لم أكن فى موقع القرا ر الا أننى كنت قريبا من الذين كا ن بيدهم القرا ر بحكم أ ننى كنت رئيسا لأتحا د الطلبة ونا ئبا لرئيس أتحا د الشبا ب وعضو امرا قبا فى اللجنة المركزية لحزب العمل. كنت أعرفهم جميعا وأعرف موا قفهم وخصا لهم وطبا عهموخلا فا تهم وصرا عا تهم المعلن منها وما خفى !؟ وفى هذا الأتجا ه وجدت المنا ضل أبرا هيم محمد علىقيا ديا مؤمنا بقضيته وحريصا على تنظيمه وأ نتصا ره … كا ن عفيف اللسا ن طا هر اليد لا ينحا ز الى مجموعة فئوية أو جهوية ولا يسعى لتحقيق مصا لح شخصية. تلك الخصا ل والصفا ت كا نت تجعل من يتمتع بها محل تقدير وأحترام لدى كوا در وقوا عد جبهة التحرير الأ رترية.2- حتى فى أطا ر حزب العمل وجدت المنا ضل أبرا هيم أكثر تجا وبا وتفا علا مع العديد من قوا عد الحزب من بقية قيا دة الحزب. لم يكن مقتنعا با لتغيير ات التى حدثت فى قيا دة الحزب والتى كا نتأ نعكا سا لمرا كز القوى دا خل الجبهة – وأذكر أنه فى مرحلة حا ولت بعض تلك القوى فى قيا دة الجبهة تصفية ( حسا با تها ) معى فأ صدرت قرا را با لتحقيق معى بتهمة ( تكوين حزب والتهجم على القيا دة ) !وكا ن رئيس لجنة التحقيق المنا ضل أبرا هيم والذى قا ل لى قبل البدء فى التحقيق ( نعرف أنها تهمة غير صحيحة لكن علينا أستكما ل التحقيق !؟ ) وما تت التهمة فى مهدها .3- حتى بعد تبا عد المو اقف السيا سية وتنا قضها ( بعد الخامس والعشرين من ما رس ) لم تنقطعالعلا قا ت الأ نسا نية والأ جتما عية رغم المسا فا ت الجغر ا فية التى كا نت وما تزا ل تفصل بيننا .لكن … نحن اليوم أما م قضية وطن ومو اقف تتعلق با لتا ريخ …قا ل الرجل شها د ته ومن حقنا أن نقولما نرا ه صوا با وأن ننا قشه فى ما ذكر ولا ندعى أمتلا ك الحقيقة ولكن نترك الحكم للقا رىء المتا بع فى الحا ضر وللتا ريخ فى حكمه النها ئى والمستقبلى.بمثل تلك التساؤلات استقبلت كتاب المناضل أبراهيم محمد على ( – جبهة التحرير … البد اية والنها ية )-ويجب أن أعترف بأننى كنت أتوقع أن يقول ما قال – كلنا أبناء الجبهة وأعضاء حزب العمل سابقا نعرف كيف ولماذا يفكر كل منا !؟ ولكن كنت أتوقع بعد ثلاثين عاما من تلك الأحداث أن أسمع تحليلا جديدا وتناولا مختلفا لتفسير الأحداث آخذين فى الأعتبار المتغيرات الكثيرة فى حياتنا السياسية وتطور الصراع بين المعارضة والنظام ( والذى هو بصورة أو أخرى أمتداد لجوهر الصراع فى مرحلة الثورة ). أخشى أن أقول أننى وجدت أسئلة جديدة بحاجة الى أجابات أكثر من أجابات على الأسئلة القديمة التى كان يسأ لها أعضاء جبهة التحرير الأرترية !؟أنطلاقا من تلك الخلفية وأستحضارا لمسا ر العلاقات داخل جبهة التحرير خلال تلك المرحلة – أقول أننا أبناء جبهة التحرير الأرترية بصفة عامة وأعضاء حزب العمل على وجه الخصوص نتفق فى كثيرمن قرا ئتنا وفهمنا للأحداث — ونختلف فى بقية الأمور – على الأ قل با لنسبة لى — ومنها القضايا التالية:1- الوحدة الوطنية – يقول السيد أبراهيم فى شهادته : المسئول عن كل ما أصاب الوحدة من تصدع وتمزق هو عثمان سبى ( مهندس الأنشقاقات ) والممول المالى لها !؟ما هو دور أعضاء المجلس الأعلى الآخرين ؟ لماذا سمحوا له بالأستيلاء على أموال الثورة ؟ ما هى طبيعة الخلافات بين أعضائه ؟ هل كانت أيدولوجية ؟ أم أنها كانت حول رؤية سياسية لكيفية بناء التنظيم ومواجهة التحديات ؟ كل الأجابات التى قدمها السيد أبراهيم على تلك الأسئلة هى ( قيل … وكان يقال) .. لا وثيقة ولا تحليل ولا شواهد تجعل القارىء يفهم شيئا حول تلك الخلافات ؟ لماذا كان تمرد أبو طيارة ومن المسئول ؟ كان عام 1965 والمسئولية كانت على جميع أعضاء المجلس الأعلى ! من الذى أصدر قرار تصفية حركة تحرير أرتريا ؟ أنه عثمان سبى منفردا فى مقر القيادة الثورية فى كسلا عام 1965 وبارك بقية أعضاء المجلس القرار فيما بعد ! من أنشأ المنطقة الخامسة ؟ أنه أدريس قلايدوس منفردا فى مقر القيادة الثورية فى كسلا ثم بارك بقية أعضاء المجلس القرار بما فيهم عثمان سبى ! خطابهم الخا رجى كان واحدا وموحدا – تعيين أعضاء المكاتب كان يتم بأ لاتفاق – ولمن لا يعلم أو نسى نقول ما يلى :عثما ن سبى هو الذى كتب مذكرة الى السلطا ت السعودية يطلب فيها منح اللجوء السيا سى للسيد أدريس محمد آدم بعد أن تقا عد وبا لفعل تم قبوله وعا ش فى المملكة حتى وفا ته. وأدريس قلا يدوس كا ن نا ئبا لعثما ن سبى فى التنظيم الموحد حتى وفا ة الأ خير.معا لجات قيادات الجبهة لقضية الوحدة الوطنية كانت خاطئة منذ البداية – المجلس الأعلى – قادة المناطق — القيادة العامة ثم أخيرا المجلس الثورى . تلك النظرة الخاطئة برزت بصورة مجسمة تجاه المكونات الأجتماعية والثقافية للجسم الأسلامى ( ظاهرة أبو طيارة – مشكلة الكوناما فى المنطقة الأولى – أبناء الساحل – أعتقال أبناء سمهر من قبل القيادة العامة – الخ ) فى حين أن الموقف تجاه الشركاء من( المسيحيين ) كان يتسم بالمرونة بل وأحيانا بالتفريط فى حق النفس وهو ما يعتبر فى المفا هيم السياسسة ( سذاجة ) وليس حسن نوا يا ! قيادات جبهة التحرير كانت تفهم الوحدة الوطنية من خلال التركيبة المؤقتة والمباشرة للتنظيم … بما أنها ( أى تلك القيادات ) أسلامية فهى تمثل كل المسلمين والمطلوب فقط جذب الشريك الآخر !؟ لذلك فهى أخذت من الذى يستحق وأعطت لمن لا يستحق — وعندما حدث الصراع حول المواقع والمكاسب بين مكونات الجسم الأسلامى لجأ هؤلاء الى العشائر والأقاليم للحصول على حقوقهم ! بعد مؤتمر أدوبحا ظهرت القيادة العامة وجمدت المجلس الأعلى ( القيا دة التاريخية كما كان يطلق عليها) وكان عثمان سبى أحد هؤلاء – ثم أعتقلت القيادة العامة ستة من أعضائها – ولم يكن صدفة أنهم كانوا من أبنا ء ( سمهر ) أى من قوم سبى ومن مؤيديه سياسيا ! وبغض النظر عن أ سبا ب الأعتقا ل ( رفضهم لخلط الجيش ) فأ ن ذلك يعنى فشل لغة الحوار بين رفا ق السلاح واللجوء الى القوة. ولمن لا يعلم بدأ الحوار فى الخا رج ( بغدا د ) بين وفد القيا دة العا مة وعثما ن سبى ثم مرة ثا نية بينه وبين القيا دة العا مة بوسا طة من الزعيم أبرا هيم سلطا ن فى اليمن ولكنه أيضا فشل !؟ ماذا كنت تتوقع أن يكون رد فعله – ألم يكن ذلك نوع من الأقصاء والتهميش ؟ قاوم الرجل بكل ما يملك من أجل البقاء وأثبات الوجود … ظهرت قوا ت التحرير الشعبية وكا نت الموا جهة …وكل محا ولات الحوار بعد ذلك كا نت من أجل معا لجة نتا ئج ذلك الأ نشقا ق وليس للبحث عن الأ سبا ب !؟ هل أذكرك يا سيد أبراهيم بموقف مماثل حدث لك شخصيا ؟ بعد الأنقلاب العسكرى – الخا مس والعشرين من ما رس فى ( را سا ى ) تم أقصا ء اللجنة التنغيذية …تم تجميدك أنت ومعك آخرين و أعتقال البعض من الذين يعتبرون من أنصارك سياسيا – ماذا فعلت ؟ قاومت ورفضت القبول ورأيت أنه من حقك سياسيا وأنسانيا أن تثبت وجودك حتى لو تحالفت مع( الشيطان ) … ولم يكن ذلك ( الشيطان ) غير عثمان سبى الذى كنت تحمله مسئولية كل الأنشقاقات ووقفت معه ضد مجموعة أخرى بقيادة رفيق لك فى قيادة الجبهة وحزب العمل !؟ لا أريد أن أ صل الى أختزال العلاقات الأنسانية وتفسيرها وفق المواقف السياسية ولكن ما أريد قوله هو أن الظروف الموضوعية هى التى تشكل المواقف وتعطيها محتواها ثم يأتى العامل الذاتى ( الأفراد ) لتعطى الموقف لونه وطعمه وحتى را ئحته– ما أريد قوله أن قضية الوحدة الوطنية أكبر وأكثر تعقيدا من أن نحملها لشخص واحد –أنها ترتبط بتطور الوعى العام وثبات العلاقات الأجتماعية وأنتشا ر قيم الحوار والأعتراف بألآخر وقبل ذلك وبعده وجود القيادة الرشيدة التى تتعامل مع ذلك الواقع بأفق أستراتيجى …قيادات جبهة التحرير كانت وهى فى مركز القوة تعمل على تهميش مكونات الجسم الأسلامى – قصدا أو جهلا – وتمد يدها للشريك وتساعده وهو فى موقف الضعف ( من القيادة الثورية – المنطقة الخامسة وحتى أسياس أفورقى ) ولكن عندما قوى عود الشريك لم يرد الدين بل تنكر لكل شىء – ذلك نهج الحركات الشوفينية وأسلوب من يريد أن يسود !؟ خسرت قيادات جبهة التحرير من كان معها بالطبيعة والمصلحة ولم تكسب من سعت اليهم وتنازلت لهم عن مواقف محورية وفاصلة فى مسيرة الثورة .2- حزب العمل ودوره – قدمه بأعتباره ( مركز دراسات ) يقوم بتحضير الوثائق والبرامج وترشيحات أسماء القيادات فى المؤتمرات العامة للجبهة ؟ — هل هو أختزال لدوره أم محاولة لأثبات براءة الحزب من أية مسئولية ؟ لماذا حقق الحزب مع أبراهيم توتيل وعبد الله أدريس عندما علم بأن هناك خلاف بينهما ؟لماذا حدث التغيير فى قيادة الحزب والجبهة فى وقت واحد ( تبديل الأمين العام ومسئول العلاقات الخارجية ؟ )لماذا قدم ( أبراهيم توتيل ) تقريرا الى أجتماعات اللجنة المركزية لحزب العمل حول خسائر جيش التحرير فى مواجهات الجبهة الشعبية وويانى تقراى وتقريرا كاملا عن كل التطورات ولم تذكر لنا فى شهادتك شيئا عن تلك الخسائر ؟ لماذا ناقشت اللجنة المركزية التحضير لمؤتمر وطنى ثالث وليس مؤتمر عسكرى طارىء كما كان يطالب الكادر العسكرى بعد الدخول الى السودان قبل صدور القرار السودانى ؟ أسئلة لم أجد لها أجابات فى شهادة السيد أبراهيم. بعد ذلك التغيير أصبح الحزب هو الجبهة أو العكس أصبحت الجبهة هى الحزب ؟ أعضاء التنفيذية يتحملون المسئولية جبهويا وحزبيا بأعتبارهم كانوا على قمة السلطة فى الحالتين – أذا كان هناك من أستثناء أو ( تخفيف ) للمسئولية يمكن أن نقول أن أثنين فقط يتحملان أقل وزر فى تلك المسئولية – هما حامد آدم سليمان وملاكى تخلى والسبب أنهما لم يكونا عضوين فى قيادة الحزب !؟3- دخول الجبهة الى السودان ؟؟ هذا موضوع خلافى كبير بين أعضاء جبهة التحرير الأرترية بصفة عامة وأعضاء حزب العمل الأرترى سابقا بصفة خاصة. يقول السيد أبراهيم فى شهادته : أن عبد الله أدريس رئيس المكتب العسكرى هو المسئول عن ذلك – كيف ؟ لأنه تغيب عن موقع عمله فى الخارج لمدة ستة أشهر وعندما عاد فتح جبهة عسكرية ضد الجبهة الشعبية ما أدى الى خرق الهدنة وتجدد القتال و … هزيمة الجبهة !؟هذا التحليل والتوصيف لا يتناسب والفهم الماركسى لطبيعة الصراع والذى يفترض أن السيد ابراهيم يستخدمه فى تحليلاته باعتباره كان عضوا قياديا فى حزب ماركسى لينينى ؟ الماركسية تقول ان العوامل الموضوعية تأتى أولا وفى المقدمة ثم يكون العامل الذاتى ( دور الفرد ) مساعدا وثانويا ..ما هى تلك القوى الخارقة التى كان يمتلكها عبد الله أدريس بحيث يشكل حضوره عاملا فى تغيير الموازين بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية والحال كما وصفه السيد أبراهيم كا نت كفة الميزا ن راجحة لصا لح الشعبية ( الكثرة العددية وخبرة فى التدريب وقراءة الخرائط والتسليح الثقيل والتفوق اللوجستى والأستخباراتى الخ … ) للتذكير فأن عبد الله أدريس كان مسئولا عسكريا على مستوى التنظيم منذ القيادة العامة ( 1969 ) ! ألم تكن تلك الفترة كافية لبناء الجيش أذا كانت المسئولية هى فردية وحضوره كافيا ؟وكيف تسبب حضوره فى خرق للهدنة وتحريك للجيش من غير علم أو موافقة بقية أعضاء القيادة ؟ – الأستعداد للمعركة وما تتطلبه من تعا ون من بقية الأجهزة ( تعبئة أعلا مية وجما هيرية وتموين الخ ) – لم يكن ذلك سرا – ماذا فعل بقية أعضاء القيادة أم أنهم كانوا يراقبون من بعيد : أذا نجحت المعركة كان بها وأذا فشلت ( يروح فيها ويتحمل المسئولية ) !؟ عبد الله أدريس لم يقرر معركة بل كا ن ينفذ ما قرر تهالقيا دة . ؟ ألم تقل أن ( شعبيته ) قد تراجعت فى داخل صفوف الجيش ؟كيف أستطاع أقناع خمسة عشر ألفا بالدخول الى السودان ؟ أم هو عجز عسكرى ( هزيمة ) أصابت الجنود وأنسحبوا كيفيا ؟ ما هى المعايير لأثبا ت شعبية أى عضو قيادى فى تلك المرحلة ؟ الكادر الذى كان يتجمع حول كل منهم ؟ ما كنت تسمعه أنت فى معسكر الشئون الأجتماعية كان عبد الله أدريس يسمع عكسه تماما فى فورتو وتوتيل غير ذلك فى معسكره وهكذا …؟ماذا كان يفعل بقية أعضاء القيادة ؟ وهل كانت لهم ( شعبية ) أم أنهم أيضا فقدوها ؟ هل تذكر مذكرة المنظمات الجماهيرية ؟ ( كانت ناقوس الخطر وصوت القواعد ولكن قيادة الجبهة لم تفعل شيئا لمعالجة الوضع ) . ماذا فعلت القيادة لتنفيذ ما جاء فيها من مطالب ؟ ما قاله الكادر بعد الدخول : لا نريد القيادة كلها ( وليس عبد الله أدريس فقط ) – قيل ذلك علنا وفى وجوهكم فى أجتماع اللجنة المركزية للحزب وطالبوا بعقد مؤتمر عسكرى طارىء لتغيير القيادة والعودة الى الميدان ! ثم جاء القرار السودانى والذى حمله كان أبراهيم توتيل وليس عبد الله أدريس وقلب كل المعادلات وأ سقط فى أيدى من كانوا يخططون لتغيير القيادة ولم يكن عبد الله أدريس منهم لأنه ببساطة كان أحد المستهدفين من ذلك التغيير !ثم قيل ذلك المطلب مرة ثانية أمامكم من قبل الجماهير التى زحفت من المدن السودانية فى شكل لجان وقالوا لكم بوضوح : أرحلوا … ولكنكم – يا لسخرية القدر ومصادفاته وكما نشاهد هذه الأيام من ردود أفعال الحكام العرب على مطالبة شعوبهم لهم بالرحيل – كان ردكم ( لا بديل لنا !؟ ) وكانت تلك العبارة للتاريخ على لسانك أنت يا سيد أبراهيم !؟ هل تذكر ماذا أجاب ذلك المواطن البسيط الغيور المؤمن بجبهة التحرير ؟ قال والحسرة تملأ قلبه : هل يعقل أن أرتريا ليس فيها تسعة أبناء ….. أنت تعرف ما ذا قال ؟ثم أصدرتم بيانا بأسم اللجنة التنفيذية تعلنون فيه تحملكم للمسئولية عن كل ما جرى ! كنتم فى الأراضى السودانية ولم تكن عليكم ضغوط من أى جهة — وتأتى اليوم لتنفى ذلك كله وتختزل المسألة بهذا الشكل ؟كيف نفسر هزيمة الجيش ودخوله الى السودان وهو لم يخسر غير 69 شهيدا فى كل المواجهات قبل عودة عبد الله ادريس ( تقرير أبراهيم توتيل الى قيادة الحزب ) ؟ الهزيمة كانت فى القيادة – كانت قيادة مهزومة ومأزومة – منقسمة و مقسمة – كانت قيادة تراقب وتصطاد أخطاء بعضها البعض وأذا رأى عضو فيها رفيقا له يسير نحو الهاوية لا يحذره ولا يسعى الى أنقاذه ! كانت قيادة تآكلت سياسيا وتنظيميا وأصبحت عبئا على التنظيم كله – عطلت حركته وشلت قدراته وخلقت فى داخله ولاءات وأصطفافات تخدم مواقعها ونفوذها وليس وحدة التنظيم ونجاحه . الدليل كان المطلب بعد الدخول تغيير القيادة كلها وليس المكتب العسكرى فقط ! ثم لماذا كان القرار — با لأجماع — العودة الى الميدان وعدم تسليم السلاح قبل أن ينقلب الموقف وتبرز عوامل أخرى كانت هى المحرك الرئيسى للدخول ؟ لماذا كان الخلاف والصراع بين بقية مكونات الجبهة بعد راساى اذا كان الجميع متفقون على تحميل المسئولية لشخص بعينه ؟المعركة التى نفذها ( عبد الله أدريس ) ضد الشعبية بعد عودته من الخارج حسب شهادة السيد أبراهيم قد تكون أجتهادا عسكريا أخطا الهدف بسبب حسابات محلية ولكن الحقيقة هى أن الأنقسام داخل قيادة الجبهة كان هو العامل الحاسم فى غياب التشاور وتبادل الرأى داخل اللجنة التنفيذية !؟ الأثنان ( أحمد ناصر وعبد الله أدريس ) كانا أكثر خبرة وعلما فى الشئون العسكرية من بقية أعضاء اللجنة التنفيذية – أو هكذا كان الأعتقاد – ولكن ذلك لم يكن ليمنع الدعوة الى أجتماع طارىء للقيادة ومناقشة الأمر – أم أن الأمور كانت قد وصلت درجة لا يمكن معها لقاء القيادة ؟ أم أنه كان هناك أقصاء وتهميش !؟أم … هل .. أسئلة لم أجد لها أجابات فى شهادة السيد أبراهيم .قضايا لم يتطرق لها الكاتب؟ عند تناول تجربة كاملة ( بداية ونهاية ) لا بد من تناول كل المواقف وألأحداث – صعودا وهبوطا – نجاحا وفشلا – بهدف التوضيح وتمليك القارىء حقائق تلك الحقبة :1- قضية الفلاشا – هل كانت حقيقة أم أشاعة وما هو دور القيادة فى ذلك ؟2- قضايا التعذيب فى سجون الجبهة – من يتحمل المسئولية ؟3- الصراع داخل قيادة الجبهة – هل كان هناك صراع وما هى طبيعته ؟ وما هى قضايا الأختلاف ؟ ذلك خلاف معروف ومحسوس لكن لم يتم توصيفه ونشخيصه نا هيك عن أيجا د الحلول له .بدأت ملامحه منذ وقت مبكر – فى المؤتمر الثانى وبين أعضاء حزب العمل ؟ أسقاط حروى كا ن البد ايةثم تو الت الصرا عا ت وما بطن منها كا ن أكثر مما ظهر.الخلاصة ؟ متى كانت النها ية ؟ اذا كانت بعد الدخول ( 1981) لماذا كان الأصرار على الأستمرار بنفس الأسم والمسميات وحتى القيا دا ت؟( جبهة التحرير الأرترية – المجلس الثورى ) لأكثر من خمسة عشر عاما ؟كل تلك المكونات ( المجلس الثورى – اللجنة التنفيذية – ساقم …الخ ) هى جبهة التحرير التى كا نت والتى كان يجب أن تكون ولكنها أفتقدت القيادة الواحدة والموحدة بسبب صراعاتها الداخلية وفشلها فى تحقيق الوحدة الوطنية وأختلاط الأولويا ت لديها.جبهة التحرير الأرترية منذ بد ا يتها لم تجد حليفا أو صديقا من الدول الأوربية وأ مريكا التى كا نت ضد المشروع الوطنى ( الأ ستقلال ) – وبعد سقوط الأ مبرا طور وقيا م النظا م الما ركسى الحليف لروسيادخلت القضية الأ رترية فى دا ئرة صرا ع الحرب البا ردة بين أ مريكا وروسيا .وحتى عندما حا ولت تلك الدول الغربية التعا مل مع الثورة الأ رترية لأجندتها الخا صة لم تجد القيا دة و التى وأ ن كل نت لها أجندة مغا يرة لكنها تلنقى معها فى أجندة أخرى ( ضد النظا م الأ ثيوبى ) !؟ فشلت قيا دة جبهة التحرير عدة مرات فى أدا رة ذلك الصرا ع بحكمة وحنكة تمكنها من الأ بحا ر بسلا م وسط أمواج سيا سية كا نت تعصف بها .سنذكر موقفين أ ثنين وتأ ثيرهما فى تشكيل مواقف كل القوى المحلية والأ قليمية والدولية :1- كا ن خطا ب جبهة التحرير السيا سى والأعلامى – خا صة بعد المؤتمر الوطنى الأول – ضد الغرب بصفة عا مة ومسا ندا للحليف الأ سترا تيجى الروسى ! والذى كا ن بدوره أيضا حليفا أسترا تيجيا للنظا م الما ركسى الأ ثيوبى !؟ ذلك الموقف قيد حركة الثورة الأ رترية أ قليميا ودوليا وجعل الغرب يبحث عن حليف آخر فى السا حة الأ رترية — !؟2- عندما قررت أ مريكا دعم ( ويا نى تقرا ى ) عسكريا أ تصلت عن طريق السلطا ت السودا نية بجبهة التحرير لتمرير السلاح الى منا طق تقراى – فشلت قيا دة الجبهة فى أ لتقا ط الفرصة ولم تستطع أ برا م صفقة مع ويا نى – وكا ن أن وجدت الجبهة الشعبية فرصتها التا ريخية وعقدت صفقة العمر مع ويا نى!؟تحالفت الشعبية مع ويانى بعد أن وجدت فريسة بلا راع ولا قيا دة وأخيرا جاءت الضربةالقا ضية فى شكل تد خل أمريكى من خلال أداته النظام السودانى ( النميرى وعمر الطيب ) وأما الدور السعودى فقد جاء لاحقا بعد أن تمزقت الجبهة حيث قا م بتبنى جزءا منها !؟ أن أنسحا ب الجبهة ودخول جيش التحرير الى السودا ن بتلك الأ عد اد الكبيرة والمعدا ت الثقيلة وفى وقت قصير كا ن بقرار ليس با لضرورة أن يكون رسميا ومن القيا دة لكنه كا ن يعبر عن تيا ر واسع ذى توجه ومخطط وهدف محدد.كا نت الأ زمة فى جوهرها أزمة تنظيم وقيا دة – أزمة برنا مج ورؤية — ذلك هو التحليل المنطقى والذى تؤيده النظرية الماركسية والتى يجب أن يتبعها فى التحليل عضو حزب العمل حتى وأن كان سابقا !اذا كنا ننطلق من تقويم موضوعى ومجرد من أى غرض – فأن المسئولية التاريخية والقانونية والأدبية تتحملها قيادة الجبهة فى ذلك الوقت ( 1975 – 1981 ) وهى اللجنة التنفيذية وهم تسعة عددا بغض النظر عن انتمائهم الى أى حزب أو دور كل فرد منهم منفردا.صفحات 295—310– من الكتا ب ليس فيها تحليل موضوعى ولا معلومة موثقة ورغم ذلك تحمل مجموعة من ( المعلوما ت والتهم ) !؟ من الذى أتخذ قرار تسليم السلاح الى السلطات السودانية ؟ اللجنة التنفيذية أم ( بتن والتيا ر ) ومن كان حاضرا ؟ أ لم يكن من المفيد أن تذ كر بعض الأسما ء وموا قعهم التنظيمية لأن من يقرر تسليم سلاح تنظيم بكا مله لا بد أن تكون له مرجعية شرعية وتنظيمية !؟ لا أسما ء ولا أرقا م ولا وثا ئق . القرار الرسمى والذى يعرفه الجميع هو قرا ر اللجنة المركزية لحزب العمل ( أعضا ء التنفيذية كا نوا مشا ركين ) القا ئل بعودة المقا تلين الى دا خل أرتريا وعدم تسليم السلاح وتم تشكيل لجنة لذلك برئا سة عبد الله أدريس !؟ لماذا استطاع البعض الخروج بأ سلحتهم الى راساى ؟ تقول أتفقتم على تسليم السلاح تجنبا لصد ام مع الجيش السود انى ؟ لما ذا لم تحملوا سلاحكم وتد خلوا الى أرتريا كما فعل الآ خرون؟ أم أن أجندة أخرى برزت وأ نا على يقين بأ نك لم تكن تعلم بها ولا كنت جزءا منها !؟بل لما ذا طالبتم الذين حملوا سلاحهم أن يتقاسموه معكم ( قبل السيمنار فى را ساى ) !؟ هل كل نت حسا با ت خا طئة أ م أنها كا نت تدا عيا ت لم تكن فى الحسبا ن ؟ والدليل الصرا ع الذى أنفجر بين من أتفقوا على تسليم السلاح ؟ختاما أنه أحد قيادات جبهة التحرير – :أنه أبن جبهة التحرير – تعلم وتدرب فيها وأكتسب كل خبراته ومكونات تكوينه الثقافى من نهجها وتجربتها – لذا لا يمكن لأحد أن يشكك فى ولائه للجبهة ومبادئها ولا أن يقلل من حرصه على بقائها وانتصارها .ما تعلمه منها رده اليها ومارسه فيها بدءا من مرحلة الكادر العادى وحتى عضو قيادى فى أعلى جهاز تنفيذى فى جبهة التحرير. لكنه مثله مثل الآخرين من قيادات جبهة النحرير كان يجتهد ويصيب ويخطىءويتحمل نصيبه من المسئولية. وفى الختا م ربما كا ن قصده كما عبر عنه فى الغلاف الخارجى الأ خيرللكتا ب هو دافعه الحقيقى وعليه يؤجر ويشكر.؟كا ن الله فى عون الشعب الأرترى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى